نبيل فهمي بعد إطلاق كتابه «في قلب الأحداث»: دورنا في المنطقة دبلوماسي إجبارا لا اختيارا - بوابة الشروق
الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 9:24 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

نبيل فهمي بعد إطلاق كتابه «في قلب الأحداث»: دورنا في المنطقة دبلوماسي إجبارا لا اختيارا

كريم البكري:
نشر في: الأحد 6 فبراير 2022 - 11:14 ص | آخر تحديث: الأحد 6 فبراير 2022 - 11:14 ص

- سفير فرنسا بأمريكا قال لي: «تتعاملون كأنكم العضو الـ16 في مجلس الأمن»
- طالما مثّل الدبلوماسيون المصريون دول المنطقة.. لنا سبق قيادي ودبلوماسي في المنطقة
- أمريكا حاولت التأثير في مصر تحت شعار «الإصلاح السياسي».. وكانت تستهدف الدول ذات الجيوش القوية
- كنت أبلغ الجانب الأمريكي دائما أننا نجتهد من أجل الإصلاح السياسي.. لم أدّع أننا دولة ديمقراطية
- أبلغت الرئيس مبارك أن مكالمتي معاه «قد تكون مسجلة».. أمريكا كانت تتنصت علينا
- مبارك كان يهاتفني مرة كل أسبوعين عندما كنت سفيرا في واشنطن
- كنت لأتخذ نفس موقف والدي مع السادات إذا كنت محله.. والخلاف بينهما كان سياسيا
- أمريكا بعد 11 سبتمبر ظنت أن الإسلام السياسي هو مستقبل قيادة المنطقة
- أنا دبلوماسي غير دبلوماسي.. وطالما وجهت نصائح وانتقادات للقيادة السياسية في مصر
حل وزير الخارجية السابق نبيل فهمي ضيفًا على الإعلامي إبراهيم عيسى، للحديث عن كتابه الجديد "في قلب الأحداث" الصادر عن دار الشروق من ترجمة وتحرير الكاتب الصحفي أشرف البربري، مدير تحرير جريدة الشروق، والذي يوثق لقرابة نصف قرن من الأحداث الدولية والإقليمية، ويسلط الضوء على الدور الدبلوماسي له.

وبعدما شغل نبيل فهمي منصب سفير مصر لدى الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 9 سنوات، ثم وزير الخارجية في فترة حساسة تلت ثورة 30 يونيو 2013 ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن كونه نجل وزير الخارجية الأسبق إسماعيل فهمي؛ كلها مقومات جعلت كتابه أكثر من مجرد مذكرات، ولكنه توثيق لمراحل دقيقة من عمر الوطن وتحليل لرؤى الدولة المصرية في ظل التعامل مع العالم الغربي.

خلال اللقاء المذاع على فضائية «القاهرة والناس»، مساء الأربعاء، تطرق فهمي للحديث عن علاقته بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أثناء كونه سفيرًا في واشنطن، وذكريات خلاف والده مع الرئيس السادات أثناء مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل، ورؤيته للوضع الأمثل للدور المصري في المنطقة.

ذكر فهمي، أن الحالة المصرية في العالم العربي تعتبر «فريدة» نظرًا لامتلاكها تاريخ قديم ومؤسسات عريقة واحتوائها على العديد من الثقافات والجنسيات والجذور؛ ما يسهل عملية التعامل مع الغير ويجعل العمل الدبلوماسي لمصر أمر حتمي لا اختياري؛ خاصة وأن الدولة تعتمد على الاستيراد وموقعها يربط بين قارتين.

واعتبر أن الدبلوماسية المصرية تمتاز بكونها «دبلوماسية مؤسسات» أي أن كل جهة لها دور خاصة رئيس الجمهورية الذي يحدد السياسة العامة، مستشهدًا بواقعة في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان يشغل منصب سفير القاهرة بواشنطن والتقى نظيره الفرنسي -آنذاك- والذي قال له: «لماذا تتعاملون وكأنكم العضو الـ16 في مجلس الأمن.. وتعلم ما يحدث بداخله كأنكم أعضاء؟ لماذا مصر بالتحديد»، وكانت إجابة السفير المصري أن مصر يجب أن يكون لها دور قيادي؛ نظرًا لتاريخها وموقعها الذي يطل على بحرين وقارتين.

وتأكيدًا على أهمية الدبلوماسية المصرية، قال إن الكوادر المصرية طالما مثلت دول العالم العربي حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي، متابعًا: «بعض المؤسسات كانت تطلب فهمًا فنيًا موّسعًا مثل الأمم المتحدة؛ لذلك كان يتم ترشيح الدبلوماسيين المصرية؛ خاصة وأن مصر دولة لا تمتلك أجندة ضد أي دولة عربية».

وفيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا على الدبلوماسية، اعتبر وزير الخارجية السابق، أنها تسببت في انكماش دور المؤسسات بينما ارتفع دور الأفراد، موضحًا: «قديمًا كانت الرسائل بين الدول تُرسل عن طريق طرود تصل وتشحن عبر السفن، ولكن الآن بات من السهل أن يتواصل رؤساء الدول»، مشددًا على أهمية دور رئيس الدولة دبلوماسية، وضرورة التناغم مع المؤسسات في نفس السياق.

استعاد السفير نبيل فهمي، ذكريات منصبه كسفير لمصر بواشنطن في الفترة من 1999 حتى 2008، مشيرًا إلى حرص المحافظين الجدد على تغيير طبيعة الشرق الأوسط؛ الأمر الذي أدى لاستهداف العالم العربي وخاصة الدول التي تمتلك جيوشًا قوية.

واستكمل تحليله للأحداث الماضية: «المحافظون الجدد كانوا يرغبون في استهداف العالم العربي من أجل مصلحة إسرائيل، ومصر هي العمود الفقري للعالم العربي وهم كانوا يرغبون التأثير فيها، ولم يكن لهم مدخل سوى مصطلح الإصلاح السياسي». ورغم ذلك لم ينف أن بعض الشخصيات -خارج السلطة- كانت ترغب في تحقيق إصلاح سياسي حقيقي بلا مصالح.

وعن رده كسفير مصري حول مطالبات الجانب الأمريكي بالإصلاح السياسي في مصر، أشار إلى تصريحاته الممتدة حول «اجتهاد مصر للإصلاح»، موضحًا: «لم أدّعِ أننا دولة ديمقراطية، وكنت دائما أقول أننا نجتهد من أجل الإصلاح السياسي».

في مذكرات نبيل فهمي الصادرة عن دار الشروق بعنوان «في قلب الأحداث»، روى واقعة عندما أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس المصري -آنذاك- محمد حسني مبارك، من واشنطن، وطالبه بعدم التعليق على الأمر خوفًا من التنصت على المكالمات؛ الأمر الذي طرحه الإعلامي إبراهيم عيسى متسائلا: هل التنصت كان من أمريكا أم من جهة أخرى؟ وهل كان على هاتف السفير أم رئيس الجمهورية؟

كانت إجابة الدبلوماسي المصري واضحة، قائلا: «بالتأكيد من أمريكا.. ولا أعلم هل هناك دول أخرى تشترك أم لا»، موضحًا أن الجهات الرسمية تتنصت على المكالمات المهمة أو رفيعة المستوى، مؤكدًا حدوث ذلك رغم إنكار الجانب الأمريكي دائما.

واستكمل: «كنت دائما أعلم أن مكالماتي المهمة قيد التسجيل، ولا حرج عليّ.. أنا كنت أنقل لرئيس دولتي ما يحدث وهذا لا خوف فيه، ولكن يجب حماية تعليق الرئيس على ما سمعه من معلومات».

وأوضح أن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، في حاجة دائمة إلى مصر رغم «الشد والجذب وعدم الحب»، متابعًا: «كجانب مصري كنا نرغب في حل للقضية الفلسطينية، سبق ورفضنا اتفاق باريس الاقتصادي الذي يجعل الاقتصاد الفلسطيني جزءًا من الاقتصاد الإسرائيلي، وهذا الرفض جعلهم يتزمتون معنا».

«الشخص الأمريكي مادي»، بهذه العبارة سلّط «فهمي»، الضوء على ملف المساعدات الأمريكية لمصر والممتد منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، مضيفًا: «هم يجدون أننا نحصل على مساعدات؛ لذلك يجب أن نردها لهم سياسيا، ولذلك استنكروا موقفنا في ملف العراق وفلسطين».

وكشف كواليس استدعائه من الكونجرس الأمريكي قبيل غزو العراق، قائلا: «رفضت المثول أمام الكونجرس فقرروا النقاش معي في جلسة سرية، وسألوني عن موقف مصر من غزو العراق وأكدت لهم رفضنا، وحرصنا على ضرورة تحصين المؤسسات العراقية».

كما وصف السفير نبيل فهمي نفسه بأنه «دبلوماسي غير دبلوماسي»؛ مستطردًا: «كدبلوماسي أنا مسؤول عن حماية المصالح المصرية أثناء عملي بالخارج، ولكن كان هناك رسائل أوجهها للداخل من أجل النصيحة».

وأشار إلى تواصل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك معه هاتفيا في بداية عمله بواشنطن بمعدل مرة كل أسبوعين، لافتًا إلى أنه كان يمتاز بـ«حُسن الاستماع»، مضيفًا: «كان يستمع دائما للسفراء، وقد يأخذ رأيه منفردًا ولكنه كان جيد الاستماع.. وفي إحدى المرات علقت له على موقف وقلت إن صاحب القرار يريد الإضرار بالرئيس».

وذكر وزير الداخلية السابق، أن رئيس الدولة المنتخب هو المنوط به وضع ملامح سياسات الدولة، ومن ثم يأتي دور المؤسسات في تنفيذ هذه السياسة، ضاربًا مثال بحقبة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي كان يمتلك اتجاهًا قوميًا تغير على يد الرئيس الراحل أنور السادات، مؤكدًا تغير سياسة الخارجية المصرية وفقًا لسياسات الرؤساء.

وروى موقفًا جمع والده وزير الخارجية الأسبق إسماعيل فهمي، بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، قائلا: «والدي عندما كان وكيلا للوزارة انتقد التقارب المبالغ فيه مع الجانب الروسي، وحذر منه، ولكن تم إجبار والدي على إجازة من عمله لمدة 6 أشهر؛ حتى التمس السادات صحة حديثه فدعاه مرة أخرى».

إسماعيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق الذي قاد الوزارة بعد حرب السادس من أكتوبر 1973 واستقال عام 1977 اعتراضا على زيارة الرئيس محمد أنور السادات إلى إسرائيل، كان يرى أن العمل العام مزيج من «الأمانة والمسؤولية»؛ ما يحتم عليه أن ينصح رئيس الجمهورية إذا التمس خطرًا، وفقًا لرواية الابن نبيل فهمي. وتابع: «والدي والسادات اختلفا سويا بكل احترام، وبعض المسؤولين حاولوا الوساطة ولكن الرئيس قال لهم إنه لن يقبل بالعودة إلى الوزارة مرة أخرى، فكلاهما اختلفا اختلافا سياسيا بدون إساءة، وإذا حدث اختلاف بين مسؤول ورئيس منتخب، يجب على المسؤول الاستقالة؛ فلا يصح أن يستقيل الرئيس».

«الدبلوماسي كلما كبر تحمل مسؤوليات سياسية»، بهذه الكلمات أجاب عن سؤال: «هل الدبلوماسي يجب أن يكون سياسيا؟»؛ مشيرًا إلى حرصه على تمثيل بلده بأفضل صورة،

نبيل فهمي الذي جلس على مقعد والده عام 2013، هل إذا كان وزيرًا في السبعينيات كان سيستقيل كما والده؟ أجاب الابن إجابة قاطعة وسريعة وقال: «بالطبع كنت سأستقيل.. وأرض سيناء كانت ستعود لا محالة، وأنا لا أشكك في هدف الرئيس السادات، ولكني لم ألتمس من مبادرة السلام أي تغير في موقف إسرائيل.. لم يتغير شيئا سوى رد الفعل الغربي بشأننا».

وأنهى هذا الملف قائلا: «السادات كان رئيسا قويا، ووالدي كان وزيرا قويا، وأنا لا أشكك في حُسن نية السادات، وإذا حدث الاختلاف يجب على الوزير الاستقالة وهذا ما فعله والدي».

وأضاف أنه عندما كان سفيرا لمصر بواشنطن طيلة 9 سنوات، كان حريصًا على إبلاغ القيادة المصرية برأيه بالكامل في القرارات المتخذة كافة، مشددًا أن هذا يتم سرًا لا في العلن، مع الحفاظ على صورة الدولة المصرية.

في صفحاته كتابه، رصد الدبلوماسي المصري تقارب مستمر بين الدول الكبرى والغرب مع القوى الإسلامية في الشرق الأوسط، ليقول إن بعد هجمات 11 سبتمبر تبنى الغرب قناعة بأن التيار السياسي الإسلامي سيكون هو الفائز النهائي؛ لذلك انضم لهم ووفر غطاءً لهم، معلقا على موقف مصر من حُكم الإخوان المسلمين: «بعدما ثار الشعب بعد عام واحد فقط، وتدخلت الدولة؛ ما وفّر فرصة لكل من يريد معارضتنا من الخارج، وبدأت الاتهامات بأن مصر خرجت عن مسار الإصلاح السياسي والديمقراطية».

وعن كواليس تكليفه بحقيبة وزارة الخارجية في حكومة حازم الببلاوي، عقب ثورة 30 يونيو، قال إنه رفض عرض الوزارة أكثر من مرة، ولكن تلك الفترة الحرجة؛ كان سببًا وراء تلبية النداء، مضيفًا: «طلبت أن يكون لنا موقفا متوازنًا مع بقية الدول، وأن نعود لنحمل زمام المبادرة إقليميا، فريادتنا ليست مادية ولكنها حضارية وفكرية، وكان يجب أن ننشد السلام مع الجيران ونستعيد الدور الإقليمي».

وعن أسباب رفضه الوزارة عدة مرات، أوضح أن والده شغل نفس المنصب، كما تقارب مع السيد عمرو موسى أثناء تقلده نفس المنصب؛ الأمر الذي شكّل لديه حالة من الاكتفاء مع تقدير صعوبة مسؤوليات المنصب.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك