«أنا مش مسئول» - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«أنا مش مسئول»

نشر فى : الأربعاء 31 أغسطس 2022 - 7:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 31 أغسطس 2022 - 7:50 م

أسعدنى الحظ بمشاهدة مسرحية «أنا مش مسئول» التى يقدمها مجموعة من الفنانين الشباب بقيادة المخرج محمد جبر على مسرح الهوسابير لأكتشف أنه ما زال هناك من يستطيع أن يقدم فنا مسرحيا ممتعا وخاليا من الابتذال وبأقل الإمكانيات، وأن هناك جمهورا يبحث عن هذه الأعمال ويحرص على مشاهدتها رغم عدم وجود دعاية لها بسبب ضعف الإمكانيات المادية على حد قول المسئولين عن العمل.
كان اللافت بالنسبة، لى حتى قبل بدء العرض، هو الجمهور الكبير نسبيا لأننى لم أتوقع حضور مثل هذا العدد لمسرحية لا تتوافر لها الدعاية التى تستحقها بحكم جودتها ومواهب المشاركين فيها. فالمسرح لم يكن ممتلئا عن آخره، لكن العدد كان كافيا لكى يؤكد أن هناك جمهورا لفن المسرح الذى يكاد ينقرض فى مصر، اللهم باستثناء ما تقدمه مسارح الدولة، وبعض المسرحيات التى تنتجها قنوات تلفزيونية بهدف العرض التلفزيونى وليس العرض المسرحى بشكل أساسى.
«أنا مش مسئول» تأليف محمد عز الدين وبطولة وإخراج محمد جبر مع مجموعة مفرحة من الشباب الذين قدموا عملا كوميديا استعراضيا جيدا فى حدود ما هو متاح لهم من إمكانيات مادية، وإن لم يخل بالقطع من أوجه قصور، ترتبط أساسا بضعف الإمكانيات المادية.
تلقى المسرحية بالسؤال المطروح دائما على المجتمعات مع كل تدهور فى الذوق العام وانحدار فى مستوى الفن، وهو: «هل ذوق الجمهور هو المسئول عن تدهور الفن أم أن الفن الردىء هو الذى أدى إلى تدهور ذوق الجمهور؟».
تقول المسرحية إن المسئولية مشتركة بين الجمهور والمبدعين، لأن الجمهور عليه البحث عن الأعمال الجيدة المتاحة والحرص على متابعتها وعدم الاستسلام للفن الهابط، وعلى الفنانين الملتزمين عدم التعالى على الجمهور ومحاولة الوصول إلى «الخلطة السحرية» التى تستجيب لما يطرأ على أذواق الناس من تغيير، وفى الوقت نفسه لا يسقطون فى فخ الفن الردىء.
وجاء تجاوب الجمهور البسيط غالبيته من الشباب لكى يقدم إجابة واضحة على سؤال المسرحية وهى أن الأعمال الجيدة حتى لو كانت بسيطة ستجد جمهورها، وأن الطفرة التكنولوجية ووجود الأجهزة الذكية ومنصات الترفيه على الإنترنت لم تقض على شغف الشباب بالمسرح وعروضه متى توافرت له فرصة المشاهدة.
المسرحية تستحق المشاهدة رغم بساطتها والمشاركون فيها يستحقون المساندة، من كل من يهتم بأمر الفن والثقافة، لأنهم يحاولون تقديم عمل مسرحى جيد، فى حدود الإمكانيات المتاحة وبسعر رمزى للتذكرة بما يتيح الفرصة لاستقطاب شرائح بسيطة من الجمهور إلى المسرح، بعد أن تخلى عنه غالبية الفنانين والمنتجين الكبار، ففقدت القاهرة بريقها المسرحى الذى كان من أهم ملامحها السياحية والثقافية فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى.
فى تلك الأيام كانت مسرحيات نجوم الكوميديا المصريين من عادل إمام إلى سمير غانم بندا رئيسيا على البرنامج السياحى للأشقاء العرب الذين يزورون القاهرة فى كل صيف.
فهل يجد المسرح الآن «المسئول» الذى يمد يد العون لعشرات وربما مئات الفنانين الشبان الذين يرغبون فى تقديم فن مسرحى راقٍ وممتع، فتستعيد الحياة المسرحية عافيتها التى كانت وتسترد مصر جزءا مفقودا من قوتها الناعمة؟

التعليقات