قراءة في استراتيجية الناتو الجديدة - قضايا عسكرية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراءة في استراتيجية الناتو الجديدة

نشر فى : الإثنين 29 يناير 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الإثنين 29 يناير 2024 - 7:30 م

نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للباحث مينا عادل، تناول فيه استراتيجية حلف الناتو الجديدة فى حقبة الألفية، خاصة مع خوض معارك يوغوسلافيا والعراق... نعرض من المقال ما يلى:
اعتمدت قوات حلف الناتو خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات استراتيجية «Air/ Land Battle»، والتى قامت فى المقام الأول على مهاجمة خطوط العدو الخلفية بضربات تكتيكية دقيقة بواسطة الذخائر الموجهة لإفقاد العدو توازنه، من خلال التركيز على مهاجمة مراكز القيادة، وشبكات الاتصالات، وعرقلة دائرة اتخاذ القرار بواسطة الذخائر الموجهة مع مرونة كافية للقيام بالعديد من المناورات الهجومية للقتال فى عمق قوات الخصم، وقد تم استغلال مواطن الضعف فى الاستراتيجية السوفيتية.
لكن منذ بداية حقبة الألفية كان التكيف الشرقى حاضرًا، وبالأخص بعد مراقبة أداء الناتو فى معارك يوغوسلافيا والعراق، ليتم العمل على استراتيجية جديدة بمفهوم جديد يعرف باسم «Anti Acess/ Area Denialــ A2/ AD» أو «منع الدخول وإنهاء الوجود»، والتى تم تطويرها إلى استراتيجيتين، الأولى «ASB» فى عام 2013 والثانية «مفهوم العقيدة المشتركة» فى عام 2015، ومن الممكن توضيح هذه الاستراتيجيات من خلال النقاط الآتية:
أولا: مفهوم A2/AD «منع الدخول وإنهاء الوجود»
منع الدخول ــ A2: هو مجموعة الإجراءات التى من شأنها إبطاء حضور القوات الصديقة لمسرح العمليات أو حتى العمل من مسافات بعيدة.
إنهاء الوجودــ AD: هو مجموعة الإجراءات التى من شأنها إعاقة عمليات المناورة للقوات الصديقة داخل مسرح العمليات.
ولكى تنجح الاستراتيجية الشرقية الجديدة «روسيا والصين، وإيران، وكوريا الشمالية.. إلخ» بالشكل الكامل يجب امتلاك القدرات الآتية أو بعض منها:
1ــ امتلاك وسائل لتدمير أو إعاقة الأقمار الصناعية للناتو التى تستخدم للملاحة أو التوجيه للذخائر أو الاستطلاع.
2ــ المنظومات المتطورة للحرب الإلكترونية، والسيبرانية من الإعاقة، والتشويش والعزل، والتنصت على الاتصالات أو الرادارات.
3ــ امتلاك وسائل الرصد والاستطلاع بمختلف أنواعها بمدى بعيد من منظومات جوية، وبرية وبحرية.
4ــ امتلاك آلاف الذخائر، والصواريخ الموجهة بدقة عالية بمختلف أنواعها بمدى بعيد، وتطلق من العديد من المنظومات البرية، والبحرية والجوية.
5ــ الاهتمام الكبير بسلاح الغواصات، وتعزيز قدراتها بإمكانية إطلاق صواريخ الكروز والمضادة للسفن.
6ــ امتلاك شبكة دفاعية طبقية «IADS» للدفاع الجوى من منظومات متحركة «GBADs» للتعامل مع الأهداف البعيدة، والقريبة، ويتم تدعيمهم بواسطة مقاتلات الدفاع الجوى، والسيطرة الجوية.
7ــ الاهتمام بتطوير غرف القيادة والسيطرة «C 2» ذات الألياف الضوئية العاملة بوصلات البيانات «Data Links» للتنسيق بين التشكيلات الجوية، والأرضية والبحرية.
8ــ تطوير القدرات الجوية للقيادة، والسيطرة، والاستطلاع لتنسيق العمليات الهجومية مثل القتال الجوى والاستهداف.
9ــ امتلاك غواصات لإطلاق الصواريخ الباليستية ذات الرءوس التدميرية التقليدية أو النووية.
10ــ تأمين الحدود البحرية بآلاف الألغام مختلفة الأنواع.
تزداد فرص النجاح للقوات العاملة بهذه الاستراتيجية، فى حالة البدء بالعمليات الهجومية؛ مما يمثل خطرًا على القوات الصديقة فى الخطوط الأمامية أو الحلفاء الذين سيكونون بشكل مباشر فى مواجهة القوات المعادية آنذاك، وسيكون الغرض الأول لقوات الخصم هو إحباط قوات الدعم للحلفاء أو حتى القدرة على إحداث نتيجة فعالة من خلال الضربات بعيدة المدى، بجانب الحصول على الزخم القتالى المناسب، والنجاح فى عملية تشتيت المجهود القتالى لقوات الناتو عن طريق فتح أكثر من جبهة قتالية فى وقت واحد.
ثانيا: استراتيجية «ASB»
الفكرة الرئيسية: يعتبر المفهوم الاستراتيجى الجديد هو الحل الأمثل (من وجهة نظر حلف الناتو) للرد على الاستراتيجية الشرقية، من خلال تطوير قدرات الترابط، والدمج ما بين أفرع الجيش المختلفة عبر مختلف الأبعاد «الجو والأرض والبحر والفضاء»، للعمل على مهمات هجومية فى عمق العدو «NIA»، لتحقيق الأهداف الثلاثية، وهى الإعاقة والتدمير والهزيمة «D3» للقدرات الدفاعية للخصم «A2/ AD»، للسماح للقوات الحليفة من العمل بحرية للهجوم أو الدخول، والمناورة فى مسرح العمليات.
تنجح بواسطة تحقيق 3 أهداف رئيسية تتمثل فى:
1ــ تعطيل قدرات القيادة، والسيطرة، والاستطلاع والرصد «C4ISR» للخصم.
2ــ تدمير القدرات الدفاعية للخصم.
3ــ تحييد المنظومات التسليحية التى يتم إدخالها للميدان.
ويتم تحقيق هذه الأهداف من خلال مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: بداية العمليات العسكرية، وتنقسم إلى:
أولا: الصمود أمام الهجمات الأولية على الخطوط الأمامية أو الخلفية لقوات حلف الناتو أو القوات الحليفة، مع تخفيف حدة الخسائر بواسطة الوسائل الدفاعية أو المناورات.
ثانيا: تقديم ضربات مضادة لأهداف تم تحديدها مسبقًا، وتتمثل فى غرف قيادة أو أهداف حيوية من شأنها عرقلة العمليات.
ثالثا: تقديم ضربات على الترسانة الصاروخية الهجومية للخصم المتمثلة فى الصواريخ الباليستية.
رابعا: البدء بمجهود قتالى لاسترداد زمام المبادرة فى الجو، والبر والبحر والفضاء.
أما المرحلة الثانية «عمليات ملحقة»: غرضها خلق خيارات أفضل فى حالة المفاوضات للحصول على أفضل مكاسب ممكنة للخصم، وتشمل:
أولا: التوسع فى العمليات القتالية لاستدامة المبادرة فى «الجو والبر والبحر».
ثانيا: القيام بعمليات الحصار سواء كان بواسطة القوات أو بالعقوبات الاقتصادية.
ثالثا: استدامة الدعم اللوجيستى بالتوازى مع العمليات القتالية.
رابعا: زيادة الإنتاج العسكرى، وبالأخص فى حالة «الذخائر الموجهة».
ولتظهر النسخة الأحدث والأشمل فى عام 2015 التى تعرف بالعقيدة المشتركة (JAMــGC)، ليس مقتصرًا على عدو أو مسرح عمليات محدد، وقد كان نتاج الكثير من المناورات الحربية للجيش الأمريكى، والمحاكاة لكثير من السيناريوهات بطريقة إلكترونية، ويركز فى الأساس على هزيمة خطة العدو الأساسية، وليس فقط حرمانه من قدرات «A2/ AD» العملياتية من خلال استغلال كافة الوسائل ذات التقنيات المتطورة، وغير المتطورة حسب وجودها فى مسرح العمليات، وبفاعلية قتالية كبيرة مع مراعاة جانب التكلفة، وقد أضاف المفهوم الجديد مواصفات أساسية لقوات الناتو تمكنها من النجاح فى الميدان وهى:
أولا: أن تكون لديها القدرة على الانتشار، والعمل من خلال قواعد، ونقاط فرعية، وليس فقط الالتزام بالقواعد الأساسية، ولكن مع الاحتفاظ بإمكانية المناورة لتقديم الزخم القتالى المطلوب عند الطلب.
ثانيا: القدرة على التعافى السريع عند النكسات لتنظيم الصفوف، والرد بعمليات هجوم مضاد أو التماسك لتقليل الخسائر.
ثالثا: قابلة للتخصيص فى أى هيكل قيادى بشكل مؤقت أو دائم لتنفيذ مهام مختلفة، ويتم اكتساب هذه الميزة من خلال التدرب على الكثير من المهمات لإكساب المقاتلين الخبرة اللازمة للعمل ضمن تشكيلات وتجهيزات مختلفة.
رابعا: أن تمتلك قدرة استيعابية أكبر لاستخدام الكثير من المعدات العسكرية أو المدنية «التجارية»، والدمج بينها للقيام بالكثير من الأدوار، ومن أمثلة هذه المعدات التجارية «المُسيّرات».
خامسا: استدامة القدرات اللوجستية حسب التوقيت الزمنى المتوافق مع سير العمليات القتالية.
●●●
ختامًا، التكيف القتالى هو العنوان الرئيسى لكل المفاهيم الاستراتيجية المذكورة. فكلا المعسكرين ــ الشرقى والغربى ــ قد تعلما من الدروس السابقة خلال الحرب الباردة، والتحديث السريع للمنتجات العسكرية، ومن خلال مراقبة بعضهم البعض، ليتم العمل على تأسيس مفاهيم جديدة تضمن استخدام كافة الوسائل المتاحة من أجل فرض قواعد الاشتباك على الخصم، لضمان الفاعلية القتالية، وبكل تأكيد فإن عملية التطوير ستستمر بمرور الوقت، وسينتج عنها منظومات تسليحية بشكل أقوى وأكثر فتكًا، ولكن عادة ستكون التجربة لهذه المنظومات هى حروب فرعية بين حلفاء، وليست مباشرة بين المعسكر الشرقى والغربى، ولكن هل ستُكسر هذه القاعدة الآن؟

النص الأصلي

التعليقات