مؤشرات الخطر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤشرات الخطر!

نشر فى : الجمعة 22 يوليه 2022 - 7:15 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يوليه 2022 - 7:15 م

الكتابات النقدية اللاذعة والفيديوهات الناقمة المتناثرة فى الفضاء الإلكترونى، لمواطنين يشتكون من قسوة ومرارة الظروف المعيشية الراهنة، تحمل فى طياتها مؤشرات خطر حقيقية، بشأن إمكانية تحول أنين البطون الخاوية إلى حالة من الغضب العام، قد تنعكس سلبا على الاستقرار فى المجتمع، خصوصا وأن ما يقرب من ثلث سكان البلاد يقبعون تحت خط الفقر، طبقا للإحصاءات الرسمية.
ومنذ قرار لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية قبل أيام قليلة مضت، رفع أسعار منتجات البنزين بقيمة تتراوح ما بين 50 قرشا وجنيه للتر، وكذلك السولار بقيمة 50 قرشا للتر، حدثت قفزة فى الأسعار بشكل لافت، وهو أمر كان متوقعا، لأن الجميع يدرك انعكاسات وتداعيات رفع أسعار الوقود بشكل عام والسولار خاصة، على أسعار المواصلات والسلع والخدمات التى يكتوى بنارها المواطنون منذ فترة طويلة، ويلقى عليهم أعباء إضافية لا يستطيعون تحمُّلها أو الصبر عليها.
هذا الوضع الصعب، كانت قد حذرت منه فى أبريل الماضى، مديرة صندوق الدولى كريستالينا غورغييفا، حيث قالت إن «أوضاع الاقتصاد المصرى تتدهور، وهناك عدد كبير من الناس فى مصر معرضون لأوضاع معيشية صعبة، وعلينا التأكد من استمرار توفير الحماية الاجتماعية التى تم تخصيصها للوصول إلى هؤلاء الأشخاص».
كلام «غورغييفا» فى ذلك الوقت لم يكن مبالغة، بل قراءة صحيحة وتوصيف دقيق لواقع الاقتصاد المصرى الصعب، الذى دفع بعض المواطنين إلى التعبير عن غضبهم بقوة فى فيديوهات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعى، غير مكترثين بالعواقب الأمنية التى قد تنالهم جراء ما تضمنته من سب وقذف بحق كبار المسئولين فى الدولة، وهو أمر ينبغى التوقف أمامه كثيرا بالدراسة والتحليل والمراجعة الحقيقية للأزمة وطرق معالجتها بشكل سليم، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه!
عنف الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، جراء الآثار السلبية الهائلة لأزمتى جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، يشكل كابوسا حقيقيا للدولة المصرية، ولم تسع إلى إخفائه أو التهرب منه، حيث أكد الرئيس السيسى خلال زيارته إلى ألمانيا الأسبوع الماضى، أن «أزمة الغذاء والطاقة ضاغطة جدا جدا جدا على الاقتصاد فى مصر»، داعيا «الأصدقاء فى أوروبا لإيصال رسالة إلى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بأن الواقع الموجود فى بلادنا لا يحتمل المعايير المعمول بها خلال هذه المرحلة وحتى تنتهى هذه الأزمة».
كلام الرئيس السيسى يؤشر بشكل واضح إلى عمق الأزمة التى تواجهها البلاد، حيث يطلب صراحة من الدول الغربية الصديقة، التدخل لدى صندوق النقد من أجل التخفيف من شروطه، لدعم الاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة الصعبة، والتوصل إلى اتفاق فى المحادثات الجارية معه منذ مارس الماضى، للحصول على حزمة تمويلية جديدة، يأمل بعض خبراء الاقتصاد أن تكون «كبيرة» حتى، «تفتح شهية المستثمرين الأجانب للعودة من جديد للاستثمار فى أدوات الدين الحكومية»، خصوصا وأن البلاد لديها فجوة تمويلية تتراوح ما بين 40 إلى 45 مليار دولار خلال 12 شهرا المقبلة، وفقا لموقع «سكاى نيوز عربية».
عمق الأزمة ومؤشرات الخطر التى تلوح فى الأفق، دفعت كذلك رئيس الحكومة مصطفى مدبولى إلى التأكيد الأسبوع الماضى على «وجود توجيهات رئاسية، بدراسة توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية، وإعداد حزمة حماية اجتماعية استثنائية، تراعى ظروف الأسر الأكثر احتياجا، سعيا لتخفيف الأعباء عن كاهلهم، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم فى هذه الآونة».
خطوة مهمة بلاشك لتهدئة الرأى العام، ومنع انفلات الغضب الشعبى عن عقاله، جراء الضغوط المعيشية والاقتصادية الهائلة التى يتعرض لها السواد الأعظم من المواطنين، لكنها لن تكون أكثر من مجرد مسكن وقتى يزول مفعوله بعد فترة، ما لم يتبعها سياسات رشيدة وقرارات تقشف كبيرة وانحيازات واضحة للطبقات الفقيرة، تقنع الناس بوجود خطة حكومية حقيقية لمواجهة التحديات التى تعترض طريق البلد والنهوض بها فى شتى المجالات، تعتمد فى المقام الأول على تطبيق فقه الأولويات فى المشروعات المختلفة، وتنفيذها بعد دراسات جدوى اقتصادية حقيقية.
كذلك لن يقتنع الناس بجدوى أى خطط تعتمدها الحكومة لعبور الأزمة الحالية، ما لم تتوقف عن النظر إلى جيوبهم باعتبارها المصدر الرئيسى للدخل القومى.. فجيوب المواطنين ليست مغارة «على بابا»، المليئة بالكنوز والأموال والمجوهرات، التى يحق للحكومة أخذها أولا بأول من دون أن تستأذن من أحد، بل عليها الاقتناع والتسليم بأنه لم يعد فيها ما يسد رمقهم ويقيل عثرات حياتهم ويكفى متطلباتهم اليومية الأساسية.

التعليقات