فتى الغابة السوداء الذى أصبح بطلًا - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتى الغابة السوداء الذى أصبح بطلًا

نشر فى : السبت 27 يونيو 2020 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 27 يونيو 2020 - 9:00 م

«gegen pressing»
** جيجن بريسينج، الضغط المضاد، هو إسلوب يورجين نوربيرت كلوب. وهو ببساطة وبعيدا عن التعقيدات التكتيكية، ألا يتراجع الفريق إلى مواقع دفاعية حين يفقد الكرة وإنما ينقض فى هجوم مضاد وسريع لاسترداد الكرة. وهكذا لعب بروسيا دروتموند وليفربول. وهكذا نجح يورجين كلوب مع بروسيا على مدى سنواته السبع التى عاشها مع الفريق وهكذا نجح مع ليفربول منذ تولى المسئولية فى 8 أكتوبر 2015. وقليل من المدربين هم الذين ابتكروا تكتيكا خاصا بهم فى تاريخ كرة القدم، ولعل ذلك يضع خمسة منهم فى مصاف أفضل المدربين فى التاريخ، مثل ميتشلز مبدع الكرة الشاملة، وجوارديولا صاحب إسلوب الاستحواذ، وساكى فى الهجوم المضاد، ويورجين كلوب الذى يمزج فعليا بين الضغط العالى، وبين الضغط المضاد بحيث يلعب فريقه فى مساحة تتراوح بين 20 و30 مترا، فلا يجد خصمه مساحات للتوغل والتحرك بين صفوفه وبين خطوطه. بينما يمزج جوارديولا على سبيل المثال بين الضغط العالى وبين الاستحواذ، فكلما امتلك فريقه الكرة فإنه يحرم خصمه منها ومن الهجوم. كما أنه يضغط بلاعبيه فى المقدمة لإفساد هجمات المنافس... وللضغط قواعد وحسابات من أهمها أن يبدأ من مسافات قصيرة تحرم المنافس من سرعة التصرف بالكرة سواء بتمريرها أو تسديدها.
** نجاح كلوب يرتبط بنجاح فريقه من المساعدين، فى ميلوود وهو مركز تدريب ليفربول منذ الخمسينيات فى القرن الماضى، ويست ديربى فى المدينة التى عاشت الحرمان والألم 30 سنة، حتى احتفلت أخيرا باللقب رقم 19 فى تاريخ النادى الذى كان بطلا متقدما على مانشستر يونايتد فى شهر مايو 1990، حيث حصل على اللقب رقم 18 خلال مشاركته على مدى 18 سنة حصل فيها على البطولة 11 مرة ثم بات متأخرا بلقب واحد الآن بعد مانشستر.
** كلوب الذى بكى وهو يتحدث فى يوم الانتصار، رجل ألمانى صارم، يعمل بجد. يهتم بالتفاصيل، شديد الثقافة. شديد الذكاء. وشديد التواضع. وهو قائد، ويهتم بالمعلومات وتحليلها، ويفعل كل شىء داخل الملعب وخارجه بمنتهى الدقة، بالإضافة إلى تفكيره فى الأساليب الحديثة لكرة القدم والمسائل خارج اللعبة، وهو يتحدث عن لاعبيه بالحب ويقول: «أعيش 100 % مع الأولاد، وأعيش 100% من أجل الأولاد» كما يتحدث عن مساعديه بالتقدير. وهم فريق كامل للأحمال والتحليل والإنتقاء والتغذية. لكنه فى النهاية صاحب القرار الأول. وهو صانع المواهب بعينه الخبيرة. وصحيح أنه تسلم عمله فى وجود فيرمينيو. لكنه أشار على محمد صلاح وتعاقد معه وقد قرأ أهم أسلحته وهى السرعة الهائلة فى أقصر المسافات والمساحات والممزوجة بمهارة السيطرة على الكرة والخداع. وكذلك تعاقد مع ساديو مانى، ومع فان دايك والحارس أليسون. وطور من أداء لاعبين مثل هندرسون وأرنولد. وجعل الملعب واسعا فى المقدمة وعريضا بجناحين وظهيرين..
** هذا الرجل الألمانى العملاق 1.93 سم، صاحب الإبتسامة المزدهرة، جعل ساحة التدريب فى ميلوود مقدسة، فلا زيارات لأسر اللاعبين أو لزوجاتهم. ولا زيارات لوكلاء اللاعبين والصحفيين والمعلقين، ولاكاميرات تسجل. ولا يوجد تدخين داخل ميلوود هذا ممنوع. حتى لو كان الأمر يتعلق به شخصيا مع أنه رئيس هذه المنطقة التى يحكمها بالكامل..
** تعلم كلوب الجدية بطبيعته الألمانية، وبنشأته فى قرية جلاتن فى جنوب غرب البلاد بالقرب من الغابة السوداء، فالناس هناك كما يقول يتسمون بالصلابة، ومعيار التقدير للإنسان يكون بالعمل الجيد.. هكذا نشأ فى مجتمع يقدس الجدية..
فأصبح بطلا..

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.