قصص حقيقية عن قائمة المنقولات.. هل تعرقل الزيجات؟ وهل تكفي لحفظ الحقوق؟ - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:31 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصص حقيقية عن قائمة المنقولات.. هل تعرقل الزيجات؟ وهل تكفي لحفظ الحقوق؟

ياسمين سعد
نشر في: الأربعاء 9 يونيو 2021 - 2:13 م | آخر تحديث: الأربعاء 9 يونيو 2021 - 2:13 م

ما هو حكم الشرع فيها؟

هل يوجد قائمة في المسيحية؟

وما هي مواقف الرجال خلال كتابة القايمة؟

"قايمة المنقولات".. ورقة يشوب بياضها، نقوش حبر، ترسم كلمات تدل على أثاث منزل الزوجية ومحتوياته؛ من أَسِرة وكراسي وأطباق، وأجهزة مطبخ وخلافه، تلك الورقة رغم بساطة وصفها، إلا أنها قد تكون قنبلة موقوتة توقف وتمنع زيجات، إذا ما اختلف الطرفان حولها.

 

وفيما يلي، تعرض "الشروق" بعض القصص التي توضح مواقف الرجال خلال كتابة "القايمة"، والتي طلب أصحابها عدم ذكر أسمائهم؛ لاستشعار الحرج بسبب إلغاء الزيجة قبل الفرح بأيام.

 

• ابني قاصر ومش هيمضي على قايمة

 

تعرفا على بعضهما في كلية الفنون التطبيقية، فنشأت قصة حب عمرها 5 سنوات، ثم انتظرته ليقضي فترة الجيش، فتمت خطبتهما لمدة سنتين، ولكن 7 سنوات من الحب والتعاهد على الزواج، لم تمنع عائلة العريس من إلغاء الزيجة قبل الفرح بيوم واحد فقط.

 

تقول "ن. م." إنها كانت ترقص كأي عروس في يوم حنتها، وفوجئت بوجود صراخ في الخارج، لتكتشف أن أهل العريس غير موافقين على كتابة القايمة، بالرغم من أن العريس قام بالإمضاء عليها قبل يوم الحنة بأسبوع كامل: "أبو العريس قال لأبويا (إزاي تمضوا ابني على القايمة دي كلها؟!)، أنتوا ضحكتوا عليه، ده لسه قاصر، إحنا عاوزين القايمة نقطعها، ومش هتكتبوا الحاجات دي فيها، أنتوا كده بتسرقونا".

 

نشبت مشاجرة بين العائلتين، كانت نهايتها إلغاء حفل الزفاف ومنع العروس من دخول شقة الزوجية لكي تحصل على ملابسها لمدة شهر كامل، حتى يحصلوا منها على الشبكة أولا، مقابل الملابس.

 

• البنت كبيرة وماتستحقش قايمة

 

أما "س. ع."، سلكت طريقا آخر غير طريق الحب بزواج الصالونات، ظنا منها أن عريس الصالونات جاد في الزواج، ومستعد ماديا، ولكن للأسف كانت النتيجة واحدة، وهي إلغاء الزيجة قبل حفل الزفاف بـ5 أيام فقط: "عائلة العريس رفضت شراء الشبكة، وقالوا إنهم هيستخدموا الفلوس في شراء باقي أثاث شقة الزوجية، لكن عائلتي رفضت، وتشاجرت العائلتين لرفض عائلة العريس القاطع، شراء الشبكة وتم فسخ الخطبة".

 

لم يمر كثيرا حتى عادت عائلة العريس مع وعد بشراء الشبكة وتسليمها للعروس ليلة الزفاف، وصدّق والد العروس الوعد، لأنه يأتمن عائلة العريس، ولكن قبل الزفاف بـ5 أيام، جلس الوالد مع عائلة العريس، وفوجيء بأنهم رفضوا كتابة الشبكة التي لم ترها العروس من قبل ضمن محتويات القايمة، ومع ذلك قبل والد العروس، قائلا: "مش مشكلة أنا قابل مانحطهاش".

 

وبدأت عائلة العريس التشكيك في ثمن الأثاث الذي اشترته عائلة العروس، بعد اتفاقهما على تجهيز كل شيء النصف بالنصف، وبالرغم من عرض والد العروس لجميع فواتير الأثاث، إلا أنهم قالوا إن هذه الفواتير "ليست صحيحة"، ولابد من تخفيض ثمن الأثاث في القايمة، ثم صاح العريس بعد رفض الوالد لتغيير ثمن الأثاث إلى أقل من ثمنه قائلا: "أنت بتعمل كل ده ليه، بنتك ماتستحقش كل ده، دي عندها 33 سنة، هتضيع عمرها عشان القايمة؟ أنت مغليها أوي، وهي كبيرة ماتستحقش كل الفلوس دي"، فما كان من والد العروس إلا إلغاء الزيجة وتمزيق ورقة القايمة، وترك العريس على الفور.

 

• مطلقة وابنك هياخد كل حاجة مش هاكتب قايمة

 

بينما انتهت زيجة "ر. ش." بسبب أنها مطلقة ولديها طفل، فبالرغم من حب خطيبها الكبير لها، وموافقته على أن يكون أبا بديلا حنونا لابنها، إلا أنه رفض رفضا تاما الإمضاء على القايمة، لأنه رأى -بحسب قولها- "فلوسها كتيرة وهي معاها ابن، وهو اللي هياخد كل ده، فيديله كل الفلوس دي ليه؟".

 

وبالرغم من أن العريس لم يبخل في المشاركة بتجهيز حفل الزفاف الذي تكلف 150 ألف جنيه، إلا أنه فضل ترك كل شيء، وخسر المال بسبب إلغاء حجز قاعة الزفاف قبل الفرح بأيام، في سبيل عدم الإمضاء على القايمة التي لن تكلفه شيء إلا في حالة الطلاق.

 

• عائلتا العروس والعريس تضربان بعضهما بسبب القايمة

 

أما الزوج "و. م."، روى موقفا يعتبره طريفا الآن بعد سنوات من الزواج، وهو أنه حدثت مشكلة على القايمة خلال حفل الزفاف، حيث انفعلت عائلته عندما قرأت القايمة التي قام بالإمضاء عليها قبل حفل الزفاف بأسبوع، واتهموا عائلة العروس بالتشكيك في نوايا العريس، والمبالغة، فما كانت من العائلتين سوى ضرب بعضهما خلال الحفل.

 

حاول جميع المعازيم تهدئة الأوضاع حتى لا يصاب أحد بإصابات خطيرة، وكانت الزيجة على وشك الإلغاء، وكادت العروس بالفعل أن تغادر حفل الزفاف، إلا أن العريس تمسك بها، وأصرّ على إتمام حفل الزواج الذي انتهى قبل موعده، لأن "الجميع كان منهكا من الضرب".

 

• الفتاة تتكلف بأشياء كثيرة في الزواج وكتابة القايمة حق لها

 

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط، أن ما يعرف بـ"قائمة المنقولات الزوجية" التي تكتب لصالح الزوجة قبل الزواج، أمرا لم يكن في الزمان الأول.

 

وأضاف: "بعدما تغيرت الأحوال والظروف، وخاصة في مصر، فمن المعروف أن الزوجة تتحمل أعباء كثيرة وتتكلف بأشياء كثيرة في مسألة الزواج، ربما يفوق ما ينفقه الزوج في بعض الأحيان، وهنا إذا لم تكتب القائمة، وكان الزوج غير متدين، فإنه يستطيع أن يطلق زوجته وليس عليه شيء، وبهذا نكون أهدرنا حق هذه الزوجة".

 

وتابع: "ومن هنا جاء أهل رأي العلم، وهو أنه كتابة القائمة يعد حقا للزوجة، ولا يجوز لأحد التنازل عنه بديلا عنه، وإذا كانت هناك بعض الأحوال الشاذة، يتنازل فيها بعض الآباء عن حقوق بناتهن، فلا يجب أن يكون هذا عاما للجميع، وإذا ذهب أحد العرسان طالبا الزواج بدون قائمة، فمن حق الأب ألا يرضى به زوجا، ولكن يجب أن ننبه أيضا على أنه يجب أن يكتب في القائمة الموجود فقط، بمعنى أن كتابة أشياء لم تقم بشرائها الزوجة، يعد مخالفا للشرع".

 

• القائمة تكتب بغرض تثبيت حقوق العروس

 

في حين قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: "القائمة هامة لأنها تكتب بغرض تثبيت حقوق العروس، خاصة عند وقوع الخلاف والانفصال، وتتركز أهميتها في ضمان حصول المرأة على أكبر نسبة من حقوقها خلال هذا الموقف".

 

وأضافت: "مع إقراري بأهمية القائمة، إلا أنه يجب أن يكون لها ضوابط، وهي عدم المغالاة في القائمة، حتى لا ننفر العريس من الزيجة، ولا نزرع الكراهية والبغض بين العروسين، تحت شعار رغبة استقلال الطرف الآخر، فأنا أرحب بكتابتها وتوثيقها في إطار حماية حقوق العروس فقط دون المغالاة".

 

• القايمة تعادل إيصال الأمانة وتضمن حق المرأة

 

في بعض الأوقات يوافق العريس على كتابة القايمة، ولكن هل تستفيد المرأة من القائمة بالفعل بعد الطلاق؟ تجيب عن ذلك المحامية انتصار السعيد، رئيس مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، قائلة: "القايمة مهمة، فنحن نعيش في بلد، صدر بها قانون أحوال شخصية منذ 100 عام، وهو غير مطابق للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها حاليا".

 

وأضافت: "القايمة تعادل إيصال الأمانة، وهي هامة جدا، خاصة في ظل أنه لا يوجد هناك ما يضمن للمرأة حقوقها في حالة الطلاق، في ظل غياب الآليات القانونية".

 

واستطردت: "نستقبل قضايا من السيدات بسبب القايمة بعد الطلاق، فهناك بعض الأزواج يقومون بكسر أثاث منزل الزوجية، ونرفع عليهم جنحة تبديد، التي تؤدي إلى السجن، وبالرغم من أنه في بعض الحالات لا تحصل الزوجة بعد الطلاق سوى على بعض الأثاث المتكسر، إلا أن القايمة تظل هامة، لأن هناك بعض السيدات ليس أمامهن أي اختيار، فهن يحتجن إلى هذا الأثاث المتكسر، لأنهن ليس معهن سواه لبدء حياة جديدة".

 

• لا يوجد قايمة في المسيحية

 

أما في المسيحية، فلا يوجد أي خلافات على القايمة، لأنه لا يوجد قايمة من الأساس، حيث قال الأب إيلاريون، كاهن كنيسة مارجرجس: "لا يوجد قايمة في المسيحية، لأنه لا يوجد طلاق، وبالتالي لا داع لها".

 

• لا حرج شرعا في الاتفاق على قائمة العفش عند الزواج

 

ونشرت صفحة دار الإفتاء على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي سؤالا عن حق الزوجة في قائمة المنقولات الزوجية، كانت إجابته أن "قرر الشرعُ الشريفُ حقوقًا للمرأة معنويةً ومالية، وجَعل لها ذِمَّتَها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدةً، شأنُها في ذلك شأنُ الرجل؛ قال تعالى في شأن الصَّدَاق (أي المَهر): ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وقال سبحانه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 24]".

 

وإذا ما قامت المرأةُ بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية، فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالِكَةً لنصفه بعَقد النكاح إن لم يتم الدخول، كما جاءت بذلك نصوصُ القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

وعادةً ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوجُ أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهازُ تحت يَدِ وقَبضَةِ الزوج.

 

فلَمَّا ضَعُفَت الدِّيَانةُ وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم، رَأى المُجتمَعُ كتابةَ قائمةٍ بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لِتَكون ضَمَانًا لِحَقِّ المرأة لَدى زوجها إذا ما حَدَثَ خلافٌ بينهما، وتَعارَفَ أهلُ بلادنا على ذلك.

 

والعُرف أَحَدُ مَصادِرِ التشريع الإسلامي، ما لم يَتعارض مع نَصٍّ مِن كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ؛ لأنه لا اجتهاد مع النَّصِّ؛ وقد وَرَدَ عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: "ما رأى المُسلِمُون حَسَنًا فهو عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رأَوا سَيِّئًا فهو عندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه أحمـد والطيالسي في مسندَيهما واللفظ لأحمد.

 

والقائمة إذا استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرًا قبيحًا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصًّا شرعيًّا، ولا قاعدةً فقهيةً، وإنما هي مُتَّسِقَةٌ مع الوسائل التي استَحَبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّةٍ؛ كاستِحبَابِ كتابةِ العُقودِ، واستِحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها؛ لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّةِ للشريعة مِن السعيِ لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعةَ المذمومةَ المَنهِيَّ عنها، بل هي بدعةٌ مُستَحسَنَةٌ مَمْدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: "نِعمَتِ البِدعةُ".

 

وعليه: فلا حَرَجَ شرعًا في الاتفاق على قائمة العَفْش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، مع التنبيه على عَدَمِ إساءة استخدامها.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك