في ذكرى مولده.. كيف أحب النبي السيدة خديجة وتحدى كل الأعراف؟ - بوابة الشروق
الأحد 7 سبتمبر 2025 11:20 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

في ذكرى مولده.. كيف أحب النبي السيدة خديجة وتحدى كل الأعراف؟

سوزان سعيد
نشر في: الأربعاء 3 سبتمبر 2025 - 11:12 ص | آخر تحديث: الأربعاء 3 سبتمبر 2025 - 11:12 ص

يستقبل المسلمون غدا الخميس 4 سبتمبر 2025 الموافق 12 ربيع الأول 1447 هـ المولد النبوي الشريف، تلك المناسبة التي يرتبط بها وجدان أكثر من 2 مليار مسلم حول العالم، ليحمدوا الله على إسلامهم والذي تم ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، ويتذكرون مناقب الرسول وخصاله الكريمة وأوامره ونواهيه، بالإضافة إلى مواقفه الحياتية، لتضئ لهم دربهم ولترشدهم في فتن الحياة واختباراتها.

وتمثل علاقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع زوجاته دليلًا لكل زوجين يطلبان التوفيق والحياة الزوجية الهانئة، لاسيما الارتباط الوثيق بينه وبين أولى زوجاته السيدة خديجة بنت خويلد، والذي كان إشارة واضحة إلى أن الزواج السعيد ينشد عبر المحبة الصادقة والوضوح بالإضافة إلى الدعم المتبادل بين الزوجين، بعيدًا عن الأعراف السائدة.

ويستعرض التقرير التالي جانبًا من مواقف سيدنا محمد مع أول سيدة آمنت برسالته، وفقًا لكتاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، للكاتب محمد رضا.

-النبي يمثل صفات الزوج الصالح

عرف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين قريش بأنه الصادق الأمين، وكان أهل مكة يستأمنونه على ودائعهم إلى أن هاجر إلى المدينة وترك ابن عمه علي رضي الله عنه مكانه فبقي حتى رد الأمانات إلى أهلها ثم هاجر.

وتحلى عليه الصلاة والسلام بالحكمة بالرغم من صغر سنه وهو ما تجلى في حادثة تجديد الكعبة والتي منع فيها التطاحن والاقتتال بين سادة قريش عندما تنازعوا حول من يملك أحقية حمل الحجر الأسود ووضعه في مكانه، واتفقوا لحل هذا الخلاف على انتظار أول من يدخل عليهم ليحكموه بينهم، وكان هذا الشخص هو النبي صلى الله عليه وسلم وعندما حكوا له عن اختلافهم، لم يفكر كثيرًا بل خلع رادؤه ووضع فيه الحجر الأسود وطلب من رأس كل قبيلة أن يمسك بطرف الرداء، وبالفعل حملت جميع القبائل الحجر الأسود، وأنهى بحكمته نزاعًا قد يصل إلى حد الحرب.

ابتعد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قبل رسالته عن كل الأفعال المعيبة التي يقوم بها أهل قريش في الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، ولم يأكل من القرابين التي قدمت للأصنام، بالإضافة إلى أنه لم يشرب الخمر، وكان يفتدي المولودة الأنثى التي ينتوي أهلها وأدها، ولم يلعب الميسر.

كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أيضًا من سادة قريش وكبارها، وتميزت بأنها امرأة عاقلة وشريفة، وغنية، ولما سمعت عن خصال النبي الكريمة، والتي تحاكى بها أهل قريش، اعتمدت عليه في تجارتها فربحت ربحًا طائلًا، ولم تكتف بما سمعته من أهل مكة عن مناقبه وصفاته، بل سألت مولاها ميسرة بعد عودته من التجارة مع النبي عن ما شاهده منه، فأكد لها ما سمعته وأخبرها بحبه الشديد له صلى الله عليه وسلم لمل وجده منه من خصال حميدة، مما زاد من إعجابها بالنبي وتفكيرها فيه كزوج لما يتمتع به من صفات طيبة، بالرغم من أنه لم يمتلك المال الوفير الذي لديها.

-زواج خارج الأطر التقليدية

تزوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة بنت خويلد، وهو ابن 25 عامًا، وبلغت رضي الله عنها عند الزواج به 40 عامًا، أي أنها تكبره بـ15 عامًا، بالإضافة إلى أنها لم تكن بكرًا فقد سبق لها الزواج مرتين قبل النبي، وبالرغم من ذلك لم تقف هذه الأمور عائقًا أمام الزوجين.

عثرت السيدة خديجة أيضًا على صفات الزوج الصالح التي تنشدها، والتي تجلت في صدق الرسول وأمانته وحكمته، وهو ما دفعها إلى طلب الزواج منه بأن طلبت من مولاتها نفيسة أن تعرض أمر الزواج على النبي، مما يظهر ذكاء السيدة خديجة وفطنتها فهي لم تطلب الزواج من النبي مباشرة وأرسلت له وسيط لتزيل عنهما الحرج في حال رفض النبي طلبها.

وعندما سألت نفيسة النبي عن الزواج، رد قائلًا: "ما بيدي ما أتزوج به"، فقالت: "فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة ألا تجيب، قال: فمن هي؟، قالت له: خديجة، قال: فأنا أفعل، وتم الزواج".

-آمنت به عندما يكذبه الجميع

عند اقتراب رسالته حبب الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخلوة والتعبد في غار حراء، ثم العودة إلى زوجه والتزود لاختلاء جديد، وكان صلى الله عليه وسلم يعبد الله على دين إبراهيم عليه السلام، وقبل بعثته بـ6 أشهر كان يرى الرؤيا الصادقة، والتي تتحقق تمامًا كما رآها.

وأثناء تواجده في غار حراء يوم الاثنين في 17 رمضان، والموافق 6 أغسطس سنة 610 م وعندما أتم النبي عليه الصلاة والسلام 41 عامًا، نزل عليه الوحي بشدة وأنزل الله تعالى أول آيات القرآن "إقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*إقرأ وربك الأكرم"، ليصاب الرسول بالفزع والبرد الشديد ويعود لزوجته السيدة خديجة قائلًا: زملوني، أي يطلب أن تغطيه ليشعر بالدفء، وبالفعل غطته السيدة خديجة وطمأنته حتى ذهب عنه الخوف، وطلبت منه أن يحكي لها ما حدث، لتبث الطمأنينة في النبي محمد بكلماتها الحنونة الداعمة، وتوضح له أن الله لن يخذله لأنه يتمتع بصفات حميدة فهو يصل رحمه، ورجل يتحمل المسئولية، وهو سخي يجود للشخص بما لا يجده عند غيره، بالإضافة إلى إكرامه للضيف، ووقوفه مع المكروبين في أوقات الشدة، وآمنت السيدة خديجة بالنبي صلى الله عليه وسلم على الفور وكانت بذلك أول سيدة في الإسلام تعلن إسلامها، في الوقت الذي ناصبته كل سادات قريش وكبارها العداء، بما فيهم أقرب الناس له، وهو عمه أبو لهب وزوجته أم جميل، والذين تعمدوا إيذاؤه معنويًا ولفظيًا، بالإضافة إلى الإيذاء الجسدي له ولأصحابه.

-تدعم زوجها بالأفعال وليس الكلمات فقط

لا شك أن الكلمات الداعمة تلعب دورًا كبيرًا في تقوية العلاقة الزوجية بين الزوجين، ولكن يجب دعمها بالأفعال وإلا أصبحت مجرد كلمات، وهو ما فعلته السيدة خديجة، إذ لم تكتف بكلمات الدعم والحب والمساندة للنبي صلى الله عليه وسلم عند بعثه بالرسالة، بل انطلقت إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل، والذي كان يدين بالمسيحية على عكس قومه، وكان على علم بالإنجيل والتوارة، ويكتب الإنجيل باللغة العبرية، وطلبت منه أن يأتي إلى منزلها ويقابل النبي صلى الله عليه وسلم ليحكي له ما حدث معه، لعله يجد عنده تفسيرًا يهدئ من روعه.

وعندما سمع ورقة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما جرى ليلة نزول الوحي عليه، بشره بأنه نبي الله إلى العالمين، وأن من نزل عليه بغار حراء هومن يسميه أهل الكتاب الناموس، وهو جبريل عليه السلام الذي نزل على النبي موسى عليه السلام، وتمنى لو كان شابًا قويًا وأن يبقى حيًا ليساند محمد في رسالته عندما يخرجه أهل مكة، ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم حجم الصعاب التي تواجهه ويستعد لها نفسيًا ومعنويًا، بفضل أن من الله عليه بزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها.

-حزن النبي محمد على وفاة خديجة

توفيت السيدة خديجة عن عمر يناهز 65 عامًا، بعد وفاة أبو طالب عم النبي محمد صلى الله عليه بـ3 أيام، في شهر رمضان قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بـ3 سنوات، وحزن الرسول على وفاتهما حزنًا شديدًا وأطلق على العام الذي رحلا فيه "عام الحزن"، لأنهما كانا من أشد المساندين له، في رسالته الوليدة، وبالفعل زادت قريش من تنكيلها بالرسول وصحابته بعد وفاتهما.


-وفاء النبي لخديجة ووصفها بأفضل نساء الجنة

حتى بعد وفاة السيدة خديجة بأعوام كثيرة، لم ينساها النبي صلى الله عليه وسلم بل كان يثني عليها كثيرًا أمام السيدة عائشة رضي الله عنها، مما أشعرها بالغيرة، إذ كانت شابة في ذلك الوقت تصغر السيدة خديجة بسنوات كثيرة، وهو ما دفعها إلى أن تقول للنبي "هل كانت إلا عجوزًا فقد أبدلك الله خيرًا منها، ليغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها حتى اهتز جبينه وقال لها: "لا والله ما أبدلني الله خيرًا منها، أمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادًا إذ حرمني أولاد النساء".

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن السيدة خديجة "أفضل نساء الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم".

صلى الله على نبينا محمد الذي ضرب مثلًا عظيمًا في الحب والصدق والوفاء لزوجته، ورضي الله عن السيدة خديجة بنت خويلد التي قدمت نموذجًا للمرأة المحبة والداعمة لزوجها بصدق وإخلاص.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك