مدينته ومدينتنا - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مدينته ومدينتنا

نشر فى : الأحد 27 يونيو 2010 - 10:21 ص | آخر تحديث : الأحد 27 يونيو 2010 - 10:21 ص

 لا أعرف إذا كان المهندس حمدى الفخرانى القادم من مدينة المحلة كان يعلم بأنه عندما رفع دعوى لإبطال عقد مشروع «مدينتى» لصاحبها هشام طلعت مصطفى وأخواته، وبين هيئة المجتمعات العمرانية، كان بدعواه هذه يطرح سؤالا على المجتمع هو فى حقيقته فى منتهى السذاجة. ولكن من فرط سذاجة السؤال بدا مدهشا: هل البنى آدميين فى مصر زى بعض؟.

سذاجة السؤال بدت واضحة للعيان. فعندما ذهب المهندس الفخرانى إلى هيئة المجتمعات ليطلب 1000 متر ليبنى بيتا لأسرته صدم من اعتراض الهيئة على طلبه. بينما ذات الهيئة هى التى أعطت لصاحب مدينتى أرضا مساحتها 33 مليونا و600 ألف متر بدون مقابل اللهم إلا 7% من الوحدات السكنية التى ستبنيها «مدينته». والتى تبيع سعر المتر فيها فى الصحراء بنحو 6000 جنيه، أى أن الحكومة ستأخذ مقابل الأرض شققا فى الصحراء سعر المتر فيها 6000 جنيه، بينما هى تبيع أرض التحرير فى «مدينتنا» القاهرة بعشرة الآف جنيه للمتر.

وربما يكفى الباشمهندس الفخرانى شرف محاولة طرح السؤال. فإذا كانت المحكمة قد حكمت ببطلان عقد «مدينته» كما أراد صاحب الدعوى، فهذا بالطبع نجاح يحسب لمهندس المحلة، إلا أنها لم تجب عن السؤال ذاته: هل البنى آدميين فى مصر زى بعض؟.

والحقيقة أن السؤال يتجاوز كثيرا إمكانات وقدرات المهندس الفخرانى وحده. وعلينا جميعا أن نبحث بأنفسنا عن إجابه للسؤال عن طريق رفع دعاوى ضد كل ما يميز البنى آدم منا عن غيره من خلق الله. وإذا فزنا بحكم يدعم مساواة البنى آدميين فى مصر خير وبركة. وإذا لم نفز عندها نعود ونذكر أنفسنا بشعار الرضا بشرف المحاولة. والأمثلة لا تنتهى.

سجل فى أجندتك. أحال الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم «إخصائى» بقسم الصيانة بمركز التطوير التكنولوجى بالوزارة إلى النائب العام. لأنه يمتلك شركتين واحدة باسم زوجته والأخرى باسم والدته، وقامت الشركتان بتوريد معدات للوزارة. أى أن التهمة التى اقتضت تحويل هذا الاخصائى إلى النيابة هى أنه استغل منصبه «الحساس» كإخصائى فى تحقيق مصلحة شخصية. أى أن هناك شبهة تضارب بين المصلحة العامة والخاصة.

حدث هذا بينما لم يقل أحد لا السيد وزير التعليم ولا غيره من الوزراء شيئا عن أن السيد المهندس وزير الإسكان أحمد المغربى، والسيد المهندس وزير النقل السابق محمد منصور كانا يستغلان منصبهما عندما اشترت شركتهما قرية آمون فى أسوان وهما فى عز منصبهما الوزارى.

وبينما لم يستطع وزير التعليم السكوت عن تضارب المصالح فى حالة الإخصائى جلس فى مجلس الوزراء مستريحا وهادئا والجرائد تنشر قضية قرية آمون دون أن يتفوه بكلمة عن تضارب المصالح. ولكن ربما تكون دقة وحساسية منصب «الإخصائى» وخطورة معدات التطوير التكنولوجى هى التى جعلت الوزير لا يستطيع أن يتغاضى عن التهمة بالنسبة للإخصائى ويتغافلها بالنسبة للوزيرين.

اكتب غيرها فى أجندتك. تم ضبط موظف حكومى وهو يبيع فولا على عربة فى الشارع فى ساعات الصباح أثناء مواعيد العمل الرسمية. والأدهى أن موظفى وزارته يشترون منه الفول، وهو ما يتنافى مع مقتضيات وظيفته، مما اقتضى تحويله للتأديب. فى نفس الوقت الذى يشغل فيه نائب رئيس مجلس الدولة حاليا منصب المستشار القانونى لوزير الإسكان، والذى سيكون من ضمن مهامه فى الأيام المقبلة إيجاد مخرج قانونى ينجد به الوزير فى الاستشكال فى حكم إبطال عقد «مدينته».

بل سيكون عليه أن يفند الحجج التى استندت إليها فتاوى مجلس الدولة الخاصة بإلغاء مواد قانون المجتمعات العمرانية التى تسمح ببيع الأراضى بالأمر المباشر. وهى المواد التى اعتمدت عليها وزارة الإسكان عند بيع الأرض «لمدينته» دون إجراء مزايدات وهو ما يقتضيه قانون المناقصات والمزايدات، ولكن ربما مرة أخرى يعود أمر عدم المساواة فى المعاملة بين موظف الحكومة والسيد المستشار إلى حساسية «الفول» ودقة مركز «عربة الشارع».


يبدو أن أمثلتى غير دقيقة املأوا أنتم أجنداتكم بأنفسكم. وإلى أن تفعلوا ستبقى «مدينته» شاهدا على أن هناك مدنا «فاضلة» ومدنا «قبيحة» وشتان بين القبح والفضيلة. أما عن موضوع البنى آدميين، فلا شك أن كل الناس فى مصر بنى آدميين، لكن زى بعض.... انسوا.

okamal@shorouknews.com

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات