عنف المتطرفين البيض فى أمريكا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عنف المتطرفين البيض فى أمريكا

نشر فى : السبت 27 يونيو 2015 - 10:25 ص | آخر تحديث : السبت 27 يونيو 2015 - 10:25 ص

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لروكسان جاى، مؤلفة كتاب «دولة غير مروضة» و«النسوية السيئة» وكاتبة رأى، بعنوان «لماذا لا أستطيع أن أغفر لدايلان روف؟» عن مذبحة تشارلستون التى وقعت داخل كنيسة تاريخية للسود فى ساوث كارولينا. تستهل الكاتبة المقال بقولها «لن أغفر لدايلان روف، الإرهابى العنصرى، الذى أكره قول اسمه او سماعه. وليست لدى علاقة مباشرة بما حدث فى تشارلستون، وبصرف النظر عن انسانيتى وسواد لون بشرتى، لا أتوقع أن أسامحه فى أى وقت عن جرائمه، وأشعر بالارتياح الكامل مع هذا الخيار».

ترى روكسان أن عدم الرغبة فى مسامحة هذا الرجل لا يعطيه أى نوع من القوة. فكراهيتها له تنبع من الاحتقار، وهى لا تؤمن بعقوبة الإعدام لذلك لا تتمنى أن تراه ميتا. ويعتبر عدم الغفران تذكير بأن هناك بعض الأفعال رهيبة جدا، ويجب أن نراها على هذا النحو. ينبغى أن نعترف بأنها لا تستحق التسامح.

وتستطرد روكسان قائلة: «فقد نشأت كاثوليكية. أؤمن أن الله محبة، ولكن لا أستطيع أن أفهم كيف أن الحب ليس قويا بما فيه الكفاية لينقذنا من أنفسنا. فعندما كنت طفلا، تعلمت أن الصفح يتطلب المصالحة عن طريق الاعتراف والتكفير عن الذنب. علينا أن نعترف بخطايانا. والتكفير عنها. كنت أذهب للاعتراف كل أسبوع، وأخبر الكاهن عن خطاياى الصبيانية ــ الشجار مع إخوتى، التلفظ بالسباب، وكلها مخالفات بسيطة لفتاة تتمتع بحماية أسرتها فى نبراسكا. وبينما لم يكن هناك خطيئة تستحق الاعتراف، كنت أسجد أمام المقصورة وأعلن التوبة، ثم أحاول أن أكون أفضل. ولست متأكدة من أننى كنت أنجح فى كثير من الأحيان».

وتضيف قائلة: «وكنت أمضى معظم الوقت فى قداس الأحد غارقة فى الخيال، كانت صلاة واحدة تسيطر على ذهنى «أبانا» وآية «واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن لمن يسيئون إلينا»، كنت دائما متعلقة بهذا الجزء. وهى فكرة طيبة أننا يمكن أن نغفر لأولئك الذين قد يرتكبون نفس الخطايا التى نميل إلى ارتكابها، ولكن لا بد من أن يكون هناك خط فاصل. بالتأكيد هناك بعض التجاوزات لن يرتكبها معظمنا.. ماذا إذا؟».

وتروى روكسان قائلة «لست ممن يسامحون بسهولة، ولا أرى غضاضة فى هذا العيب، ولست مستعدة لأن أغفر بوجه خاص لأولئك الذين لا يظهرون أى ندم، ولا يبدون أى اهتمام بالمصالحة، لا أعتقد أن الوقت كان كافيا منذ هذا الهجوم الإرهابى للغفران، فمازالت جثث القتلى يجرى دفنها، ومازلنا نحفظ أسماءهم: سينثيا هيرد، سوزى جاكسون، اثيل لانس، ودكتور ديباين ميدلتون، وسيليمنتا بيكنى. بينكنى، وتيوانزا ساندرز، ودانيال سيمونز الأب، وشاروندا كولمان ــ سينجلتون، وميرا طومسون.

ونحن مازلنا نحفظ هذه الأسماء ولكن العائلات التى تحب من حملوا هذه الأسماء قد غفرت لدايلان روف. حتى أنهم تقدموا للشهادة فى المحكمة، بعد مرور أقل من 48 ساعة على صدمة فقدان أحبائهم بطريقة وحشية، وقالت الانا سيمونز، التى فقدت جدها، «على الرغم من أن جدى وغيره من الضحايا لقوا حتفهم على أيدى الكراهية، فإن تضرع الجميع من أجل روحك دليل على أنهم عاشوا فى الحب، وسوف يعيش إرثهم فى الحب»، وقالت نادين كولير، التى فقدت أمها: «لقد سلبتنى شيئا ثمينا جدا.. لن أتحدث أبدا إليها مرة أخرى.. لن أستطيع أن ألمسها ثانية.. ولكننى أغفر لك وأطلب الرحمة لروحك».

***

وتستطرد قائلة: «ومع عميق الاحترام لعائلات القتلى التسعة الذين يستطيعون أن يغفروا لهذا الارهابى وعنصريته القاتلة. لا يمكننى أن أتخيل كيف أنهم قادرون على مثل هذه الرحمة البليغة، كيف يمتلكون هذه النعمة تحت هذا الضغطّ.. تسعة أشخاص لقوا حتفهم.. تسعة سود ماتوا.. تم قتلهم فى هجوم إرهابى».

خلال عطلة نهاية الأسبوع، اهتمت عناوين الصحف فى جميع أنحاء البلاد بصفح عائلات القتلى التسعة.. وتبنى الخطاب المهيمن على وسائل الاعلام فكرة الغفران بقوة، فيما يبدو أن هناك اعتقادا بأنه إذا غفرنا سنجد طريقة ما لإضفاء معنى على ماهو غير مفهوم، حيث يتم تذكيرنا بقوة البشرة البيضاء، وكما هو متوقع، فإلى جانب قصة المغفرة، حاولت وسائل الإعلام أنسنة هذا الارهابى، لقد حاولوا أن نتفهم كراهية ديلان روف، لأنه يجب أن يكون هناك بالتأكيد تفسير لذلك الفعل الشنيع. ففى التحقيق مع المجرم المسلح، تحدث القاضى، الذى تلقى ذات مرة انتقادا لأنه استخدم لفظ «زنوج» من على المنصة، عن أن التسعة الذين قتلوا وأسرهم ليسوا وحدهم الضحايا، ولكن أيضا أقارب الإرهابى، لا توجد حدود لسلطة بياض البشرة عندما يتعلق الأمر بالدعوة إلى الرحمة.

وترى روكسان أن الدعوة إلى التسامح تعتبر نغمة مألوفة مؤلمة عندما يعانى السود. حيث يتبنى البيض روايات عن الغفران حتى يستطيعوا التظاهر بأن العالم أكثر عدلا مما هو فى الواقع، وأن العنصرية مجرد بقايا من الماضى الأليم وليست جزءا لا يمحى من حاضرنا.

وتضيف قائلة: «ويغفر السود لأننا فى حاجة إلى مواصلة الحياة، علينا أن نغفر مرارا وتكرارا فى حين لاتزال العنصرية تزدهر وكذلك الصمت الأبيض فى مواجهتها، كان علينا أن نغفر العبودية والتفرقة، وقوانين جيم كرو، والإعدام خارج نطاق القانون وعدم المساواة فى كل مجال، والحبس الجماعى، والحرمان منحق الانتخاب، والتمثيل غير الكافى فى الثقافة الشعبية، والتعديات الصغيرة، وما هو أكثر من ذلك. نحن نغفر ونغفر ونسامح ويستمر من أساءوا إلينا فى الإساءة إلينا».

***

وتختتم الكاتبة المقال بقولها: «لقد كانت عنصرية السيد روف صريحة وواضحة، ترعرعت وسط ثقافتنا التى تهتف باستمرار «حياة السود مهمة!» إلا أن هناك الكثير من الأدلة على عكس ذلك، وقد تربى هذا الإرهابى فى هذه الثقافة. وكان يلقى النكات العنصرية مع أصدقائه، ويشاطر زميله فى السكن أفكاره، ولكن يبدو انه من الاسهل بكثير الحديث عن الغفران بدلا من الاعتراف بهذا الواقع وتحديد جميع المتواطئين.

وتضيف قائلة «عندما يطلب البيض الغفران من مجتمع جريح، فأنهم يطلبون التبرئة حقا، يريدون التبرئة من العنصرية التى تلوثنا جميعا على الرغم من أن المغفرة لا يمكنها تبرير الخطايا العنصرية فى أمريكا، انهم يريدون الغفران عن صمتهم فى مواجهة كل أنواع العنصرية، الكبيرة منها والصغيرة، إنهم يريدون أن نعتقد أنه من الممكن الشفاء من هذه الصدمة العميقة وأن مواجهة فتح الجراح التى خلقتها العنصرية فى مجتمعنا أمر صعب. أما بالنسبة لى شخصيا.. فقد اكتفيت من التسامح».

التعليقات