أمام وداخل معهد الأورام - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمام وداخل معهد الأورام

نشر فى : الخميس 22 أغسطس 2019 - 10:55 م | آخر تحديث : الخميس 22 أغسطس 2019 - 10:55 م


فى كل مرة أمر فيها أمام معهد الأورام على كورنيش النيل هناك مشاهد ثابتة لا تتغير تقريبا. مرضى فقراء يفترشون أرض الكورنيش فى انتظار معجزة ما.
أحدهم يعلق محلولا فى يده، وآخر فى يده الكانولا، وثالث يمسك بقريبه المريض، ورابع يجلس فى انتظار خروج هذا المريض، وسادس ينتظر وقريبه المريض موعد الدخول أو الحصول على نتيجة التحاليل والأشعة.. وسابع أنهكه المرض والانتظار، فنام على الأرض، وثامن مرتبك، لا يعرف ماذا يفعل، بعد أن جاء من مكان بعيد آملا فى علاج يوقف انتشار هذا المرض الخبيث.
تذكرت هذه المشاهد عقب الحادث الإرهابى الأخير أمام معهد الأورام فى 4 أغسطس الماضى، حينما انفجرت سيارة مفخخة فأودت بحياة ٢٢ شخصا، وأصابت حوالى ٤٥ شخصا آخرين.
كتبت وغيرى عن الحادث عقب وقوعه، واليوم أتحدث عن الدور المهم الذى يلعبه هذا المعهد، فى حياة مرضى الأورام، خصوصا الفقراء، والمعوقات التى تواجهه.
المعهد هو أول مكان فى مصر يستحق التبرعات، أكثر من المساجد والكنائس. دور العبادة كثيرة، لكن مستشفيات الأورام محدودة للغاية.
فكرة المعهد نشأت فى الخمسينيات من القرن الماضى، وحوّلها إلى واقع د. إسماعيل السباعى، الذى جعل جامعة القاهرة تعترف بطب الأورام كتخصص مستقل.
تكلفة الإنشاء بلغت مليون جنيه، ونفقات التشغيل سنة الافتتاح بلغت ٨٣ ألف جنيه. العمل بدأ عام ١٩٦٩ بسعة ٢٧٠ سريرا، و٤٠ طبيبا، و١٥٠ ممرضا وخدمات معاونة، يخدمون ٥٧٠٠ مريض و٨٠٠٠ متردد على العيادة الخارجية.
الآن الوضع اختلف تماما، وعلى عهد الدكتور حاتم أبو القاسم عميد المعهد، فقد قال لموقع «اليوم السابع» فى ٤ فبراير الماضى، الذى يوافق «اليوم العالمى للسرطان»، إن العلاج فى المعهد مجانا من خلال ميزانية جامعة القاهرة، والتى تغطى ٣٠٪ من الميزانية، و٧٠٪ تبرعات. وهناك أكثر من ٧٠٠ عضو هيئة تدريس بالمعهد، الذى يعد صرحا كبيرا للتعليم والبحث العلمى.
فى المبنى الشمالى للمعهد كان هناك ٢٠٠ سرير. وفى التسعينيات تم إضافة المبنى الجنوبى، وارتفع العدد إلى ٦٠٠ سرير، لكنه تعرض للتصدع الشهير عام ٢٠١٠ وأخلى بالكامل، وانخفض عدد الأسرة إلى ٢٢٠ سريرا. وتم عمل مناقصات لدعم المبنى، ولظروف سياسية واقتصادية، استغرقت الإصلاحات سنوات طويلة. فى المقابل بدأت الدولة تتوسع وتنشئ المستشفى الجديد فى أكتوبر «٥٠٠٥٠٠»، كما تمت توءمة بين المعهد ومركز أورام دار السلام «هرمل» وفى عام ٢٠١٧ قام الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة وحاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمى بتدشين توسعات المعهد ليصل إلى ٦٨٠ سريرا أخرى بدعم يصل إلى ٣٥٠ مليون جنيه، وسيتم الافتتاح العام المقبل، وبعد توسعات ٥٠٠٥٠٠ سيرتفع عدد الأسرة إلى ألف سرير. طبعا هناك مستشفيات ومعاهد أورام فى بعض المحافظات تجاهد هى الأخرى لعلاج المصابين بالسرطان وتخفيف الضغوط التى يتعرض لها معهد الأورام بالقاهرة.
يقول أبو القاسم إن المعهد يستقبل ٢٥ ألف مريض سنويا، وهناك ١١٥ ألف حالة جديدة مصابة بالسرطان سنويا. ونسب إصابة المصريين قريبة من النسب العالمية. سرطان الثدى هو الأعلى ويمثل ٣٢٪ من حجم الأورام عند النساء، ويمثل ١٤ ــ ١٧%، من حجم الأورام المنتشرة عموما، وسرطان الكبد يمثل ٣٢٪، والرئة ٢٢٪ عند الرجال بسبب التدخين، وأقل نسبيا عند السيدات «٧٪»، وأورام الغدد الليمفاوية من١٠ ــ ١٢٪ وأورام الجهاز الهضمى من ٦ ــ ٨٪، والجهاز التناسلى للمرأة من ٤ ــ ٥ ٪ والبروستاتا ٥٪.
ورب ضارة نافعة، فقد تسبب الحادث الإجرامى الأخير، فى تسليط الضوء على الواقع الصعب الذى يعانيه هذا المعهد. الحادث أدى إلى إتلاف بعض أجزاء المعهد بنسب وصلت إلى٨٠٪ و١٠ ٪ فى أجزاء أخرى، حيث تهدمت بعض الحوائط الداخلية للمبنى وتساقط بعض الأسقف. والشىء المفرح هو تسابق العديد من الشخصيات وشركات المقاولات إلى ترميم المعهد، الذى عاد للعمل بكامل طاقته قبل أيام.
نعود ونسأل مرة أخرى، بمناسبة التبرعات التى نسمع عنها كثيرا، ولا نرى منها إلا القليل: ولماذا لا يتسابق الجميع خصوصا القادرين فى دعم المعهد وغيره من المستشفيات ــ خصوصا معهد القلب ــ التى تعالج الفقراء والمحتاجين. هذا النوع من التبرعات هو أفضل دليل على أن الجانب الإنسانى لا يزال بخير فى هذا المجتمع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي