إعادة توطين الإنتاج يهدد إفريقيا - قضايا إفريقية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إعادة توطين الإنتاج يهدد إفريقيا

نشر فى : الجمعة 29 أبريل 2022 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 29 أبريل 2022 - 9:40 م
نشر موقع AllAfrica مقالا بتاريخ 25 إبريل للكاتب جوناثان مونيمو تناول فيه اتجاه الشركات الكبرى إلى إعادة توطين مصانعها فى دولها أو فى مناطق جغرافية قريبة من دولها مخافة من عرقلة سلاسل الإمداد العالمية التى تسببت فيها جائحة كورونا والحرب فى أوكرانيا، وما له من تأثير على زيادة معدلات الفقر المدقع فى أفريقيا.. نعرض منه ما يلى.

أدت الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن تفشى وباء كورونا فى عام 2020 وغزو روسيا لأوكرانيا فى فبراير من هذا العام إلى زيادة مخاطر تراجع التكامل التجارى بين الدول؛ وهى عملية يشار إليها باسم تراجع العولمة التجارية. أصاب الوباء سلاسل التوريد باضطرابات فى جميع أنحاء العالم، وبدأت الشركات فى بعض الاقتصادات المتقدمة إعطاء الأولوية لإعادة توطين الإنتاج سواء إلى الداخل أو إلى مناطق جغرافية قريبة، بعدما تم نقل عمليات الإنتاج فى الماضى إلى آسيا. من المتوقع أن يؤدى هذا إلى تجنب الاضطرابات المستمرة والمستقبلية فى سلاسل التوريد، وضمان تدفق ثابت وآمن من السلع. زاد الغزو الروسى لأوكرانيا سلاسل التوريد العالمية بمزيد من التدهور، وزاد من اتجاه الشركات نحو تقليل اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية، وهذا ينطبق بشكل خاص على الشركات فى أوروبا والولايات المتحدة.
هذا يهدد بمزيد من الضغوطات على اقتصادات القارة الأفريقية، التى تعانى بالفعل من تضخم أسعار الطعام والوقود الذى فرضته الحرب فى أوكرانيا. يفرض عالم تتراجع فيه العولمة مخاطر كبيرة على أفريقيا، وهذا ما أكدته نتائج تقرير صدر حديثا عن البنك الدولى، ويظهر كيف أن عكس مسار العولمة من خلال إعادة توطين عمليات الإنتاج لديه القدرة على دفع ما يقرب من 52 مليون شخص إلى الفقر المدقع.
سيكون أولئك الذين يعيشون فى أفريقيا جنوب الصحراء الأكثر تضررا، وسيزداد فقر القارة.. تسارع التكامل التجارى العالمى (نسبة التجارة من الناتج المحلى الإجمالى العالمى) بعد عام 1990، ثم تباطأ بعد أن بلغ ذروته فى عام 2008 عندما تسببت الأزمة المالية فى حدوث ركود اقتصادى. يرتبط الارتفاع الملحوظ فى التكامل التجارى العالمى خلال التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادى والعشرين ارتباطا وثيقا بالنمو السريع فى سلاسل القيمة العالمية.
يعد الارتباط بالاقتصاد العالمى أمرا حيويا لتحفيز النمو والتنمية فى القارة، وهذا لأنه يخلق فرصا للشركات للتخصص فى مهام محددة، ومن ثم الاندماج فى سلاسل القيمة العالمية حتى فى ظل افتقارهم للقدرات التنافسية أو القدرة على إنتاج منتج كامل محليا. بالإضافة إلى ذلك، توفر المشاركة فى سلاسل القيمة العالمية للشركات الأفريقية ولوجا أفضل إلى رأس المال والتكنولوجيا والمدخلات الأخرى اللازمة لتحديث المنتجات وزيادة تنوعها. من المهم الإشارة إلى هذا نظرا لارتفاع التكاليف على الشركات الأفريقية مما يقلل قدرتها على المنافسة فى الأسواق الإقليمية والدولية. تعوق هذه التكاليف الشركات الصغيرة والمتوسطة اللتين تعتبران العمود الفقرى للعديد من الاقتصادات الأفريقية. لذلك يعد الدخول فى سلاسل القيمة العالمية أمرا بالغ الأهمية لعدة أسباب: أولا، تعزيز نمو الشركات الأفريقية الصغيرة والمتوسطة، ثانيا دعم منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية فى تعزيز التكامل التجارى الإقليمى، ثالثا تنويع هياكل الإنتاج والتصدير، أخيرا انتعاش عملية التصنيع... هذه النتائج الإيجابية من شأنها الحد بشكل كبير من الفقر فى إفريقيا، وتذكرنا بتأثير الموجة الثانية من العولمة التى تسارعت وتيرتها فى تسعينيات القرن الماضى، والتى ساعدت الاقتصادات الآسيوية والناشئة على انتشال الملايين من الفقر من خلال دعم اندماجهم فى سلاسل القيمة العالمية وتضييق فجوة عدم المساواة فى الدخل بين الاقتصادات المتقدمة والنامية.
العديد من الشركات الآن تعمل على إعادة توطين مصانعها، ومن بين هذه الشركات شركة بييرير موبيليتىPierer Mobility لصناعة الدراجات النارية والكهربائية التى تقوم الآن ببناء مصانع لها فى بلغاريا لتكون بجوار أسواقها وعملائها الرئيسيين فى أوروبا. كما أعلنت شركة Hugo Boss الألمانية عن خططها لنقل مصانعها إلى أوروبا. فى الولايات المتحدة، وسعت شركة Black & Decker عمليات التصنيع فى أمريكا الشمالية.. الهدف من هذا هو تنمية سلاسل التوريد فى إقليمهم وإيصال المنتجات لعملائهم فى أسرع وقت.
تعمل الحكومات فى الاقتصادات المتقدمة أيضا على تعزيز عمليات إعادة توطين الإنتاج لأسباب جيوسياسية بشكل أساسى، يهدف الاتحاد الأوروبى الآن إلى تعزيز إنتاج الرقائق، ووعد بدعم شركات تصنيع الرقائق مثل شركة Intel Corp بإعانات بمليارات الدولارات. تخطط الولايات المتحدة أيضا لاستثمار مليارات الدولارات لتعزيز إنتاج الرقائق محليا. وتخصص اليابان أموالا ضخمة لتطوير صناعة أشباه الموصلات.
يعكس الحجم الهائل من النفقات الأهمية الجيوسياسية للرقائق المتطورة، والتى تعد حيوية لتحقيق التقدم التكنولوجى الحالى والمستقبلى. الاستثمار الأمريكى والأوروبى فى الرقائق مدفوع أيضا بالمنافسة مع الصين والرغبة فى تقليل الاعتماد على تايوان وكوريا الجنوبية كموردين رئيسيين، المعرضتين للتأثر بإضرابات سلاسل الإمداد والصراعات الجيوسياسية فى المنطقة. وإلى جانب التنافس الجيوسياسى والتوترات بين الصين والغرب، فإن صعود القومية فى الغرب بعد الأزمة الاقتصادية فى عام 2008/2009 أضعف الحماس نحو زيادة تكامل التجارة العالمية. فى الولايات المتحدة على سبيل المثال، كانت أجندة الرئيس السابق دونالد ترامب فى «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» ضد تكامل التجارة العالمية، وتبنت سياسات حمائية ركزت على الحد من التجارة بين الصين والولايات المتحدة. كما انتشرت تحركات قومية ومعادية للعولمة فى أوروبا وكانت من الأسباب الرئيسية فى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى عام 2020.
العولمة تعزز من تكامل سلاسل القيمة العالمية، وهو مهم لنمو أفريقيا وتنميتها. عانت أفريقيا من وباء كورونا وستعانى أكثر مع تدهور سلاسل القيمة العالمية. تهدد حالات التعافى المتباينة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية فى أفريقيا ومناطق أخرى بعكس المكاسب التى تحققت فى مجال الحد من الفقر. إعادة توطين الإنتاج سيعنى أن التجارة ستهيمن عليها بضع كتل إقليمية قوية فى المستقبل؛ ومن المحتمل أن تشمل هذه الكتل كتلة آسيوية تهيمن عليها الصين، وكتلة بقيادة أمريكية فى أمريكا الشمالية، وكتلة تابعة للاتحاد الأوروبى. يهدد هذا بتراجع التقدم الذى استمر لعقود طويلة فى محاربة الفقر العالمى، وسيتحول العالم إلى مكان أكثر فقرا، وستكون أفريقيا الأكثر تضررا بفصلها عن سلاسل القيمة العالمية.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

التعليقات