احتجاجات داخل المساجد وامتناع عن أداء الصلاة - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احتجاجات داخل المساجد وامتناع عن أداء الصلاة

نشر فى : الثلاثاء 21 يوليه 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 يوليه 2015 - 8:25 ص

لنترك جانبا استقصاء المظاهر التى تولد فى نفوسنا القتامة، والإحباط، وتثير مخاوفنا حول القادم من الأيام.. لنترك تعداد العمليات الإرهابية التى نُفذت والمخططات التى احبطت ولنفتش عن وسائل تكسر الرتابة، ولنقتنص ساعات من المرح، وحياتنا اليومية حبلى بالأحداث التى تبعث على الضحك. ولا نملك إلا أن نستغرب من سلوكيات لا نرى لها مكانا إلا فى روايات «العجيب والغريب» فنردد مثلما يفعل غيرنا «نعم يحدث هذا فى تونس».

أما مضمون الخبر المثير للاستغراب فهو لجوء عدد من المصلين إلى مقاطعة الصلاة فى المساجد التى تمكنت وزارة الشؤون الدينية من السيطرة عليها. لقد عمت حالة الانفلات جميع القطاعات بما فيها بيوت الله فصرنا نحسب عدد المساجد المنفلة، والعصية على الخضوع لرقابة الوزارة، وبتنا نتتبع أخبار المساجد الخارجة عن السيطرة، ونرصد أرقام المساجد «التكفيرية»...ولله عاقبة المصير.

وبما أن الزمن هو زمن «الفهلوة» والفتوة والزعامة، والبطش بالمسلم العاصى، وتصفية المرتد.. فإن فئة من الأئمة التكفيريين صاروا يستعملون أساليب «البلطجة» للسيطرة على فضاءات استولوا عليها بعد أن طردوا أئمتها «المعتدلين» إذ لا مجال للصلاة وراء أئمة يجارون الحكومة العلمانية فى «ميوعتها» ولا مجال للاستماع إلى خطب «تغريبية»، إنه زمن البطولات: أئمة لا يخافون فى الحق لومة لائم خرجوا من جحورهم بعد الثورة، وقاطعوا الصمت، وكسروا جدار الخوف وصاروا ينادون «حى على الجهاد.. شدوا الرحيل إلى بلاد الشام.. الهجرة الهجرة يا إخوان». ولأن سلطة الإمام/البلطجى تتجلى فى طول العصا وطول اليد وطول اللسان وعدد الأتباع وقوة المليشيات ما كان بالإمكان معالجة الموقف فى ظل حكومة الصيد إلا «بالتعزيزات الأمنية».. وسبحان مغير الأحوال.

•••

فى عهد الترويكا «المجيد» كان الأئمة المتشددون فى النعيم يرفلون، وبعضهم فى قصر قرطاج يصول ويجول يلقى المواعظ والعبر والدروس وثلة من «المثقفين» ببلاغته منبهرين وبهيبته معجبين. أما الرعيل الثانى من الدعاة/البرلمانيين والأئمة والوعاظ فقد كانوا يحتلون الساحات لتجنيد الأتباع، وتجييش المشاعر باسم الحفاظ على المقدسات سلاحهم فى ذلك عمامة وجبة وعصا ولسان يفقه ما يقول فالحرب هى حرب المواقع والمعركة هى من أجل امتلاك السلطة من جديد والخروج من العتمة إلى النور ومن التهميش إلى «التقديس». وكل شىء يهون فى سبيل بلوغ الهدف ولذلك حاكى الدعاة والأئمة الشباب والنساء وغيرهم من المتظاهرين فى الشوارع، ونزل الأئمة بجلالة قدرهم إلى الميادين وخاضوا معارك باسم الدين ودفاعا عن الرب والشريعة والهوية وفرضوا تجريم المقدسات وثاروا ضد حرية الضمير.

ولأن دوام الحال من المحال دارت الدوائر وتغيرت المنازل وبدأ البساط يسحب شيئا فشيئا من تحت أصحاب الجلالة وباتت فتاواهم لا تثير وسائل الإعلام وأضحت استضافتهم فى البرامج الإذاعية والتلفزية مندرجة ضمن تبييض الإرهاب وهكذا خفت بريق أغلبهم، وفقدوا عددا من أتباعهم بعد أن ذاعت فيديوهات وصور تكشف المستور وتشير إلى ثراء بعضهم الفاحش، وتورطه فى إرسال الشباب إلى المصير المحتوم فى بلاد الشام.

لم يبق لبعض الأئمة إلا الهيمنة على عقول أتباعهم باستعادة الأسطوانة المشروخة، وإيهامهم بأن المعركة ظاهرها تنظيم الشأن الدينى وباطنها محاربة الإسلام. وبطبيعة الله تحركت الجموع نصرة للإسلام والناطقين نيابة عن الله فلا غرابة والحال هذه أن يغدو «النداء' حزب الكفار والمعادين لشريعة الله وأن تتكثف الاحتجاجات داخل بيوت الله، وأن تحاك المؤامرات من أجل إذلال أئمة 'الحكومة». وأن يعلن العصيان: فلا صلاة بعد اليوم إن هو إلا حضور ثم انسحاب حين يبدأ الإمام فى إلقاء الخطبة.

•••

براكاتك يا ثورة قد حملت فى وطابك الشىء الكثير ومع كل يوم ستأتينا أخبار أخرى ولا نملك إلا أن نردد قول الشاعر:

سَتُبْدِى لَكَ الأَيَامُ مَا كُنْتَ جَاهِلا وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِدِ

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات