تبًا لعالم داعش وترامب - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تبًا لعالم داعش وترامب

نشر فى : الأربعاء 23 مارس 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الأربعاء 23 مارس 2016 - 10:05 م
لتستمر مواكب الجنون، ليتواصل صعود دعاة الكراهية والتطرف والعداء للعرب وللمسلمين الذين يعيشون فى المجتمعات الغربية، لتتراجع الحقوق والحريات فى كل مكان على وقع الخوف من المزيد من الدماء والقتل والأشلاء ومشاهد الدمار.

أمسينا فى عالم تلاحقه جرائم عصابات الإرهاب عبر رقعة شاسعة من أقاليمه وبلدانه، من أنقرة وسيناء إلى بروكسل وقبلهم من مدينة الكويت وبيروت وإسطنبول إلى باريس وسان برناردينو. قنابل، تفجيرات، انتحاريون، قتلى، جرحى، دماء ودمار، عصابة داعش تعلن عن مسئوليتها؛ باتت هذه حقائق حياتنا اليومية التى تحاصرنا وتورثنا القلق والخوف والحزن.

حين وقعت تفجيرات بروكسل، كان أصدقاء لى بعضهم يعمل لدى الاتحاد الأوروبى وبعضهم الآخر يمتهن البحث فى مراكز للدراسات الدولية يتوجهون إلى أعمالهم مستخدمين كعادتهم اليومية شبكة مترو الأنفاق التى رتب الانفجار فى إحدى محطاتها وفاة العشرات. عندما سقط ضحايا آخرون من جراء القنابل التى انفجرت فى مطار بروكسل (زافينتم)، كان ولدى لؤى ونوح فى حركة بين مطارات أوروبية أخرى ليس لها بكل تأكيد ذات مستويات التأمين التى يتمتع بها مطار العاصمة البلجيكية وعاصمة الاتحاد الأوروبى. لم نعد فى مأمن من جرائم عصابات الإرهاب، لا فى بلاد العرب ومنطقة الشرق الأوسط ولا«بعيدا» فى الغرب الأوروبى والأمريكى، لا فارق بين أنقرة وسان برناردينو.

أمسينا فى عالم تتعالى به أصوات دعاة الكراهية والتطرف الذين يستغلون خوف الناس لتمرير أفكارهم وأجنداتهم البائسة. مع كل تفجير جديد لعصابة داعش، يقترب دونالد ترامب أكثر وأكثر من الحصول على بطاقة ترشح الحزب الجمهورى للانتخابات الرئاسية الأمريكية (نوفمبر ٢٠١٦) وربما من الفوز فى الانتخابات. مع كل تفجير جديد، تقترب الأحزاب اليمينية المتطرفة والحركات العنصرية فى أوروبا من المزيد من النجاحات الانتخابية وتجعل من العداء للعرب والمسلمين واللاجئين«القضية رقم واحد» لحشد التأييد الشعبى.

مع كل تفجير جديد فى أنقرة وسيناء، تتراجع الحقوق والحريات تنجرف الحكومات إلى الاستهزاء بمن يطالبونها بصون سيادة القانون والامتناع عن التعامل مع الإجرام الإرهابى بأدوات أمنية فقط. ولما لا، والمشاهد اليومية للدماء والدمار تصيبنا فى مقتل، وحديث الخوف يهيمن على الفضاء العام، وتقارير «الأعداد المتزايدة للإرهابيين فى الجوار المباشر» (سوريا فيما خص تركيا وليبيا بالنسبة لنا) تتواتر.

مازلت أكتب أملا فى غد قد يكون أفضل، وبحثا عن نشر أفكار قد تسهم فى صناعة عالم أكثر إنسانية. غير أننى ألفى نفسى اليوم فاقدا للأمل، ومستسلما لسيطرة كارهى الحياة وكارهى الآخر، ومتوقعا لاستمرار مواكب الجنون. ليمنع ترامب المسلمين من قدوم الولايات المتحدة الأمريكية، ولتنتصر الأحزاب النازية الجديدة فى انتخابات الولايات الألمانية، وليستمر إهدار الحقوق الحريات فى مصر وتركيا وغيرهما، ولتواصل داعش الاعتياش على الدماء والوحشية والدمار.
عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات