بابا العـرب - سامح فوزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بابا العـرب

نشر فى : الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 - 10:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 - 10:40 م

لم أستغرب الجدل الذى صاحب الإعلان عن عمل درامى بعنوان «بابا العرب» عن حياة الراحل البابا شنودة الثالث، والذى اسند البطولة فيه للفنان المتميز ماجد الكدوانى. فقد مس العنوان عصبا حساسا هو العلاقة بين الأقباط والعروبة، وهو سجال قديم جديد، ليس فيه جديد سوى أن البعض يرى التأكيد على مصرية الأٌقباط، بينما يفضل آخرون الفضاء العروبى، وفريق ثالث عريض لا يعتبر تناقضا بين الاثنين.
بعيدا عن السجال الثقافى الذى لن يُحسم فى مقال أو كتاب، فإن العنوان جاء موفقا طالما أنه يتناول شخصية أطلت بكثافة على واقعها العربى، وأثرت فيه، ولقب فى حياته بانه «بابا العرب»، ولم يكتسب اللقب بعد رحيله. هو بالفعل بابا العرب. فهو البطريرك الذى حمل هموم المنطقة العربية، وبالأخص القضية الفلسطينية، ليس فقط أثناء توليه الكرسى البابوى، بل منذ أن كان اسقفا للتعليم فى منتصف الستينيات، وله دراسة شهيرة عن اسرائيل واليهود، وهو البطريرك الذى لم يغب عن أزمات المنطقة العربية برمتها، وفى عهده امتدت الكنائس القبطية إلى معظم الدول العربية، وأصبح مجلس كنائس الشرق الأوسط ذا بعد عروبى واضح. وقد عرف البابا شنودة خصوصية المنطقة العربية، وعرف كيف يتلاقى مع ثقافة الأغلبية المسلمة، فقد كتب عن الإسلام والمسلمين، وخطب فى مساجد كما حدث فى سوريا، وصادق العلماء المسلمين، وجعل حبل الود موصولا بينه وبينهم إلى حد الصداقة مثلما غلب على علاقته بالشيخ محمد متولى الشعراوى، وعدد من شيوخ وقيادات الأزهر، بالإضافة إلى القيادات الثقافية العربية، وفى أعقاب رحيله، خرج المجتمع المصرى فى جنازة شعبية له غير مسبوقة، واهتمت بالحدث المنابر الإعلامية العربية، ونعاه كثير من القادة العرب، والمثقفين، وعبروا عن مشاعر الفقد لرحيله ليس بوصفه قيادة دينية مهمة، ولكن أيضا بوصفه شخصية عامة عربية مؤثرة.
وبالتالى الاعلان عن مسلسل تلفزيونى باسم «بابا العرب»، لا يعنى صراعا على الهويات، بقدر ما هو يقرر أمرا واقعا، لا يجادل فيه أحد، فهو بالفعل بابا الأقباط الذى حمل هذا الوصف فى حياته، واستمر يحمله بعد رحيله، ويجب أن يفخر المصريون عامة، والأقباط خاصة، أن التاريخ يذكر أن رأس الكنيسة القبطية لقب بهذا اللقب، فهو احتفاء بوطنية الكنيسة، والتزامها القومى تجاه المحيط الجغرافى الذى تعيش فيه، وتقديرا للسان الذى تحمله فى صلواتها، وتعبيراتها اللاهوتية. بقى أن نذكر شيئا لفت انتباه البعض، وعبروا عنه فى مواقع التواصل الاجتماعى، هذا العمل أيا كانت تكلفته، ينبغى أن يكون تقديرا للبابا شنودة، ولا يجب أن يكون له اكتتاب مخصوص أو تبرعات يجرى جمعها من الأقباط، لأن العمل الدرامى ليس دينيا، بل وطنيا، وهو ما يتطلب أن تتصدى شركة انتاج أو جهة معنية بالأمر بتحمل تكلفة انتاجه، لأنه لا يصح أن يذاع فى الأوساط المسيحية، وهو ما تم التأكيد عليه، فهذا يتنافى مع عنوانه، بل يمتد إلى ما هو أبعد إلى السياق العربى الذى حمل اسمه، وعبر عن قضاياه.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات