خدعة برنار ليفى فى ليبيا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خدعة برنار ليفى فى ليبيا

نشر فى : الأحد 22 فبراير 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : الأحد 22 فبراير 2015 - 9:15 ص

نشرت مجلة يوريشيا ريفيو مقالا للكاتب دانيال ماك آدمز حول ما آلت إليه الأوضاع فى ليبيا بعد قتل 21 مصريا على يد داعش، منتقدا موقف الفيلسوف الفرنسى برنارد هنرى ليفى المشجع، آنذاك، للتدخل الغربى العسكرى للإطاحة بنظام القذافى بليبيا. وفى هذا الإطار يرى آدمز أن تأمُل ذبح 21 مسيحيا مصريا بأيدى داعش التى وجدت أخيرا موطئ قدم فى ليبيا ما بعد «التحرير»، يصعب حينها ألا يرد على ذهنك برنار هنرى ليفى، الفيلسوف الفرنسى «المتعجرف» الذى دبر بمفرده تقريبا، الهجوم الغربى على ليبيا عام 2011.

آنذاك، ارتدى ليفى شخصية الحريص على حقوق الإنسان فى استدراج الرئيس الفرنسى ــ آنذاك ــ ساركوزى لقيادة المهمة فى ليبيا. وقال إن الهجوم الغربى على ليبيا «لا مفر منه». كما تعهد شخصيا بإحضار المتمردين من بنغازى على نحو شبه سرى للقاء ساركوزى وتلقى دعمه باعتبارهم الحكام الجدد الشرعيين لليبيا. ثم التخلص من الأسلحة.

ويشير الكاتب إلى مقال جديد نشر فى نيويوركر، فيما يلى ما قاله لساركوزى، وهو على النحو التالى:

ــ هناك أشخاص طيبون، يحملون نفس القيم التى نحملها، وسوف يموتون جميعا إذا سمحنا للقذافى التوصل إلى استنتاج وفقا لمنطقه الإجرامى. هل تقبل استقبالهم فى باريس ومن ثم، ترسل إشارة قوية إلى الجزار؟

ــ نعم، أشخاص طيبون. يشاركوننا قيمنا.

وفى إشارة أيضا إلى ما قاله ليفى لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور قبل أن تبدأ تفجيرات 2011 فى ليبيا: «لنسقط القذافى، فإذا هزم، ستهب رياح ديمقراطية لا بأس بها، مرة أخرى».

ولكن للرياح الديمقراطية التى لا بأس بها، طريقة مضحكة للهبوب، من وجهة نظر الكاتب. فقد قصفت السفير الأمريكى فى بنغازى. ودمرت البنية التحتية للبلاد حتى أعادتها إلى العصر الحجرى. ودفعت الاقتصاد إلى عصر ما قبل التاريخ. وهبت فى تنظيم القاعدة وداعش. وبالأمس القريب، أطاحت برءوس 21 مسيحيا مصريا. ويسخر الكاتب من اعتقاده أن ليفى يشعر بالأسى إزاء الرائحة السيئة الناتجة عن «الرياح التى لا بأس بها» التى أطلقها، ولكن هذا ليس أسلوبه.
•••
ويشير إلى حديث ليفى إلى نيويوركر، عندما سُئِلَ: لماذا اخترت قضية المتمردين الليبيين فى عام 2011؟ وفيما يلى مقتطفات مما قاله:

«لماذا؟ لا أعرف! ». وأضاف: «بالطبع، كان السبب حقوق الإنسان، لمنع وقوع مذبحة، وما إلى ذلك، ولكن أردت أيضا لهم أن يروا يهوديا يدافع عن محررين ضد الدكتاتورية، لإظهار الأخوة. أردت أن يرى المسلمون أن نرى أن فرنسيا ــ غربيا ويهوديا ــ يمكن أن يكون إلى جانبهم».

وقال ليفى إنه عاد إلى باريس وقال للرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى إن التدخل الإنسانى ليس كافيا، و«يجب أن يكون الهدف الحقيقى إطاحة القذافى». فوافق ساركوزى، وأصبح ليفى مبعوثا له. واصطحب ليفى زعيم المعارضة الليبية للقاء وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، للضغط من أجل مشاركة الولايات المتحدة. وقال: «كان من الصعب إقناع الأمريكيين»، وأضاف: «كان روبرت جيتس معارضا تماما. أوباما، كالعادة، كان مترددا. لكن هيلارى أدركت الأمر».

ولاشك أن سمعة ليفى كناشط فى مجال حقوق الإنسان فى غير محلها. فقد كان يتبعه الفوضى والقتل أينما حل.

حيث يبين آدمز أن لفى كان يدعو لهجوم الناتو على يوغوسلافيا فى 1999؟ وكان مؤيدا لحرب ساكاشفيلى، الانتحارية المدعومة من الولايات المتحدة ضد روسيا فى 2008. وكان من أعلى الأصوات المطالبة بتقديم الدعم الغربى للمتمردين الذين يسعون للإطاحة بحكم الأسد فى سوريا ــ وسرعان ما رفع «المقاتلون من أجل الحرية» كما هو الحال فى ليبيا، الأعلام السوداء لتنظيم القاعدة وداعش. ويشير الكاتب ساخرا إلى الإشادة بداعية الحرب للسناتور جون ماكين فى المؤتمر الذى عقد فى 2012، بمبادرة مركز أبحاث السياسة الخارجية للمحافظين الجدد، خلفا لمشروع القرن الأمريكى الجديد الذى فقد مصداقيته. وقال ليفى فى المؤتمر إن الهجوم الأمريكى على ليبيا «أنقذ» أمريكا. حيث تم انقاذ أمريكا، وشرف أمريكا بفضل رئيسهم ــ بالطبع، أوباما ــ و ثلاث نساء: سامانثا باور، سوزان رايس، وهيلارى كلينتون.

وفيما يتعلق بسوريا، فى المؤتمر نفسه، دعا ليفى الولايات المتحدة إلى شن هجوم على البلاد، واعدا بنتائج عظيمة مثل نتائج الهجوم على ليبيا حيث قال: «الأمر قابل للتنفيذ اليوم فى سوريا أكثر مما كان عليه بالأمس فى ليبيا».

وفى العام الماضى، كان ليفى فى ساحة ميدان فى كييف، يتحدث إلى العامة بشعارات مثل شعار جون ماكين: «نحن جميعا أوكرانيون الآن!» وعندما ندم عن انقلابه الأوكرانى، لأنه بلد فقير ويائس قد حُرِمَ من الشريك التجارى الطبيعى فى الجوار، كتب مع جورج سوروس افتتاحية فى صحيفة نيويورك تايمز يطالب بمليارات لا تحصى من الولايات المتحدة ودافعى الضرائب الغربيين.
•••
ويعتقد آدمز أن يد «الإنسانى» برنار هنرى ليفى تلطخت بدماء 21 مصريا، مثلما تلطخ أيدى من ذبحوهم. فعلى غرار غيره من «الإنسانيين» والمحافظين الجدد، الذين يحثون على استخدام القوة فى الخارج، ينجم عن كل وعد بنزهة خاطفة، مسيرة للموت. وكان كل تحليلاته خطأ، ودوافعه حاقدة وأنانية.

ويتساءل آدمز فى النهاية، هل سيلحظ أحد رائحة «الرياح الرياح التى لا بأس بها» التى أطلقها برنار هنرى ليفى؟

التعليقات