«عائلة» اليورو أظهرت قدرتها على القسوة الحقيقية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 7:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«عائلة» اليورو أظهرت قدرتها على القسوة الحقيقية

نشر فى : الأربعاء 22 يوليه 2015 - 7:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 يوليه 2015 - 7:30 ص

تسعى أنجيلا ميركل وجان كلود جنكر تبرير صفقة إنقاذهما لليونان، لكن ما هى تلك الأسرة التى تبيع أصول أحد أفرادها فى وضح النهار لتحقيق الربح دون مراعاة لمستقبله؟

***

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالا للكاتبة سوزان مور، تنتقد فيها سياسات الاتحاد الأوروبى تجاه الأزمة اليونانية الأخيرة، مبينة أن تلك السياسات فضحت تجاهل منطقة اليورو للديمقراطية فى سبيل مصلحتها واستدامة نظامها المالى. تسخر مور من أنجيلا ميركل، مشيرة إلى أنها تبدو غير قابلة للانكسار يمكن أن تمضى بلا نوم، ومع ذلك تنجح فى إبداء نصف ابتسامة وتتحدث عن رغبة اليونان فى أن تظل فى «أسرة اليورو». ربما يبدو هذا معقولا ولطيفا. فكل الأسر لديها مشكلات صغيرة محلية، لكنها تتوصل إلى حلها. فالناس تتبع المنطق. عندما تُضطر إلى ذلك.

وتوضح مور أنه بمعاملة اليونان كالأطفال، تشبه ألمانيا الطفل الذى يغلق عينيه ويظن أن أحدا لا يراه. لكننا نراه. ويراقب العالم ما يجرى عمله فى اليونان باسم استقرار اليورو. ويبدو الأمر أن دولة ما تجردت من كرامتها وسيادتها ومستقبلها.

وتتساءل مور عن نوع الأسرة التى تفعل ذلك لأحد أفرادها؟ فحتى النسخة الإلكترونية من مجلة «دير شبيجل» وصفت الشروط التى أُعلنت خطوطها العامة بأنها «كتالوج لأشكال القسوة»، لكن ربما ينبغى لنا الآن صياغة الأمر بشكل آخر، بناء على إنكار جان كلود جنكر أن الشعب اليونانى قد ذُل. ويقول جنكر إن هذه الصفقة تسوية «أوروبية» نمطية. وهذا ما يراه الكثير بالفعل.

تؤكد مور أن ما سمته «مكائد» المؤسسات المالية (الترويكا) كُشِفت بالقدر نفسه الذى كُشِفت به المؤسسات نفسها. مثيرة بعض الأسئلة حول ماهية الذى يدير تلك البنوك، ولمصلحة من؟ تتحدث شعارات تويتر عن ثلاثة حروب عالمية: الأولى شُنت بالبنادق، والثانية بالدبابات وشُنت الحرب العالمية الثالثة بالبنوك. ساخرة من وجود مبالغة فى ذلك، حيث إنه من الواضح وجود أكثر من طريقة للاستيلاء على بلد ما.

ترى مور أن منطقة اليورو وألمانيا تريد تغيير النظام فى اليونان، أو على الأقل خلع سيريزا. وقد حارب أليكسيس تسيبراس بكل ما أوتى من قوة من أجل شىء يشبه إعادة هيكلة الدين يعترف حتى صندوق النقد الدولى أنه أمر لابد منه. ذلك أن عجز الحكومات اليونانية المتعاقبة والتهرب من الضرائب داخل اليونان أمر لا شك فيه. لكن الدائنين من أسرة اليورو كانوا يعرفون هذا وهم يزيدون قروضهم، ويجب أن يوهموا أنفسهم الآن أن كل شىء فعلوه كان هو الأفضل. لكن الأمر ليس كذلك، والآن سوف تدخل الأسرة نفسها وتبيع فى وضح النهار بعض أصول بلد لم يعد بإمكانه تحمل الأدوية الأساسية. وفى هذه الأيام من المفترض أن تشق اليونان طريقها عبر تلال من التشريعات الخاصة بالخصخصة والضرائب والمعاش التقاعدى، كى تكون أكثر فقرا.

ليس هناك إعفاء من الدين فى هذه الأسرة. وعلى تسيبراس أن يقنع شعبه بذلك كى تعيد البنوك فتح أبوابها. لقد كان صبره غير عادى، وسوف يحتاج إلى المزيد منه. وستبقى عدم استدامة الدين اليونانى، حتى وإن استطاع البلد تحقيق نمو. ومازالت كلمتا أمانة وثقة تستخدمان بواسطة الأشخاص الخطأ. فقد اختفت الثقة من هذا المشروع الأوروبى، وربما يثرثر فرانسوا أولاند، وهو الوسيط الزائف كما هو شأنه دائما، بشأن تاريخ اليونان وثقافتها. وعُرضت قيمتها بالفعل. وتلك القيمة رمزية صرفة. فهى لا تساوى شيئا.

وتختتم مور مقالها بأن أسرة اليورو قد فُضحت باعتبارها مؤسسة تقدم القروض بأسعار فائدة شديدة الارتفاع ولا تولى أى اهتمام بالديمقراطية. هذه الأسرة متعسفة. و«الإنقاذ» الذى سوف يروَّج له باعتباره صفقة قاسية يراد بها المنفعة ليس فيه شىء من ذلك. إنها فحسب قسوة يراد بها القسوة.

التعليقات