المايسترو أحمد الصعيدى: أنا متمرد بطبعى ولست «بعبع» حتى يخشانى أحد -حوار - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 8:39 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المايسترو أحمد الصعيدى: أنا متمرد بطبعى ولست «بعبع» حتى يخشانى أحد -حوار

المايسترو أحمد الصعيدى
المايسترو أحمد الصعيدى
حوار ــ أمجد مصطفى
نشر في: السبت 11 يونيو 2022 - 9:02 م | آخر تحديث: السبت 11 يونيو 2022 - 9:02 م

** علاقتى بالفن بدأت من الراديو.. وإلغاء حصة الموسيقى كارثة
** حزين لعدم دعوة أوركسترا القاهرة للدول العربية
** الفنان العربى يعانى من التمييز العنصرى فى أوربا وعندما يثبت نفسه تتغير نظرتهم له
** قمت بقيادة أكثر من 60 أوركسترا عالمية.. وأنا أول من طبق اختبارات الاستماع فى مصر.. ورفضت وجود معاشات أوروبا الشرقية
إقناع الغرب بقدرتك على تقديم موسيقاهم بنفس الجودة، تلك هى الأزمة التى تواجه أى فنان قادم من الشرق إلى أوروبا.. هناك يضعون ابن البلد فى المرتبة الأولى فى أى وظيفه مطلوبة حتى فى عالم الفن، سواء كان عازفا فى أوركسترا أو قائدا أو مؤلف موسيقى، ثم يأتى ثانيا أبناء القارة الأوروبية، ثم ثالثا القادمون من أى منطقة أخرى، و النموج الثالث لابد أن يقنعهم بأنه جدير بالمقعد أو عصا المايسترو حتى يدخل دائرة اهتمامهم.. فى عالم قيادة الأوركسترا قليلون جدا، ربما يعدون على أصابع اليد الواحدة من مصر والعالم العربى الذين حظوا بتلك المكانة.

المايسترو أحمد الصعيدى القائد الأساسى لأوركسترا القاهرة السيمفونى، من هؤلاء القلائل، هذا على المستوى الفنى، أما على المستوى الإنسانى فهو نموذج للفنان الذى كافح من أجل أن يصل إلى تلك المكانة والمرتبة العالمية بين قادة الأوركسترا، ابن مدينة رشيد الذى كوَّن علاقته بالموسيقى عن طريق الراديو، حتى أصبحت هى كل عالمه، و منذ اليوم الأول لبداية تلك العلاقة قرر أن يتمرد على كل شىء حتى يصل إلى الحلم، تمرد على أسرته وقرر دراسة الموسيقى، تمرد على المنحة التى جاءته فى روسيا، وقرر السفر إلى النمسا، هو يصف نفسه بالمتمرد نتيجة ما عاشه من أجل أن يكون حاملا لعصا المايسترو.. الحوار معه ليس بالسهولة التى يتصورها البعض لأنه حاد الذكاء الكلمة تخرج فى مكانها كما أشارته على المسرح لا يمكن أن تخطئ أبدا.

قال لابد أن يكون للشباب مثُل عليا متمثلة فيمن حقق تجارب ناجحة خارج وداخل مصر، وبالتالى حققت لبلدنا الهدف الأسمى وهو وضعها على الخريطة العالمية، وبالتالى الاهتمام بصنَّاع الفن الجاد أمر هام للشباب وللبلد بصفه عامة.
أما عن طفولتى أنا من مواليد رشيد بالبحيرة أنتمى لأسرة غير موسيقية، لم تحترف الموسيقى، لكن لدى أعضاء فى الأسرة يحبون الموسيقى كهواية، لى اثنان من أشقاء والدتى عندهم هواية الشعر والموسيقى، منهم واحد كان يعزف كمان وكونترباص، ودرس أبناؤه بمعهد كونسرفتوار ثم عادوا من القاهرة إلى الإسكندرية مرة أخرى، و لم يستمروا فى ممارسة الموسيقى.

أما بالنسبة لى فأنا من الصغر صوت الموسيقى يحدث تغييرات كيميائية فى جسدى، عندما أسمع صوتها تحدث أمور لا يمكننى تفسيرها إلى الآن، وكنت أنتظر فى المدرسة حصة الموسيقى من أسبوع لأسبوع، حتى يأتى المدرس ويضع يده على الأوكورديون أو الكمان ويخرج منهما صوت موسيقى، وبالتالى كان له تأثير سيكولوجى وبيولوجى، ليس له حدود.
البداية كنت أسمع عبدالوهاب وعبدالحليم، فى سن 12 سنة، بدأت عن طريق البرنامج الثانى فى الراديو أسمع برنامج شرح وتحليل تقديم دكتور حسين فوزى، وهو البرنامج الذى جعلنى أعشق الموسيقى الكلاسيك، الآن البرنامج الموسيقى أحيانا يعيد بعض حلقاته، من هنا بدأت رغبتى تتحول من الشرقى إلى الكلاسيك الغربى، بدأت أفكر فى دراسة الموسيقى الغربية.

** هل الأسرة وافقت على دراسة الموسيقى خاصة أننا فى الماضى كانت الأسرة تفضل الدراسة العادية؟
ــ الفكرة رفضت تماما من الاسرة، ولم تلق أى تشجيع وخضت معركة، وكان أول انتصار لى، أننى امتلكت آلة البيانو وحصلت على دروس فيها، وكان عمرى 16 سنة، بعد الثانوية طلبوا منى دخول الجامعة وهذه ضد رغبتى، لدرجة أننى عندما دخلت كلية الآداب مررت على كل أقسامها، و استقررت فى الفلسفه، دراستها عامان، ثم جئت إلى معهد الكونسرفتوار، ونجحت فى اختبار القبول ولم يكن والدى يعلم شيئا عن ذلك، وضعتهم أمام الأمر الواقع ولم أستكمل دراستى فى الجامعة.

** هذا يعنى أن الكونسرفتوار كان أول بداية طريق الاحتراف وتنمية الموهبة؟
ــ هذا صحيح دخلت الكونسرفتوار كان عندى تقريبا 18 سنة، بقسم التأليف الموسيقى والبيانو، وحصلت على البكالوريوس، لكن إنتاجى فى التأليف الموسيقى بدأ اثناء الدراسة، وعزف لى أوركسترا القاهرة السيمفونى.

** بعد ذلك كنت ضمن بعثة مصر إلى الاتحاد السوفيتى وقتها للدراسة بمعهد تشايكوفسكى؟
ــ هذا صحيح لكننى تمردت على الدراسة به، لم أرغب فى الحياة هناك، رغم أنه كان أهم معهد فى الآلات، لكن التأليف يحتاج للحرية ولم أجدها هناك، وأنا طول عمرى متمرد، عدت لمصر جلست سنة وجاءت لى منحة النمسا وللأسف وقتها تم ترشيح اسم مكانى من الوزارة، لكن المستشار الثقافى النمساوى وقتها رفض طلبهم، ودعمنى لأننى وقتها كنت سافرت إلى النمسا على نفقتى الشخصية، ونجحت فى الاختبار وعند عودتى ذهبت للسفارة واطلعت المستشار الثقافى «حاليا ابنه سفير النمسا بالقاهرة» على شهادة اجتياز الاختبار، وبالتالى دعمنى حتى سافرت.

** لماذا اخترت النمسا رغم وجود دول أخرى أكثر تقدما فى الموسيقى؟
ــ وقتها كانت النمسا تشتهر بأسماء عاشت بها من كبار مؤلفى الموسيقى الكلاسيك، بيتهوفن وشوبرت، وبالتالى تصورت أن من لم يذهب إلى النمسا كأنه لم يتعلم الموسيقى، لمجرد أن بيتهوفن ومالرو شوبرت عاشوا بها. تعلمت فى النمسا التأليف والقيادة، وحصلت على درجة تعادل الدكتوراه.


** هل خلال تلك الفترة «الدراسة» كان لك علاقة بالوسط الموسيقى هناك؟
ــ كان لى نشاط فى النمسا وخارجها فى أوروبا، عملت ماستر كلاسيك فى إيطاليا مع المايسترو الشهير فرانكو فيررا، وهو أستاذ كبير فى القيادة، وكذلك ذهبت إلى ألمانيا. وكنت وقتها حريصا على حضور بروفات كبار قادة الأوركسترات فى العالم، لكى أرى كيف يتم التعامل مع العازفين؛ لأن التعليم الموسيقى ليس فى الممارسة فقط، لكن فى أوروبا الاحتكاك بالمحيط الموسيقى أمر هام جدا، لأنك تلتقى مع كبار المؤلفين والقادة والعازفين وبدأت ألاحظ كيف يتعاملون مع أى مشكلة تحدث،كيف يتصرفون، وما يجب أن أتعلمه.. كانت تجربة ثرية جدا.

** فى رأيك ما هى مواصفات قائد الأوركسترا؟
ــ هناك أمور نتعلمها بالدراسة واخرى تكتسب من الاحتكاك.
التى يمكن تعلمها الحرفية استخدام اليد وضوح الاشارات تكنيك الاشارات، ايضا العلوم الموسيقية نفسها الهارمونى والتأليف، القائد يجب ان يكون على دراية بالتأليف مثل المؤلف، صحيح ربما لا يكون مؤلفا موهوبا لكن تلك النقطة تجعله يعى ما هو مكتوب جيدا.
الذى يمكن اكتسابه كيفية التواصل مع العازفين، وكيف تؤثر فى الاوركسترا الموجود امامك سيكولوجيا وانفعاليا، بحيث يقدم العازف ما تريده بالضبط، هناك قائد من نظرته يعى كل أعضاء الأوركسترا ماذا يريد، وآخر تجد تأثيرة محدودا، وبالتالى لا يمكنه الوصول إلى قمة الأداء.
لابد أن يكون لدى القائد تصور خاص بالمدونة الموسيقية، تشعر وكأنه يسمع العمل فى أذنه قبل أن يعزف، بحيث عندما يعزف الاوركسترا تحدث المقارنة بين ما هو بداخلك وبين ما يعزف من الاوركسترا، وبالتالى تعى هنا هل العزف جيد أم لا، هل وصلوا إلى ما هو موجود فى خيالى، هذا الأمر يجعل القائد مختلفا عن غيره.

** أهم الأوركسترات التى قدتها على مستوى العالم؟
ــ قدت أكثر من 60 اوركسترا عالمية منها رويال فلهارمونيك اوركسترا فى لندن، اوركسترا اذاعة براغ، وغيرهما فى شتى دول العالم.

** اختيار مايسترو عربى لقيادة اوركسترا أوروبى ليس بالأمر السهل؟
ــ طبعا لا تنس أن وجودك واسمك كعربى له تأثير، أنت غير مقبول من الأصل منهم، مثل أى مايسترو أو عازف أو مؤلف يحمل الجنسية الاوروبية، للأسف هناك تمييز عنصرى تجاه القادمين من الشرق.
هناك عازف بيانو رائع اسمه فاسيلسيه تركى حتى الآن رغم انه عالمى يتساءلون فى مجلة ألمانية كيف يفسر الموسيقى الغربية بهذه الروعة غير مصدقين.
لكن لابد أن نشير إلى أنهم ايضا يدعمون أى موهوب، الأهم هناك أن تقنعهم بموهبتك. أنا شخصيا أكثر شىء يسعدنى أن أرى العازفين وهو يشيرون إليك بجملة أنت قائد عظيم.

** إلى مصر نعود.. كيف كانت بدايتك مع القيادة فى مصر؟
ــ بدعوة من دكتورة رتيبة الحفنى عندما كانت تتولى البيت الفنى للموسيقى بالأوبرا قبل افتتاح الاوبرا الحالية، جاءتنى دعوة منها كنت وقتها طالبا فى النمسا، وبالمصادفة جاءت إلى هناك مع فرقة الموسيقى العربية والتقيت بها، وبعدها دعتنى لقيادة اوركسترا القاهرة السيمفونى اكثر من مرة، على مسرح الجمهورية، وكررت التجربة كقائد زائر، ووقتها عرضت على تولى قيادة الاوركسترا بعد الانتهاء من دراستى لكن للاسف بعدها تركت البيت الفنى، وتولى بدلا منها المايسترو يوسف السيسى، بعد ذلك دعتنى د. نيبال منيب عميدة معهد الكونسرفتوار لقيادة اوكسترا الكونسرفتوار، وكنت أحضر لمصر أسبوعين وأعود للنمسا باقى الشهر، وكان ذلك قبل افتتاح دار الاوبرا عام 1988 وشارك اوركسترا الكونسرفتوار فى افتتاح الاوبرا، يومها قدمت الكونشرتو الثلاثى لبيتهوفن، كان معى دكتور حسن شرار ومصطفى ناجى ومشيرة عيسى.

** هل تتذكر أول عمل قدته فى مصر؟
ــ كانت السيمفونية الخامسة لبيتهوفن فى الحفلة الاولى لى بمسرح الجمهورية وكونشرتو البيانو الثالثو كان معى استاذ بيانو من اكاديمة فيينا التى كنت ادرس بها.
** اختيارك للقيادة داخل الأوبرا؟
ــ بعد افتتاح الأوبرا كنت أقدم حفلا شهريا مع أوركسترا الكونسرفتوار، وحفلا آخر بقاعة إيوارت، وقتها كثيرون أشادوا بأوركسترا المعهد، وبدأت الحروب ضدى، والبعض اتهمنى بأننى هيمنت عليه، فقررت أن أتركه، بعد أسبوعين كان هناك حفل فى السفارة الفرنسية حضرته عميدة المعهد وفوجئت بنفس الأوركسترا يعزف أمامها تحت مسمى أوركسترا الحجرة المصرى، أسسته من الصفر وحصلت على تمويلات من السفارات وبدأت أقدم به حفلات فى الأوبرا.
** كيف توليت قيادة أوركسترا أوبرا القاهرة السيمفونى؟
ــ خلال فترة دكتور طارق على حسن، أحضر قائدا نمساويا اسمه توماس كرستيان دايفيد، هذا الرجل كان يدرس معى فى النمسا، و طلبنى للعمل معه كمساعد، قبلت رغم تحذير بعض المصريين لى، لكننى عملت معه وسافرنا عدة دول، من حسن حظى ان هذا الرجل سافر إلى النمسا فى الصيف ورفض العودة، ووقتها كنت مساعدا فأصبحت اقوم بدور القائد الاساسى، وظل الحال هكذا لمدة عامين، حتى جاء ناصر الانصارى وجعلنى قائدا مقيما سنة 1993، ووقتها كان السيمفونى يقدم الأوبرات والباليهات وغيرها، استمر الحال وأصبحت قائدا أساسيا مع قدوم مصطفى ناجى لرئاسة الأوبرا.

**ما هو أول قرار اتخذته بعد أن أصبحت قائدا أساسيا؟
ــ لم أنتظر حتى أصبح قائدا اساسيا، وأنا قائد مساعد كنت اول من قرر عمل اختبار استماع لأى عضو جديد يدخل الاوركسترا، مهما كان مستواه، كما كان الاوركسترا يستعين بمعاشات اوروبا الشرقية، أى عازف خرج للتقاعد يأتى إلينا منعت كل هذا، عن طريق كيان اسمه «الباجرت» فى وارسو كانت ترسل لهم هذه النوعية من العازفين، وقررت أن أقوم أنا بالسفر لعمل اختبار استماع فى دولهم، خلال فترة طارق على حسن، وحتى عندما جاء ناصر الانصارى كان اداريا ناجحا ودعمنى ايضا فى هذا الاطار.
ثم بدأت فى توسيع برنامج الاوركسترا «ريبرتوار» قبل وجودى كان البرنامج يتكرر، فقررت عدم تكرار أى عمل موسيقى، و بدأت اضع سلاسل من الحفلات، تم زيادة عدد العازفين فى 2002 إلى 121 عازفا، ومن هنا اصبح للاوركسترا مواصفات عالمية.

** بعد ذلك أعدت تشكيل الاوركسترا الخاص بك بعد أن تركت الأوبرا؟
ــ تعودت وتعلمت ألا أندم على تجربة أخوضها، والحمد لله بعد أن تركت الأوركسترا كونت أوركسترا خاص بى وقمت بعمل جولات فى الاقاليم ووقتها كان أحمد مجاهد رئيس قصور الثقافة وساعدنى فى هذا، وبصراحة أول من فكر ودفعنا إلى تلك الجولات فى الاقاليم كان مصطفى ناجى عندما كان رئيسا للاوبرا، وذهبنا إلى الصعيد ومدن القناة.
وأكملت الفكرة مع اوركسترا الحجرة الخاص بى، وكنت أقدم حفلات ايضا على مسارح الاوبرا لما يقرب إلى 20 حفلا فى العام.

** ثم عدت بعد رئاسة د. إيناس عبدالدايم لدار الأوبرا؟
ــ بفضل د. إيناس عبدالدايم عدت؛ لأنها أولا ابنة الاوركسترا، والبعض نصحها بضرورة عودتى، وتم إعادة بناء الاوكسترا من جديد، وهذا هو العام الثامن على التوالى لى.
** خلال الـ8 سنوات هل شهد الاوركسترا إحلالا وتجديدا؟
ــ أكيد هناك مصريون اصحاب مستوى رائع انضموا، و لا أنكر مساعدة د. إيناس عبدالدايم، ود. مجدى صابر فى ذلك؛ لأنهم حسنوا الأجور ليكون الاوركسترا مصدر جذب للاوروبيين والمصريين.

**فى فترة من الفترات البعض كان ينادى بالاستغناء عن الأجانب؟
ــ مستحيل المعاهد الفنية تقدم أعداد محدودة من الخريجين، وجزء منهم يعمل فى السوق الخارجية.

** عدد من الأوركسترات العربية تم تأسيسها خلال الفترة الأخيرة هل أثر ذلك علينا؟
ــ بالتأكيد أحسن العازفين المصريين موجودون فى أوركسترا قطر الفلهارمونى، لكن على مستوى السمعة الدولية أوركسترا أوبرا القاهرة له تاريخ كبير، عمرة 65 سنة، فى الوقت الذى لا يوجد فى اوركسترا قطر عازف قطرى واحد، أوركسترا القاهرة السيمفونى جزء من المجتمع المصرى، اما القطرى من الممكن الغاؤه فى يوم وليلة.

** وجود دور أوبرا عربية هل أصبح رئة جديدة للاوركسترا السيمفونى المصرى؟
ــ للأسف دور الأوبرا العربية لا تطلبنا، وهو أمر يدعو للدهشة، أعتقد أن الإخوة فى الخليج لديهم تصور أن الموسيقى الكلاسيك بما أنها أوروبية فى الاصل، فالأفضل أن يستوردوا أوركسترات من خارج المنطقة العربية، علما أن أوركسترا القاهرة السيمفونى يعزف أفضل من بعض اوركسترات التى تستضيفها الدول العربية، لكن أتمنى أن تتغير تلك الفكرة المسبقة الموجودة فى أذهانهم.
** ولماذا لا تقول إننا نتحمل جزءا من الخطأ فى عدم الدعاية والتسويق بشكل جيد للاوركسترا المصرى ودائما نرسل لهم فرق الموسيقى العربية؟
ــ أكيد معك حق، بدليل أن الفترة الماضية كانت هناك انفراجة كبيرة فى الحفلات بالسعوديةو لم يتم دعوتنا، رغم أنهم قاموا بدعوة اوركسترا تولوز الفرنسى وهو اوركسترا عظيم بالمناسبة.
على عكس السفر إلى أوروبا اجد استجابة كبيرة منهم فى سنة 2018 ذهبنا إلى ألمانيا، 2017 ذهبنا إلى النمسا وقدمنا فى أكبر قاعات فيينا وسالزبرج، 2015 ذهبنا إلى 3 مدن فى المانيا وعزفنا فى اكبر قاعات فلهارمونى برلينو كونسيرت هاوس برلين وموزيك فرانك فيينا. كدنا أن نكرر الجوالات فى 2020 لكن للأسف جاءت الكورونا.
** أوبرا العاصمة الإدارية كيف تراها كرئة جديدة للفن الجاد؟
ــ شىء رائع وعظيم والقاهرة تستحق أكثر من دور أوبرا، وأتمنى أن يكون لأوركسترا القاهرة السيمفونى حفلات بشكل دورى هناك. وأتصور أننا نمتلك مستوى كبيرا فنيا يليق بالصرح الكبير.
** هل أنت راضٍ عن الحضور الجماهيرى للحفلات؟
ــ بالقطع لا، وأتصور أن السبب عدم ثبات الحفلات كل يوم سبت كما كان يحدث.
** كيف والكل يعلم أن هناك حفلا ثابتا كل سبت للأوركسترا؟
ــ فى الماضى كان رواد الكلاسيك يحضرون كل سبت ولأنهم يعون يعلمون تماما ان هناك حفلا للاوركسترا، لكن منذ 3 سنوات تقريبا بدأت عملية عدم الانتظام وهو ما شتت الجمهور. حاليا أحاول تثبيت الامر كما كان، لأن اوركسترات العالم تقوم بعملية التسويق بشكل سنوى، عندنا الدعاية حفلة بحفلة.
**لماذ اختفت حفلات الاطفال التى كانت تقدم؟
ــ من الموسم القادم سوف تعود، حفلات ماتينيه مع عودة المدارس، بداية من آخر أكتوبر.
** اختفاء حصة الموسم من المدارس؟
ــ كارثة، أنا كما قلت لك كنت أنتظرها من الأسبوع للأسبوع.
** وضع البرنامج السنوى هل تراعى فيه ثقافة الجمهور؟
ــ أكيد.
** نوعية الأعمال التى يقبل عليها الجمهور المصرى؟
ــ الجمهور يميل عندنا للاعمال ذات الطابع اللحنى مثل المدرسة الروسية، تشاكوفسكى وكورساكوف، ولا يفضل إلى حد ما المدرسة الالمانية.
** هذا معناه أنك تتجاهل أعمالا معينة من أجل إرضاء الجمهور؟
ــ مستوى الأوركسترا وسمعته ووضعه عالميا والمسئولية الفنية، تحتم على كقائد أن اقدم بعض الأعمال التى قد لا يتقبلها الجمهور، مثل أعمال القرن العشرين.
** هل هناك أعمال الجمهور الأوروبى لا يتقبلها أيضا؟
ــ هناك أعمال معقدة مثل المدرسة الفييناوية الثانية نسبة إلى فيينا كانت تقوم على نظريات موسيقية بعيدا عن الجماليات الموسيقية.
** أصعب عمل قمت بقيادته؟
ــ حديثا السيمفونية الثالثة لبندريسكى، أيضا عمل طقوس الربيع لايجور سترافينسكى وهو عمل معقد ايقاعيا ويحتاج اوركسترا ضخم.

** هل عندما تقدم عملا بهذه النوعية تشعر بتوتر؟
ــ أى عمل أقدمه دائما ما أكون متوترا، وأرفض القيام بأى أعباء أخرى إدارية أو غيرها فى نفس اليوم، خلال فترة ما بين البروفة الجنرال والدخول لخشبة المسرح أتفرغ تماما للحفل.

** البعض يتهمك بتجاهل أعمال المؤلفين العرب والانحياز للثقافة الغربية؟
ــ من قال هذا، الأعمال موجودة، بدليل أننى أعدت مهرجان اتجاهات عربية، كل مؤلف عنده عمل تقدم به وافقت عليه. وأقدم بعض أعمالهم على مدى العام.
هذا العام أعلنا عن جائزة للتأليف الموسيقى قيمتها 75 ألف جنيه مركزا أول و50 ألفا للثانى و25 ألفا للثالث، وهنا لابد أن أشكر وزيرة الثقافة ورئيس الأوبرا.

** أعمال المؤلفين العرب لها أرشيف لديكم؟
ــ طبعا، لكن للأسف ليس كل الأعمال، بدليل أننى بحثت عن سيمفونية للدكتور جمال سلامة ولم أجد النوت الموسيقية. والنوتة الوحيدة لدى الورثة ولم نصل إليها.
** ضيوف الاوركسترا من عازفين وقادة لهم مواصفات معينة ولهم خطة؟
ــ بالتأكيد الصوليست أجنبى أو مصرى لابد ان يكون مارس هذا الدور من قبل فى دور اوبرا عالمية، إلى جانب ذلك أعطى فرصا للمصريين صغار السن مثل سلمى وميرنا سرور، والعام القادم أقدم عازفة بيانو اسمها يارا.. وأخيرا عملنا مسابقة تقدم لها 27 عازف شابو، اللجنة مكونة منى ودكتور حسن شرارة ومحمد حمدى.
** مستقبل القيادة فى مصر؟
ــ الأعداد محدودة وهذه الازمة ليست مصرية لكنها عالمية، وأشكر ربنا انه منحنى فرصا لم تتح لآخرين للدراسة والاحتكاك، وهذا ما ينقص بعض التجارب الشابة الموجودة الآن، وهنا لابد أن أؤكد أننى خلقت بعض الفرص لنفسى، لذلك على الجميع الاجتهاد.
** البعض يخشى من التعامل معك؟
ــ أنا مش بعبع، لكن القائد لابد أن يكون له شخصية، وهذا لا يعنى أنك تتعامل بحدة مع الناس بدليل أن من يقترب منى يكتشف العكس.
** بماذا تنصح الشباب؟
ــ نصيحة لكل الناس وليس الشباب فقط عليك أن تتعلم طالما أنت على قيد الحياة، وعليك أن تثقف نفسك، ومؤمن بما تفعله، لا تستسلم أو تستسهل.
** هل من الممكن أن نقول هذا المؤلف الموسيقى هو الأفضل فى التاريخ؟
ــ بالقطع لا، اختلاف المدارس هو سبب الثراء الموسيقى الذى نعيشه.
** المشهد الموسيقى المصرى بصفه عامة؟
ــ «مش حلو» وموسيقى المهرجانات شىء لا يليق بمصر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك