أمريكا حاولت تغيير العقيدة القتالية للجيش المصرى لكن المشير طنطاوى رفض - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:21 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

واشنطن تؤمن بأن الجيش أهم وأقوى المؤسسات المصرية ولا تتخيل انهيار علاقتها به

أمريكا حاولت تغيير العقيدة القتالية للجيش المصرى لكن المشير طنطاوى رفض

القائد الاعلى للقوات المسلحة السابق المشير طنطاوى
القائد الاعلى للقوات المسلحة السابق المشير طنطاوى
واشنطن ــ محمد المنشاوى
نشر في: الأحد 7 يوليه 2013 - 9:39 ص | آخر تحديث: الأحد 7 يوليه 2013 - 9:42 ص

تقسم وزارة الدفاع الأمريكية العالم لعشرة مراكز قيادة رئيسية، وتقع مصر ضمن دول «القيادة المركزية الأمريكية American Centra Command - CENTCOM»، والتى تأسست فى الأول من يناير 1983 ويقع مركز القيادة فى مدينة تامبا بولاية فلوريدا.

 

وبعد انتهاء أزمة الرهائن فى إيران وبدء الغزو السوفيتى لأفغانستان ظهرت الحاجة لتقوية المصالح الأمريكية فى المنطقة، فأنشأ الرئيس جيمى كارتر قوات الانتشار السريع فى مارس 1980، ثم اتخذ الرئيس رونالد ريجان قرارا بوجود أقوى فى المنطقة من خلال خطوات لتحويل قوات الانتشار السريع إلى قيادة موحدة دائمة.

 

 وتتألف المنطقة الخاضعة لمسئولية القيادة المركزية الأمريكية من 20 دولة تمتد غربا من مصر إلى بلاد الشام، ودول الخليج، ووسط وجنوب آسيا حتى باكستان وأفغانستان فى الشرق، وتعد العلاقات العسكرية بين القاهرة وواشنطن حجر الأساس للتصورات الأمنية الأمريكية فى علاقاتها بأحد أهم أقاليم العالم.

 

 تاريخ طويل

 

يرجع تاريخ العلاقات العسكرية بجذورها للنصف الثانى من القرن التاسع عشر، عقب انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865، وبمجرد انتهاء الحرب اختار عشرات الجنود والضباط الأمريكيين الانتقال لمصر والانضمام لجيشها وتقديم خدماتهم للخديو إسماعيل، حيث جعل افتتاح قناة السويس، عام 1869، من مصر أهم دول العالم لسيطرتها على أهم طرق الملاحة الدولية بين قارتى آسيا وأوروبا، وأعطاها بريقا خاصا ساهم فى شعور العسكريين الأمريكيين بأهمية ما يقومون به.

 

 خدم فى الجيش المصرى أكثر من ثلاثين أمريكيا منهم ستة جنرالات، كان أهمهم الجنرال الجنوبى وليام لورنج الذى خدم لمدة تسع سنوات فى برامج تحديث جيش مصر، ثم ترقى ليصبح مسئولا عن وحدات الدفاع البحرى، وشارك فى محاولات ضم دول القرن الأفريقى لمصر.

 

وحصل الجنرالات الأمريكيون على راتب سنوى بلغ 2500 دولار ذهبى، وعهد لهم بالمشاركة فى تدريب الجيش المصرى، كما ساهموا بصورة كبيرة فى تأسيس عدد من المدارس العسكرية، وتحسين البنية الأساسية لمواصلات الجيش المصرى واتصالاته، ودعموا الحملات العسكرية المصرية فى الدول الأفريقية.

 

وخلال الاحتلال البريطانى لمصر لم يكن هناك وجود لعلاقات عسكرية مصرية أمريكية جادة. وبعد الاعتراف الأمريكى بدولة إسرائيل، وما تبعه من لجوء مصر لتسليح جيشها الوليد بعد حركة ضباط 1952 من دول الكتلة الشرقية، طورت مصر علاقاتها العسكرية بصورة كبيرة مع الاتحاد السوفييتى.

 

وعندما فاجأ الرئيس أنور السادات العالم بطرد الآلاف من الخبراء السوفييت الموجودين فى مصر فى صيف 1972، كان رد الفعل الأمريكى دليلا كافيا للتعرف على ما تمثله مصر من أهمية للاستراتيجية الأمريكية.

 

ثم عادت العلاقات العسكرية بقوة بعد توقيع مصر وإسرائيل اتفاق سلام عام 1979 والذى يقضى بوجود مئات من العسكريين الأمريكيين فى شبه جزيرة سيناء ضمن قوات حفظ السلام الدولية. وبدأت مصر فى الحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية أمريكية منذ ذلك الحين بلغ إجماليها حتى عام 2013 ما يقرب من 75 مليار دولار.

 

وأصبح مكتب التعاون العسكرى OMC الملحق بالسفارة الأمريكية فى القاهرة، والمعنى بالتعاملات العسكرية بين الدولتين، يمثل ثانى أكبر مكتب من نوعه فى العالم، كما أصبح مبنى مكتب الدفاع المصرى فى واشنطن أكبر من السفارة المصرية نفسها.

 

 وترى واشنطن أن الجيش المصرى أهم وأقوى المؤسسات المصرية، حتى خلال حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولا يتخيل الخبراء الاستراتيجيون الأمريكيون عدم وجود علاقات خاصة مع مصر، فهم يتذكرون جيدا دور جيش مصر فى حرب الخليج الأولى، حيث شاركت فيها بما يزيد على 30 ألف عسكرى حاربوا بجوار الأمريكيين، وهو ما سهل انضمام دول عربية أخرى للتحالف.

 

 وترى واشنطن أن الجيش المصرى يفهم العقيدة العسكرية الأمريكية، ويعتمد فى تسليحه على التكنولوجيا والعتاد الأمريكي. ولا تريد أن تتخيل واشنطن وجود جيشا مصريا عقيدته إسلامية متشددة، ويسعى للحصول على سلاح نووى مثل نظيره الإيرانى. لا تتخيل واشنطن جيشا مصريا لديه موقف رمادى من قضية الحرب على الإرهاب مثل الجيش الباكستانى.

 

وقطعا لا تريد واشنطن جيشا مصريا يحصل على سلاحه من دول أخرى منافسة مثل روسيا أو الصين، أو حتى صديقة مثل فرنسا وبريطانيا.

 

العلاقات العسكرية ــ العسكرية هى أساس العلاقات الثنائية الحميمة التى عرفتها الدولتان بعد حرب أكتوبر وانتهاء حكم الرئيس مبارك. وتدرك واشنطن أن هذه العلاقات ترسل إشارات مهمة للداخل المصرى ترفض قيام دولة دينية على النسق الإيرانى أو السعودى، وترسل أيضا للداخل الأمريكى رسائل تتضمن حدود الضغط على حكام القاهرة فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

مجالات التعاون العسكرى

 

 تتسم العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر بخصوصية واضحة ترتبط بالموقع الجيو ــ استراتيجى المصرى. وإضافة إلى مكانة القاهرة المركزية فى المنطقة العربية، وانتمائها لمنظومات متعددة للأمن الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وشمال أفريقيا، وكلها ذات أهمية حيوية للمصالح الأمريكية لاسيما ما يتصل منها بأمن الطاقة وتأمين منابع النفط فى منطقة الخليج العربى.

 

كما أن لمصر دورا رائدا فى الحرب على الإرهاب، والحفاظ على أمن إسرائيل، ومكافحة القرصنة فى جنوب البحر الأحمر ومضيق عدن.

 

وتمثل مصر بالنسبة لشركات السلاح الأمريكية دولة متوسطة الإنفاق العسكرى وفق تقارير التسلح ونزع السلاح والأمن الدولى الصادرة عن معهد استكهولم لأبحاث السلام الذى قدر الإنفاق العسكرى المصرى بنحو 3.4 مليار دولار عام 2009.

 

واحتلت مصر المركز التاسع فى قائمة أكثر الدول استيرادا لمنظومات التسلح على مستوى العالم فى الفترة بين عامى 2004 و2009 إذ تستحوذ على نسبة 3% من واردات الأسلحة على المستوى العالمى، لذلك تستهدف شركات السلاح الأمريكية السوق المصرية بما يضمن زيادة القاهرة مشترياتها من السلاح الأمريكى، والذى أصبح أحد أهم أهداف الشركات سالفة الذكر للحفاظ على صدارة الولايات المتحدة بين الدول المصدرة للسلاح على مستوى العالم.

 

خلافات لا تعوق التعاون

 

أشار الباحث الأمريكى المتخصص فى الشئون العسكرية ماثيو أكسلرود فى مقال حول العلاقات الدفاعية بين القاهرة وواشنطن فى مجلة ورلد بوليتكس ريفيو إلى أن مصر قد قدمت للولايات المتحدة تسهيلات عسكرية متعددة فى الفترة بين عامى 2001 و2005 لاسيما السماح لنحو 35 ألف انطلاقة طيران أمريكية بعبور مجالها الجوى ونحو 850 شحنة بحرية للمرور عبر قناة السويس.

 

إلا أن الخبير الأمريكى أشار إلى أن القاهرة لم توافق إلى الآن على التوقيع على اتفاقية الاتصال والعمليات المشتركة والأمن، التى تمنح للولايات المتحدة تسهيلات أوسع نطاقا فى عبور القوات والإفادة من الموانئ المصرية على غرار توقيع دول مجلس التعاون الخليجى على تلك الاتفاقية وهو ما يرفضه المسئولون العسكريون المصريون باعتباره اختراقا للسيادة المصرية وفى هذا الإطار يربط الكاتب بين رفض مصر توقيع تلك الاتفاقية وبين غياب التوافق بينها وبين واشنطن حول إرسال قوات مصرية للمشاركة فى عمليات تأمين الملاحة البحرية فى مضيق عدن ومكافحة القرصنة.

 

رؤية دبلوماسية للجيش المصرى

 

أظهرت البرقيات الدبلوماسية التى نشرها موقع ويكيليكس خلافا فى وجهات النظر بين واشنطن والقاهرة بشأن تطوير مهمة الجيش المصرى مع إصرار القيادة المصرية على إعداده فى المقام الاول لمواجهة عسكرية تقليدية.

 

 وكشفت البرقيات، التى تعود إلى 2008 و2010، عن أن واشنطن ترغب فى تطوير الجيش المصرى لتوسيع نطاق مهمته وزيادة تركيزها على التهديدات الجديدة، فى حين تتمسك القاهرة بمهمته التقليدية فى حماية البلاد.

 

 وجاء فى برقية رقم CAIRO 000549 الصادرة فى مارس 2009 أن «الولايات المتحدة سعت إلى إقناع الجيش المصرى بتوسيع مهمته بطريقة تتواكب مع التهديدات الامنية الاقليمية الجديدة مثل القرصنة والامن على الحدود ومكافحة الارهاب»، إلا أن «القيادة المصرية القديمة قاومت جهودنا وهى راضية عن المضى فيما تقوم به منذ سنوات: التدرب على نزاع تتواجه فيه قوتان بمزيد من القوات البرية والمدرعات»، تحسبا لنزاع محتمل مع اسرائيل فى المستقبل.

 

ورأت واشنطن أن المسئول عن ذلك هو وزير الدفاع، وقتها، المشير محمد حسين طنطاوى، حيث وصفته الوثيقة بأنه «العقبة الأساسية أمام تحويل مهمة الجيش»، وقالت إنه «منذ تولى المشير طنطاوى مهام منصبه تراجع مستوى التخطيط التكتيكى والعملانى للقوات المسلحة المصرية».

 

 وذكرت برقية، صدرت فى فبراير 2010، أن «إدارة أوباما قالت لمسئولين عسكريين مصريين إن الجيش الحديث يجب أن يكون مجهزا بعتاد نوعى حديث وليس بكميات ضخمة من العتاد القديم»، ورد هؤلاء المسئولون بأن «التهديدات التى تواجهها مصر مختلفة» عن تلك التى تواجهها الولايات المتحدة.

 

وتذكر الوثيقة أن العسكريين المصريين أكدوا أنه «يجب أن يكون لمصر جيش تقليدى قوى لمواجهة الجيوش الاخرى فى المنطقة» مشددين على أن الأولوية بالنسبة لهذا الجيش هى الدفاع عن الاراضى المصرية وعن قناة السويس».

 

واختتمت الوثيق بالقول إنه ورغم كل ذلك فما تزال واشنطن ترى أن «الجيش المصرى ما زال يشكل قوة سياسة واقتصادية قوية تساعد على ضمان استقرار المنطقة».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك