«شط اسكندرية».. تاريخ الجمال المهدد بالفناء - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:58 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«شط اسكندرية».. تاريخ الجمال المهدد بالفناء

كورنيش قلعة قايتباى من أعرق المناطق على ساحل الإسكندرية
كورنيش قلعة قايتباى من أعرق المناطق على ساحل الإسكندرية
تحقيق ــ هدى الساعاتى:
نشر في: الثلاثاء 17 مايو 2016 - 9:45 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 17 مايو 2016 - 9:45 ص

أستاذ طبيعة بحرية: الحديث عن اختفاء شاطئ بسبب عوامل التعرية أكذوبة.. رئيس لجنة التراث: السور التاريخى للكورنيش كان على طراز المدن الإيطالية وأعمال الصيانة أفسدته.. والمحافظ: مشروع توسيع كورنيش الإسكندرية ساهم فى تجميل المدينة وتجنب المساس بالمساحات الرملية للشواطئ

تمتد شواطئ الإسكندرية عبر 40 كم، من أبى قير شرقا حتى الساحل الشمالى غربا.. تراث شاطئى يعد من أجمل شواطئ العالم، غير أن هذا التراث لم يعد باقيا على حاله، كما حال أى شىء، ويتحدث البعض كثيرا عن اختفائه.. هل اختفى بالكامل، أم بعض من؟ ماذا عن حجم المؤثرات الطبيعية قياسا بالأخطاء البشرية؟ أسئلة طرحتها «الشروق» على الباحثين والمتخصصين.
الدكتور إبراهيم معيزة، أستاذ الطبيعة البحرية والمناخية بالمعهد العالى لعلوم البحار، إن شواطئ الإسكندرية لم تختف، وأن الحديث عن اختفاء شاطئ بسبب عوامل التعرية أكذوبة، مشيرا إلى أن توسيع الكورنيش كان له تأثير سلبى عند منطقة بير مسعود، لأنه تسبب فى ارتفاع موج البحر وخروجه على الطريق بعد إزالة المصدات، مضيفا أن ذلك التأثير السلبى انتهى بوضع بلوكات لاستنفاد طاقة الموجة التى واجهها الكورنيش فى بداية التوسعات، لافتا إلى أن الخطأ كان بشريا، وتأثيره كان مؤقتا، أما العوامل الطبيعية فلم تؤثر على الشواطئ مطلقا، بحسب معيزة.
على الجانب الآخر، أكد مدير عام الآثار الغارقة، الدكتور مصطفى عبدالمجيد، أن توسيع الكورنيش كان سببا لاختفاء عدد من شواطئ الإسكندرية، مشيرا إلى أن هناك بعض الأبنية تم إنشاؤها على شاطئ البحر مباشرة بمنطقة مصطفى كامل، وكذلك تم ردم أجزاء كبيرة من الشاطئ فى المنطقة الواقعة بين مصطفى كامل وسبورتينج، وردم أجزاء من بير مسعود، مضيفا أن الجزء الظاهر الحالى لمنطقة السلسلة، المواجه لمكتبة الإسكندرية فى منطقة الشاطبى، والتى يرجع تاريخها إلى العصر البطلمى الهلينستى، هو الثلث الحقيقى، وأن الباقى مغمور.
وأوضح رئيس لجنة التراث بمحافظة الإسكندرية الدكتور محمد عوض، أن السور التاريخى لكورنيش الإسكندرية يزيد عمره على 100 عام، وأنه مبنى من البازلت، ويمتد من مكتبة الإسكندرية إلى قلعة قايتباى، وتم بناؤه عام 1905 من خلال شركة إيطالية على طراز كورنيش المدن الإيطالية، موضحا أن أعمال الصيانة تسببت فى هدم أجزاء منه، وقام حى الجمرك بإعادة الشىء لأصله بشكل خاطئ.
من جانبه، قال محافظ الإسكندرية المهندس محمد عبدالظاهر، فى تصريحات صحفية، إن الإسكندرية تتميز بشواطئها التاريخية، مثل: البوريفاج والمنتزه، موضحا أن مشروع تطوير وتوسيع كورنيش الإسكندرية ساهم فى تجميل المدينة والحفاظ على طابعها المعمارى المميز، وساعد فى حل اختناقات المرور خاصة فى فصل الصيف، مضيفا أنه من أهم مزايا المشروع هو تجنبه عدم المساس بالمساحات الرملية للشواطئ، كما تم إنشاء بوابات لكل شاطئ ومداخل لتغذيته بالرمال نتيجة تآكله.
بدوره قال رئيس حى الجمرك اللواء خالد محى الدين، إن شاطئ الأنفوشى وقلعة قايتباى من أهم الشواطئ التاريخية، وأن الميناء الشرقى من أهم الموانئ فى العصر البطلمى، مشيرا إلى أن كورنيش الإسكندرية تم بناؤه فى عصر عباس حلمى الثانى عام 1905.
وأكد رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، اللواء أحمد حجازى، أن أمر اختفاء الشواطئ غير صحيح بالمرة، مشيرا إلى أن استغلال الشواطئ والممرات يأتى مع عدم المساس بحقوق المواطنين فى البحر، موضحا أن المؤجرين للشواطئ ملتزمون بمساحة 25 مترا فقط بعيدا عن الشاطئ، وهى مساحة كافية للمواطنين للاستمتاع بالشاطئ، لافتا إلى أن الحملات مستمرة يوميا لإزالة الحواجز التى تحجب الرؤية.
وقال رئيس حى غرب الإسكندرية محمد فهيم، إن أعمال التطوير مستمرة منذ فترة طويلة بشواطئ غرب الإسكندرية، والتى تمتد بطول الساحل الشمالى غربا لمسافة حوالى 13.50كم، وتبدأ من المكس مرورا بشواطئ الدخيلة والبيطاش والهانوفيل وأبوتلات ومنطقة سيدى كرير، وحتى الكيلو 61.50 كم مع حدود محافظة مطروح.
أضاف أنه تم توسيع وتطوير كورنيش المكس وطريق العجمى، خصوصا مدخل الساحل الشمالى، وأنه تمت أعمال صيانة لشاطئ الدخيلة وإنشاء ورصف طريق جديد يؤدى لشاطئ الهانوفيل بالعجمى، امتدادا لطريق نادى الجمارك، وذلك لتسيير وصول المصطافين للشواطئ، وإنشاء بوابة عمومية لمدخل شاطئ الهانوفيل عام 1992م.
وعن تاريخ شواطئ الإسكندرية، قال إبراهيم عنانى عضو اتحاد المؤرخين العرب، إن مصيف سيدى بشر كان مقفرا حتى عام 1972، حيث كان يحمل ذكريات أليمة لأبناء الإسكندرية، لأنه كان معتقلا لأسرى الحرب العالمية الأولى فترة طويلة، ثم كان معتقلا للثوار المصريين إبان ثورة 1919م فى مصر.
أضاف عنانى أن الحركة بدأت تدب فيه عندما استطاع أحد الأعيان المصريين مد خط أتوبيس يمتد من محطة الترام عام 1929م، ومنذ ذلك الوقت ذاع صيت المنطقة كمصيف، وزاد من شهرتها أن البلدية أقامت عام 1931م الكبائن الأولى لها فى سيدى بشر، «حيث قامت بإنشاء شاطئ نموذجى».
وأوضح عنانى أنه إلى جانب الاهتمام بمصيف سيدى بشر، اهتمت البلدية عام 1932م بشاطئ ستانلى عند إنشاء طريق الكورنيش بإنشاء ثلاثة مسطحات بالجزء العلوى من الشاطئ لتقام عليه أكشاك خشبية للاستحمام، على أن يترك الجزء الرملى من الشاطئ خاليا من جميع الأكشاك، مضيف أنه: «فى الوقت نفسه قررت البلدية هدم الاستراحة الخاصة بمصلحة الحدود الواقعة بين طريق الكورنيش والبحر فى ستانلى حتى يمتد معها إلى منحدر الشاطئ، لإنشاء ثلاثة صفوف جديدة من الأكشاك استجابة إلى الطلبات المتزايدة من الجمهور».
ولفت عنانى إلى أن شاطئ ستانلى كان مقصورا على الأجانب فى بداية الأمر: «لكن بعد إتمام الكورنيش فى هذه المنطقة عام 1932م، وإنشاء عدة كبائن ساعد ذلك على زيادة عدد المصطافين».
يكمل: «كانت البلدية تقوم بوضع خطة متكاملة عام 1932م بمناسبة قرب الانتهاء من طريق الكورنيش من المنتزه إلى رأس التين عام 1934م، وقررت منح رخص الأكشاك فى جميع الأماكن الخالية من الساحل ابتداء من الشاطبى حتى المندرة، لذلك وضعت البلدية خطة لإقامة كبائن فى الشواطئ المعدة، سيدى بشر، جليم، ستانلى».
وأردف عنانى أنه: «أثبت اكتشاف عدد من الآثار فى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أن الإسكندرية كانت مصيفا شهيرا فى عصر الرومان، وكان الجزء الشرقى من الشاطئ يخص طبقة النبلاء، أما الجزء الغربى فكان قاصرا على أفراد الطبقة الفقيرة من أفراد الشعب».
وأوضح عنانى أن شواطئ الإسكندرية من أطول شواطئ مصر، وأنه قبل تأسيس المدينة كان الشاطئ مفصولا عن جزيرة فاروس، ثم تم ربط الجزيرة بالشاطئ بواسطة جسر طوله 1250م، وبالتالى هناك اختلاف فى شكل الشاطئ قديما عن شكله حديثا.
أضاف أنه فى عهد الإسكندر الأكبر، الذى أسس المدينة عام 332ق.م، لم يكن شاطئ البحر القديم أمام الإسكندرية كما نراه الآن: «فقد غمر البحر أجزاء كبيرة من الشاطئ بطول المدينة، من منطقة بولكلى حتى المكس غربا، وكان يمكن رؤية عدد كبير من الآثار الغارقة تحت منسوب الماء من مواقع عديدة من المدينة».
وأشار عنانى إلى أن شكل الشاطئ قد تغير كثيرا من شدة الإهمال فى العصر العربى، وظلت المدينة فى طريقها للاضمحلال حتى بعد الاحتلال التركى من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر، لافتا إلى أنه «بالرغم من الاهتمام الفائق الذى أبدته البلدية للشواطئ بعد إتمام طريق الكورنيش، إلا أن بعض الشواطئ الواقعة عليه، مثل سابا باشا، لم تلق اهتماما به نظرا لتعرضه للتأثيرات البحرية وعمقه، لذلك قررت البلدية وضع عدد من الكتل الصناعية لكسر حدة الأمواج على الشاطئ ووضع كبائن بلدية عليه عام 1940م».
وتابع عنانى، أن شاطئ العجمى غرب الإسكندرية كان مثار اهتمام العضو اليونانى بالمجلس البلدى لاسكاريس، عام 1940م: «فهو أول من أشار إلى جماله، وطلب الاهتمام به، وإقامة كبائن عليه، وإعداد طريق يؤدى إليه».
ونتيجة لإقبال الأهالى على شاطئ سيدى بشر وستانلى، بحسب عنانى، قررت البلدية فى عام 1943م إنشاء كازينو فى الجهة الشرقية لخليج ستانلى على المرتفع الصخرى، مزود بأماكن لخلع الملابس وإعداد مسطح يطل على البحر لإقامة عشرة أكشاك جديدة عليه، ونقل بعض الأكشاك من الشواطئ الأخرى إليه.

تصوير-لبنى طارق

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك