سيريل نون السفير الألمانى بالقاهرة يكتب لـ«الشروق»: ألمانيا ومصر.. تعاون تعليمى قادر على استشراف المستقبل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيريل نون السفير الألمانى بالقاهرة يكتب لـ«الشروق»: ألمانيا ومصر.. تعاون تعليمى قادر على استشراف المستقبل


نشر في: الأحد 1 نوفمبر 2020 - 10:25 م | آخر تحديث: الأحد 1 نوفمبر 2020 - 10:25 م

تشكل مصر نموذجا وضاء شاهدا على التعاون الثنائى الناجح فى مجال التعليم، لاسيما التعليم العالى. على أنه بالنظر إلى الاحتياجات المستقبلية الناتجة عن النمو السكانى فإن حكومة مصر تزمع اتخاذ الخطوة التالية من خلال التوسع فى أعداد الجامعات الخاصة والدولية والتقنية فى مصر. إن خلق مشاريع تعليمية جديدة عابرة للحدود الوطنية يشكل فرصة عظيمة لمصر وألمانيا، إذ أن كلا البلدين فى حاجة إلى كوادر تخصصية ذات مستوى رفيع من التعليم لتعزيز قدراتهما الاقتصادية والمجتمعية.
وبصفتى السفير الألمانى فإننى جد فخور بأن التاريخ العريق من التعاون بين ألمانيا ومصر قد أصبح يقدم إسهاما مهما فى استغلال المواهب التى يتمتع بها أفضل الطلاب المصريين بفضل توافر برامج شاملة فى مجال التعليم العالى بمصر. لقد أخذنا على عاتقنا عبر السنين مواصلة توسيع تلك البرامج بدءا من مرحلة رياض الأطفال ومرورا بمرحلة التعليم ما قبل الجامعى وانتهاء بالتعليم الجامعى والبحث العلمى.
أصبحت المدارس الألمانية منذ افتتاح أول مدرسة ألمانية بمصر، ألا وهى المدرسة الألمانية الإنجيلية الثانوية (DEO) بالقاهرة عام ١٨٧٣، الخيار المفضل للتعليم. ثم قامت ألمانيا فيما بعد بزيادة عدد المدراس الألمانية المعتمدة جاعلة من مصر البلد الذى يضم أكبر عدد من المدارس الألمانية خارج نطاق أوروبا.
فضلا عن ذلك فإن ألمانيا تعمل على رفع جودة التعليم المدرسى ليتاح أمام قطاعات أوسع من السكان: فمن خلال برنامج دعم جودة التعليم (QESP) ساعدنا فى بناء ما يربو على ٩٠٠ مدرسة أغلبها فى المناطق الريفية، حيث تخضع تلك المدراس لمعايير الجودة الألمانية سواء فيما يتعلق بالإنشاءات أو بتجهيزات الفصول المدرسية.
أصبحت اللغة الألمانية لغة مفضلة لدى التلاميذ والطلاب من جميع الشرائح العمرية على نحو تعدى نطاق مدارسنا الألمانية المعتمدة أو العديد من المدارس التى قد تمنح شهادة معتمدة فى اللغة الألمانية. يتمتع دارسو اللغة الألمانية بمصر بهامش كبير من خيارات الجودة العالية المتاحة فيما يتعلق بمؤسسات تعليم اللغة الألمانية، بدءا من المدارس ومرورا بأقسام اللغة الألمانية فى بعض أفضل الجامعات المصرية وانتهاء بالطبع بمعهدى جوته بالقاهرة والإسكندرية الذين شهدا إقبالا كبيرا فى أعداد المشتركين فى الدورات على مدى السنوات الخمس الماضية.
احتفل المكتب الإقليمى للهيئة الألمانية للتبادل العلمى بالقاهرة (DAAD) هذا العام بذكرى مرور ستين عاما على إنشائه. جدير بالذكر أن الهيئة الألمانية للتبادل العلمى تمثل بؤرة التعاون بين بلدينا فى مجال التعليم العالى والبحث العلمى، ففى عام ٢٠١٩ وحده قدمت الهيئة دعما لما يزيد عن ١٦٠٠ باحث وعالم من مصر وما يقرب من ٥٠٠ باحث وعالم من ألمانيا كانوا منخرطين فى التعاون مع مصر. كما أن طائفة متميزة من قدامى الممنوحين من الهيئة الألمانية للتبادل العلمى تتبوأ مكانة فى قطاعات محورية فى المجتمع المصرى بدءا من الحكومة ووصولا إلى الجامعات. كما يقدم المكتب الإقليمى للهيئة الألمانية للتبادل العلمى بالقاهرة طائفة كبيرة من الأنشطة العلمية تجمع فى طياتها بين أفضل العقول من ألمانيا ومصر وغيرهما لمناقشة أحدث الموضوعات فى مجال العلوم والبحث العلمى، حيث تتراوح هذه الأنشطة ما بين فعاليات «يوم العلوم الألمانى» وفعاليات «مختبر سقوط الجدران» (Falling Walls Lab).
أما عام ٢٠٢٠ فإنه يسجل بلوغ ذروة جديدة فى تعاوننا الناجح: ففى يوم ١٥ أكتوبر دشنت شركة سيمنز، إحدى أكثر الشركات الألمانية نجاحا، الأكاديمية التقنية المصرية الألمانية الجديدة بالعين السخنة، وهى عبارة عن مشروع تعاون للقطاعين العام والخاص بين وزارة التعاون الاقتصادى الألمانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولى وشركة سيمنز. وسوف تقدم هذه الأكاديمية برامج تدريب مهنى للفنيين من جميع المجالات، بما يسمح لهم بمواصلة تحسين قدراتهم المهنية. وهذا يعد فقط جزءا واحدا من انخراطنا الواسع والمتنامى فى قطاع التعليم الفنى والتدريب المهنى للشباب فى مصر. تعمل ألمانيا بالتعاون الوثيق مع وزارة التعليم المصرية وغيرها من الشركاء بمن فيهم القطاع الخاص على رفع مستوى معايير الجودة فى مجال التعليم الفنى والتدريب المهنى (TVET) والمساعدة فى تدريب قوى عاملة تكون قادرة على العمل فى مقدمة الصفوف على الصعيد الدولى وفى جميع المجالات.
كما شهد شهر أكتوبر من العام الجارى بدء الدراسة بالجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية (GIU AS) للعام الدراسى الأول فى مقرها الجديد المجهز بأحدث التقنيات بالعاصمة الإدارية الجديدة. وبما تقدمه الجامعة من برامج دراسية تركز على القطاع الصناعى ومتطلبات المستقبل فى مرحلتى البكالوريوس والماجستير فى مختلف التخصصات، مثل الهندسة وإدارة الأعمال والتكنولوجيا الحيوية، فإنها تمثل الآن فرصة تعليمية أخرى أمام الشباب المصرى الذى يرغب فى التمتع بفرصة الحصول على تعليم ألمانى عالى الجودة.
وفى مقدور الجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية (GIU AS) أن تبنى على ما تم إنجازه من عمل مثمر امتد لما يقرب من عقدين من الزمان على يد شقيقتها الجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC)، إذ تخرج فى هذه الجامعة منذ إنشائها عام ٢٠٠٣ ما يقرب من ٢٠٠٠٠ طالب وطالبة حققوا جميعا نجاحا باهرا فى المجالات الخاصة والعامة فى جميع أنحاء العالم، وحتى فى مجال الفضاء: إذ تخرج أول رائد فضاء مصرى، أكرم أمين عبداللطيف، فى الجامعة الألمانية بالقاهرة عام ٢٠١٠.
تتيح الشراكة التعليمية الألمانية المصرية فرصا غير محدودة أمام المراكز العمرانية الكبيرة بالقاهرة والإسكندرية، كما يستطيع الطلاب من مصر ومن جميع أنحاء العالم الحصول على درجة الماجستير من الجامعة التقنية ببرلين فرع الجونه، إحدى أكثر الجامعات التقنية الألمانية تميزا بما تحوزه من معامل عالية الجودة وهيئة تدريس رفيعة المستوى. تضم منطقة الجونه كذلك المدرسة الفندقية الألمانية (GHS)، وهى مضرب مثال رائع آخر على أنه كيف يمكن للتعاون بين بلدينا فى مجال السياحة كمجال محورى أن يعود بالنفع على الجميع. غنى عن البيان أنه معروف عن خريجى المدرسة الفندقية الألمانية أنهم يتمتعون بمستوى تأهيلى عال وأنهم مطلوبون للعمل سواء فى مصر أو فى جميع أنحاء العالم ليس بفضل ما يتمتعون به من مهارات ألمانية فحسب، بل وكذلك وبصفة خاصة بفضل مستوى أدائهم الرفيع وحس الضيافة الرائع الذى يتمتعون به.
عندما أتأمل هذا المدى البعيد الذى بلغته أنشطتتنا المشتركة فإننى لا أشعر بالاندهاش عندما ألتقى فى إطار عملى اليومى عديدا من الناس وقد استلهموا تجربة تعاوننا الألمانى المصرى المتميز فى مجال التعليم للقيام بأعمال عظيمة: رجال أعمال وسياسيون ومغنون أوبراليون ومهندسون وصناع قرار. وإننى على قناعة بأن المستقبل سوف يشهد مزيدا من قصص النجاح المصرية الألمانية العديدة، وذلك هو مناط الأمر فى تعاوننا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك