العراق.. وإنهاء مهام التحالف الدولي ضد داعش - قضايا عسكرية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العراق.. وإنهاء مهام التحالف الدولي ضد داعش

نشر فى : الإثنين 22 يناير 2024 - 6:40 م | آخر تحديث : الإثنين 22 يناير 2024 - 6:40 م

نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة منى قشطة، تناولت فيه دوافع العراق للمطالبة بإنهاء مهام قوات التحالف الدولى ضد داعش، والتحديات المحتملة التى قد تترتب على ذلك، وأخيرا إمكانية الانسحاب فى الوقت الراهن... نعرض من المقال ما يلى:
أعلن رئيس الوزراء العراقى «محمد شياع السودانى» فى 5 يناير الحالى أن حكومته بصدد تشكيل لجنة ثنائية لجدولة انسحاب قوات التحالف الدولى ضد داعش من العراق بصورة نهائية، وأنه لن يكون هناك تفريط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على الأراضى العراقية. يأتى هذا بعد يوم واحد من تنفيذ غارة جوية أمريكية على أحد مقرات الحشد الشعبى فى بغداد، أسفرت عن مقتل «مشتاق طالب السعيدى» الملقب بـ«أبو تقوى» والقيادى بحركة النجباء (إحدى الميليشيات العراقية المنضوية ضمن فصائل الحشد الشعبى)، بررتها الولايات المتحدة بحقها فى الدفاع عن النفس ضد ما تتعرض له قواتها المتواجدة بالعراق وسوريا من ضربات على يد الفصائل الموالية لإيران منذ اندلاع الحرب فى غزة.
• • •
جاءت المطالبة العراقية بانسحاب القوات الأمريكية فى ظل لحظة إقليمية فارقة يشهد فيها الشرق الأوسط مرحلة مضطربة ترتبط بالعدوان الإسرائيلى على غزة وما صاحبه من اشتعال الوضع، ويمكن استعراض أبرز دوافع هذه المطالبات كالتالى:
• التصعيد العسكرى المتبادل بين واشنطن والميليشيات العراقية: رغم أن مطالبة العراق بانسحاب قوات التحالف الدولى ضد داعش ليست الأولى من نوعها، إلا أن الدعوات الأخيرة المطالبة برحيل القوات الأمريكية تأتى فى سياق إقليمى مغاير عن سابقتها؛ إذ تأتى فى إطار تصاعد الاشتباكات العسكرية بين القوات الأمريكية فى المنطقة والميليشيات والفصائل المسلحة الموالية لإيران على خلفية الحرب فى غزة.
فبعد نحو 10 أيام من اندلاع هذه الحرب تعرضت القواعد العسكرية التى تستضيف قواعد أمريكية عاملة فى إطار التحالف الدولى فى العراق وسوريا لعشرات الهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ، صرحت واشنطن بأنها أكثر من 115 هجوما ضد قواتها فى البلدين. وقد تبنت المقاومة الإسلامية فى العراق (شبكة من الميليشيات العراقية المسلحة المدعومة من إيران) غالبية هذه الهجمات ردا على دعم واشنطن لإسرائيل فى حربها على قطاع غزة. وفى المقابل ردت الولايات المتحدة بقصفها لمواقع تابعة لتلك الميليشيات فى العراق ومواقع مرتبطة بإيران فى سوريا. وبالتزامن مع التصعيد الميدانى تصاعدت كذلك دعوات القوى السياسية والفصائل المسلحة العراقية لاستهداف مصالح الدول الداعمة لإسرائيل فى حرب غزة، وفى مقدمتها الولايات المتحدة.
• معارضة الوجود الأمريكى فى الداخل العراقى: لا ينفصل إعلان العراق عن رغبته فى إنهاء مهام قوات التحالف الدولى ضد داعش على أراضيه، عن حالة الجدل المتصاعدة حول الوجود العسكرى الأمريكى فى البلاد منذ عام 2017، وتنامى معارضة هذا الوجود من قبل الأحزاب السياسية والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ودعواتهم المتكررة المطالبة بطرد القوات الأمريكية، لاسيما بعد مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى «قاسم سليمانى»، والقيادى البارز فى الحشد الشعبى «أبو مهدى المهندس» على يد القوات الأمريكية. وقد بلغ هذا الجدل ذروته فى الداخل العراقى مع سيطرة الإطار التنسيقى على المشهد العراقى الأمنى والسياسى، حيث تتجه بوصلة توجهات هذا الإطار ــ الأقرب إلى إيران ــ نحو مناهضة الوجود الأمريكى فى البلاد.
• نجاح القوات العراقية فى تطويق نشاط داعش: تأتى التصريحات المتكررة لرئيس الوزراء العراقى المطالبة بإنهاء مهام قوات التحالف الدولى، بعد الانتصارات التى حققها العراق فى ملف محاربة تنظيم داعش؛ فبعد أن نجحت القوات الأمنية العراقية بالتعاون مع قوات التحالف فى تحرير جميع الأراضى العراقية من قبضة التنظيم عام 2017، استمرت جهود ملاحقة فلول داعش وخلاياه فى عموم البلاد، وتوالت العمليات الأمنية والعسكرية التى نفذتها القوات العراقية ضد أوكار وخلايا التنظيم فى العديد من المحافظات، ما أدى إلى تراجع المنحى العملياتى لنشاط داعش داخل الجغرافيا العراقية بشكل كبير، وبات العراق من أكثر الدول نجاحا فى محاربة الإرهاب خلال عام 2023.
• • •
فى ظل الضغوط التى تتعرض لها حكومة «السودانى» لإنهاء مهام قوات التحالف الدولى فى العراق تثور مخاوف بشأن التداعيات الأمنية المحتملة. ويمكن استعراض أبرز هذه التداعيات فيما يلى:
• عودة نشاط داعش: ربما يتسبب أى انسحاب لقوات التحالف من العراق فى تنامى خطر نشاط تنظيم داعش؛ إذ قد يدفع هذا الانسحاب إلى خلق حالة من الفراغ الأمنى، ستستغلها الخلايا النائمة التابعة للتنظيم فى تصعيد نشاطها بالداخل العراقى. فعلى الرغم من أن الضربات الأمنية التى نفذتها القوات العراقية بالتعاون مع قوات التحالف خلال العامين الماضيين أسهمت فى تطويق نشاط التنظيم بشكل كبير وأفقدته الكثير من موارده المالية والقيادية، إلا أن هذا لا يعد كافيا للدفع أو الجزم بانتهاء خطر داعش فى العراق؛ إذ لا يزال التنظيم لديه خلايا صغيرة نشطة داخل البلاد، وينفذ هجماته ضد قوات الجيش العراقى فى العديد من المدن، كما تشير تقديرات حديثة لخبراء الأمم المتحدة إلى أن داعش يمتلك ما بين 5 و 7 آلاف عنصر بين دولتى العراق وسوريا معظمهم من المقاتلين.
• فقدان الدعم الأمريكى فى الحرب الاستخباراتية ضد داعش: قد يؤدى انسحاب قوات التحالف الدولى من العراق إلى فقدان الجهود الاستخباراتية والمعلومات المتقدمة التى توفرها تلك القوات لدعم عمليات الجيش العراقى ضد تنظيم داعش، لاسيما الضربات الجوية التى ينفذها سلاح الجو ضد معاقل التنظيم بالمناطق الجبلية الوعرة.
بشكل عام، ستتوقف حدة التداعيات المرتبطة باحتمالية خروج القوات الأمنية من العراق على الآلية التى سيتم بها هذا الخروج، وما إذا كان سيحدث بشكل كلى أو جزئى، وكذا المدى الزمنى لهذا الانسحاب ودرجة استعداد الحكومة العراقية وخططها للتعاطى مع تبعاته المحتملة لا سيما فيما يتعلق بمخاطر تنامى نشاط تنظيم داعش.
• • •
أثار إعلان الحكومة العراقية عن مساعيها لإنهاء مهام قوات التحالف الدولى ضد داعش جدلا كبيرا حول إمكانية تطبيقه فى الوقت الراهن؛ حيث تذهب غالبية التكهنات إلى أن هذا الإعلان لا يتجاوز كونه محاولة تهدئة للفصائل الشيعية داخل إيران. وفى هذا الصدد يمكن الدفع ببعض المعطيات التى لا ترجح من سيناريو وقوع هذا الانسحاب على المديين القصير والمتوسط. وفيما يلى أبرزها:
• ردع الخصوم الإقليميين والدوليين: رغم أن السبب المعلن لوجود القوات الأمريكية فى العراق هو مساعدة قوات الأمن العراقية على محاربة فلول تنظيم داعش ومنع أى ظهور له مجددا، إلا أنه يمكن القول إن وجود هذه القوات يتجاوز بكثير مسألة محاربة الإرهاب ويمتد إلى ردع خصوم واشنطن الإقليميين والدوليين وتأمين مصالحها فى منطقة الشرق الأوسط. فبالنسبة لواشنطن يعد العراق ساحة رئيسية ومحورية لمواجهة نفوذ طهران وتقليص خطوط التعاون الإقليمى بين ميليشياتها فى المنطقة، وإحدى النقاط المهمة كذلك فى منافستها الجيوستراتيجية مع الصين وروسيا. وفى ضوء ذلك جاء نفى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لوجود أى خطط لسحب قواتها من العراق، وقال المتحدث باسم الوزارة «باتريك رايدر» إن بغداد لم تبلغ واشنطن بمثل هذا القرار، وإن الأخيرة لا تزال تركز بشدة على مهمة هزيمة داعش، وقواتها موجودة فى العراق بدعوة من حكومته».
• إعادة الانتباه لمحورية الشرق الأوسط: أظهر التصعيد الإقليمى الأخير فى منطقة الشرق الأوسط والمرتبط بالحرب الدائرة فى قطاع غزة، خطأ الحسابات الاستراتيجية الأمريكية المتعلقة بانخفاض أهمية المنطقة على أجندة أولويات السياسة الأمريكية لصالح الانعطاف شرقا من أجل احتواء التهديدات الصينية والروسية الناشئة، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى الانتباه مجددا لمحورية الشرق الأوسط، لا سيما مع تصاعد المخاطر المرتبطة بتعرض قواتها لاستهدافات متكررة من قبل الميليشيات المسلحة الموالية لإيران.
• عدم وجود توافق وطنى داخلى على الانسحاب الأمريكى: لا يحظى إعلان الحكومة العراقية حول إنهاء مهام قوات التحالف الدولى بقبول جميع المكونات والقوى السياسية المؤثرة والفاعلة فى المشهد العراقى، حيث ترفض القوى السنية والكردية هذا الانسحاب وتطالب ببقاء القوات الأمريكية، وهو ما يتبدى جليا فى استقبال رئيس حكومة إقليم كردستان العراق ««مسرور بارزانى» فى 9 يناير الحالى للقائد العام لقوات التحالف الدولى فى العراق وسوريا الجنرال «جويل فاول»، حيث ركز الاجتماع على أهمية حماية الأمن والاستقرار فى العراق والإقليم، وشدد على ضرورة مواصلة مهام قوات التحالف الدولى من أجل مساعدة الجيش العراقى وقوات البيشمركة فى مكافحة الإرهاب. وفى هذا السياق، تشير بعض التقديرات إلى احتمالية قيام الولايات المتحدة بنقل قواتها وقواعدها العسكرية إلى إقليم كردستان فى حال اضطرت إلى الانسحاب من الداخل العراقى.

النص الأصلي
https://bitly.ws/3apFT

التعليقات