ثورة 25 يناير.. ذكريات لا تنسى - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة 25 يناير.. ذكريات لا تنسى

نشر فى : الإثنين 31 يناير 2022 - 10:20 م | آخر تحديث : الإثنين 31 يناير 2022 - 10:20 م
عاش الشعب المصرى فى أزمنة مختلفة احتجاجات ومظاهرات ضد المحتل الأجنبى وضد الفساد أيضا. ثورة 1919 قامت لمواجهة الاحتلال الإنجليزى وتعسفه الذى لم يقبل به الشعب المصرى، وخرجت المظاهرات تؤيد سعد زغلول، رجالا ونساء وكل أبناء الشعب المصرى، لتواجه المحتل فى كل أنحاء مصر. عندما يشعر الشعب المصرى أن هناك ظلما أو غبنا يخرجون للاحتجاج على هذا الظلم. نجحت ثورة 1919 وكان من نتائجها دستور سنة 1923؛ وهو أول دستور مدنى بالمفهوم الحديث أتاح الفرصة لتمثيل الشعب فى برلمان حقيقى من خلال أحزاب متعددة وانتخابات حرة نزيهة. ثم قامت ثورة يوليو 1952 ضد ما كان يراه الشعب المصرى وقتها فسادا غير مسبوق. وفى 25 يناير يحتفل الشعب المصرى كل عام بذكرى معركة الاسماعيلية التى ضحى فيها العديد من رجال الشرطة بأرواحهم دفاعا عن نقطة الشرطة فى الاسماعيلية، رافضين بكل شجاعة وقوة قبول شروط المحتل.
اندلعت احتجاجات كثيرة مثل الاحتجاجات التى حدثت فى 18 و19 يناير 1977، فى ظل حكم الرئيس السادات، وهو حكم جمهورى نصف رئاسى. وفى ظل قانون الطوارئ رقم 162 سنة 1952، والمعمول به منذ 1967 باستثناء فترة الانقطاع لمدة 18 شهرا فى أوائل الثمانينيات، توسعت سلطة الشرطة وفرضت الرقابة وقَيّد القانون بشدة أى نشاط سياسى غير حكومى، وكان من الممكن اعتقال أى مواطن دون شرط مسبق، ووصل أعداد السجناء السياسيين إلى حوالى 30 ألفا!
ظهرت الشرطة بوجه مختلف فى أحداث مثل مقتل الشاب خالد محمد سعيد الذى توفى على يد الشرطة فى منطقة سيدى جابر بالإسكندرية يوم 6 يونيو 2010، حيث قامت الشرطة بضربه حتى الموت! وفى 25 يونيو قامت تظاهرة قوية فى الإسكندرية بقيادة محمد البرادعى منددةً بانتهاكات الشرطة، ثم توفى شاب فى الثلاثين وهو السيد بلال أثناء احتجازه فى مباحث أمن الدولة فى الاسكندرية... كل هذا أدى إلى موقف معاد للشرطة، ونتمنى ألا تحدث مثل هذه الأحداث مرة أخرى.
أما بالنسبة للفساد، فأصبحت مصر فى سنة 2010 تحتل الرقم 98 من أصل 178 فى مؤشرات الفساد! وكانت النتيجة أن 20% من الشعب تملك كل شىء والباقى لا يملك شيئا.. كل هذا أدى إلى ظهور جيل جديد من الشباب ينخرطون فى حركات المعارضة.
• • •
وحتى قبل أحداث خالد سعيد، بدأت ردود الفعل والاحتجاجات تظهر ممثلة فى حركة كفاية التى خرجت إلى شوارع الجمهورية بأعداد كبيرة فى القاهرة وأعداد أصغر فى الأقاليم للتنديد بحكم مبارك وفساده. وشاركت حركة كفاية أيضا فى الاحتجاج على الانتخابات البرلمانية سنة 2005، وكذلك شاركت فى أحداث المحلة سنة 2008، وكانت حركة كفاية هى الشرارة الأولى لإشعال الاحتجاجات على الأوضاع الداخلية فى شكل تظاهرات فى الشارع.
فى هذه الأثناء أيضا قامت حركة كفاية بعمل مظاهرات ضمت مئات الآلاف فى المنصورة احتجاجا على المناخ العام فى مصر وقتها، ومنها تفجير كنيسة القديسين (يناير 2011) فى عمل إرهابى أوقع 24 قتيلا «بينهم مسلمون» كما أصيب 97 شخصا.. واستمرت حركة كفاية فى احتجاجاتها وخاصة مع وجود انتخابات وبرلمان مجهز سابقا أفضى إلى برلمان مشوه، وقامت حركات وطنية كثيرة بإنشاء برلمان بديل احتجاجا على هذا البرلمان المزيف.
قامت جماعات كثيرة، مثل جماعة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين، بتكوين جماعات ضغط، مثل الجمعية الوطنية، ساعدت فى الاحتجاج على هذه الانتخابات، وعلق مبارك تعليقا سخيفا وقتها «خليهم يتسلوا»، ورددت عليه أنا أننا سوف نتسلى بنتائج غير متوقعة.
• • •
اندلعت الثورة الشعبية فى تونس فى 18 ديسمبر 2010، وذهبنا مع الدكتور عبدالجليل مصطفى إلى السفارة فى القاهرة تضامنا مع الثورة التونسية، وتمنينا لها النجاح وحلمنا بأن تتم هذه الاحتجاجات فى القاهرة بنفس القوة.
وفى 18 يناير 2011 قام أربعة أفراد مصريين بإشعال النار فى أنفسهم وهم «محمد فاروق حسن من القاهرة، وسيد على من القاهرة، وأحمد هاشم من الإسكندرية، ومحمد عاشور سرور من القاهرة»، وقام أحد المواطنين بتخييط فمه واعتصم أمام نقابة الصحفيين مطالبا بإسقاط وزير الصحة السابق حاتم الجبلى.
واتفقت القوى المعارضة فى مناسبة عيد الشرطة على أن يتجمع الناس فى مظاهرة شعبية تطالب بالعدالة، فاجتمعت القوى قبل يوم من المظاهرة بمقر حزب الغد، واتفقوا جميعا على أن يتظاهروا أمام دار القضاء العالى، ما عدا الإخوان المسلمين الذين ادّعوا بأن الأمن يمنعهم من التظاهر ولذلك لم يظهروا يوم 25 يناير بل ظهروا يوم 28 يناير، وبالفعل يوم 25 يناير تجمع المتظاهرون أمام دار القضاء العالى ــ حيث كانت أول مظاهرة لكفاية أمام دار القضاء العالى فى 12 ديسمبر سنة 2004 ــ ثم انتقلت هذه المظاهرة إلى ميدان التحرير واندلعت الثورة ضد النظام القائم فى كل أنحاء مصر. وأول شهيد سقط فى هذه الثورة كان فى مدينة السويس، ومجموع القتلى فى هذه المظاهرات بلغ 846 ضحية!
ونتيجة لهذا الضغط أعلن نائب الرئيس عمر سليمان تنحى الرئيس مبارك عن رئاسة الجمهورية فى 11 فبراير 2011.. وكلف قيادة القوات المسلحة بإدارة البلاد. وصدرت قرارات بمنع بعض الوزراء من السفر، وصدرت أحكام على بعض الوزراء وأبناء الرئيس، وعاشت مصر 18 يوما من أمجد أيام الثورة التى اختطفت من قبل الانتهازيين الذين ادعوا أنهم شركاء ولكن كان هدفهم هو حكم البلاد بتنحية كل القوى الأخرى، إلى أن استطاع الشعب فى 30 يونيو أن يقضى عليهم وينحيهم عن السلطة.
• • •
بعد كل هذا، وتباعا لوضع الاستراتيجية لحقوق الإنسان، نتمنى أن يفرج عن كل أبناء ثورة 25 يناير الموجودين فى السجون وفتح باب الحريات بجدية، وإتاحة الفرصة للأحزاب أن تمارس دورها الطبيعى لتحقق جزءا من مطالب الشعب التى طالب بها فى 25 يناير ببناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات