عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات مع نجوم الغناء فى العالم العربى.. قفشات الكبار ونوادرهم - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:07 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات مع نجوم الغناء فى العالم العربى.. قفشات الكبار ونوادرهم

عمر بطيشة
عمر بطيشة
أعدها للنشر ــ محمد عدوى:
نشر في: الإثنين 12 ديسمبر 2016 - 10:20 ص | آخر تحديث: الإثنين 12 ديسمبر 2016 - 10:20 ص

«مساء الترلملم» شفرة سيد مكاوى للكبابجى
هدف الأهلى الذى حبس عمار الشريعى فى الحمام
خدعة الشيخ إمام واكتشاف بليغ حمدى فى المغرب
محمد حمزة يتزوج من المكتب وصلاح جاهين أسطورة التواضع
مازال الشاعر الكبير عمر بطيشة يبحر فى ذكرياته الكثيرة والتى رصدها فى كتاب جديد بعنوان «ذكرياتى مع نجوم الغناء» الذى سوف يصدر قريبا عن دار الشروق.. ومازلنا ننهل منها وهذه المرة سوف يتحدث بطيشة عن عدد من الكبار فى مجال التلحين والتأليف الذين عرفهم وأحبهم وأحبوه.. من هؤلاء شاعر الظرفاء وظريف الشعراء كما سماه بطيشة الشاعر مأمون الشناوى، الذى يقول عنه: لو خصصت كل هذا الكتاب لمأمون الشناوى ما اتسع للحديث عن هذا الشاعر الكبير وإبداعاته ومواقفه وظرفه. وشكرا للظروف التى جعلتنى لصيقا به وثالثنا المنتج الفنى الكبير عاطف منتصر طوال عشر سنوات هى الأخيرة فى حياته، كنا نلتقى كل ليلة تقريبا استمع فيه إلى آخر إبداعاته وقفشاته وسخريته اللاذعة حتى منى.. فكان إذا (قلب) على صاح بى (روح يا شيخ وانت شبه فرسة النبى كده)..! ومرة كان ساهرا معنا الموسيقار خالد الأمير واغتاظ مأمون منه أنه يناديه عمى مأمون فاستوقفه مرة وقال له (عمى الدبب.. يا مفصول م الجيش وانت ملازم.. ولو كانت فضلت كان زمانك بقيت دلوقتى لوا)! وكان خالد قد سرح من الجيش لتلحينه قصيدة تسخالطوبو لمحمود الماحى ينتقد فيها عبدالناصر بشده! كما سخر من مرافقة أم هانى شاكر له فى كل مقابلاته وكان أيامها يغنى (سيبونى أحب) فقال «لو عليها كانت غيرت كلمات الأغنية إلى (سيبونى أحج)!
أما حكاياته ونوادره الأشهر فكانت مع الشاعر الغنائى سيد مرسى الذى كان يطارد مأمون أينما ذهب.. وذات ليله مر سيد على مأمون وطلب منه جنيها على سبيل السلفة.. فأعطاه مأمون الجنيه وانصرف سيد ثم نزل مأمون إلى سهرته الليلية، فساقته قدماه إلى كازينو رمسيس. وما أن جلس حتى وجد سيد مرسى على رأسه.. فترك المكان وذهب إلى الأريزونا.. وما أن جلس حتى وجد سيد مرسى يتبعه فوقف وصاح فيه (إيه يا سيد هوه أنا مديلك الجنيه عشان تدور بيه عليا؟) ومرة كنت لدى مأمون وحضر سيد مرسى معاتبا (إيه يا مأمون أنت دايما تهزأنى؟ انا عزيز قوم ذل وانا خريج مدارس راقية) قال له مأمون زى إيه.. فرد سيد: زى أمير اللوا ونور الظلام.. فقال مأمون بسرعة: يا ابنى دى أسامى أفلام مش أسامى مدارس!
اما الأهلاوى عمار الشريعى فهو ايضا احد الكبار الذين اقترب منهم بطيشة كثيرا وكان من الطبيعى جدا ان يرصد بعضا من ذكرياته معه فقال: لم أر من هو أكثر تعصبا للنادى الأهلى من عمار الشريعى! طبعا النادى الأهلى يستحق التعصب لكن ليس إلى هذه الدرجة.. لقد بلغ به التعصب أن كلف صديقنا المخرج جمال عبدالحميد أن يسجل شريط فيديو عليه كل الأهداف التى دخلت مرمى نادى الزمالك فى هذا الموسم! وكانت أسعد أوقاته حينما يجلس ليستمع إلى نصف ساعة أجوان فى الزمالك غريم الأهلى التقليدى! بل وصل به التعصب يوما أن كنا عنده حينما بدأت مباراة القمة بين الأهلى والزمالك.. وقال إنه محتار يسمع تعليق الراديو أم التليفزيون وأخذ معه الترانزستور ودخل الحمام.. وإذا بالأهلى يحرز هدفا فى أول خمس دقائق.. فحبس عمار نفسه فى الحمام حتى نهاية المباراة.. وخاف إذا خرج أن يتغير الحظ ويقلب ضد الأهلى..! هكذا كان يتفاءل ويتشاءم ويتعصب بلا حدود.. وله عذره فهو من أسرة أهلاوية عريقة من مؤسسى النادى الأهلى.
وأضاف: وكان يملك أحلى أذن فى مصر.. ومستمعا جيدا جدا للراديو.. أول مرة التقينا عند مها صبرى حينما كان يحفظها أول ألحانه (امسكوا الخشب يا حبايب) وحينما أدخلته مها علينا فى الصالون ابتدرته بقولى (أهلا يا عمار) فإذا به يرد على الفور (أهلا يا أستاذ عمر!) أذن لا تسمع فقط ولكنها ترى ايضا.. وبدأت بيننا صداقة عميقة من يومها.
جاهين الجيل
مثل كل أبناء جيلى ــ جيل ثورة 23 يوليو 1952 ــ تعلقت بصلاح جاهين باعتباره المعبر عن أحلام وآمال وآلام جيلنا، ولسان ثورة 52 كشاعر ورسام ورمز من رموز الثورة.. هكذا تحدث الشاعر الكبير عمر بطيشة فى كتابه عن واحد من رموز الوطن الشاعر الكبير صلاح جاهين الذى كان لبطيشة نصيب من الحكايات معه يقول عنها: كنت أجمع بعض رسوماته الكاريكاتورية التى ينشرها فى «الأهرام» وبعض قصائد بالعامية المصرية التى ينشرها فى زاويته اليومية بهذه الصحيفة العريقة، وانا بعد مازالت طالبا فى قسم انجليزى بآداب الاسكندرية ومن بين ما قطعته من «الجرنال» واحتفظت به قصيدة «الشوارع حواديت» ووضعتها فى نفس الدرج إلى جانب مثيلاتها من مؤلفات شاعرى المفضل.
ومرت السنون.. تخرجت والتحقت بالإذاعة.. ثم إعارة فى إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة الشقيقة.. حيث تعرفت على ثقافات مختلفة.. وألوان مختلفة من الفنون غير السائدة فى مصر.. كانت تسجيلات فرقة أولاد بندلى أو (عائلة بندلى) منتشرة فى الخليج.. وهى فرقة لبنانية أرمينية نجحت نجاحا ملحوظا بسبب الشكل المتفرد الذى خرجت به إلى الجمهور وحينما عدت إلى مصر بعد الإعارة التى دامت عاما واحدا قمت فجأة بقطعها وإنهاء الغربة والعودة إلى الوطن حيث الأهل والأحباب والأصحاب والمجتمع الذى حرمت منه على مدى عام.. عدت ومعى فكرة تكوين فرقة غنائية.. ونقلت هذه الرغبة لصديقى المنتج عاطف منتصر الذى رحب بها.. وكان الموسيقار هانى شنوده قد فاتحه فى نفس الفكرة بتزامن عجيب.. وهكذا ولدت فكرة «فرقة المصريين» عام 1977.. عقد عاطف منتصر ورشة عمل فى مكتبه لتدشين الفرقة وانتاج أغنياتها.. وانضم لنا شعراء وملحنون ولكن هانى شنودة أوعز إلى عاطف أن يستقطب صلاح جاهين الشاعر الأشهر حنيئذ ليؤلف أغنيات الفرقة.. وسألنى عاطف إن كنت أعرف الشاعر الكبير شخصيا؟ وبالمصادفة البحتة كان صلاح جاهين يكتب فوازير رمضان للبرنامج العام.. أخذت موعدا من صلاح وذهبت له فى بيته فى المهندسين وقلت له إن زيارتى ليست من أجل الفوازير وانما من أجل فرقة المصريين.. وكان معى صفحة الأهرام القديمة المنشور بها (الشوارع حواديت) وقلت له نطلب موافقتك على أن تقوم الفرقة بتلحين وغناء هذه القصيدة.. ولم يسألنى صلاح كيف وصلت هذه الصفحة إلى يدى بعد كل هذه السنين..
ولكنه أبدى إعجابه بجرأة الفرقة والفكرة أن تغنى مثل هذه القصيدة الغريبة على الغناء المصرى.. لكننى كنت مقتنعا أن هذا هو الخط الجديد الذى يجب أن تنهجه الفرقة إذا أرادت أن تكون مختلفة.. وطلبت منه موافاتى بأغنيات أكثر من نفس لون (الشوارع حواديت) أفكار جريئة وجديدة.. فوافق بل وتحمس.. ثم بدأ الحديث عن الأجر الذى يطلبه.. فإذا به يقول لى:
شوف يا أستاذ عمر.. أنا بادفع ضرايبى بكل ذمة وأمانة.. لذا أنا أطلب مائتى جنيه أجرا عن كل أغنية! وحينما حكيت لعاطف منتصر ضحك كثيرا وقال: لو طلب ألف جنيه للأغنية لدفعت له.. ما هذا التواضع؟! قلت ليس فقط تواضعا.. وإنما وطنية وذمة وأخلاق.
تميمة الحظ
يروى الشاعر الكبير عمر بطيشة حكايات عن تميمة حظ العندليب الشاعر الغنائى محمد حمزة الذى وردت ذكريات له كثيرة فى كتاب بطيشة، فيقول: عرفته فى أواخر الستينيات.. وأصبح من أقرب أصدقائى.. وكان يزرونى فى مكتبى بمنوعات البرنامج العام.. ونمضى بقية اليوم فى التسكع الذى كان يهرب به من ملاحقة بليغ حمدى له. وحينما كان بليغ يقفشه يضطر حمزه إلى ممارسة هوايته المفضلة (الكذب) لتبرير زوغانه من موعد أو تأخير أو غيره.. وما يكاد حمزة يفتح فمه حتى يبادر بليغ قائلا: (إكدب يا حياتى.. إكدب) فلا يجد حمزه مفرا من الاستعانة بى كشاهد على صدقه باعتبارى مازلت خاما ولم أتمرس بكذب الكبار! ولكن بليغ يعترض قائلا: ليه تورط الراجل معاك فى كدبك ده راجل برىء.. حتعلمه الكدب هوه كمان.. كل هذا وأنا مرتبك لم أنطق حرفا..
ومع ذلك كان حمزه يعشق بليغ عشقا يصل إلى مرحلة التقديس.. وبصفة دائما بعبارة (ده ولى نعمتى).. ولم لا.. وهو الذى نشر بألحانه العبقرية اسمه وكلماته على حناجر ألمع نجوم الغناء فى مصر والعالم العربى.
ويضيف عن حمزة: وفى مكتبى التقى بمن تزوجها بعد قليل: فاطمة مختار.. فتاة جميلة قلبا وقالبا ومؤدبة.. صحفية تحت التمرين مع الصحفى الكبير الراحل نبيل عصمت.. تأتى إلينا فى الإذاعة لتحصل على خبر من هنا أو هناك، وذلك قبل أن تعين كمذيعة فى القناة الثالثة وتقدم البرنامج الشهير (فى بيتنا نجم) بفضل زواجها من حمزة أعجبته.. ومن ثالث لقاء فى مكتبى خطبها ثم تزوجها بعد شهور.
الشيخ إمام
للشاعر الكبير عمر بطيشة اكتشافات عظيمة فى مجال الفن والشعر والأدب.. فهل يعد الشيخ إمام من بينها؟ يتحدث بطيشة ويسرد فى كتابه قائلا: الذى اعتقد أنه كان لى دور مهم فى حياته فهو الملحن المبدع الشيخ إمام عيسى.. الذى لا أدعى أنى اكتشفته ولكنى أنا الذى فرضته على الإعلام الرسمى.
كنا فى الستينيات عقب هزيمة 1967.. وكنت اسمع عن ملحن كفيف يغنى قصائد سياسية معارضة للنظام من تأليف شاعر جديد شاب اسمه أحمد فؤاد نجم.. وكان كل من نجم وإمام من مرتادى السجون والمعتقلات باعتبارهما شيوعيان أو على الأقل يساريان.. أو على أقل الأقل معارضان!
وكانت أغانيهما مدونات فى كشاكيل شباب الجامعات والشباب الثورى يرددها ملحنة ومنغمة فى حلقات على المقاهى والكافيهات والنوادى والبيوت.. وتسبب منعهما فى زيادة شعبيتهما حتى أصبحا ظاهرة جماهيرية لا يمكن منعها أو قمعها.. وكل ما قدرت عليه السلطة هو حرمانهما من إعلامها الرسمى.. وحتى بدون قرار بالمنع، لم يكن مذيع يجرؤ أن يقدم أحدهما أو كليهما أو يقدم أغانيهما سواء فى الإذاعة أو فى التليفزيون.
ولهذه قصة اخرى يرويها بطيشة: كنت (خاطب جديد) وخطيبتى فى البلد (دمنهور) ولابد أن أزورها فى العيد فضلا عن زيارة أمى وإخوتى فى بيت العيلة.. مطلوب منى تسجيل حلقة مدتها خمس وخمسون دقيقة لتذاع فى دخول العيد أثناء إجازتى ــ إجازة العيد ــ وبينما أنا أفكر فى حل إذا بالحل يأتى من السماء.. وجدت جرس تليفون المكتب يضرب، رددت: ألو.. وإذا بمتحدث على الطرف الآخر يحدثنى بكل ثقة: أهلا يا أستاذ عمر.. أنا الشيخ أمام عيسى.. كل سنة وأنت طيب.. أنا عايزك تستضيفنى فى برنامجك الجميل.. عندك مانع؟) .. طبعا كان عندى ستون مانعا..! أولا لم يحدث أن تحدث أو غنى الشيخ إمام فى الإذاعة أو التليفزيون من قبل والمعتاد أن نحصل على موافقات فى مثل هذه الحالات.. ولا وقت للحصول على هذه الموافقات فالدنيا إجازات والناس ملهية فى الاستعداد للعيد وأنا نفسى مسافر البلد بعد ساعات.. أما المانع الأكبر فهو أغنية الشيخ إمام ونجم الأخيرة التى كانت قد اكتسحت الشارع المصرى من خلال شريط يتداوله الشباب سرا كالمخدرات.. وهى أغنية جيفارا مات.. التى ينعى فيها نجم وإمام للعالم التأثر العظيم جيفارا! استحضرت هذه الأغنية الثورية العنيفة فى ذهنى قبل أن ارد عليه:
(وتفتكر يا شيخ إمام أغانيك انت ونجم ممكن تتذاع فى الإذاعة المصرية؟)..
فرد بسرعة.. (لا ما أنا عامل حسابى ! أنا مش حاغنى عندك الأغانى السياسية طبعا.. لكن بمناسبة العيد كل سنة وانت طيب.. محضر للمستمعين كام حتة شعبية كده مالهمش دعوة بالسياسة خالص.. واحدة عن الحاوى بمناسبة العيد وواحده عن زحمة الأوتوبيسات!
وفى لحظة واتتنى الجرأة أن أعلن موافقتى بل وطلبت منه الحضور فى اليوم التالى فورا.. والسبب أن اليوم التالى كان بداية الإجازة وستكون الدنيا فاضية حتى لا يلحظ أحد وجوده ويعمل (زومبة) تبوظ الموضوع. وفعلا جاءنى مرتديا نظارته السوداء والبيريه المشهور فى ضحى اليوم التالى ومعه عوده ومرافق. وفى هدوء تام بدأت الحوار معه.. حوار كنت أخطط ألا يزيد على ربع ساعة ولكنه استغرق الحلقة بأكملها.
وسمعت مصر بأكملها.. وسمع شعبنا بعماله وفلاحيه وموظفيه وجيشه وشرطته وصياديه وكل شرائحه لأول مرة الشيخ إمام عيسى عبر ميكرفون إذاعة الجمهورية العربية المتحدة.. كان اسمها هكذا.. وهو يحكى مشوار حياته ولقائه مع أحمد فؤاد نجم.. وحبه لمصر وعشقه لترابها وحرصه على نصرها واستقرارها.. واختار لى اغنيتين غناهما فى اللقاء وهما: توت حاوى وع المحطة.
الملك
يتحدث بطيشة ايضا عن سيد مكاوى أو الملك كما كان يحلو له أن يناديه ويقول: وهو بالفعل ملك.. ملك الجملة اللحنية الشعبية الضاربة جذورها فى تربة الحارة المصرية وتجمع بين الأصالة والرشاقة وخفة الدم.. عرفته عن قرب وتعاملت معه تعاملا شخصيا مباشرا أواخر عام 1969 حينما بدأت التحضير لتقديم سهرة إذاعية طويلة على موجات البرنامج العام بعنوان (نجوم من بلدى) أجمع فيها على مائدة مستديرة نجوما من أبناء نفس الحى أو المدينة أو الكلية..إلخ، ويلتقون بعد أن كبروا وأصبحوا نجوما كل فى مجاله.. ليتذكروا أيام الشقاوة فى صباهم وذكريات الحارة والشارع والحى والمدرسة ثم الكلية.. إلخ. ومعد هذا البرنامج كان الإعلامى الراحل الصديق حسن عماد (عضو مجلس الشعب فيما بعد) والمشهور بعلاقاته الاجتماعية المتعددة وكان ابن أخت السيد محمد أحمد السكرتير الشخصى للرئيس جمال عبدالناصر، ومن علاقاته المتميزة علاقة قوية مع الشيخ سيد مكاوى ابن نفس حيه (الجمالية) وقد كلفه بتلحين تتر غنائى لسهرة نجوم من بلدى، فاستجاب الملك ولحن تترا من أجمل الألحان.. ويضيف: وتعددت لقاءاتنا فى مكتبه بممر يصل بين شارع طلعت حرب وشارع شريف ــ وتعودنا أن نتعشى كبابا من محل كبابجى شهير بجوار سينما أوديون.. وكانت كلمة السر حينما يطلبه الشيخ سيد هى: مساء الترلملم.. فيتم تجهيز الطلب على الفور.. كانت له مفرداته واصطلاحاته المصرية اقتبسها منه نجوم المسرح والسينما ومنها إفيهاته الشهيرة مثل مساء الترلملم.. كما اقتبسوا منه لغة العوالم والآلاتيه واللغة السرية للعالم الموازى التى كان يجيدها مثل (اعمل معرو) أى اعمل معروف.. أو (ألف مبرو) أى ألف مبروك.. أو (سايزعوعو حجارة سوسو) أى عايز سيجارة بإبدال أول حرف من كل كلمة بأول حرف فى الكلمة التالية.. وغيرها كثير من مباهج خفة دمه اللا متناهية.
البليغ
ومن ضمن من ذكر بطيشة البوهيمى كما سماه بليغ حمدى الذى رصد عددا من ذكرياته، قائلا: كان صاحب رؤية فنية بل صاحب مشروع موسيقى قومى ومدرسة جديدة فى التلحين والتجديد الموسيقى! حكى لى ذات مرة أنه أثناء زيارته للمغرب الشقيق دعاه المطرب المغربى الشهير عبدالوهاب الدوكالى إلى منزله.. فلبى الدعوة.. ومن لحظة وصوله إلى بيت الدوكالى أحاطته مظاهر الحفاوة فى استقبال حافل.. وكان يظن أنه سيمضى سهرة هادئة على انفراد مع الدوكالى.. وإذا بالبيت يزدحم بمن يريدون أن يحتفوا ببليغ من الأشقاء المغاربة.. فأجل ما كان يريد قوله للدوكالى إلى أن يهدأ الجو وقال له (والنبى يا عبدالوهاب ابقى فكرنى أكلمك عن موضوع خطير جدا)، فقال له الدوكالى (حاضر يا بليغ) وبعد ساعتين كان رأسه قد بدأ يخف قليلا وخشى أن ينسى الموضوع المهم الذى يريد أن يحدث الدوكالى فيه ــ فأعاد التنبيه عليه أن يذكره إذا نسى هذا الموضوع.. وظل ينبههه أكثر من مرة إلى أن انقضت السهرة وخلى البيت إلا منهما قرب الفجر. فقال الدوكالى لبليغ (نعم يا بليغ الدنيا الآن هادئة، ما هو الموضوع الخطير الذى تريد أن تكلمنى فيه؟ وتذكر بليغ وقال: (أيوه يا عبدالوهاب كنت حانسى.. أنا عايز أكلمك عن الموسيقى وأثبتلك إنى توصلت أن مصر هى أصل المزيكا فى العالم كله)! قال لى بليغ إن عبدالوهاب بهت مما سمع وصاح فيه: (الله يخرب بيتك يا بليغ من التاسعة مساء قاعد تقوللى (بالقافات) حاكلمك عن موضوع خطير.. وفى الأخير يطلع أن مصر أصل الموسيقى؟ أنت مجنون يا بليغ أنا فكرت أنك اخترعت دوا للسرطان متلا.
كلمة أخيرة
كتاب الشاعر الكبير عمر بطيشة الذى سوف يكون بين أيديكم قريبا عن دار الشروق وثيقة حقيقية عن كنز مصر الحقيقى وقوتها الناعمة والحلقات الماضية التى حاولنا أن نسلط الضوء خلالها عليه هى أقل بكثير مما يحتويه.

اقرأ أيضا
عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات مع نجوم الغناء فى العالم العربى: بين رئيسة دولة الغناء.. والموسيقار الملفوف فى «سوليفان»

عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات: ذكاء عبد الحليم و«نابه الأزرق».. سر صداقتى للعندليب

عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات.. حكايات وردة وميادة من المطبخ للسياسة

عمر بطيشة يفتح خزائن الذكريات مع نجوم الغناء فى العالم العربى.. فوازير شادية وانقلاب زوج شريفة فاضل



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك