نهايات - داليا شمس - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهايات

نشر فى : الأحد 24 أغسطس 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأحد 24 أغسطس 2014 - 7:55 ص

شغف النهايات... هو ما يدفعنا دوما لمحاولة معرفة ختام الحكاية.. الأجل المحتوم أو المصير المحتمل لأبطال حدوتة الأبدية، المتجددة على الدوام. الطفل الذى يتساءل: «وبعدين؟» بشقاوة وحب استطلاع يظل يطرح السؤال نفسه، طوال حياته بأشكال مختلفة، ويتجرع تفاصيل الحكاية حتى آخر قطرة. ماذا ستكون نهاية البشر فى هذه المنطقة من الأرض؟ هل سيغرقهم الطوفان ونقرأ عنهم فى كتب الخلف؟ أم سينجو بعضهم ويهلك آخرون؟ ما سيكون شكل الخارطة؟

وبين انتظار وانتظار، يموت إنسان، يفقد الثقة... يسقط وينهض ويترنح، يمتلئ حلقه بأدعية خائفة، كما يقول الكاتب السعودى الأصل- عبدالرحمن منيف- فى روايته «النهايات». ونردد أحيانا: لو كنا نعلم النهايات لتجنبنا الكثير من البدايات، رغم روعة بعضها... إذ يبدو الربط بين بدايات الأمور وما ستؤول إليه شائقا: مودة تنقلب إلى خصومة، سعادة تتحول إلى شقاء، الطريق من الرفاهية للبؤس والعكس صحيح... ويضرب المحللون الودع، كذلك تزدهر أحوال العرافين: الجميع يسعى لمعرفة كيف ستنتهى الحكاية وما هى علامات النهاية. وغالبا لا تخرج هذه الأخيرة عن أنواع نهايات الأعمال الدرامية: ـ تحل كل المشكلات بشكل سعيد أو تراجيدى، أى تحل كافة العقد قبل نزول اسم المخرج على الشاشة أو صعود الفنانين إلى خشبة المسرح لتحية الجمهور. – تأتى النهاية مفتوحة، ختام حكاية إيذانا ببدء أخرى. ـ مجرد أفول، دون نظرة نحو المستقبل. ـ حوار بين البطلين يمهد لبداية جديدة، إما متطابقة مع ما سبق، فى تكرار عبثى للأحداث، أو قد تحمل تغييرا طفيفا. ـ جملة الختام التى ترن فى الأذن وتلمح إلى معان عميقة، تكون هى مغزى الرواية، كما فى بعض الأعمال الكلاسيكية القديمة.

•••

وهكذا تتوالى النهايات والبدايات حتى نهاية الكون، فهذا الأخير أيضا سيأتى يوما ويصل إلى نهايته... إذ يقول العلماء إن بداية الخليقة كانت قبل 13.7 مليار سنة، وإن الكون يتمدد بسرعة مطردة بسبب الطاقة الفراغية، وتستمر حركته إلى ما لا نهاية... إلا أن بعض الفيزيائيين يخرجون علينا من وقت لآخر بتصريحات تتنبأ بنهاية العالم، كما فعل بعض الأساتذة من جامعة بركلى الأمريكية، عندما أفادوا قبل أربعة أعوام أن الكون سيفنى بما عليه بعد 3.7 مليار سنة. استند هؤلاء فى تقديراتهم إلى حسابات معقدة ونظريات دقيقة، ليصلوا إلى نتائج مجنونة... وهو ما يحدث أحيانا فى الحياة بالنسبة لأمور أهم أو أتفه، المسألة نسبية.

•••

ملاحم وفتن، ولع وحبور... متاجرون بقضايا عادلة، ساخرون يئسوا من تغيير العالم فيتهكمون ويضحكون... هناك وقت، بما أن نهاية الكون لن تأت قبل مليارات السنين، على الأقل فليتعلم الفرد متى تكون نهاية الأشياء، حتى لا يجادل ويضيع جهده فى أمور قد وصلت إلى نهاياتها الطبيعية: عمل استنفذ أغراضه، وظيفة استهلكت أهدافها، علاقة صارت مصدر إزعاج، زواج تحول إلى سجن، ملاذ أصبح غير آمن، بلد خانق... ليقف الفرد ويتساءل: لماذا الاستمرار مادمت غير سعيد؟! وتكون بدايات جديدة... أو على أسوأ تقدير نتفادى سحابة الحزن التى تمر من فوق رءوسنا.

وبما أن لكل زمان قد كتبت نهاياته الخاصة، فلنعش باستمتاع فى انتظار لحظة الختام، وإلى أن تأتى ربما يمكننا ممارسة لعبة مسلية نتدرب خلالها على التغيير... تغيير نهايات الأعمال الأدبية الشهيرة المنتمية لحقب أخرى أبعد، فى محاولة إلى فهم مسارات الحياة وفق الظروف والمعطيات الحالية.

التعليقات