عندما يتحول حامى القانون إلى مخترق للقانون - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما يتحول حامى القانون إلى مخترق للقانون

نشر فى : الثلاثاء 22 سبتمبر 2015 - 11:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 سبتمبر 2015 - 11:45 ص

يروى والعهدة على الراوى، أن محافظا بولاية باجة بالشمال الغربى للبلاد عُزل عن مهامه بعد أسبوعين فقط من تعيينه فى حركة إعادة هيكلة المحافظين. ويعزى سبب إقالة المحافظ الشاب من مهامه إلى أنه تزوج زواجا ثانيا عرفيا، أى على غير الصيغ القانونية، وفى بلاد تجرم تعدد الزوجات. وقد انتشر خبر الإقالة فى مواقع التواصل الاجتماعية وأثار اندهاش جمهور الفيسبوك الذين استغربوا حدوث مثل هذه الخروقات فى عهد تزعم فيه الندائيون قيادة البلاد تحت شعار المحافظة على «نمط عيش التونسيين» وإعادة هيبة الدولة: دولة القانون والمؤسسات.

بيد أن حكومة «الصيد» خرقت المعمول به فى دولة تبنى أسس الديمقراطية وذلك بتعمدها كتم السبب الحقيقى لهذه الإقالة وكأنه لا حق للمواطنين فى معرفة التجاوزات التى تقع ومساءلة المخطئين ومحاسبتهم. والحكومة إذ تتعامل بهذه الطريقة تعيد إلى الأذهان الممارسات السابقة التى كانت تكتفى بالإعلان عن العزل فالتعيين معتبرة أن لا دخل للرعايا فى أمور التعيين والعزل فهى من مهام السائس تصدر حسب رغبته وتقديره لولاء الموظفين له.

وعلاوة على استمرار أساليب التعامل مع المواطنين وكأنهم غير معنيين بالشرح والتعليل يثير السكوت عن تتبع المحافظ قانونيا إشكالية فهل نحن إزاء ترسيخ حالات الإفلات من العقاب؟ فإذا تعلق الأمر بـ«علية القوم» غض الطرف وأضحى التسامح شعار المرحلة: التسامح مع كل المتورطين فى أشكال متعددة من الفساد والإفساد.

•••

أما الإشكالية التى لا تقل أهمية عن سابقها فتتمثل فى استشراء حالات الزواج العرفى وتحولها إلى ظاهرة. فلئن كانت مثل هذه الحالات قد عرفت منذ العقد الأخير وبت القضاء فى عدد منها فإن ارتفاع عدد المقبلين على الزواج العرفى قد زاد فى عهد الترويكا وبمباركة حزب النهضة. فالمستجوبون فى عدد من وسائل الإعلام من الشابات والشبان، وخاصة الطلبة فى الجامعات يعترفون بأن الزواج العرفى يسر لهم فرصة الاستمتاع بحقهم فى ممارسة الجنس فى إطار يجد له موضعا فى منظومة تتذرع بالحلال والمقبول شرعا. أما الفئة الثانية من المستجوبين فإنها تتعمد عقد الزواج العرفى لأنه شكل من أشكال مقاومة دولة لا تعمل بشرع الله وتفضل العمل بالتشريعات الوضعية. وتكمن أسباب لجوء فئة من المترفين إلى هذا الشكل من الزواج فى حماية الخليلة من القيل والقال ونزولا تحت ضغطها فتقع تسوية الوضعية حتى وإن اقتضى الأمر اللجوء إلى ممارسات لا صلة لها بالمعتقد الشخصى.

واللافت للانتباه أن بعض وسائل الإعلام أشارت زمن حكم الترويكا إلى وجود قيادات داخل حزب النهضة مارست الزواج العرفى دون أدنى شعور بالحرج من تعارضه مع دولة القانون وما يفترض من المواطنين الالتزام به من قيود حددها القانون حفظا للنظام والمعاملات بين الناس. بيد أن الإعلام لم يتقص هذه الظاهرة ولم يتحول الموضوع إلى قضية بالنسبة إلى صحافة الاستقصاء وكذا الأمر بالنسبة إلى الدارسين المتخصصين فى علم الاجتماع والقانون و... والدراسات التى انجزت فى تونس بخصوص الزواج العرفى قليلة.

ولئن استغرب البعض تحول العقلية التونسية وقبول الفتيات اللواتى رُبين على قيم كرستها مجلة الأحوال الشخصية بهذا الشكل المهين من التعاقد بين الجنسين فإن الأمر مبرر لدى عدد من المنتميات إلى حزب النهضة أو حزب التحرير أو انصار الشريعة...بأنه إعادة الأمور إلى نصابها والإقرار بحق ضمنه النص القرآنى للرجال فلا تحريم لما أحله الله والتعلق بالدين أهم من الانهمام بالذات فضلا عن قناعة بأن لا حل لمعالجة العنوسة إلا بالقبول بتعدد الزوجات فهو أفضل من الوقوع ضحية الأزمات النفسية أو الاخلاقية أو الانحراف.

تشير هذه الحادثة إلى أن مواضيع الحوار المطروحة للنقاش عديدة وتتطلب الجرأة فى التناول والتحليل كما أن حادثة العزل تُبين أن الأخطاء فى إدارة المرحلة ليست حكرا على النهضة وتوابعها فحزب النداء وتوابعه بدأوا يراكمون هم أيضا الأخطاء فهل سيتداركون الأمر قبل فواته؟

التعليقات