الأقلية الآسيوية الأوغندية فى بريطانيا.. علامة فارقة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأقلية الآسيوية الأوغندية فى بريطانيا.. علامة فارقة

نشر فى : الجمعة 26 أغسطس 2022 - 6:50 م | آخر تحديث : الجمعة 26 أغسطس 2022 - 6:50 م

نشرت صحيفة ذى إيكونوميست تقريرا حول النجاح الاقتصادى والسياسى الذى حققته الأقلية الآسيوية الأوغندية فى بريطانيا، إلى حد الوصول إلى المنافسة على منصب رئاسة وزراء بريطانيا.. نعرض من المقال ما يلى.
كان الأوغندى، جعفر كاباسى، مجرد مراهق عندما نزل من طائرة فى مطار ستانستيد بلندن فى أكتوبر 1972. كان والداه مرتبكين ومكتئبين. كانوا يجيدون القليل من اللغة الإنجليزية، تركوا وراءهم حياة مريحة، كان لديهم خدم وسائقون. نُقلت العائلة بالحافلة من المطار إلى ثكنات عسكرية سابقة فى مدينة إسيكس البريطانية، ثم إلى معسكر متقشف فى ريف ويلز.
كانت عائلة كاباسى ضحايا عيدى أمين دادا، رئيس أوغندا الدكتاتورى. فى الرابع من أغسطس عام 1972، أعلن دادا أن جميع الأشخاص المنحدرين من أصل آسيوى عليهم مغادرة البلاد فى غضون 90 يومًا، وكان يبلغ عددهم وقتها 76 ألف شخص. كان قرار أمين بمثابة انتحار اقتصادى؛ لأن الآسيويين الأوغنديين استحوذوا على حوالى 90٪ من عائدات الضرائب فى البلاد. ومع طردهم، انهار الاقتصاد الأوغندى تقريبا، لكن كانت النتيجة بالنسبة لبريطانيا، إحدى الوجهات الرئيسية للاجئات واللاجئين الأوغنديين، أفضل بكثير.
دفع استياء الأفارقة من ثروة المنحدرين من أصول آسيوية القادة الجدد فى كينيا وتنزانيا وأوغندا إلى مصادرة الشركات المملوكة للآسيويين. كان الآلاف من الأشخاص ذوى الأصول الآسيوية فى كينيا أُجبروا على المغادرة إلى بريطانيا، بينما اتخذ عيدى أمين إجراءات أكثر قسوة، حيث سمح للأشخاص ذوى الأصول الآسيوية بالمغادرة من أوغندا ومعهم 55 جنيهًا إسترلينيًا فقط (بما يعادل اليوم 600 جنيه إسترلينى أو 730 دولارًا) وحقيبتان؛ كما كثرت القصص عن تجريدهم من الساعات والأحزمة من قبل القوات الأوغندية فى مطار عنتيبى.
كان لدى العديد من الآسيويات والآسيويين الأوغنديين جوازات سفر بريطانية. استقبلت كندا حوالى 6 آلاف مسلمة ومسلم من الشيعة، وجاء حوالى 28 ألفا إلى بريطانيا. أصر رئيس الوزراء البريطانى المحافظ آنذاك، إدوارد هيث، على أن قبولهم «واجب أخلاقى» للبلاد. عارضه منافسه فى حزب المحافظين، إينوك باول، وأثار القلق بشأن مخاطر الهجرة. إلا أن هيث وقف بثبات وبشجاعة أمام باول.
يقول الكاتب إنه بالنسبة للعديد من المهاجرات والمهاجرين من أوغندا، كانت الأشهر الأولى صعبة ومهينة لهم. كان على الرجال أن يشغلوا وظائف كميكانيكيين متواضعين. واضطرت معظم النساء فجأة إلى البحث عن وظائف. عانوا أيضا من فوضى مقلقة بالإضافة إلى انتشار العنصرية ضدهم.
بدأ عدد منهم فى اكتشاف الفرص التجارية بمجرد وصولهم إلى بريطانيا. وانتهى الأمر بالعديد من الوافدين الجدد إلى بناء أعمال كبيرة. مثلا، أسس (شهيد شيخ) وإخوته الثلاثة شركة كليفتون باكينج فى عام 1981؛ وهى الآن شركة رائدة فى تغليف المواد الغذائية. كما أسس (نيك كوشيتا) شركة أدوية فى لوبورو، والتى قامت بتصدير الأدوية إلى أكثر من 120 دولة ويعمل بها ما يقرب من 100 موظف.
باختصار، من الناحية الاقتصادية، تألق الوافدون من أوغندا حيث أشارت التقديرات إلى أنهم أوجدوا 30 ألف وظيفة جديدة فى بريطانيا. ووجدت إحدى الدراسات الأكاديمية الحديثة أنه فى غضون 40 عامًا من وصولهم، كانوا ممثلين بشكل كبير جدًا بين الوظائف المهنية والإدارية. ويعد هذا شيئا رائعًا، بالنظر إلى الحالة التى كانوا عليها عندما وصلوا إلى بريطانيا.
من الناحية السياسية، كانت مساهمتهم بنفس الأهمية. دولار بوبات، عضو فى مجلس اللوردات البريطانى الآن، وصل من أوغندا فى عام 1971 وهو يبلغ من العمر 17 عامًا وفى جيبه 10 جنيهات إسترلينية وأصبح فيما بعد رجل أعمال ناجحًا. يجادل بوبات بأن الآسيويين كان ينبغى أن يكونوا أكثر انخراطًا فى السياسة فى أوغندا، فلربما يكون ذلك قد أبعد أمثال عيدى أمين.
• • •
تحت قيادة ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، بدأت الأقليات العرقية تصل بسرعة لمقاعد برلمانية اعتاد أن يفوز بها حزب المحافظين. اليوم، هناك ثمانية رجال ونساء من أصل آسيوى أوغندى فى مجلسى البرلمان البريطانى، بما فى ذلك وزيرة الداخلية بريتى باتيل، وشيليش فارا وزيرة الخارجية فى أيرلندا الشمالية. كما أن العديد منهم لهم ثقلهم السياسى، فالتشكيلة الأولية من المتنافسين والمتنافسات على قيادة حزب المحافظين تضمنت سويلا برافرمان، المدعية العامة، الذى وصل والدها من كينيا فى عام 1968.
اختتم الكاتب حديثه قائلا: إن قلة توقعت مثل هذه النتيجة عندما بدأ الأشخاص الآسيويون الأوغنديون فى الوصول إلى بريطانيا قبل 50 عامًا. إلا أنهم أثبتوا أنهم أنجح مجموعة أقلية غير أوروبية فى بريطانيا. ومن الصعب الاختلاف مع هذا الاعتقاد.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

التعليقات