هل لسردية النساء ضوابط؟ - مزن حسن - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل لسردية النساء ضوابط؟

نشر فى : الأحد 31 يوليه 2022 - 8:55 م | آخر تحديث : الأحد 31 يوليه 2022 - 8:55 م

يتساءل العديد من الفاعلين فى المجال العام لماذا تهتم النسويات بسؤال السردية كمحور أساسى لإدراك حيوات النساء ومصاعبها فى العالم؟ ولهم كل الحق فى هذا السؤال فى مجتمعات تعتمد السردية الواحدة والتى تأتى على يد من لديهم سلطة مجتمعية ومؤسساتية، ومن ثم ظهرت تلك المجتمعات تاريخيا كمجتمعات حكمها فقط رجال أقوياء انتصروا على الآخر ولم يخطئوا.
السردية النسوية تكسر هذا النمط لأن من تسردن هن نساء، فغالبا لم يشاركن فى المعارك أو السلطة وكن محصورات فى مجالاتهن الخاصة وعائلاتهن وتحملن أعباء المعارك الصفرية بين من أرادوا التحكم فى السلطة وحدهم دون الآخر، فيتم إنتاج سرديات نسوية مفعمة بالغضب والحزن والألم، تتطرق لمشكلات وتأثير الصراعات على الحيوات اليومية للجميع والعبء المضاعف الذى تتحمله النساء فى أوقات الصراع. على النساء تسيير المجتمع كما كان ــ رغم أنه تغير ــ ومن قبل لم يسعَ أحد إلى تكوين مساحات لهن لتطوير مهاراتهن خارج إطارهن التقليدى.
نبدأ فى سماع سرديات تعبر عن ضعف المجتمع وفشله، وتعرض مساحات مقاومة وتكيف لا يراها المنتصر والمنهزم كأولوية، على الرغم الاحتياج الأساسى لسرديات الهزيمة والتكيف والمقاومة لنبدأ مرحلة جديدة من مجتمع لم يعد كما كان قبل الصراع.
تدرك سرديات النساء ماذا نعنى بمجتمع منهك من الاستقطاب وازدياد وتيرة العنف وتأثير المعارك على الاقتصاد اليومى فهن محررات من أطر القوة التى سلبها منهن المجتمعات أولا من حصرهن فى أدوار اجتماعية وسياسية، وثانيا لا يأبه الأغلب داخل المجتمع بتكتيكات تكيفهن ومقاومتهن وكأنها تحصيل حاصل ومسئولياتهن وحدهن.
تذكرت سؤال السردية عندما ظهرت علينا إحدى الفنانات فى أحد البرامج تسرد ــ من وجهة نظرها وبطريقتها ــ ما عانته من عنف نتيجة لزواجها، ومن بعدها انقسم المجتمع حول ضرورة تأطير السردية للنساء لتحصلن على حقوقهن، تذكرت ما تعانيه العديد ممن تعرضن للعنف والتمييز إلى ترك أسلوب سردياتهن ليقمن بتنقيحها لتكون كسردية المنتصر، ونسى الجميع أننا لم نترك مساحات كافية للتعبير والتجاوز والتمكين ليشعرن أنهن منتصرات ويسردن قصص نجاح ونجاة وليست قصص ألم وخوف وقهر.
أتصور أنه كان الأولى بذل جزء من المجهود نحو تلك الفنانة وغيرها للاستماع لتفاصيل ما سردته فيمكن أن تساعد على تكوين سردية جماعية أخرى تحمل جزءا من الهزيمة والفشل والصعوبات لندرك أننا بشر نخطئ ونتألم ونغضب ونعبر بطرق مختلفة.
كان يمكن لتلك السردية أن تذكرنا لماذا تلجأ النساء إلى مساحات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى للسرد؟ يمكن لأن المساحات العامة والسردية المقبولة لا تحتوى أصواتهن؟ يمكن لأن المجتمعات لم تأبه للجزء السيئ داخل المجتمعات؟ يمكن لأنهن لم يخترن هذه الطريقة بل فرضت عليهن لغياب مساحات التمكين ومواقع السلطة للنساء؟
أرى أن تلك السرديات يمكن أن تكون وسيلة فى مجتمعنا لطرح عقد اجتماعى جديد لا يترك مساحة فقط للبوح بل يدمج تلك السرديات بأدوات تمكين للنساء على المستويات القانونية والسياسية وواقع صنع القرار. وفى هذا الشأن أتذكر أن تعيين النساء قاضيات فى مصر بعد عقود من رفضهن قد يكون وسيلة لهذا العقد الاجتماعى الجديد من وجود النساء فى مواقع سلطة وحكم، كيف لنا أن نأخذ هذا الأمر مثالا لوضع النساء القاضيات فى مواقع سلطة داخل المؤسسات القضائية ونحن نتحدث عن مشروعات قوانين جديدة لحقوق النساء واستحقاقات دستورية غائبة ليتم تحقيقها؟ يمكن أن يكون وجود تلك النساء داخل مواقع سلطة مساحة تمكين لأخريات ليسردن إشكالياتهن دون أن ننتبه لطريقة السردية، يمكن أيضا أن وجود تلك النساء مع غيرهن يساعد على وضع السرديات البديلة داخل السردية الوطنية وتجاوز انتقاص الحقوق بطرق مؤسسية فاعلة تنتج سرديات جديدة حول النجاة والتكيف والسعادة.
هل يمكن أن تكون السردية النسوية جزءا من أطر خلق سردية وطنية جديدة فى وقت يتم طرح فيه حوار اجتماعى مع المواطنين والمواطنات؟

مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية

مزن حسن مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية
التعليقات