خطر فى مضائق تيران - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطر فى مضائق تيران

نشر فى : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:15 م
فى المنطقة التى نعيش فيها، ما يبدو مضمونا وثابتا ودائما يمكن فجأة أن تتغير صورته ويتحول إلى مصدر للقلق يثير ذكريات مخاوف قديمة من التاريخ غير البعيد.

هذا تحديدا ما يجرى الآن بعد توقيع الاتفاق الجديد بين مصر والسعودية، والذى فى إطاره قررت الدولتان بناء جسر يربط شبه جزيرة سيناء بالسعودية. ومغزى هذا القرار هو أن تعيد مصر إلى السعودية جزيرتى تيران وصنافير اللتين تسيطران على معابر الملاحة البحرية فى مضائق تيران وخليج العقبة.

سمح اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل العائد إلى سنة 1979 لإسرائيل بأن تتنفس أخيرا الصعداء، بعد أن عانت سفنها أعواما طويلة من القيود والعوائق المفروضة على حركتها فى مضائق تيران وخليج العقبة. كما أن مساس مصر بحرية ملاحة إسرائيل فى مضائق تيران وخليج العقبة كان من بين الأسباب الأساسية لنشوب حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967].

لا غرابة والحال كذلك، فى أن تشكل التعهدات المصرية بحرية الملاحة التى تظهر فى اتفاقية السلام والمدعومة بمذكرة اتفاق أميركية، دعامة أساسية فى ضمان استقرار السلام بين إسرائيل ومصر.

مما لا شك فيه أن الاتفاق مع السعودية ينطوى على فوائد اقتصادية بالنسبة لمصر، ويمكن أن يساهم فى تعزيز الاستقرار داخل مصر، وبهذا المعنى ستكون له انعكاسات إيجابية من ناحية إسرائيل. ومن الواضح أن الاتفاق سيسهل الطريق أيضا على المواطنين المصريين الراغبين فى الحج إلى مكة.

لكن، فى ما يتعلق بالتقيد بالالتزام بحرية العبور فى مضائق تيران وخليج العقبة، فإن الاتفاق [الجديد بين مصر والسعودية] ينطوى على تعقيدات قانونية وسياسية معينة، وذلك بعد أن تنتقل جزيرتا تيران وصنافير اللتان تقعان من الناحية الاستراتيجية وسط المضيق، إلى السيطرة السعودية. هنا يطرح السؤال: ما هى الصلاحية القانونية للالتزامات المصرية حيال إسرائيل؟

****

انتقلت جزيرتا تيران وصنافير فى خمسينيات القرن العشرين من السيادة السعودية إلى السيطرة المصرية كى تستخدمهما مصر لمنع الملاحة إلى إسرائيل ومنها. وعندما سيطرت إسرائيل على شبه جزيرة سيناء فى 1967، احتلت هاتين الجزيرتين بسبب أهمية موقعهما الاستراتيجى فى ضمان حرية الملاحة.

بعد التعهدات المصرية التى نصت عليها اتفاقية السلام والدعم الذى قدمته الولايات المتحدة لها، وافقت إسرائيل على إعادة الجزيرتين إلى السيطرة المصرية شرط اعتبار أنهما تنتميان إلى «منطقة ج»، وأن ينتشر فيهما مراقبون مدنيون وأفراد من الرقابة الدولية وافق الطرفان عليهم.

ليس فى وسع أحد الاعتراض على أنه من زاوية القانون الدولى، فإن مصر تملك حقوق السيادة الكاملة للتوقيع على أى اتفاق تريده، بما فى ذلك مع السعودية. لكن، فى المقابل، هناك التزامات مصرية فى اتفاق السلام مع إسرائيل تفرض عدم الدخول فى التزامات يتعارض مضمونها مع اتفاقية السلام.

ويبدو أنه انطلاقا من معرفة مصر بذلك، ووفقا لما تفرضه علاقات السلام والجوار بين الدولتين، أشركت مصر إسرائيل فيما يتعلق بخططها لنقل الجزيرتين إلى السعودية، ولكن ليس واضحا ما إذا كانت، باستثناء إشعار الجهات الإسرائيلية بأن الاتفاق سيبرم، جرت اتصالات حقيقية بين إسرائيل ومصر تتعلق بتفاصيل المسائل الأمنية والقانونية والعملية التى ستنشأ بعد تولى السعودية تطبيق التعهدات الأساسية فى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وخاصة فى ضوء حقيقة أن السعودية غير ملزمة بأى شىء حيال إسرائيل، وهى تعتبرها عدوة لها.

ليس واضحا أيضا ما إذا كان جرى درس انعكاسات انفتاح شبه جزيرة سيناء على تأثير ووجود عناصر سعودية راديكالية من التيار الوهابى الإسلامى المتشدد، مع كل ما يترتب عن ذلك. ثمة مسألة أخرى، وهى ما إذا كان قد أخذ فى الاعتبار عدم الاستقرار الذى يسود منطقتنا، وخطر حدوث تطورات مستقبلية يمكن أن تؤدى إلى تغييرات فى التوجه السعودى ــ الأمر الذى سيؤثر حتما على وضع إسرائيل الاستراتيجى.

وقد تزايدت هذه المخاوف بعد اعلان وزير الخارجية السعودى فى مؤتمر صحفى فى القاهرة أن بلاده لن تتعاون مع إسرائيل بعد انتقال الجزيرتين إلى سيطرتها، ولن يكون هناك تنسيق بين الطرفين. ولكن على الرغم من ذلك، أشار إلى أن السعودية تلتزم بجميع الاتفاقات الدولية التى وقعتها مصر، وأنها ستحترم جميع التعهدات الواردة فيها. وليس واضحا هل تعهدات السعودية هذه واردة فى الاتفاق بينها وبين مصر.

غنى عن القول أن هذه مسألة مهمة بالنسبة لإسرائيل، وينبغى على الأطراف المكلفين بالعلاقات الخارجية والأمن دراسة انعكاسات الاتفاق بين مصر والسعودية. ومن الجيد لو استطعنا افتراض أن جميع هذه الاعتبارات والانعكاسات للاتفاق فحصت فى العمق من جانب جهات مسئولة فى إسرائيل.
سفير إسرائيل سابقا فى كندا، شارك فى المفاوضات مع مصر وفى صياغة اتفاق السلام معها.

ألن بيكر

«هاآرتس»
التعليقات