الغاضبون أرضًا - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغاضبون أرضًا

نشر فى : الأحد 28 فبراير 2010 - 10:06 ص | آخر تحديث : الأحد 28 فبراير 2010 - 10:06 ص

على الرغم من أننى فقدت نعمة الدهشة، والتى ينعم الله بها على الطيبين من عباده فيجعلهم يستمتعون بها، وتقيهم من شر الملل، فإننى أعترف بأن هذه النعمة قد عادت إلى وأنا أتابع قضية شركة طنطا للكتان عن كثب. ابتداء من عقد البيع المهين والظالم والذى يستهين بالبشر والأرض والمكن، انتهاء بمشهد لم العمال ــ الذين كانوا يفترشون الأرض ويملأونها غضبا لمدة أسبوعين فى شارع حسين حجازى ــ لأغطيتهم، وحشرهم فى أتوبيسات تعود بهم إلى بيوتهم فى طنطا بدون أدنى مقاومة.

منذ أيام كان هذا الشارع يعتبر بمثابة الفأل الحسن بعد أن عاد منه موظفو الضرائب العقارية مجبورى الخاطر، وأعلنوا عن أول نقابة مستقلة استطاعت أن تأتى لهم برفع أجورهم بنسبة 1000%.

بينما أفقد عمال طنطا الشارع فأله هذا، عندما انحنوا عند أول عاصفة. فكيف جعلوا المتغطرس السعودى هذا ينتصر عليهم وعلى أولادهم، وعلى بلدتهم، وعلى مكيناتهم، وعلى أعواد الكتان التى لن يعود الفلاحون يزرعونها ثانية. بحكم أن شركة الكتان التى اغتصبها المستثمر السعودى تحتكر إنتاج الكتان فى مصر. وبدونها لن يزرعوه ثانية.

كيف سامحوا محمود محيى الدين وزير الاستثمار ورفاقه فى الشركة القابضة للكيماويات الذين باعوهم للمستثمر بأبخس الأسعار. دون حتى أن يكلفوا أنفسهم عناء قضاء ليلة باردة بين العمال لتطيب خواطرهم عن فعلتهم. ودون أن يجعلوا هذا المستثمر لا ينعم بالنوم خوفا مما قد يحدث له من الحكومة. خاصة أن له عددا من المشروعات الأخرى فى مصر. وربما لو كان السيد الوزير كلف نفسه وراجع ماذا عساهم فى السعودية أن يفعلوا لو أن مستثمرا مصريا فعل واحد فى المائة مما فعله ذلك المتغطرس السعودى. بالتأكيد كان سيعرف أن الأمر لن يمر بدون جلد المستثمر المصرى فى ميدان عام دون أن تخشى المملكة على سمعه أو مناخ الاستثمار لديها. لأن السيادة والكرامة هما أصل الأوطان، وليس الاستثمار ولا المستثمرين.

ومرة أخرى كيف غفروا لوزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادى التى رضخت للمستثمر السعودى وجعلته يأكل حقوقهم، دون أن تكلف خاطرها بمراجعة العقد المذل الذى اختصر حقوق العمال فى سطر ونصف. ثم ضغطت عليهم وهم الأضعف لقبول أقل من نصف مبلغ المعاش المبكر الذين كانوا يطالبون به. وقبلت هى أن تدفع 40 ألف جنيه لكل عامل إذا رفض المستثمر الدفع.

أى أن الوزيرة تكافأ المستثمر على تعنته بأن تدفع بدلا منه. يعنى الحكومة سوف تدفع نحو 32 مليون جنيه من أموال دافعى الضرائب لإخراج 800 عامل، هم كل من تبقى من 3000 عامل كانوا يأكلون عيشا فى هذه الشركة. وتم حرمانهم من نعمة العمل بفرمان من المستثمر. 32 مليون جنيه بينما هو اشترى الشركة بكاملها بقيمة 50 مليون جنيه فقط. ثم دفع بعد ذلك 23 مليون جنيه ثمن المواد الخام التى كانت بالشركة. بينما تقييم الشركة فى عام 1995 كان 126 مليون جنيه.
وأخيرا كيف تسامحتم مع قيادتكم التى بدلا من أن تشد من آزركم وتقوى قلوبكم عادت بكم مكسورى الخاطر والقلب إلى بيوتكم. وكيف تركتم نوابكم فى مجلس الشعب يبيعونكم عندما نسوا مهمتهم، وراحوا يتبادلون السباب والشتائم بينما أنتم تتبادلون بالكاد لقيمات العيش فيما بينكم على بعد خطوات منهم.

كيف تركتم المستثمر الغاصب يستأثر بمصنعكم وأرضكم ويغلق مصدر رزقكم الوحيد، ويطردكم لتنضموا إلى طابور العاطلين. وكيف هان عليكم أتوبيسات المصنع وجراراته التى باعها، ومستلزمات الإنتاج التى ألقى بها فى النيل.

وكيف صفت نفوسكم لكل من مر منا من حولكم ولم يقف ليصرخ معكم، وليعلى من صوت حناجركم، ولم يفترش الأرض بجواركم، ولم يقسم لقمه أولاده معكم، أو يبل ريقكم من مياه بيته، أو أن يغطيكم بأرديته.

لماذا رضيتم أن تغضبوا وحدكم دون أن نغضب جميعا معكم. نغضب عليكم، وعلى أنفسنا، وعلى بلدنا، وعلى أولادنا، وعلى كرامتنا وسيادتنا، وعلى أرض مصنع الكتان (73 فدانا) التى من المؤكد أن المستثمر يعد العدة حاليا لبيعها بدم بارد.
أيها الغاضبون أرضا.. لو كنا معكم لكنا حافظنا على شارع حسين حجازى فألا حسنا. فلا تسامحونا. 
 

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات