القاهرة ــ إيه سى «Cairo، A.C» - سيد قاسم المصري - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القاهرة ــ إيه سى «Cairo، A.C»

نشر فى : الأحد 24 مارس 2019 - 10:05 م | آخر تحديث : الأحد 24 مارس 2019 - 10:05 م

ينظم المجلس المصرى للشئون الخارجية زيارة للعاصمة الإدارية الجديدة.. وطلب من أعضائه الراغبين فى الاشتراك تسجيل أسمائهم، وعندما أردت الرد على رسالة المجلس طالبا الاشتراك وجدت نفسى مضطرا إلى اللجوء إلى الحروف المختصرة.. فبدلا من الإشارة إلى الزيارة التى ينظمها المجلس المصرى للشئون الخارجية.. كتبت الزيارة التى ينظمها ECFA وهى الحروف المختصرة لاسم المجلس.. أربعة حروف بدلا من أربع كلمات.
ولا شك أنه أمر مريح وموفر للوقت أن نلجأ إلى الحروف المختصرة الـ Acronyms.. لقد أصبح هذا الاستخدام شائعا بدرجة كبيرة فى جميع اللغات الحية، ووجدت الدول المتقدمة ــ شرقا وغربا ــ فى ذلك مزايا كثيرة.
خذ مثلا كلمة Brexit وهى مكونة من مقطعين Br اختصارا لكلمة بريطانيا وExit أى خروج وقد ولدت هذه الكلمة المختصرة وانتشرت وترسخت منذ الأيام الأولى لنشوء مشكلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.. كلمة واحدة تغنى عن خمس كلمات.. والأمثلة لا حصر لها خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، فالـ FBI مثلا هى الحروف الأولى من كلمات مكتب التحقيقات الفيدرالى والـ CIA هى الحروف الأولى من وكالة الاستخبارات المركزية وNASA هى الحروف الأولى من National Aeronomtics and Space Administration.
وفى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية نجد أن منظمة الأغذية والزراعة تعرف اختصارا باسم الفاو Food and Agriculture Oragnization، ومنظمة الطفولة اختصر اسمها الطويل إلى يونيسيف ومنظمة التربية والعلوم والثقافة تعرف اختصارا بالحروف الأولى من هذه الجملة الطويلة فتصبح يونيسكو.
كما أن حركة عدم الانحياز تعرف بالحروف الثلاثة NAM ومنظمة التعاون الإسلامى OIC والاتحاد الأوروبى EU والإفريقى AU.
وهكذا القائمة تطول جدا.. ولا أبالغ إن قلت إنها تعد بمئات الآلاف، خاصة وأنها تشمل جميع المجالات العسكرية والسياسية والتجارية والبنوك والبيزنس، وخاصة بعد أن بدأ العصر الرقمى والإنترنت فأصبحت الحاجة ملحة لهذه الاختصارات فى التراسل.
***
كانت لدينا محاولة خجولة تبناها الراحل كمال الملاخ فى الستينيات من القرن الماضى ونجح فى إدخال استعمال حرف الدال (د.) اختصارا لكلمة دكتور.. أ. د. الأستاذ الدكتور، كما عرفت الجمهورية العربية المتحدة بحروف ج.ع.م.، وانتهى الأمر عند هذا الحد.. فيا ليتنا نهتم بهذا الموضوع فى إطار مشروع للإصلاح اللغوى الذى يحتاج إلى الكثير.. ومن ذلك ما يحدث عند نقل الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية.. سأضرب مثالا باسمى أنا كاتب هذا المقال.. سيد قاسم المصرى ــ فالاسم الأول سيد.. غالبا ما يكتب SAID والبعض يكتبها صحيحة SAYYED والبعض يكتفى بـ (Y) واحدة وحرف القاف فى قاسم تكتب أحيانا بـ (K) وأحيانا بالـ (Q) وفى السعودية كانوا يكتبونها بالـ (G).. وحرف الياء فى المصرى مرة تكتب بالـ (Y) ومرة بالـ (i)...
إن إيجاد نظام متفق عليه لنقل الحروف من الهجاء العربى إلى الهجاء اللاتينى هو أمر مهم للغاية فى عصرنا الرقمى هذا.. لقد كنت أخيرا فى زيارة للطبيب وأخذ يبحث عن الكارت الخاص بى والمدون فيه بياناتى فلم يجده وكان السبب أن الممرضة سجلت اسمى هكذا SAID بينما كان الطبيب يبحث عن الاسم بهجاء آخر.
لقد قامت الصين فى بداية نهضتها بإصدار قانون يتضمن مضاهاة للحروف الصينية بالحروف اللاتينية حتى لا يصبح الأمر مجالا للاجتهادات الفردية.
***
وهذا يقودنا إلى العاصمة الإدارية الجديدة.. وهو كما ترى ليس اسما لمكان ولكنها جملة وصفية، وجملة طويلة من ثلاث كلمات، وأخشى أنه إذا تركت الأمور على هذا النحو سيصبح اسمها فى الاستعمال العام.. «الإدارية» على وزن الاتحادية.. لأن كلمة العاصمة بمفردها لا تصلح وكذلك كلمة الجديدة بمفردها.
وبمرور الزمن ستصبح مدينة جديدة اسمها «الإدارية» وهو اسم جاف أجوف لا يليق بعاصمة مصر..
ولقد كان اسم «الجديدة» مضافا إلى القاهرة أى القاهرة الجديدة مثل دلهى الجديدة (نيودلهى) اختيارا جيدا ومنطقيا.. إلا أنه سبق اختطافه وإطلاقه على أحد الأحياء الجديدة فى شرق القاهرة.
***
لذا فإننى أقترح ــ حلا للإشكال ــ وتماشيا مع الدستور الذى ينص على أن القاهرة هى عاصمة مصر، واحتفاظا للقاهرة بمكانتها الزاهرة فى تاريخنا وتاريخها العريق، أن تظل كلمة القاهرة جزءا من أى اسم للعاصمة الجديدة. فمثلا إذا كان اسم المحروسة الذى جاء فى أحد المقترحات مقبولا، فلتكن «القاهرة المحروسة» أو نلجأ إلى الحروف المختصرة لعبارة العاصمة الإدارية الجديدة وتضاف هذه الحروف إلى كلمة القاهرة فتصبح بالعربية القاهرة، ع. أ. ج. وبالإنجليزية أو بأى لغات لاتينية أخرىCairo، A.C. أى Administrative Capital، وذلك على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية عندما أرادت إطلاق اسم جورج واشنطن على عاصمتها وواجهتهم مشكلة وجود ولاية فى الشمال الغربى تحمل نفس الاسم فلجأوا إلى إضافة الحروف الأولى من اسم الإقليم الذى بنيت فيه العاصمة وهو إقليم كولومبيا Distnice of Colombia إلى اسم العاصمة فأصبحت Washington، D.C.
ولقب المحروسة أطلق على القاهرة منذ نشأتها أى منذ ما يقرب من الألف عام عندما تم بناؤها وإحاطتها بسور قوى عال محصن ذى أبواب تبدو كالحصون مثل باب الفتوح وباب النصر، وهذا اللقب مدون على هذين البابين ضمن عبارة تقول: «إن من أنشأ هذين البابين والسور المحيط بالمُعِزْيَة (نسبة إلى المعز) القاهرة المحروسة حماها الله.. هو بدر الجمالى أمير الجيوش فى عهد الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنين».
فإذا كانت القاهرة المُعِزْيَة محروسة بالأسوار والحصون والأبواب الحجرية فالقاهرة المحروسة الجديدة ستكون محروسة أيضا بالوسائل التكنولوجية الرقمية الحديثة.

مساعد وزير الخارجية الأسبق

 

سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية الأسبق
التعليقات