الخوف من الخوف - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 2:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخوف من الخوف

نشر فى : الأربعاء 22 أبريل 2009 - 7:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 أبريل 2009 - 7:00 م

 يعرف الأوروبيون كيف يعبرون عن غضبهم، ويوجهون الانتقادات العنيفة لخصومهم، ويقللون من قيمة ما يوجه إليهم من أخطاء مهما كانت فظاعتها، بينما لا يعرف العرب كيف يتضامنون معا ويشد بعضهم أزر بعض فى المواجهات الدولية، وعندما أثار أحمدى نجاد موجة انتقادات عنيفة إثر خطابه أمام مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية «ديربان ــ 2» فى جنيف قبل يومين وأدان فيه قيام حكومة عنصرية فى فلسطين المحتلة منذ عام 1945 مشيرا إلى إسرائيل، كانت الدول العربية من أكثر الدول تحفظا وشماتة، حين انسحبت فى أمريكا ومعظم الدول الأوروبية وأدانت إيران.

الدول العربية تراعى الالتزام بالمحظورات الدولية فيسارع بان كى مون إلى استنكار خطاب نجاد لأنه تجاهل الخلط بين الصهيونية والعنصرية ولم يعمل على تجنيب النقد إلى إسرائيل.

وبينما سارعت فرنسا إلى إصدار بيان ضد أحمدى نجاد تدين فيه خطاب الحقد الإيرانى، التزمت الدول العربية الصمت.
كل ما نوهت به الدول العربية هو المطالبة بإدانة تفرقة بين الأديان.

فى مؤتمر ديربان الثانى هذا الذى عقد فى جنيف، حددت أمريكا قواعد اللعبة وحدود الكلام، بحيث لا تثار، أى اتهامات تمس إسرائيل. وذلك فى الوقت الذت تجرى فيه الأمم المتحدة تحقيقات فى الجرائم والمذابح التى ارتكبتها إسرائيل فى غزة.. أحمدى نجاد وحده دون حفنة من السفراء والدبلوماسيين العرب، الذى امتلك الشجاعة لكى يتحدث عن أكبر مذبحة فى التاريخ. حين أقدم الغرب على إنشاء دولة إسرائيل فوق جماجم الفلسطينيين بحجة أن الإسرائيليين تعذبوا على أيدى الأوروبيين.

بعد أن أقيمت إسرائيل فى الحرب العالمية الثانية ساعدت أوروبا والولايات المتحدة على إنشاء أسوأ نظام عنصرى قمعى فى الشرق الأوسط. وعلى الرغم من تاريخ طويل من العدوان والاحتلال والاستيطان والقمع، يرفض الأوروبيون الاعتراف بهذه الوقائع وتأخذهم العزة بالإثم فلا تلصق بذاكرتهم غير حديث الهولوكوست وما لقوه من تعذيب على يد النازى، أحد أهم الثقافات الأوروبية. وما زالوا يدفعون التعويضات فى سبيل التطهر من هذه الجرائم دون جدوى.

أما إخواتنا العرب فهم يتوارون جزعا وهلعا كلما أشار إليهم الأوروبيون بالأصابع، وهددوهم بمزيد من العقاب. وقطعوا عنهم المساعدات. وطلبوا إليهم أن يلتزموا الصمت ويغلقوا أفواههم. بل إن بعضهم من شارك فى الهجوم على أحمدى نجاد. واعتبر تجرؤه على أوباما وانتقاد إسرائيل تهديدا لمصالحنا. لا توجد لدى الدول العربية أسباب ووسائل تمكنها من الرد على ما يقع عليها من ظلم أو إساءة للأديان وكان آخر ما نطق به بان كى مون هو أن الإساءة للإسلام عنصرية، غير أن الأهم من ذلك أن يقف العرب والمسلمون صفا واحدا فى مواجهة موجات الانتقاد العنيفة التى تنطلق للدفاع عن جرائم إسرائيل، وضم بيانه الدفاع عن الصهيونية وتناسى الجرائم الإسرائيلية وتبريرها دون مبرر.

إنها ثقافة الخوف التى أصبحت جزءا من الشخصية العربية وجزءا من السياسة العربية تعبر عن نفسها فى كثير من المواقف.. إنها ثقافة الخوف من الخوف.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات