فاز منذ ساعات قليلة عالم الوراثة السويدي سفانتي بابو - Svante Pääbo، بجائزة نوبل في الطب وعلم وظائف الأعضاء، وذلك لاكتشافه الاستثنائي الذي أثبت من خلاله أن البشر في زمننا الحالي يتشاركون الحمض النووي لأسلافهم من النياندرتال والدينيسوفان.

استطاع سفانتي الذي يبلغ من العمر 67 عامًا تحليل تسلسل جين الإنسان البدائي، وتأسيس علم جينوم أشباه البشر المنقرضة، وهو العلم الذي قاد لثورة في أبحاث علم التطور، فوفقًا لاكتشافات سافانتي تحدد زمن انتقال الجينات من أشباه البشر المنقرضين من نوع نياندرتال، إلى الإنسان العاقل، وهو ما تم منذ أكثر من 70 ألف عامًا تقريبًا.

لم يكن فوز سفانتي بجائزة نوبل في الطب حلمًا بعيد المنال مثلما يشعر كل شخص غيره، فهو شاهد والده سون بيرجستروم وهو يفوز بالجائزة في مجال الطب عام 1982، ليكون والده أمامه إلهامًا للمضي قدمًا، فحصل سفانتي على شهادة الدكتوراة في عام 1986، ليبدأ أبحاثه في معهد البيولوجيا الجزئية في نفس العام، هذا بحسب ما ذكر في موقع إنديا تايمز.
أ
جرى سفانتي أبحاثًا عدة عن جينوم الجنس البشري ومقارنته بجينوم أشباه البشر، حتى استطاع مع فريقه البحثي اختراع طريقة لعزل وتحليل الحمض النووي من بقايا العظام القديمة، ليكتشف الاختلافات الوراثية بين البشر المعاصرين وبين أشباه المنقرضين، وأن الجينات المنقولة بين جنس البشر وجنس هومو الذي كان يعيش الإنسان العاقل في ذلك الوقت، هي السبب في تطوير الجهاز المناعي لدينا.

سافنتي ينجز المهمة المستحيلة
عمل سافنتي كمدير لمعهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا منذ عام 1997، وهو زميل أبحاث فخري في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، وكانت نقطة التحول في حياته العلمية عندما اكتشف في عام 2010، طريقة لاستخراج وتسلسل وتحليل الحمض النووي القديم من عظام إنسان نياندرتال.

وحصل سفانتي على العديد من الجوائز بألمانيا تكريمًا لجهوده وأبحاثه المذهلة، وقد وصف بيان لجنة جائزة نوبل إنجاز سفانتي الذي جعله يقتنص الجائزة بالمهمة المستحيلة، فهو استطاع تحديد تسلسل زمني لجينوم نياندرتال، ووجد أنه كان يعيش مع جنس هومو العاقل منذ آلاف السنين.

ما أثبت نظرية سفانتي هو تحليل الحمض النووي لنياندرتال، والذي كان مشابهًا للبشر المعاصرين القادمين من أوروبا وآسيا، أكثر من البشر القادمين من أفريقيا، مما أعطى مفهومًا جديدًا لنظرية التطور، فعلم أخيرًا الوقت الذي هاجر فيه الإنسان من أفريقيا، كما اكتشف أن نوع نياندرتال عاش في غرب أوراسيا، بينما سكن نوع دينيسوفان شرق القارة، وكان يعيش معهم اثنان على الأقل من أشباه المنقرضين.

أوضح سفانتي من خلال اكتشافاته كيف أثر أسلافنا القدامى على أجسامنا، وذلك من خلال تحليل الحمض النووي لنوع دينيسوفان الذي اكتشف عام 2008، من خلال العثور على بقايا عظام من أصبع بكهف بسيبيريا، فخلصت نتائج التحليل إلى وجود جين EPAS1، الذي يمنح الإنسان القدرة على البقاء على قيد الحياة فوق المرتفعات، مثلما يعيش بعض الصينيون فوق جبال التبت حاليًا.

وأكدت أبحاث سفانتي أن هذه الجينات انتقلت إلينا عن طريق التزواج والإنجاب بين إنسان دينيسوفان والإنسان العاقل، مما أظهر أن الإنسان المعاصر مازال يحمل جينات الإنسان البدائي سواء من نوع نياندرتال أو دينيسوفان، ويتوقع العلماء أن يفيد هذا الاكتشاف الإنسان المعاصر في العديد من المجالات الطبية، هذا بحسب ما ذكر في بي بي سي.

من المقرر أن يتسلم سفانتي جائزة نوبل في الحفل الذي سيقام في 10 من شهر ديسمبر القادم، وتبلغ قيمة الجائزة 10 مليون كرونة سويدية، أي ما يعادل 900 ألف دولار.