الإبداع البشرى واستخدام النسيج فى صنع الحضارات - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإبداع البشرى واستخدام النسيج فى صنع الحضارات

نشر فى : الخميس 31 ديسمبر 2020 - 10:55 م | آخر تحديث : الخميس 31 ديسمبر 2020 - 10:55 م

عرضت الكاتبة Dana Thomas كتابا بعنوان «نسيج الحضارة: كيف صنعت المنسوجات العالم» للكاتبة فيرجينيا بوستريل... نعرض منه ما يلى:
فى يوم شتوى فى قرية بشمال غرب الصين منذ ألف سنة، وجد تاجر يجر عربة مليئة بالفخار نفسه عالقا بالثلوج التى أغلقت الطريق. حينها اقترب منه مسافر وسأله عن ثمن الأوانى، فأجابه بأنها تساوى من 7 آلاف إلى 8 آلاف قطعة نقدية. عرض عليه المسافر المقايضة بنسيج حريرى يعرف بالليان، وقبل التاجر بالعرض حتى يخفف من حمل عربته ويجتاز الثلوج.
خلال حكم سلالة تانج فى الصين (618 إلى 907)، غالبا ما كانت تستخدم الأقمشة كعملة.. وفى كتابها «نسيج الحضارة: كيف صنعت المنسوجات العالم»، تقص فيرجينيا بوستريل حكاية المنسوجات التى شملت الجمال والعبقرية، الوفرة والقسوة، الطبقات الاجتماعية والدهاء فى وضع الحلول الوقتية، التجارة السلمية والحروب الوحشية.
تصف الكاتبة كتابها بأنه «استكشاف جاء من العجب»، وهى لم تكن تمزح فى ذلك. فالكتاب يأخذنا فى رحلة أسطورية تشبه طريق الحرير. تبدأ الكاتبة القصة من عصر الحضارة البرونزى فى مدينة كنوسوس بجزيرة كريت، والذى يقال إن دايدالوس، المهندس والنحات الأسطورى اليونانى، صنع فيها الأجنحة التى حملته وابنه إيكاروس إلى صقلية. وتنتقل فى كتابها إلى الحديث عن مصر والصين والمكسيك وجواتيمالا واليابان وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا والعديد من الثقافات الأخرى التى نتعلم منها تاريخ القطن والكتان والحرير والصوف. وبعدها نشهد قيام المصانع، ليس فى نهاية القرن الثامن عشر فى إنجلترا كما قيل لنا، بل فى بيدمونت بإيطاليا قبل قرنين من الزمان. ونرى من خلال الكتاب كيف سيطرت الصبغات والمواد الصناعية على الصبغات والمنسوجات الطبيعية.
فقدت الكاتبة طريقها فى بعض الأحيان فى الكتاب، وفقدناه نحن معها. تشرح الكاتبة آليات صنع القماش كما لو كانت عالمة باستخدام الرسم البيانى، ولكن صعب علينا كقراء فهمه. تستخدم فى بعض الأحيان مقولات مؤرخين غامضة كان من الممكن شرحها بطريقة أبسط.
تحلق الكاتبة عندما تبتعد عن المنهج الأكاديمى وتوظف مهاراتها ككاتبة. على سبيل المثال فى فصلها عن الصبغة، تأخذنا فى عملية تخمير صبغة النيلة ــ اللون النيلى ــ التى تحتوى على الكثير من العفن والبول. وفى موضع آخر تحكى قصة مصمم النسيج الفرنسى فيليب دى لاسال فى القرن الثامن عشر الذى عرف بلوحاته المنسوجة التى انتشرت فى العواصم اللاتينية.
فى نهاية كتابها، اعترفت الكاتبة بأنها نشأت فى بلدة اعتبرت نفسها «مركز المنسوجات فى العالم»، مدينة جرينفل فى كارولينا الجنوبية، التى كانت بمثابة عاصمة صناعة المنسوجات الأمريكية حتى تسببت اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية فى أوائل التسعينيات فى إغلاق بعض شركاتها أو انتقالها إلى الخارج، مما أدى إلى تدمير الاقتصاد المحلى. اليوم، تشهد جرينفل انتعاشا فى صناعة المنسوجات، وذلك بفضل إعادة الصناعة من خلال شركات مملوكة للصين تستفيد من الحوافز المالية الحكومية... ولكن، وعلى الرغم من ذلك، تصر الكاتبة على أن نشأتها فى مدينة نسيج وأب بدأ حياته بالعمل فى الألياف الصناعية لم يؤثرا على كتابها.
هذا لم يصب فى صالح الكتاب، وكان من الممكن أن تذكر الكاتبة حياتها فى بلدتها ومرورها بمصانع النسيج وتاريخها معهم، وهو الذى كان يمكن أن يجعل الكتاب أكثر دفئا وجاذبية ويشد المزيد من القراء. تروى الكاتبة كيف أن صناعة النسيج فى ترحال دائم، ولكنها لم تتحدث عن كيف أن هذا الترحال أضر بمدينتها والمنطقة المحيطة بها بعد اتفاقية النافتا. استخدمت الكاتبة أيضا مراجع من كلية المنسوجات فى جامعة ولاية كارولينا الشمالية، التى تقع على بعد أربع ساعات بالسيارة شمال شرق جرينفيل، وتقدم دعما كبيرا لأبحاث النسيج والابتكار، لكن لم تغُص الكاتبة بشكل كاف فى المؤسسة ولم نعرف علماءها الذين يحافظون على أسرار النسيج القديم ويدفعون بالأفكار الجديدة.
إلا أن كتاب «نسيج الحضارات» يظل منسوجا بعناية وبتقنية دقيقة، به مزيج من الألوان وشرح دقيق للأقمشة.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلي:من هنا

التعليقات