قمة مجموعة السبع في هيروشيما.. والوفاء بوعد نزع السلاح النووي - قضايا عسكرية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة مجموعة السبع في هيروشيما.. والوفاء بوعد نزع السلاح النووي

نشر فى : الخميس 18 مايو 2023 - 7:45 م | آخر تحديث : الخميس 18 مايو 2023 - 7:45 م

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب دانيال هوجيستا، جاء فيه أن انعقاد قمة مجموعة السبع فى هيروشيما لأول مرة، وهى إحدى المدينتين اللتين شهدتا انفجارا نوويا عام 1945، سيجعل من قضية نزع السلاح النووى أولوية على أجندة قادة القمة وفرصة مناسبة لفهم حقيقة القصف النووى، وعدم إنسانيته. ذكر الكاتب أيضا 4 خطوات ينبغى على قادة القمة اتخاذها لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى.. نعرض من المقال ما يلى.
خلال الفترة من التاسع عشر إلى الحادى والعشرين من مايو، سيجتمع فى مدينة هيروشيما فى اليابان زعماء دول مجموعة السبع (كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) بالإضافة إلى ممثلين رفيعى المستوى من الاتحاد الأوروبى. سيزور عدد كبير من هؤلاء القادة المدينة، وهى واحدة من مدينتين حيث استُـخـدِمَـت الأسلحة النووية فى أغسطس من عام 1945، لأول مرة. ولأن التهديد النووى أصبح الآن أقوى من أى وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة، لا يجوز للقادة أن يستغلوا هذه المناسبة لتمرير تدابير منع الانتشار المعمول بها منذ عقود؛ بل عليهم أن يتعهدوا باتخاذ تدابير ملموسة يمكن التعويل عليها لنزع السلاح تستند إلى حظر الأسلحة النووية.
قرر رئيس الوزراء اليابانى فوميو كيشيدا، الذى ينحدر من أسرة سياسية فى هيروشيما وكان له أقارب ماتوا فى تفجير عام 1945، عقد قمة مجموعة السبع فى المدينة على وجه التحديد بسبب تاريخها. فى ضوء غزو روسيا لأوكرانيا وما تلاه من قعقعة السيوف النووية، ستحتل قضية الحفاظ على السلام الدولى والسعى إلى نزع السلاح النووى مرتبة عالية على الأجندة. يراقب كيشيدا باهتمام أيضا شبه الجزيرة الكورية، حيث واصلت كوريا الشمالية تكثيف اختبارات الصواريخ فى الأشهر الأولى من عام 2023، وأجرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريبات عسكرية مشتركة شملت استخدام طائرات ذات قدرات نووية.
• • •
الواقع أن التهديد العالمى الذى تفرضه الأسلحة النووية أشد من أى مبالغة. بالنظر إلى نطاق الخراب الذى تحدثه وإرثها الإشعاعى المستمر، فهى الأسلحة الأشد تدميرا، والأبعد عن الإنسانية، والأكثر عشوائية على الإطلاق. واستخدامها يخلف تأثيرا بيئيا هائلا، وأى صراع نووى محدود من شأنه أن يطلق العنان لمجاعة واسعة الانتشار. إدراكا لهذه العواقب الوخيمة، أَكَّـدَت خمس من الدول التسع المسلحة نوويا فى يناير 2022 أن «الانتصار فى حرب نووية ضرب من المستحيل، ويجب ألا تُـخاض أبدا» ــ وهو التصريح الذى ردده قادة مجموعة السبع فى بيانهم الرسمى الذى أصدروه فى إلماو بألمانيا العام الماضى.
تُـثـبِـت الخسائر التى أحدثها قصف مدينتى هيروشيما وناجازاكى ذريا أن أى استخدام لهذه الأسلحة، حتى لو لم يؤدِ إلى اندلاع حرب نووية شاملة، قد يقتل مئات الآلاف من المدنيين والمدنيات ويصيب عددا أكبر كثيرا. علاوة على ذلك، كما حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ستكون أنظمة الاستجابة للطوارئ والبنية الأساسية الصحية مُـثقَـلة بأعباء لا قِـبَـل لها بتحملها وسوف تعجز عن توفير المساعدة الكافية للناجين. وسوف يلوث الغبار المشع المتساقط مناطق شاسعة، ويُـفـضى الذعر الواسع الانتشار إلى نزوح الناس جماعيا وارتباكات اقتصادية شديدة.
أصدر وزراء خارجية مجموعة السبع بيانا رسميا مخيبا للآمال عندما التقوا فى ناجانو باليابان فى إبريل، ويتعين على رؤسائهم أن يقدموا ما هو أفضل فى القمة. على وجه التحديد، ينبغى لهم أن يتخذوا أربع خطوات لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى أبدا.
أولا، يجب أن يدينوا على نحو لا لبس فيه أى تهديد باستخدام الأسلحة النووية بعبارات قوية كتلك التى استخدمتها خلال العام الماضى الأطراف المشاركة فى معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية (TPNW) ومجموعة العشرين.
فى قمة العام الماضى، قال قادة مجموعة السبع إنهم «يدينون تصريحات روسيا الاستفزازية التى تشير إلى التهديد باستخدام الأسلحة النووية». فى هيروشيما، لا يجوز لهم أن يكتفوا بإدانة مثل هذه التصريحات، التى أطلقتها أيضا كوريا الشمالية، بل يتعين عليهم أن يدينوا أيضا الاستعدادات لاستخدام الأسلحة النووية، بما فى ذلك التدريبات النووية. وهو أمر شديد الأهمية لأن تعليق روسيا العمل بمعاهدة ستارت الجديدة أوقف تبادل المعلومات حول مثل هذه التدريبات. الواقع أن الافتقار إلى التواصل على هذه الجبهة يزيد بشكل كبير من خطر نشوب صراع عَـرَضى، لأن كلا من الولايات المتحدة وروسيا تُـبـقى على الوضع النووى «الإطلاق بمجرد الإنذار».
بعد ذلك، يجب أن يعترفوا رسميا بالعواقب الإنسانية الكارثية المترتبة على استخدام الأسلحة النووية. أثناء وجودهم فى هيروشيما، سيلتقى قادة مجموعة السبع الناجين من تفجير 1945، الذين عاشوا فى «جحيم على الأرض»، على حد وصف أحد الناجين. يملك القادة الأمريكيون والفرنسيون والبريطانيون، الذين سيتحدثون إلى الهيباكوشا (كما يُـدعى الناجون)، سُـلطة إطلاق أسلحة نووية أشد قوة. وعلى هذا ينبغى لهم أن يعترفوا علنا بأن استخدامها يعنى الحكم على عدد لا يحصى من المدنيين بالمصير ذاته، بدلا من التشدق بالمثل الأعلى المتمثل فى عالَـم خالٍ من الأسلحة النووية.
ثالثا، ردا على إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتن مؤخرا عن خطط لنشر أسلحة نووية فى بيلاروسيا، يجب أن يتفق قادة مجموعة السبع على إنهاء ممارسة نشر مثل هذه الأسلحة فى دول ثالثة وإشراك روسيا فى حوار لحملها على التراجع عن متابعة هذا الأمر. يتطلب هذا أن يعيد قادة الدول النظر فى سياسات «المشاركة النووية»: تستضيف إيطاليا وألمانيا ــ كلاهما من دول مجموعة السبع ــ فضلا عن بلجيكا وهولندا وتركيا حاليا أسلحة أميركية. يجب إنهاء هذه الممارسة على كل المستويات، لأنها لا تُـفـضى إلا إلى زيادة خطر وقوع الكارثة.
أخيرا، ينبغى لمجموعة الدول السبع أن تتعهد بالتزامات عملية قابلة للتنفيذ فى ما يتصل بنزع السلاح. ويجب أن يرد قادتها على الاستهتار النووى من جانب روسيا وكوريا الشمالية ــ والتهديد السريع التصاعد بوقوع مواجهة ــ من خلال وضع خطة للتواصل مع كل الدول المسلحة نوويا للتفاوض على خفض ترساناتها وإزالتها فى نهاية المطاف.
• • •
ما يدعو إلى التفاؤل أنهم لن يضطروا إلى إعادة اختراع العجلة: ذلك أن معاهدة حظر الأسلحة النووية، وهى إطار متعدد الأطراف لنزع السلاح معترف به دوليا، متاحة تحت تصرفهم بالفعل. الواقع أن ما يقرب من نصف الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة وَقَّـعَـت أو صادقت على المعاهدة، ومع انضمام مزيد من الدول إليها، ستتنامى قوة الـنَـسَـق الدولى ضد الأسلحة النووية. فى النهاية، سَـيُـنـظَـر إليها على أنها أسلحة مستهجنة منبوذة، تماما مثل الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والألغام الأرضية، والقنابل العنقودية.
إن هيروشيما، كمكان لاستضافة القمة، رمز قوى. قال هيديهايكو يوزاكى، حاكم محافظة هيروشيما إنه يأمل أن تسمح زيارة المدينة لقادة مجموعة السبع «بفهم حقيقة القصف النووى، والإدراك التام لانعدام إنسانية الأسلحة النووية، ومرة أخرى استيعاب حقيقة مفادها أن الطريقة الوحيدة المؤكدة للتخلص من الخوف من استخدامها هى القضاء عليها». تقدم قمة مجموعة السبع فرصة غير مسبوقة لإثبات الزعامة الحقيقية فى وقت يتسم بتصاعد التوترات النووية. من الحماقة والغباء ــ والخطورة الشديدة ــ أن نكتفى بوعود فارغة.

النص الأصلي
http://bitly.ws/EGQw

التعليقات