شرف الثورة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 9:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شرف الثورة

نشر فى : الثلاثاء 30 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يوليه 2013 - 8:00 ص

إن إدانة جرائم تعرض لها بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مثلما حدث عند الحرس الجمهورى، أو المنصة، ليس مبررا أو مانعا أن نشجب وندين ما يقوم به البعض من أعضاء الجماعة، سواء التحريض على العنف، أو الإشارات الطائفية البغيضة (إشارة منها جاءت أثناء الإعلان عن مبادرة صلح) والأهم من كل ذلك وقائع التعذيب التى تم الكشف عنها فى أكثر من موقع، وإذا كان إزهاق الأرواح يأتى فى مقدمة الجرائم بالطبع، فإن التعذيب لا يبتعد كثيرا عن جرم القتل، خاصة أن أحد أهم أسباب اندلاع الثورة المصرية فى يناير ٢٠١١، الاعتراض على التعذيب الذى كانت تقوم به الأجهزة الأمنية، خاصة داخل أقسام الشرطة، لذا يبدو الأمر مثيرا للاستغراب والدهشة من وقائع التعذيب البشعة التى تأتينا ويباركها قادة جماعة الإخوان، وأحيانا بإشرافهم، أما المثير للفزع، فإن البعض من هؤلاء لا يزال عضوا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان. 

لا أعرف سبب الامتناع عن إدانة وقائع التعذيب المتعددة، ولا أعرف أيضا لماذا تصمت المنطمات الحقوقية عن التحقيق فى هذه الوقائع، لأن ما لدينا فقط بعض الحكايات وبعض اللقطات المصورة، لكننا لا نملك اليقين بمن فعل ذلك، لكن أصبح لدينا اليقين بأن هذا البلد به جزارون جدد لا ينتمون للدولة، أو بتعبير آخر، أصبح لدينا جزارون قطاع خاص!. على سبيل المثال، هناك فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، عن وقائع تعذيب حدثت داخل مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، يوم الجمعة الماضى، وقد شاهدت بعضها، وكان من الواضح أن عمليات التعذيب تتم للبحث عن اعتراف ما، وهذا ما لا افهمه، لأن أجهزة الدولة تفعل ذلك بحثا عن انتزاع اعتراف من أجل تطبيق القانون، لكنى بصراحة لا أفهم لماذا يفعل هؤلاء ذلك، ولمصلحة من يفعلونه؟ 

إن تعدد الحكايات عن التعذيب، سواء فى اعتصام رابعة العدوية، أو النهضة، أو القائد إبراهيم، أو أى مكان آخر، دون أن نعرف حقائق ما حدث، أو نحاول إيقاف عمليات التعذيب، فذلك بمثابة إدانة للجميع، وفى المقدمة منهم من يتحدثون عن ثورة يناير ومكتسبات تلك الثورة، ولو مرت هذه الوقائع دون حساب، فهذا يعنى أننا نتخاذل عن الحق ونتخلى عن أهم سبب من أسباب اندلاع الثورة، إلى جانب اعترافنا بأننا أصبحنا خارج الحضارة البشرية، ورفعنا عن أنفسنا جميع أغطية الإنسانية، وساعتها يصبح كل الكلام عن الديمقراطية والشرعية كلاما لا معنى له، بل هو الزيف والكذب بعينه، لأن من يعذب لا يمكن أن يكون قد وعى يوما ما ماذا تعنى الحرية والديمقراطية والشرعية والقانون إلى آخر ذلك من منتجات السياسة فى العصر الحديث. 

نحن بصدد جرائم كبرى وقعت لابد من فتح التحقيقات بها. ولا يمكن غفران ما حدث أو تقبله تحت أى دوافع أو أسباب، وإذا لم يعمل المسئولون والمعنيون بهذا الأمر، بكل جدية وتقديم النتائج للرأى العام والمتهمين للعدالة، فنحن سنكون أمام مشكلة كبيرة، ستؤثر كثيرا فى مستقبل البلاد، وسنظل داخل دائرة جهنمية من الأكاذيب التى أصبحت قاب قوسين أو أدنى، من الاعتراف بأن البعض لم تكن تعنيه ثورة يناير أو أهدافها فى شىء، بل كانت مجرد جسر لتحقيق أهداف خاصة، وأعتقد أيضا، أن ما يحدث اليوم من وقائع تعذيب وحشية، هو بالضرورة يحدث لأننا تركنا وقائع تعذيب واضحة شاهدناها جميعا بأعيننا فى فيديوهات واضحة جلية لا تقبل التأويل أو النفى، لكن للأسف الشديد تواطؤ الجميع من أجل دفاع كاذب عن ثورة يناير، أو ما يعتقدون انه دفاع عن شرف سلمية ثورة يناير، التى كانت تحتاج إدانة ما حدث أكثر من إنكاره، لضمان عدم تكراره.. فهذا هو شرف الثورات الحقيقى. 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات