السليمانية.. سؤال سمج - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السليمانية.. سؤال سمج

نشر فى : الأحد 23 مايو 2010 - 10:21 ص | آخر تحديث : الأحد 23 مايو 2010 - 10:21 ص

 يا حرام.. أشفقت كثيرا على السيد أمين أباظة وزير الزراعة من وقع المفاجأة عليه عندما أخطره معاونوه أن صاحب منتجع السليمانية على طريق مصر إسكندرية الصحراوى عند الكيلو (55) قد استغل الثقة الزائدة عن اللزوم التى منحتها له الحكومة. وبدلا من أن يستصلح الأفدنة التى اشتراها كأرض زراعية بناها فيللات، وشاليهات، وملاعب جولف، ومطاعم، وكافيهات، ومولات، وخيمات لإقامة الحفلات الفنية، وحمامات سباحة.

أشفق على الوزير، وكنت أتمنى من معاونيه أن يخفوا عليه خبر استغلال صاحب المنتجع لحسن نية الحكومة التى استأمنته على 700 فدان، ليس من أملاكها الخاصة، ولكن من أملاك هذا البلد، ولم تستخسرها فيه، فأكرمته على الآخر بسعر 50 جنيها للفدان. «والله العظيم» للتأكيد فقط أعيد الفدان وليس المتر. وطبعا هذا الكرم شجع صاحب المنتجع على الاستيلاء على 127 فدانا إضافية بدون أن تستأمنه الحكومة عليهم.

وما العيب مادامت الحكومة قد أعطت له الفدان بسعر 50 جنيها فى منطقة وصل فيها سعر المتر للبناء بنحو 1200 جنيه، طبقا لتقديرات هيئة التعمير والتنمية الزراعية، أى أنه أشترى الفدان بنحو 5 ملايين جنيه، فهى بالتأكيد لن تستخسر فيه 127 فدانا «فوق البيعة». إلى هنا وأدعو أصحاب القلوب الضعيفة الذين لا تحتمل أفئدتهم سمع الخبيث من الأخبار ألا يكملوا معنا.

«لأصحاب القلوب الحديد» أقول إن صاحب المنتجع، اشترى الأرض الحلال، وليس الحرام التى استولى عليها بينما كانت الحكومة فى الغالب منشغلة لدواعى السفر للخارج، اشتراها كلها بنحو 35 ألف جنيه، فى حين أنها بسعر السوق أصبحت تساوى 3.5 مليار جنيه. يعنى دفع فيها (واحد من 100 ألف) من ثمنها.
تمنيت على معاونى الوزير ألا يفاجئوه بأن أحد المستثمرين قد خدع الوزارة، حتى لا يتجرأ أحد ويتهم الوزير ظلما بالغفلة.

فكيف كان يتأتى للوزير أن يعلم بأن صاحب المنتجع قد بنى 500 فيللا، ويجرى تشطيب 450 فيللا أخرى، وأن هناك 850 فيللا مازالت تحت الإنشاء. وهل الوزير يملك مهارة الشم على ظهر إيده لكى يعرف أن صاحب المنتجع قد باع 10 أفدنة زراعية لأصحاب «هايبر وان» باعتبارها مساحات مبانى بمبلغ 20 مليون جنيه، فى حين أنه اشترى نفس قطعة الأرض هذه بنحو 181 ألف جنيه دون أن يدفع عنها أية ضرائب. بينما العاطل الذى يجلس على القهوة سيدفع ضرائب على الشيشة التى يشربها، ونفس السيجارة الذى يخرجه من صدره بعد قرار الحكومة الأخير بفرض ضرائب على السجاير والمعسل والنشوق.

وقبل أن يتجرأ أحد بطرح سؤال «سمج» من نوعية كيف استطاع صاحب المنتجع أن يستغفل الحكومة بأكملها، ويبنى من وراء ظهرها منتجعا بالكامل، يجب على الشخص السمج صاحب السؤال أن يسأل نفسه أولا وكيف كان للحكومة أن تعرف، وصاحب المنتجع كان حريصا بالتأكيد على أن يبنيه فى ساعات متأخرة من الليل، منتهزا فرصة نوم الحكومة وهذا حقها بالطبع؟.

وعليه أن يسأل نفسه أيضا وهل الحكومة لديها وقت لكى تضيعه فى قراءة الإعلانات من نوعيه «فيللا فى حى (الجنة) بكومبوند جولف السليمانية على مساحة 530 مترا، وبها حمام سباحة، وجاكوزى، وللجادين فقط سعرها 1.6 مليون جنيه كاش»؟.

أو هل يرضى أحد أن يقتطع وزير من الوزراء جانبا من وقته الذى يقضيه فى قراءة الجرائد الصباحية للبحث عن أخبار وزارته، والتأكد من أنه قد تم إبرازها بالشكل الأمثل دون أن يسبقه وزير آخر محتلا الصفحات الأولى، هل يرضى أحد أن ينصرف الوزير عن متابعته المهمة هذه من أجل قراءة إعلان بارز يدعو «هواة لعب الجولف لقضاء وقت ممتع فى زيارة لقرية السليمانية». أو إعلان آخر حول «فرصة لالتهام وجبة غداء نظيفة ومحترمة، والاستمتاع بحمام السباحة، والملاهى، والبحيرات، وتأجير لانشات، وحديقة مخصصة للشواء فى منتجع السليمانية؟».

وهل يمكن لأحد منا أن يتصور أن الوزراء المشغولين والذين ليس لديهم وقت حتى لهرش رءوسهم يمكن أن يكونوا قد التفتوا للحفل الغنائى الذى أعلن عن إقامته للفنان تامر حسنى فى خيمة السليمانية. إذن من الظلم أن نقول إن أحدا من الحكومة كان يعرف أن صاحب المنتجع (لا مؤاخذة) قد استغفلها.

أما وقد استغفلها بالفعل، وأما وقد اكتشفت، فما على الحكومة الآن إلا أن تتخلى عن مشاغلها الأخرى مثل البحث عن مرتادى القهاوى فى الأحياء الشعبية من الحرفيين والعمال وصغار الموظفين والعاطلين، الذين ينفثون عن غضبهم فى دخان الشيشة، ومدخنى السجائر الذين يخرجون كبتهم مع كل نفس من السيجارة للعكننة عليهم، وفرض ضريبة تصعب عليهم حياتهم. من أجل أن يوفروا حصيلة ضريبية لا تزيد على 1.5 مليار جنيه فقط.

بدلا من أن تضيع الحكومة وقتها مع هؤلاء عليها أن تركز جانبا من اهتمامها لمتابعة الإعلانات فسوف تجد مئات من «السليمانية» «وأبو العينية» و«الخميسية» و«العزية» و«الساويرسية»و«المنصورية» و«العامرية»، و«المغربية»، و«الجمالية» و«الجلالية» و«الزوربية». وعندها سوف نجد حصيلة بالمليارات من ضرائب مستحقة على الذين يستغفلون الحكومة بمزاجها، ويحققون المليارت من الفيللات، والمصانع، والجامعات، والقرى السياحية، والكومبوندات التى يبنوها فى أحياء «الجنة» «والنعيم» «والفردوس». بينما الحكومة لا تجد أرضا تبنى عليها سوى فى جهنم الحمرا.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات