حفل المتحف.. المعجبون والمعارضون.. وما بينهما - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 11:04 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟


حفل المتحف.. المعجبون والمعارضون.. وما بينهما

نشر فى : الإثنين 3 نوفمبر 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الإثنين 3 نوفمبر 2025 - 7:20 م

كيف يمكن رصد وتصنيف وفهم ردود الأفعال بين المصريين - خصوصًا من يمكن أن نطلق عليهم نخبة - على حفل افتتاح وتدشين المتحف المصرى الكبير، مساء يوم السبت الماضى؟

 

 

من الطبيعى أن أى حدث سواء كان سياسيًا أو فنيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا قابل للجدل والاتفاق والاختلاف، ما دام نشاطًا بشريًا.
ومن خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام التقليدية يمكن رصد العديد من الآراء والملاحظات والمواقف سواء المؤيدة أو المعارضة أو تلك التى «بين بين».
هذا الرصد والمتابعة سوف يفرز لنا مجموعة من الفئات المختلفة، بعضها كان شديد التأييد والإعجاب، وبعضها شديد الانتقاد، وبعضها رأى الأمر بصورة موضوعية إلى حد كبير.
الفئة الأولى من الآراء والتعليقات ترى فى الأمر نجاحًا باهرًا وساحقًا، والجانب الأكبر من هؤلاء مواطنون عاديون لا تشغلهم كثيرًا الجوانب الفنية والإخراجية ونوعية الموسيقى ومدى وجود تناسق بين الفقرات، بقدر ما يعنيهم المشهد العام. وبالنسبة لهم فإن هذا المشهد كان جميلًا واحتفاليًا. وداخل هذه الفئة يوجد كل المؤيدين للحكومة والنظام، ويرون أن ما حدث كان إعجازًا فنيًا مكتمل الأركان. ومعهم غالبية المصريين البسطاء الذين لا تشغلهم إلا النتيجة النهائية، وهى أن الافتتاح تم بسلام وبصورة طيبة ومعقولة.
الفئة الثانية هى المعارضة للنظام وللحكومة، وغالبية هؤلاء لم يروا فى الحفل أى جانب إيجابى. بل رأوه فشلًا ذريعًا فى كل شىء، من أول الفكرة نهاية بالتنفيذ، والغريب أن بعض هؤلاء ادعوا أنه لا توجد أى فائدة اقتصادية للمتحف، لأن اليابان لها حق انتفاع بالمتحف لمدة عشر سنوات، حسب زعمهم وهو ما تم نفيه رسميا.
تعليقات هؤلاء ومواقفهم كانت شديدة البؤس وتنضح بسواد قلوبهم، ولا يمكن الوقوف عندها، بل لا يمكن إلا الشفقة على هذه النوعية من الناس. ويتضح السواد أكثر عند هذه الفئة فى فبركة وإعادة نشر أخبار عن انفجار قرب المتحف حدث عام ٢٠١٥، وكأنه وقع يوم الحفل.
الفئة الثالثة سعيدة جدًا بافتتاح المتحف وخروجه إلى النور منذ كان مجرد فكرة عام ٢٠٠٢، لكن لديها بعض التحفظات على طريقة إخراج الحفل.
وهذه الفئة لا يمكن لك إلا أن تحترم وجهة نظرها، هى تقول إن المتحف فخر لكل مصرى بل هرم رابع جديد، لكن الحفل عابته أخطاء فى الإخراج والفقرات.
يقول هؤلاء إن الموسيقى كانت ينبغى ألا تكون غربية بل أقرب إلى الشرقية والفرعونية، وكان يفترض اسخدام آلات أقرب للحضارة المصرية، مثل الهارب، وأن النقل التليفزيونى عابه الكثير من الأخطاء، خصوصًا عدم كتابة أسماء أبطال وعازفى ومطربى الحفل أو أنواع المعزوفات الموسيقية، أو أسماء الضيوف الذين استقبلهم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ومن الواضح أن هناك منطقًا فى بعض هذه الانتقادات، لكن من الأوضح أن كثيرًا من الناس خلطوا بين مخرج الحفل العام ومخرج النقل التليفزيونى، بل إن بعض المقدمين لم يقدموا للمشاهدين معلومات تفصيلية صحيحة، ولجأ بعضهم إلى الكلام الإنشائى.
لكن من الواضح أن بعض هؤلاء خلطوا بين بعض الأخطاء فى النقل أو الإخراج التليفزيونى وبين الإخراج العام أو الحدث بأكمله.
بالطبع هناك انتقادات لا يمكن الوقوف عندها، لأنها شديدة العبثية، أبرز هذه الانتقادات أن الآثار حرام و«مجرد أصنام»، أو أن البلد ظروفه الاقتصادية صعبة، وبالتالى لم يكن مفترضًا أن نقترض من أجل بناء المتحف. والرأى الآخر شديد الضحالة، لأن أصحابه لا يدركون القيمة الثقافية والحضارية لهذا المتحف أولًا، ولا يدركون أن وجود متحف بهذا الحجم لحضارة عظيمة، مثل الفرعونية، هو كنز يمكن أن يدر عوائد كثيرة على الاقتصاد المصرى إذا أحسنت إدارته وتنظيمه، وهناك بشائر كثيرة فى هذا الجانب الاقتصادى.
سألت كثيرًا ممن أعرفهم ولديهم انتقادات. كم درجة تعطيها لهذا الحفل؟ فكانت الإجابات ما بين ٧ و٨ من عشرة، وهؤلاء أصنفهم ضمن الموضوعيين، لكن هناك فئة لن يعجبها العجب ولا الصيام فى رجب، وهذه ينبغى عدم الانشغال بها.
مرة أخرى فى تقديرى أن الحفل كان جيدًا فى المجمل مع بعض الانتقادات والهفوات والأخطاء، لكن الهدف الجوهرى تحقق، والأهم أن الرسالة الصحيحة والجيدة قد وصلت إلى العالم الخارجى بصورة صحيحة وجيدة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي