ما زالت حقيقة الأرقام المعروضة لتعداد اللاجئين في مصر يثير الجدل، مع كل إعلان أو تحديث من قبل المنظمات الدولية المعنية بشئون الهجرة واللاجئين للأعداد الموجودة بالفعل داخل الدولة، خاصة مع تضارب الأرقام.
* مفوضية اللاجئين: 300 ألف لاجئ
في آخر تقرير وتحديث للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، والذي اطلعت "الشروق" على نسخة منه، تستضيف مصر حوالي 300 ألف شخص من طالبي اللجوء المسجلين واللاجئين من 55 دولة مختلفة، غالبيتهم من سوريا تليها السودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال.
وبدأت مصر في استضافة اللاجئين بشكل كبير منذ عام 2012، عندما بدأ السوريون الفارين من أراضيهم التي مزقتها الحرب في طلب اللجوء إلى مصر، والذين يمثلون خلفيات اجتماعية واقتصادية ودينية مختلفة.
وارتفع عدد السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر بشكل كبير من 12800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 145 ألف شخص، نتيجة للأزمة السورية، ليكونوا أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في التاريخ.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، إنه حينها واستجابة لاحتياجات التدفق الكبير، أنشأت المفوضية مكتباً ميدانياً في الإسكندرية في ديسمبر 2013.
في الوقت نفسه، جددت الصراعات وانعدام الاستقرار السياسي في شرق إفريقيا والقرن الأفريقي وكذلك الاضطرابات في العراق واليمن دفع آلاف الأشخاص من السودان وجنوب السودان وإثيوبيا والعراق واليمن إلى اللجوء إلى مصر.
واعتبارا من 30 يونيو 2023، كان عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية يتكون من 148 ألف لاجئاً من سوريا، و77 ألف من السودان و27 ألف من جنوب السودان و24 ألف من إريتريا و16 ألف من إثيوبيا و7 آلاف من اليمن و7 آلاف من الصومال و5 آلاف من العراق وأكثر من 45 جنسية أخرى.
ووفقا لتقرير المفوضية، يعيش اللاجئون وطالبو اللجوء في بيئة حضرية في مصر، ويتركزون إلى حد كبير في القاهرة الكبرى والإسكندرية ودمياط وعدة مدن في الساحل الشمالي.
* البنك الدولي: 281 ألف فقط
وفي حين كشف أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي، في يونيو 2023، أن عدد اللاجئين في جميع أنحاء العالم بلغ 27 مليونا حتى عام 2021، إلا أنه قال إن عددهم في مصر بلغ حوالي 281 ألف لاجئ فقط.
وأكد تقرير البنك الدولي أنه على الرغم من استضافة العديد من اللاجئين في بلدان مرتفعة الدخل في أوروبا وخارجها، إلا أن أكثر من 86% منهم لجأ إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل المجاورة، حيث تستضيف البلدان متوسطة الدخل أكثر من 63% من النازحين عبر الحدود.
* الهجرة: 9 ملايين مهاجر ولاجئ
لكن في أغسطس 2022، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، في أحدث تقرير لها، أن العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر وصل إلى 9 ملايين مهاجر ولاجئ.
وكشفت المنظمة الدولية للهجرة، التي تتبع أيضا الأمم المتحدة، أن العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر هو 9 ملايين مهاجرًا، أي ما يعادل 8.7% من السكان المصريين.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هناك زيادة ملحوظة في عدد المهاجرين منذ عام 2019، بسبب عدم الاستقرار الذي طال أمده البلدان المجاورة لمصر، مما دفع الآلاف من السودانيين وجنوب السودان والسوريين والإثيوبيين والعراقيين واليمنيين إلى البحث عن ملاذ في مصر.
وأشارت الهجرة إلى أن المهاجرين في مصر ينحدرون من 133 دولة، أبرزهم المهاجرين السودانيين وهم 4 ملايين، والسوريون 1.5 مليون، واليمنيون والليبيون مليون، حيث تشكل هذه الجنسيات الأربع 80% من المهاجرين المقيمين حاليًا في البلاد.
ويظهر التقييم أن متوسط عمر المهاجرين فى مصر هو 35 سنة، مع نسبة متوازنة من الذكور 50.4% والإناث 49.6%، وغالبيتهم 56% منهم يقيمون في خمس محافظات: القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية، فيما يعيش باقي المهاجرين في محافظات مثل أسيوط، أسوان، الغربية، الإسماعيلية، الأقصر، مرسى مطروح، المنوفية، المنيا، بورسعيد، القليوبية، قنا، محافظة البحر الأحمر (الغردقة، شرم الشيخ بأعداد قليلة وفي شبه جزيرة سيناء وتحديداً مدينة دهب) والشرقية وسوهاج والسويس.
كما كشفت البيانات التي تم جمعها من السفارات والدراسات التى قامت بها منظمة الهجرة أن أكثر من ثلثى السكان 37% يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة، مما يشير إلى أن المهاجرين في مصر يساهمون بشكل إيجابي في سوق العمل ونمو الاقتصاد المصري.
على سبيل المثال، يعتبر السوريون الذين يشكلون 17% من أعداد المهاجرين الدوليين في مصر من أفضل الجنسيات التي تساهم بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد المصري، ويقدر حجم الأموال التي استثمرها 30 ألف مستثمر سوري مُسجل في مصر بنحو مليار دولار، مما يعكس أهمية تعزيز اندماج المهاجرين لأثره الإيجابي على المجتمعات المُضيفة.
وبالنسبة إلى مدة إقامة المهاجرين في مصر، فإن التقييم قد أظهر أن 60% من المهاجرين الدوليين الذين يعيشون في مصر مندمجون جيدًا فى المجتمع لأكثر من 10 سنوات، وصل لـ 5.5 مليون شخص، في حين أن 6% يعيشون باندماج داخل المجتمع المصرى منذ 15 عامًا أو أكثر.
واعتبرت منظمة الهجرة أن الخطاب الإيجابي للحكومة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين كان عامل جذب للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء مؤخرًا إلى مصر، حيث كانت مصر سخية في إدراج المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في النظم الوطنية للتعليم والصحة، على قدم المساواة مع المصريين في كثير من الحالات، وهذا على الرغم من التحديات التي يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية الباهظة.
واستشهدت الهجرة بإدراج السكان المهاجرين في خطة التطعيم الوطنية ضد فيروس كمثال حديث واضح على نهج الحكومة المصرية في معاملة المهاجرين، على قدم المساواة مع المواطنين المصريين.
* مشروع قانون وحصر رسمي مصري
مع هذا التضارب بين الأرقام، أقرت الحكومة المصرية بحلول يونيو 2023، مشروع قانون لجوء الأجانب، والذي يهدف لإجراء حصر رسمي لأول مرة عن أعداد اللاجئين في مصر لتوفيق أوضاعهم، وإعداد قاعدة بيانات معلوماتية دقيقة عن أعدادهم وجنسياتهم وسبب اللجوء، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، بما يسهم في تقديم الدعم والمساندة للمستحقين، وفي الوقت نفسه سداد مستحقات الدولة عن الخدمات والموارد التي تقدم لهم.
ويتضمن مشروع قانون لجوء الأجانب إنشاء اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين، تتبع رئيس مجلس الوزراء، والذي سيصدر قرار تشكيل أعضائها، على أن تتولى اللجنة إعداد تقريرًا بنتائج أعمالها كل 3 أشهر يعرضه رئيسها على رئيس مجلس الوزراء.