مستقبل الجيوش فى الفضاء الإلكترونى - قضايا عسكرية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مستقبل الجيوش فى الفضاء الإلكترونى

نشر فى : الأربعاء 25 فبراير 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 فبراير 2015 - 9:10 ص

نشرت مجلة آرمى المتخصصة فى الشئون العسكرية والتابعة للجيش الأمريكى مقالا للكولونيل المتقاعد جيمس جاى كارافانو حول أهمية تطوير موارد الحرب الإلكترونية سعيا للتفوق العسكرى للجيوش، عارضا ما جاء فى مؤشر القوة العسكرية للولايات المتحدة ومستقبل هذه القوة. ويوضح كارافانو فى البداية أن هناك قدرا كبيرا من الطاقة وقدرا كبيرا من الفوضى فى نهج الجيش لتطوير الموارد اللازمة لتحقيق تفوق فى الحرب الإلكترونية. ويرى أن هذا شىء جيد، حيث يحتاج الجيش الأمريكى إلى المزيد منه للنجاح فى هذا المسعى.

ويشير كارافانو إلى ما بدأته مؤسسة «التراث» فى عام 2013، وهى مؤسسة بحثية فى واشنطن، من مشروع بحثى فريد من نوعه وهو تطوير طريقة قياس موضوعية مستقلة للقوة العسكرية الأمريكية التى من شأنها أن تمكن المحللين لتقدير حجم القوات المسلحة المناسبة للتهديدات وللمهمة. ويصدر هذا العام الطبعة الأولى من مؤشر القوة العسكرية للولايات المتحدة. وسوف تنشر الطبعات اللاحقة، سنويا، لتتابع التغيرات فى القوة والتهديدات والمهمة، من سنة إلى أخرى، مما يتيح ملاحظة ما إذا كانت القوة النسبية للقوات المسلحة ترتفع أو تنخفض.

ولعله من المزايا المهمة للمؤشر، من وجهة نظر كارافانو، أنه لا يوجد مقياس لقوة الولايات المتحدة العسكرية فى الفضاء الإلكترونى؛ وهذا لا يعنى أن القدرة على الهجوم والمناورة فى الفضاء الإلكترونى ليست ميزة مهمة للقوة العسكرية الحديثة، ولكن لأنه لا يوجد حتى الآن ببساطة أى وسيلة موثوقة لتقدير القدرة التنافسية على الإنترنت بموضوعية وباستمرار مع مرور الوقت. وسوف يظهرها المؤشر متى وجدت، لتحدد نظرة ثاقبة أكثر شمولا فى مدى حماية القوات المسلحة للمصالح الوطنية.

لكن الموقف صعب بالنسبة للأمن الوطنى فى نفس الوقت. حيث تخلق صعوبة قياس القوة السيبرانية تحديات خطيرة للقوات المسلحة تتعلق بتقييم البعثات والتهديدات وبيئة التشغيل لتحديد القدرات، والقدرة التى يجب نشرها.

•••

ولا يعتقد كارانافو فى وجود اختلاف بين الصراع فى الفضاء الإلكترونى وأى شكل آخر من أشكال المنافسة بين البشر. حيث يكون الهدف أولا البقاء، ثم كسب ميزة تنافسية ساحقة على حساب خصم محتمل. لكن العثور والاستيلاء على أرض مرتفعة فى الفضاء الإلكترونى، حيث لا يوجد الحيز المادى، سيكون عملا هائلا.

ولم يحدث أن كانت هناك قوة عظمى على الإنترنت. فليس هناك برنامج عمل ــ ناهيك عن معيار ــ لقياس التقدم المتحقق. كل ما يعرفه الجيش «أنه بحاجة إلى المزيد».

ويبين أن الجيش الأمريكى كان متجاوبا فى القفز إلى سباق الفضاء الإلكترونى. ففى عام 2010، أعلن الجيش رسميا قيادة عمليات الإنترنت. وفى عام 2015، تم اختيار اثنى عشر تقريبا من خريجى أكاديمية ويست بوينترز لتكليفهم مباشرة بالعمل فى قيادة عمليات الإنترنت فى الجيش. وسوف يخطو إلى مسار وظيفى غير مؤكد، يشبه إلى حد كبير وضع الخريجين الأوائل الذين انضموا إلى جيش الولايات المتحدة. وسيشهد هذا العام أيضا أول ألعاب الحرب السيبرانية الأمريكية البريطانية المشتركة، وهو الابتكار الذى يمكن أن يكون متميزا كمشروع لـ(المحادثات الأمريكية والبريطانية) التى سبقت دخول أمريكا فى الحرب العالمية الثانية.

ويعرض كارافانو ما أعلنه الجنرال روبرت ب. براون، قائد مركز الأسلحة المشتركة فى الجيش الأمريكى، فى الآونة الأخيرة، «نحن بحاجة إلى النظر جديا فى كيفية جمع الجيش الأمريكى بين الخبرة التقنية لجيل «جوجل» والمهارات العسكرية التقليدية». متحدثا عن السبل غير التقليدية وفى الحصل على الأفراد وتدريبهم لبناء الخبرات الإنترنتية العسكرية.

وتشكل مثل هذه المبادرات جبلا من الوثائق العسكرية، والإرشادات، حتى إن المرء يميل بعد قراءتها إلى التساؤل عن الهدف منها. ويتعرض كارافانو لوثيقة «استراتيجية وزارة الدفاع فى الفضاء الافتراضى» الصادرة فى يوليو 2011، حيث تمثل قائمة مشتريات فى 13 صفحة، أكثر من كونها استراتيجية متماسكة. فهى تفتقر، على سبيل المثال، إلى أى مناقشة جادة للعنصر الهجومى فى العمليات السيبرانية.

•••

ومع غموض نوايا القادة، لا يستغرب كارافانو من أن يحدث داخل الجيش الأمريكى مشادات حول تحديد المسئوليات والقدرات والاحتياجات، وبالتالى محاولة متوترة للتوفيق بين سلاح الإشارة والاستخبارات العسكرية فى بحث الاحتياجات للقدرات الهجومية والدفاعية. وتعتبر النتيجة مخيبة للآمال بقدر ما كان متوقعا حيث يوجد متطلبات جديدة ضخمة من دون أى سبيل واضح للتحرك.

ويلقى كارافانو نظرة إلى البيئة التنافسية الغائمة التى يعمل فيها الجيش، فيجد أن هناك ما يدعو إلى عدم وضع شروط مبالغ فيها من أجل التقارب بين القوات البرية وعمل الإنترنت. والمجدى هو إقامة بنية هيكل عضوى فضفاض، يترك مجالا للتجربة والخطأ، والتجريب والابتكار، بما يشبه التنقل فى عدة مسارات لمعرفة أى منها يقود إلى التقدم. ولعل المفيد للجيش أكثر هو تحديد بعض الأهداف الأساسية، والالتزام لفتح مجالات الخيار أمام سبل تحقيقها. ويعرض كارافانو ثلاثة مبادئ توجيهية عملية:

محاربة المجهولية

هناك أسطورة أن إسناد المهام فى الفضاء الإلكترونى صعب للغاية. وهو ما لا يراه كارافانو كذلك. فكوريا الشمالية خير دليل. فهو أمر ليس ممكنا فحسب، ولكن أيضا يجب القيام به إذا أردنا تحقيق توازن حقيقى بين العمليات الدفاعية والهجومية. فعندما يتعلق الأمر بحرب فى الحيز المادى، يمكن للجميع اقتباس كلمات صن تزو: «إذا كنت تعرف نفسك ولا تعرف العدو، سوف تعانى خسارة مقابل كل نصر تحققه، وإذا كنت لا تعرف نفسكو لا عدوك، سوف تخسر جميع المعارك» ويمكن تطبيق المنظور نفسه على الصراعات البشرية فى الفضاء الإلكترونى.

لا تلتزم بالنطاق

وذلك من خلال الاندفاع فى العمل السيبرانى، التفكير فى الأمر بطريقة المنافسة بين الإلكترونيات لدينا والإلكترونيات لديهم. وهو ما يشبه تصميم الحرب المادية وفقا للنطاق المادى. حيث يشبه الجدل حول قيمة القوات البرية بالمقارنة بالقوة البحرية فى قرن التاسع عشر. فالتفكير فى الحرب التى تحدث فى مجالات متميزة ليست مفيدة. ففى أثناء النزاع، يتنافس البشر مع البشر، وليس مع التراب، والغيوم، وطبقة الستراتوسفير أو المسطحات المائية.

ويرى كارافانو أن جوهر المنافسة لا يتغير فى الطيف الكهرومغناطيسى. فهو جزء لا يتجزأ من البيئة العملية الكاملة. وعلاوة على ذلك، فإن الأدوات المستخدمة للتأثير فى النطاق ليست متساوية دائما. فإن أفضل طريقة للتعامل مع التشويش الإلكترونى فى بعض الأحيان، هى تفجيره. وأفضل طريقة للتعامل مع الهاكرز، فى بعض الأحيان، هى نسفهم.

ويشير كارافانو إلى ما افترضه أحد زملائه بأن التفكير فى الإنترنت أقرب إلى الكيفية التى يتصور بها الجيش عمليات التمرد المعقدة ــ أى أنها المشكلات التى تتطلب استجابات معقدة. فعلى سبيل المثال، قد يكشف جمع المعلومات الاستخباراتية التقليدية فى بعض الأحيان المزيد عن نية الفاعل السيبرانى ومحاولاته لتجاوز تعليمات البرمجة أو تتبع البرمجيات الخبيثة عبر عناوين بروتوكول الإنترنت.

دمج الإجراءات الخطية وغير الخطية

تعتبر الأنشطة الخطية متسلسلة، وهرمية، وروتينية وذات نتائج متوقعة واضحة، وروابط محددة بين أسباب وتأثيرات النظم الفرعية. أما الأنشطة غير الخطية فهى فوضوية. ولدى العديد من الأنظمة الرقمية الإلكترونية ــ والشبكات الاجتماعية، على سبيل المثال ــ سمات أقرب إلى النظم غير الخطية. وتشبه العديد من الأنشطة العسكرية التقليدية، الأنشطة الخطية. حيث تعتبر الحرب غالبا اندفاعا من كليهما. ويتطلب دمج السيبرانية والأنشطة العسكرية الأخرى قادة يتسمون بالمهارات والمعرفة والصفات اللازمة للدمج بين هذين العالمين. وهذا يتطلب التطوير المهنى والتدريب والاحتفاظ بأعداد كبيرة من العقول التى تمتلك المرات اللازمة لكلا النوعين.

ويرى كارافانو فى الختام أهمية وجود نقاش صحى بشأن حجم ونطاق الجيش الإلكترونى. حيث من الضرورى العمل على ضمان إبقاء هذه الضرورات الثلاث فى الاعتبار فى جميع برامجه، بينما يبحث فى كيفية ضمان أن تحتفظ أمريكا بالتفوق فى المجال السيبرانى لسنوات قادمة.

التعليقات