أمريكا تغزو لاهاي من أجل نتنياهو - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 24 يناير 2025 2:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أمريكا تغزو لاهاي من أجل نتنياهو

نشر فى : الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 6:25 م

 ما هو المعنى الذى يفترض أن يصلنا من إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على معاقبة المحكمة الجنائية الدولية لأنها تجرأت وقررت إصدار مذكرة اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت؟!

المعنى الأساسى هو أن الإدارة الأمريكية الحالية والسابقة واللاحقة ليست فقط منحازة لإسرائيل، ولكن وهذا هو الأهم أنها عنصرية واستعلائية ولا تؤمن إلا بمنطق القوة الغاشمة وأنها تحتقر فكرة المؤسسات الدولية وكل ما يمت بصلة لحقوق الإنسان.

نعرف أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت الأسبوع الماضى مذكرتى اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وكذلك بحق محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقالت المحكمة إن نتنياهو وجالانت متهمان باستخدام التجويع كسلاح حرب والقتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال ضد الإنسانية.

وقالت المحكمة إن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضرورى، وأن ١٢٤ دولة أعضاء فى المحكمة ملزمون بتنفيذ هذا القرار فى حالة دخول المتهمين إلى أراضيهم.

ووسط مشاركة أمريكية فجة فى العدوان الإسرائيلى وصمت دولى وعجز عربى، كان من الأمور المبشرة أو ما يمكن تسميته ببارقة الأمل أن معظم الدول الأوروبية أكدت أنها ستنفذ القرار إذا زارها نتنياهو. وقال مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل «إنه ليس بوسع الاتحاد الأوروبى التعامل بانتقائية مع قرار المحكمة، والدول الموقعة على اتفاقية روما بإنشاء المحكمة ملزمة بتنفيذ قرار المحكمة وهذا الأمر ليس اختياريا».

بوريل كان شجاعا للغاية حينما قال: «فى كل مرة يختلف أحد مع سياسة حكومة إسرائيلية معينة يتم اتهامه بمعاداة السامية.. لدى الحق فى انتقاد قرارات الحكومة سواء كانت لنتنياهو أو غيره، دون أن يتم اتهامى بمعاداة السامية. هذا أمر غير مقبول.. يكفى هذا».

فى مقابل هذا الموقف الشجاع لبوريل كانت هناك مواقف مخزية للعديد من المسئولين الأمريكيين..

الرئيس الأمريكى جو بايدن أصدر بيانا جاء فيه: أن قرار المحكمة شائن.

المتحدث باسم مجلس الأمن القومى جون كيرى قال إن «أمريكا ترفض القرار بشكل جوهرى». ووزارة الدفاع الأمريكية قالت: «ليس لدينا تقييم قانونى حول الإجراءات الإسرائيلية فى غزة، لكننا نرفض قرار المحكمة الجنائية الدولية».

السناتور الأمريكى لندسى جراهام طالب بفرض عقوبات على أى بلد من حلفاء الولايات المتحدة يساعد على اعتقال نتنياهو حتى لو كان كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا، ويجب على أمريكا أن تسحق اقتصادات هذه الدول.

أما قمة الانحياز الأمريكى فكان تهديد عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكى بتفعيل قانون أعضاء الخدمة الأمريكية أو ما يعرف بقانون «غزو لاهاى» الصادر عن الكونجرس عام ٢٠٠٢، وهو خاص أساسا بحماية أعضاء الخدمة الأمريكية من التعرض للمحاكمة أمام الجنائية الدولية.

 إحدى مواد القانون تسمح للرئيس الأمريكى باستخدام كل الوسائل الضرورية لإطلاق سراح أى من أعضاء الخدمة الأمريكية سواء كان محتجزا أو معتقلا من قبل المحكمة الجنائية العليا أو بالنيابة عنها أو بأمر منها فى مقرها فى مدينة لاهاى الهولندية.

وبالتالى صارت المادة تسمى بقانون غزو لاهاى. ولا يقتصر القانون فقط على حماية أعضاء الحكومة الأمريكية بل المتحالفين معها مثل نتنياهو.

 ويتضمن القانون أيضا منع التعامل مع المحكمة أو أى حكومة تساعدها فى القبض على أمريكيين أو حلفاء لأمريكا.

الطريف أو المثير أو المدهش أن الولايات المتحدة رحبت سابقا بقرارات اعتقال صادرة من المحكمة الجنائية الدولية، ولكنها كانت ضد شخصيات معارضة للولايات المتحدة، أما حينما فكرت المحكمة فى اعتقال نتنياهو رأينا الوجه الحقيقى للولايات المتحدة..

أظن أن مجمل ما فعلته الولايات المتحدة منذ ٧ أكتوبر من العام الماضى من دعم ومشاركة كاملة لإسرائيل فى عدوانها ضد فلسطين ولبنان، هو درس نهائى لأى شخص مخدوع فيما يسمى بالديمقراطية والإنسانية والعدالة الأمريكية.

 وضح لنا جميعا أن الإدارة الأمريكية والكونجرس وسائر الوكالات والهيئات تدعم هذا العدوان دعما كاملا وصريحا، ورأينا الكونجرس وهو المجلس المنتخب من عموم الشعب الأمريكى يستقبل نتنياهو استقبال الأبطال الفاتحين.

طبعا هناك قطاع من الشعب الأمريكى مثل طلاب الجامعات ومثقفين وفنانين وتيار تقدمى فى الحزب الديمقراطى، كان لهم موقف مهم ومحترم وأخلاقى من العدوان، لكنه للأسف لايزال ضعيفا وغير قادر على التأثير فى الموقف المنحاز للعدوان والإبادة الجماعية الإسرائيلية فى فلسطين ولبنان.

 السؤال: هل يستفيق المخدوعون فى منطقتنا والعالم بالديموقراطية والعدالة وحقوق الانسان على الطريقة الأمريكية؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي