أطباء: التصلب الجانبي الضموري مرض شرس ليس له سبب أو علاج.. والمصابون يستسلمون - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 5:13 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أطباء: التصلب الجانبي الضموري مرض شرس ليس له سبب أو علاج.. والمصابون يستسلمون

ياسمين سعد
نشر في: الإثنين 17 أكتوبر 2022 - 1:05 م | آخر تحديث: الإثنين 17 أكتوبر 2022 - 1:05 م

كالمحارب الذي وجد نفسه في معركة لا يملك فيها أي سلاح للدفاع عن نفسه من ضربات العدو، هذا هو شعور مريض التصلب الجانبي الضموري – ALS، الذي يعد مرضًا فتاكًا أكثر بشاعة من السرطان، وذلك لأن سبب الإصابة به غير معروف، بالإضافة إلى أن ليس له علاجا، فيتوفى معظم المرضى بعد مرور 5 سنوات فقط من تشخيصهم به.

فتحت "الشروق" ملف مرض التصلب الجانبي الضموري في مصر، الذي يعد أشهر المصابين به هو لاعب الأهلي السابق مؤمن زكريا، الذي لم يعلم أحد من جمهوره قبل ذلك ما هي طبيعة مرضه، وما هي أعراضه.

وفي هذا الملف نناقش تفاصيل المرض الخطير مع المرضى والأطباء، خاصة بعد ظهور بصيص من الأمل في علاجه، عن طريق اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لدواء جديد منذ عدة أيام، قيل إن نتائجه واعدة في شفاء المرضى، فهل يوجد أمل في استيراد هذا الدواء سريعًا ومعالجة مرضى التصلب الجانبي الضموري قبل أن يحصد المرض اللعين المزيد من الأرواح؟

تواصلت "الشروق" مع مجموعة من أطباء المخ والأعصاب ليشرحوا الأسباب العلمية للإصابة بهذا المرض الخطير، ومتى سيوجد له علاج فعال للقضاء عليه؟ وهل فعلًا الإصابة به تؤدي إلى الوفاة الحتمية؟

• مرض شرس يهاجم المصاب دون وجود علاج

شرحت دكتورة رضوى سليمان، مدرس الأعصاب بجامعة عين شمس، والمسئولة عن معالجة مرضى التصلب الجانبي الضموري، طبيعة المرض الخطير، موضحة أنه يؤثر على الخلايا العصبية الأمامية، ولذلك يؤثر على جميع عضلات الجسم، وعلى رأسها عضلات التنفس والأطراف.

وأشارت إلى اختلاف آراء العلماء في تحديد سن الإصابة بالمرض، ففي البداية قيل إنه يصيب الأشخاص الذين في الخمسينات والستينات من عمرهم، ولكن حاليًا تتعامل "سليمان" مع حالات مصابة به في العشرينات من عمرهم، مؤكدة أنه مرض شرس؛ لأن معظم المرضى يكون مصيرهم الوفاة بعد تشخيص إصابتهم بالمرض في مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وأحيانا يموت المريض حتى قبل هذه المدة، بسبب الفشل التنفسي في المقام الأول.

وعن العلاجات المتوفرة للقضاء على التصلب الجانبي الضموري، قالت لـ"الشروق": "العلاجات التي تجيزها منظمة الصحة العالمية للمرض حتى الآن، دوائين، أحدهما أقراص والآخر عبارة عن حقن، ووظيفتهما ليست العلاج، وإنما الحد من تدهور الحالة، فالمجموعة التي حصلت على الأدوية في التجارب السريرية، توفيت بعد الأخرى التي لم تحصل على العلاج ببضعة أشهر، لأن الأدوية أبطأت عملية التدهور فقط، ولكن لم تعالج المريض".

وأضافت: "هذه الأدوية باهظة الثمن ولا تقدم أي تحسن للمريض، ولذلك تسوء نفسيته، فالاختيارات المتاحة أمامه هي شراء أدوية ذات تكلفة كبيرة حتى يحيا فقط بضعة أشهر، وهو يعاني في ذلك الوقت من مشكلات في الحديث والبلع، والشيء المؤسف هو أنني أرى المرضى في بداية تشخيصهم يحاولون التأقلم معه، فيكون لديهم الحماس والإرادة لمواجهته، ولكن للأسف بعد معرفة الاختيارات الموجودة أمامهم يستسلمون، خاصة بعد تدهور حالتهم بشكل سريع، فهم في صراع مع عدو شرس دون وجود أي سلاح بحوزتهم لمواجهته".

ووافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في 29 سبتمبر الماضي على دواء جديد لعلاج التصلب الجانبي الضموري، التي أكدت رضوى إيجابية نتائجه، مشيرة إلى أنه يبدو فرصة لمرضى الـALS للتمسك بالأمل، داعية الدولة لتصنيعه في مصر لأن "مكوناته غير مكلفة".

وأضافت: "على الدولة مخاطبة شركة الأدوية التي تصنع هذا الدواء؛ لمحاولة تصنيعه في مصر، ففي حالة التصنيع لن يكون مكلفًا بقدر تكلفة استيراده، وهو سيكون أمل المصريين المصابين بهذا المرض في العلاج، فأعدادهم ليست قليلة، وهم موثقون لدينا بالأرقام، واتسعت حالات الإصابة لتشمل صغار السن من الشباب، فهو يقضي على العديد من الأسر بوفاة أو شلل عائلهم الوحيد، هذا بالإضافة لعيش المرضى لبقية حياتهم على أجهزة التنفس الصناعي، فكل هذه تكلفة كبيرة وخسارة للمجتمع، يمكن أن تتجنبها الدولة بتصنيع الدواء الجديد أو استيراده".

وأوضحت حال المرضى حاليًا، مشيرة إلى أنهم لا يتحدثون سوى عن فعالية الدواء الجديد، وإيقاف التدهور لدى بعض المرضى في الخارج، فثبات التدهور هو حلم لكل مريض بالتصلب الجانبي الضموري، فالذي كان يجري وأصبح يمشي بصعوبة، يتمنى فقط أن تتوقف حالته عند هذا الحد، فهم أصبحوا يتمنون استقرار حالتهم دون تدهور يؤدي إلى الوفاة.

• عجز الأطباء أمام مرضى التصلب الجانبي الضموري

لم تستطع رضوى تحديد سبب معين للإصابة بالمرض، مشيرة إلى أن العلماء أكدوا أن من 5 إلى 10% من الإصابات تعود إلى طفرة جينية وراثية موجود لدى المرضى، مما نتج عنه وجود نسبة تتراوح بين 90 إلى 95% من الحالات غير معروف سبب إصابتها بالتصلب الجانبي الضموري، فقد أشار بعض العلماء إلى أن سبب الإصابة بالمرض هو الأسباب البيئية مثل التلوث، بينما أكد البعض الآخر أنهم بحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات للتأكد من سبب الإصابة الحقيقي.

أما عن عدد حالات الإصابة، أوضحت أن أحدث الدراسات أشارت إلى إصابة 4 من كل 100 ألف شخص بالتصلب الجانبي الضموري، مؤكدة أن هذا الرقم كبير، قائلة: "هذه هي الأرقام العالمية، ولكن لم نجر أي دراسة في مصر لمعرفة الأعداد الحقيقية للمصابين، فلا نعلم هل النسبة العالمية صحيحة، أم أن نسبتنا أكبر منهم، فإذا كانت نسبة الإصابة بالمرض لأسباب جينية وراثية تتراوح بين 5 إلى 10%، فربما نحن أكثر في عدد حالات الإصابة، نظرًا لانتشار زواج الأقارب لدينا".

ولفتت إلى أن الـALS لم يصبح مرضًا نادرًا في مصر، وذلك بحكم عملها الدائم مع المرضى، ورؤيتها لحالات جديدة على الدوام، مشيرة إلى أنهم بحاجة إلى الدواء الجديد، موضحة أن شركات الأدوية تبيع الدواء مقابل ثمن باهظ، تقديرًا لحسابات صناعته، فهم استغرقوا سنوات من البحث والجهد الشاق حتى وصلوا إلى اعتماده كدواء فعال لعلاج التصلب الجانبي الضموري، ولذلك تحصل على الشركة على هذه المبالغ الكبيرة مقابل بيعه.

وعن احتمالية بقاء المريض على قيد الحياة بعد 5 سنوات من تشخيصه بمرض التصلب الجانبي الضموري، قالت إن هذا ممكنًا ولكنه نادرًا، والحالة الأشهر على التعايش مع هذا المرض الفتاك، كان العالم ستيفن هوكينج الذي عاش مع المرض لمدة 55 عامًا، فهو الوحيد الذي سجل هذا الرقم القياسي في التعايش مع المرض، بالرغم من أنه كان يعيش بالتنفس عبر أنبوبة حنجرية، وكان يأكل عبر أنبوب أيضًا، فهو فعل كل ما بوسعه لتأجيل الوفاة.

وأضافت، لـ"الشروق": "صادفت حالات أصيبت بالمرض وتعايشت معه لمدة قد تصل إلى 20 عامًا، ولكنهم ليسوا القاعدة بل هم استثناء، ففي العادي يموت المريض خلال من 3 سنوات إلى 6 سنوات كحد أقصى من تشخيصه بالتصلب الجانبي الضموري، بحسب التزام كل مريض بنصائح الطبيب، وشراسة المرض وطبيعته داخل كل جسم، فنحن نرى المرضى أمامنا، ونعجز عن مساعدتهم بأي شيء، ونتمنى أن نستطيع مساعدتهم بالحصول على الدواء الجديد قريبًا".

• الشركات الكبرى يجب أن تساهم للحصول على العلاج الجديد

من ناحية أخرى، يرى دكتور مصطفى الفولي، أستاذ جراحة المخ والأعصاب بمستشفى الساحل التعليمي، أنه من الممكن أن يعيش مريض التصلب الجانبي الضموري لفترة تزيد عن الخمس سنوات، مشيرًا إلى أن العلاجات الجديدة للمرض تعطي الأمل في الشفاء.

وعن ثمن الدواء الباهظ الذي يقدر بـ158 ألف دولار للمريض الواحد خلال العام، قال، لـ"الشروق": "تطرح شركات الأدوية هذه العلاجات بعد سنوات من الأبحاث، ولذلك تستحوذ شركة الأدوية المخترعة للدواء على حق ملكية إنتاجه خلال العشر سنوات الأولى من التصنيع، إلى أن يسقط هذا الحق، وتنتجه الشركات الأخرى، فتقل تكلفة الدواء تلقائيًا، لكثرة أعداده وسهولة تداوله".

وأوضح أن ارتفاع سعر الدواء الجديد المعالج لـALS يأتي أيضًا بسبب قلة الأعداد المصابة به حول العالم، فشركة الأدوية تفكر في الربح، ومع تناقص الإقبال عليه سيرتفع سعره، مشيرًا إلى أن المرضى في الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا الغربية، سيحصلون على الدواء بلا مقابل ضمن نظام التأمين الصحي الشامل، ومن سيتضرر هم المرضى في العالم الثالث وفي مصر، لارتفاع تكلفة الحصول على الدواء مع عدم وجود نظام تأمين صحي شامل.

وأشار إلى أن الدولة المصرية بإمكانها استيراد الدواء الجديد طالما حصل على موافقة من منظمة الصحة العالمية، ولكن تظل الفكرة في عدم استطاعة المريض الحصول عليه بالرغم من تواجده لأنه سيظل باهظ الثمن، داعيًا الشركات الكبرى إلى الاهتمام بهذا الأمر، وتعزيز مشاركتها المجتمعية في إطلاق حملات للحصول على هذا الدواء، "فبدلًا من الإنفاق في حملات دعائية كبرى يشارك فيها فنانون يحصلون على ملايين الجنيهات، ستنقذ هذه الملايين أرواح العديد من مصابي التصلب الجانبي الضموري، عندما يحصلون على الدواء الجديد".

ومن جانبها، أكدت الدكتورة منى مختار، استشاري المخ والأعصاب، لـ"الشروق"، خطورة مرض التصلب الجانبي الضموري، مشيرة إلى أن مصر لا يوجد لديها العلاجات الفعالة له حتى الآن، و"لا أحد منتبهًا للتركيز على توفير الأدوية للمصابين به".

وقالت: "تموت الخلايا العصبية لدى مريض التصلب الجانبي الضموري بالتدريج، حتى يتوفى المريض، والسبب في الإصابة يكون غالبًا جينيًا، بسبب وجود جين المرض لدى الأب أو الأم، ولكن للأسف لا يوجد دواء متوفر في مصر لعلاج المرض، بسبب تركيزنا على علاج الضمور العصبي الشوكي للأطفال، نظرًا لازدياد الحالات المصابة به، فالحقنة الواحدة تتكلف 40 مليون جنيه، ولذلك نعمل بتركيز في هذا الاتجاه، ولم ننتقل بعد للعمل لتوفير علاجات لمرضى الـALS أيضًا، وهو الذي من المفترض أن يحدث".

وأشارت إلى استسلام مريض التصلب الجانبي الضموري لعدم وجود علاج له، مؤكدة أنهم يعملون حاليًا على التحليل الجيني للحالات لاكتشاف المرض مبكرًا، والحد من خطورته قدر الإمكان، ريثما يوجد دواء يعالج هذا المرض الفتاك نهائيًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك