أعلن مكتب الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا مساء الثلاثاء أن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي سلم استقالته للرئيس.
بذلك ينتهي تحالف حزب الرابطة اليميني المتطرف وحركة خمس نجوم بعد أن استمرا معا في الائتلاف الحاكم في إيطاليا قرابة 15 شهرا.
وجاء تسليم كونتي استقالته بعد حضوره جلسة عاصفة لمجلس الشيوخ، ويتعين الآن على الرئيس الإيطالي أن يحدد كيف ستسير الأمور في الأزمة السياسية، وسيطلق الرئيس مشاورات لمدة يومين بحثا عن غالبية جديدة واختيار شخصية تمثلها لتشكيل الحكومة.
وتبدأ المشاورات اعتبارا من غد الأربعاء.
وجاء إعلان كونتي الاستقالة كتصفية حساب مريرة مع وزير داخليته ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف الذي وضع " حكومة التحول" في أزمة قبل أسبوعين، إذ أن سالفيني كان يدفع الأمور، مدعوما بنتائج جيدة في استطلاعات الرأي، نحو إجراء انتخابات جديدة بأسرع ما يمكن في الخريف.
وكان كونتي قال معلنا انتهاء عمل حكومته إن " الأزمة الراهنة تهدد بصورة لا يمكن تفاديها عمل الحكومة الذي انتهى"، وبإعلان كونتي الاستقالة، تقترب الانتخابات الجديدة، غير أنه لم يتم الإعلان بعد ما إذا كانت هذه الانتخابات ستجرى قريبا، فحالة عدم الاستقرار السياسي تعد أمرا سيئا بالنسبة لإيطاليا لاسيما بسبب الوضع الاقتصادي الإشكالي، فالبلاد مثقلة بالديون ويتعين عليها تقديم قانون للموازنة بحلول نهاية العام.
وفي حال لم يتوصل ماتاريلا في مشاوراته إلى توفير أغلبية بديلة لأغلبية الرابطة وحركة خمس نجوم، يمكنها دعم الحكومة، فإن من الممكن أن يحل البرلمان، وفي أعقاب ذلك بـ60 يوما، يمكن إجراء انتخابات جديدة، وتتطلب هذه الخطوة الكثير من الوقت لتنظيم الانتخابات.
وهاجم كونتي سالفيني في خطابه أمام مجلس الشيوخ واتهمه بإفساد عمل الحكومة من خلال انتقاده لوزراء آخرين، وقال كونتي:" عزيزي وزير الداخلية، عزيزي ماتيو، بتأجيجك لهذه الأزمة الحكومية، تتحمل أنت مسؤولية كبيرة حيال البلاد"، ورد سالفيني على ذلك بهز رأسه بشكل دائم معربا عن رفضه لكلام كونتي.
وأضاف كونتي:" لقد سمعت نداءك إلى /السلطة الكاملة/ وإلى الدعم من قبل الناس في الميادين، ووجهة نظرك هذه أقلقتني"، مشيرا إلى أن تعريض إيطاليا لمثل هذه الأزمة كان عملا غير مسؤول من قبل سالفيني، لأن البلاد الآن مهددة بدوامة من الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار المالي.
وقال كونتي إن " الانتخابات هي جوهر الديمقراطية، لكن دفع الناس كل سنة إلى الانتخابات هو عمل غير مسؤول" واتهم سالفيني بتقديم مصالحه السياسية ومصالح حزبه على مصالح إيطاليا.
في المقابل، دافع سالفيني عن نفسه في رد حماسي وقال:" سأعيد ضبط كل شيء مرة أخرى بالقوة الكبيرة لرجل حر"، وقال إنه ما كان له أن يسمع من رئيس الوزراء عبارات مثل " خطير مستبد ومثير للقلق وغير كفء ومتهور".
يذكر أن استطلاعات الرأي كانت تظهر تأييدا لسالفيني ولذلك ثارت تكهنات منذ فترة طويلة حول موعد إسقاطه للحكومة من أجل أن يصل هو إلى سدة الحكم، وقد نال سالفيني التأييد الشعبي بالدرجة الأولى نظرا لسياسته الصارمة المناوئة للهجرة، لكنه كان دائم التدخل في قضايا خارج اختصاص وزارته.
ووصل حزب الرابطة وحركة خمس نجوم إلى الحكم في حزيران/يونيو 2018، وكونا تحالفا شعبويا لا مثيل له في أوروبا، وتعد هذه الحكومة هي الحكومة الخامسة والستين في تاريخ إيطاليا.
وازدادت هوة الخلافات بين الحزبين في الأشهر الأخيرة، وقد استغل سالفيني التصويت على مشروع سكك حديد للتشكيك في مستقبل الائتلاف الحاكم، وفيما كانت تظهر استطلاعات الرأي تفوقا في شعبية الرابطة، فإن شعبية النجوم الخمس كانت تراجعت بقوة تهددها بالهزيمة في حال إجراء انتخابات جديدة.
ويمكن للحركة وللحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، أن يحبطا خطة سالفيني الرامية إلى إجراء انتخابات جديدة على نحو سريع، إذ يبحث الجانبان في الوقت الراهن إمكانية إخراج الرابطة من الحكومة، وليس من المعروف إلى الآن كيف يمكن لهذا التحالف أن يبدو إذ أن الحزبين كانا عدوين لدودين حتى الآن.