أيام القاهرة (7).. كيف وثقت الحملة الفرنسية شوارع ودروب المدينة؟ - بوابة الشروق
الأربعاء 22 مايو 2024 2:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيام القاهرة (7).. كيف وثقت الحملة الفرنسية شوارع ودروب المدينة؟

محمد حسين
نشر في: الإثنين 1 أبريل 2024 - 4:30 م | آخر تحديث: الإثنين 1 أبريل 2024 - 4:31 م

يتمتع شهر رمضان في مصر، بخصوصية وتفرد عن غيره من أشهر السنة، حيث تزخر به الطقوس والعادات المميزة التي تضفي أجواءً فريدة من البهجة والسعادة.

وتشهد شوارع القاهرة على سهرات وتجمعات العائلات والأصدقاء لتوثق تلك الأجواء الفريدة والمبهجة خلال الشهر الكريم.

وتشارك "الشروق" مع قرائها لقطات ساحرة من تاريخ القاهرة، الذي يعود لأكثر من 1000 عام، وصور إلهامها للمبدعين، وذلك في سلسلة حلقات بعنوان "أيام القاهرة" على مدار النصف الثاني من شهر رمضان.

- الحلقة السابعة..

تحدثنا في الحلقة السابقة عن مدينة القاهرة في خرائط الحملة الفرنسية التي خطها علمائها، استكمالا لتراث جغرافي عريق باللغات كافة، سواء من كتب الرحالة أم تقارير المسافرين الأوروبيين قبل الحملة الفرنسية.

وفي مقدمة ما اعتمد علماء الحملة في فهم جغرافية القاهرة على الموسوعات الكبرى التي كتبها جغرافيون مؤرخون مصريون، وفي مقدمتهم تقي الدين المقريزي، وعمله الخالد "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار"، والكتاب الجامع "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي المصري، الذي يضم شذرات من جغرافية مصر وتفاصيل من تاريخها حتى عام 1522م.

وتعرّفنا على موسوعة "وصف مصر" مثالا لعرض "صورة الأرض" في عاصمة البلاد عند منعطف القرن الـ18 وبداية القرن الـ19، وتضمنت رؤى علمية واستشراقية ومعلومات وصفية عن كل من الأرض والإنسان والعمران والأنثروبولوجيا الثقافية.

وجاءت بحوث علماء الحملة عن القاهرة في المجلد الـ18 من "وصف مصر"، وحظيت القاهرة بـ 4 خرائط مختلفة المقاييس في أطلس الحملة، علاوة على عدة أشكالورسوم توضيحية، وتمكنت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على مصر قبل أكثر من 220 سنة من ترسيخ العلم الاستعماري، أو الاستعمار القائم على العلم"، وفقا لدراسة أجراها الدكتور عاطف معتمد أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة.

ونواصل في حلقة اليوم مشاهدات علماء الحملة الفرنسية لشوارع وطرق المدينة، كما وردت بدراسة الدكتور معتمد.

ويقول عاطف معتمد: "حاولت الحملة الفرنسية تقسيم القاهرة إلى 8 أقسام لتسهيل السيطرة عليها وتحسين الأوضاع الصحية في المدينة، التي وصفت في أبحاث الحملة بأنها أحياء عفنة قذرة مكتظة بالسوقة ولا سيما حي اليهود، حيث تضيق الشوارع مقارنة بأي مكان آخر في المدينة".

كما زعمت الحملة "محاولة شق طرق مباشرة بين الكتلة السكنية والنهر، علاوة على فتح منافذ تصل القلعة بأحياء المدينة"، وزعمت الحملة أيضًا أنها حاولت زرع أشجار في ميدان الأزبكية".

- أحياء القاهرة وحاراتها

وأضاف معتمد، "وضمت الأقسام الثمانية 53 حيًّا، يطلق عليها اسم الحارات، والحارة عبارة عن نطاق من المنازل يتفاوت امتدادها، وفقًا لنظام الأمن المتبع في القرن الـ18 وما شابهه من أنظمة في مدن العصور الوسطى".

وكانت القاهرة تغلق عادة أثناء الليل لضمان أمن المدينة، فيما عدا شهر رمضان وبعض الاحتفالات الليلية ذات الطبيعة الموسمية.

وتم تصنيف الأحياء إلى كبيرة وأخرى صغيرة، وتشمل الأحياء الكبيرة من الشمال لجنوب القلعة، وتضم ميدان قرميدان، وميدان الرميلة، طولون، المغاربة، بركة الفيل، الحنفي، باب الخلق، المؤيد، الأزهر: باب الغدر، الزويلة، الموسكي، الحي الأفرنجي، الحي اليهودي "الروم الحي اليوناني، المصاري الأقباط - الأرمن - الشريان"، الأزبكية، والشعراوي، وعلاوة على ميدان مراد بك، وميدان بيت القاضي.

وأورد علماء الحملة 6 ميادين رئيسية في القاهرة، 4 منها كبيرة الحجم، هي: قرميدان، الرميلة، بركة الفيل، والأزبكية.

وفي مثل هذه الميادين العامرة بالتنوع البيئي حرص أحد المماليك على إقامة معرض للوحوش داخل حديقة قصره، ونظمهاعلى طريقة الحدائق الإنجليزية.

وأولى علماء الحملة عناية بوصف ميدان الأزبكية، أشهر تلك الميادين، وجاء في الوصف: "عندما يبلغ فيضان النيل أقصى مداه يمتلئ ميدان الأزبكية بالماء الذي يرتفع إلى عدة أقدام مكونا عندئذ حوضا واسعًا تنتشر على صفحته القوارب التي تضاء أثناء الليل لتعطي لهذا المكان مشهدًا بالغ الروعة، وفي الشتاء تتحول أرض الميدان إلى خضرة يانعة قبل أن تتحول في الربيع إلى جافة ومغبرة، ويجاور ميدان الأزبكية حي الأقباط، والقصر القديم للألفي بك ومنازل الشيوخ بالغي الثراء".

ويمكن القول إن الحملة لم تغير شيئا في عمران القاهرة، وكل ما انتوت فعله لم يتم، وفي مقدمة ذلك مشروع هدم بعض البيوت، وإعادة تنظيم الشوارع لإيصال الموسكي بالأزبكية، ولكنه لم يتم لقصر فترة بقاء الحملة في مصر.

ويتألف الحي "الحارة" من عدد كبير من الأزقة، والأزقة تصب في عطفة، والعطف تنتهي إلى الشارع الرئيسي للحي، وعادة ما يحمل هذا الشارع الرئيسي مسمى سكة أو درب، وفي الأغلب يحمل الحي "الحارة" اسم هذا الدرب.

- كيف وصف الفرنسيون بيوت المصريين؟

وواصل معتمد: "وصف علماء الحملة بيوت المصريين أنها تتكون من طابقين أو ثلاثة، وهناك بعض المنازل تتكون من 4 طوابق، وذلك في الأحياء المكتظة".

وتابع، "وتعرف الأفنية الواسعة الواقعة خلف البيوت باسم "حوش" وقد تهمل وتتحول إلى ساحات للقاذورات، وليست الأحواش كلها متساوية في التصنيف، فقد رصد علماء الحملة في القاهرة مجموعة من المنازل تمثل ساحات أو أحواشا مسورة تغص بأكواخ بارتفاع يتجاوز 10 أمتار، حيث يقيم جموع من الفقراء متكدسين بلا نظام مع حيواناتهم".

واستكمل، "اتفقت الحملة الفرنسية مع المقريزي أن القاهرة بها شوارع رئيسية، هي: الشارع الكبير الممتد من مسجد أحمد بن طولون إلى مسجد الحاكم بأمر الله، الشارع الكبير الممتد من باب زويلة إلى القلعة".

ونقل عنهم وصف القاهرة بأنه لا يشبه نظيرها في المدينة الأوروبية، فشوارع القاهرة مؤلفة من أزقة، بل إن المدينة في مجملها في وصف علماء الحملة سلسلة من الشوارع أكثر منها أحياء سكنية.

- التكايا والمارساتانات

ويضيف معتمد، "ثورة القاهرة، وقبل أن يدرك القارئ تدنيس المسجد بإقامته حصنًا عسكريا، يذهب علماء الحملة في كتاب وصف مصر إلى القول إن المسجد كان مهجورًا وقت قدومهم، وبالمثل اتخذ جنود الحملة من موقع ضريح الشيخ أبو الريش حصنًا باسم الضابط لوجيه Fort Laugier".

وتعد "التكايا" من المؤسسات الدينية التي استوقفت علماء الحملة في القاهرة، وهي منازل يتلقي فيها المسافرون والمرضى الضيافة والإقامة مجانًا، ورغم ذلك لم يكن قد تبقى منها في زمن الحملة سوى "المارستان" الذي ضم 50 سريرًا، وبه قسم المرضى العقول.

- أسواق القاهرة القديمة

ورصدت الحملة في القاهرة 56 سوقا، ما بين دوري ودائم، وأشارت إلى عدة أسواق شهيرة في المدينة، مثل ذلك الذي يبيع الملابس من الساعة الثالثة عصرًا ومن ثم يسمى "سوق العصر"، وسوق المغاربة للبضائع الواردة من بلاد المغرب، وسوق الموسكي لبضائع أوروبا، علاوة على سوق السلاح.

اقرأ أيضا: أيام القاهرة (6).. كيف حضرت المدينة في خرائط الحملة الفرنسية؟



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك