عند التصفح على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر أمامنا إعلانات عديدة لمواقع المراهنات والقمار الإلكترونية، والتي تهدف إلى الربح المادي، وتقدم هذه المواقع مجموعة متنوعة من الألعاب، والتي تشمل ألعاب المائدة، مثل: البلاك جاك، الروليت، البوكر، بالإضافة إلى ماكينات القمار (سلوتس).
وفي ظل انتشار التكنولوجيا الحديثة التي أتاحت في كل منزل (طاولة قمار)، سرعان ما سيطرت هذه الألعاب بشكل كبير على فئة الشباب، كوسيلة للتربح المادي السهل بالإضافة للعائد الكبير، والذي يزداد بزيادة مطمع الشاب في جني مال أكثر فأكثر.
مخاطر قانونية وربح مشروط
عُرفت المراهنات طبقًا لقانون العقوبات المصري رقم 73 لعام 1959، بأنها: "الألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور؛ لأن الربح فيها موكول للحظ أكثر منه للمهارة، إلا أن هذه العقوبة تختلف ويتم تحديدها على حسب المكان والوسيلة المستخدمة".
تكمن خطورة المراهنات الإلكترونية في استهدافها فئة الشباب التي تمثل النسبة الأكبر من لاعبي هذه الألعاب، حيث تستغل تلك المواقع حماس الشباب للتجربة وطبيعتهم الفضولية في الإيقاع بهم في شباك إدمان هذه المنصات، كما أن سهولة الوصول إليها في أي وقت وأي مكان، عبر الهواتف أو الحواسيب، له النصيب الأكبر من سرعة انتشارها وتداولها بشكل أسرع.
نتائج مباراة تحدد مصير أشخاص
والجدير بالذكر أن مواقع المراهنات الإلكترونية، هي مواقع تُبث من خارج مصر؛ لممارسة المراهنات في المجالات المختلفة، ومنها منافسات كرة القدم المصرية، ومن أمثال هذه المواقع: 1xBet، Melbet، وموقع Betwinner المختص في مراهنات الكؤوس الأوروبية والدوري الإنجليزي، ويتحدد مكسب المراهن على مدى خبرته في توقع نتائج المباراة، أو الفريق الفائز..إلخ.
المقامرة الإلكترونية.. بوابة للانحراف السلوكي
وتعد من أهم سلبيات المراهنات الإلكترونية كونها تشجع اللاعب في أي فئة عمرية على الانحراف السلوكي، سواء عن طريق السرقة لجني المال لإشباع غريزة الربح من خلال لعب المراهنات أو سد الديون، أو إدمان المخدرات لنسيان ما حل به من خسائر نفسية أو مالية أو أسرية، كما امتدت تلك المخاطر لتولد جرائم أخرى مثل النصب، وغسل الأموال، وصولًا إلى القتل.
كما ذكرت إحدى الدراسات البحثية في علم الاجتماع، أن الأفراد الذين يعانون من القمار القهري غالبًا ما يواجهون مشكلات إدمان المخدرات والكحول واضطرابات الصحة العقلية الأخرى مثل القلق والاكتئاب.
تجريم المراهنات الإلكترونية
نصت المادة 352 من قانون العقوبات على "أن يعاقب كل من أعد مكانًا لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه، ويتم تغريم مرتكب الجريمة بمبلغ مالي لا يتجاوز ألف جنيه". وعلى الرغم من أن النص القانوني لهذه المادة مخصص للأماكن المادية، إلا أن تفسيرات قانونية وقضائية توسعت في تطبيقها لتشمل المواقع والتطبيقات الإلكترونية باعتبارها أماكن للمقامرة.
كما تقدمت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بمشروع قانون لتجريم المراهنات الإلكترونية، والذي نص على فرض عقوبات منها الحبس 6 أشهر إلى 5 سنوات وغرامات تصل إلى 5 ملايين جنيه لوكلاء المراهنين والمسؤولين عن إدارة المراهنات بأي شكل وكل من سهّل لهم عمليات دفع الأموال، على أن تؤول تلك الغرامات إلى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.
التحريم الشرعي للمراهنات
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن المراهنات التي يجريها المشاركون بتوقعهم نتائج المباريات الرياضية وعدد الأهداف فيها وغير ذلك من مجرياتها، على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالًا في حساباتها، ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط، ويخسر الباقون؛ هي عين القمار المحرم.
وأضاف في بيانه: "القمار أو المراهنة من الميسر المتفق على حرمته شرعًا، فقد أمر الله تعالى باجتنابه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}. [المائدة: 90، 91]".