#كيف_أضحت؟ (7).. القيروان.. بناها عقبة بن نافع لتكون حصنا للمسلمين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:18 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#كيف_أضحت؟ (7).. القيروان.. بناها عقبة بن نافع لتكون حصنا للمسلمين

منال الوراقي:
نشر في: الإثنين 19 أبريل 2021 - 11:14 ص | آخر تحديث: الإثنين 19 أبريل 2021 - 11:14 ص

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟.

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة، أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسلة "كيف أضحت؟"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.
…..

"القيروان"، تحفة تاريخية وتراثية، كانت ولا تزال أقدم وأول مدينة إسلامية، بناها القائد العربي عقبة بن نافع لتكون قاعدة لنشر الإسلام في المغرب العربي، فأصبحت تزخر بسحر الحاضر وعبق الماضي، الذي كرّسته أسواقها العتيقة وخلفيات أسوارها، التي حملت إرثاً لا ينسى من المكتبات الملحقة بالجوامع والمدارس والزوايا والمدافن المتعددة لعدد من صحابة النبي.

ولذلك، استحقت القيروان لقب "رابعة الثلاث"، حيث حلت بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس، فهي من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هي المدينة الإسلامية الأولى في منطقة المغرب، إذ كان إنشاؤها بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، فلعبت دورين هامين في آن واحد، بالجهاد والدعوة، فبينما كانت الجيوش تخرج منها للغزو والفتح، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بين البلاد يعلمون العربية وينشرون الإسلام.

• بناها عقبة بن نافع لتكون حصن المسلمين

قبل قرون طويلة وبعد هجرة الرسول ببضع عقود، بدأ عقبة بن نافع في إنشاء مدينة القيروان، التي تقع في تونس، وعلى بُعد 156 كم من العاصمة، ففى 29 رمضان من عام 48 هجريا، أمر ببناء القيروان لتكون حصنًا منيعًا للمسلمين ضد اعتداءات الروم، وفق ما ذكر في كتاب "القيروان عبر عصور ازدهار الحضارة الإسلامية في المغرب العربي"، الصادر في عام 1968، المؤرخ والجامعي التونسي المعاصر، الجنحاني الحبيب.

فكان هدف الحاكم العربي ببناء المدينة تشييد مستقر للمسلمين، إذ كان يخشى إن رجع الجيش المسلم عن أهل إفريقية -تونس اليوم- أن يرتدوا عن دينهم، لتلعب المدينة دورا أساسيا منذ ذلك الحين في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط وفي تحويل إفريقية والمغرب من أرض مسيحية لهجتها اللاتينية، إلى أرض لغتها العربية ودينها الإسلام.

• عمارة إسلامية تاريخية وتحفة فنية

أنشئت القيروان بعيدا عن العمران، وبني فيها المساجد والمساكن التي جذبت المسلمين، وكان لها سور له 14 بابا، وسوق متصلا بالمسجد من جهة القبلة وممتدا إلى باب عرف باسم "باب الربيع"، وحول المدينة أقيمت أسوار عالية تطورت على مدى التاريخ لتكون قلعة حصينة تصد عن حجارتها المرصوصة هجمات الغزاة، إلا أنها لم تسلم وأسوارها من أطماع الألمان في الحرب العالمية الثانية، إذ هدموا جزءا من المدينة لبناء مدرج للطائرات.

• القيروان جوامع وعمارة إسلامية عريقة

اشتهرت القيروان بالعمارة الإسلامية العريقة، التي بنيت بها الجوامع عبر التاريخ، وأهمها الجامع الكبير، الذي يعود تاريخه إلى سنة 836 ميلادية، والذي يتميز بمحراب وأرضية ذات بريق معدني، بالإضافة إلى منبره ومقصوراته اللذان يعتبران من روائع تحف الفن الإسلامي.

وتحمل القيروان فى كل شبر من أرضها إرثا عريقا يؤكده تاريخها الزاهر ومعالمها الباقية التى تمثل مراحل هامة من التاريخ العربى الإسلامى، فلقد بقيت القيروان حوالى 4 قرون عاصمة الإسلام الأولى لإفريقيا والأندلس ومركزا حربيّا للجيوش الإسلامية ونقطة ارتكاز رئيسية لإشاعة اللغة العربية.

أما عن المكانة العلمية للقيروان، فقد كانت أول المراكز العلمية فى المغرب، تليها قرطبة فى الأندلس، ثم فاس فى المغرب الأقصى، ولعبت القيروان دوراً رئيسياً في القرون الإسلامية الأولى، فكانت العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي ومركز الثقل فيه منذ ابتداء الفتح إلى آخر دولة الأمويين بدمشق.

وعندما تأسست الخلافة العباسية ببغداد، رأت فيها عاصمة العباسيين خير مساند لها، لما أصبح يهدد الدولة الناشئة من خطر الانقسام والتفكك وظهور دول عدة مناوئة للعاصمة العباسية في المغرب الإسلامي كدولة الأمويين بالأندلس، والدولة الرستمية في الجزائر، والدولة الإدريسية في المغرب الأقصى.

• مسكن الراحلين

واليوم، تحوي القيروان بين طياتها آثارا تدل على عظمة الحضارة العربية الإسلامية وكبار رموزها، حيث يرقد فيها الكثير من الأعلام والشعراء، الذين اشتهروا في إفريقيا والأندلس والجزيرة العربية، في عصور الأغالبة والفاطميين والصنهاجيين، منهم الحصري وأسد بن الفرات والمعز بن باديس الصنهاجي.

• القيروان مدينة الأزقة الضيقة

ورغم مرور العصور، لا زالت تتكوّن القيروان من المدينة القديمة ذات الأزقّة الضيّقة الملتوية، والتي ما زالت تحافظ أسواقها على الطابع العام الذي اكتسته منذ القرن الثامن عشر، والمدينة المعاصرة التي تواكب المدن الحديثة، ولا تزال محاطة بأسوار ذات شرفات، مبنية باللبن، تحصن جنباتها بين المسافة والأخرى دعائم وأكتاف قائمة مستديرة، ويزيد طول هذه الأسوار على 3 كيلومترات.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك