علمت «الشروق» أن الحالة الصحية للواء محمد فريد التهامى رئيس جهاز المخابرات العامة سابقا لم تكن السبب الوحيد وراء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى إحالته إلى التقاعد ومنحه وسام الجمهورية.
فى الوقت نفسه استبعدت المصادر أن يكون تعيين قائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات العامة خلفا للتهامى عنوانا لمرحلة جديدة من الخيارات السياسية للرئيس وإن كانت تعبيرا عن ضرورات الواقع.
يقول أحد المصادر المتابعين عن قرب لدولاب العمل السياسى إن القرار «المفاجئ للجميع» بالإعفاء الذى صدر بحق التهامى «واحد من أكثر الناس الذين كان الرئيس يحترمهم بحكم كونه رئيسه السابق فى المخابرات الحربية أساسا وبحكم أن الرئيس فعلا لديه ثقة عالية فى أصحاب الخلفية العسكرية» قد لا تكون بالتحديد تباشير «ثورة الرئيس على نظامه» التى أشار لها الكاتب الصحفى الأستاذ محمد حسنين هيكل قبل أيام فى سلسلة أحاديثه مع قناة سى.بى.سى الفضائية.
ويردف المصدر قائلا: «الحقيقة أن الرئيس يروق له كثيرا ما تحدث به هيكل وكان له تعليقات صحفية فى هدا الصدد حول أن الرئيس يحكم بمؤسسات الدولة ولكن تطورات غير متوقعة وتفاصيل دقيقة استدعت اتخاذ القرار وتنفيذه بصورة فورية».
الإعلان شبه الرسمى الذى نقله أحد المقربين من جهاز المخابرات العامة حول الحالة الصحية للتهامى كسبب لإحالته للمعاش٫ هو بحسب مصادر متطابقة من قطاعات مختلفة من الدولة، ليس السبب الوحيد لإبعاد واحد من أقوى رجال الرئيس وأقرب مساعديه.
وتتضارب قليلا الرواية حول تفاصيل إنهاء مهمة التهامى، الذى ذهب بعض معاونيه داخل جهاز المخابرات العامة فى الأسابيع القليلة الماضية بوصفه بأنه «الرجل المسيطر فعليا» وأنه «أقوى من عمر سليمان».
الأكيد ــ بحسب مصادر الشروق ــ أن ذهاب التهامى لم يرتبط فقط ببعض الأصوات ــ التى تعالت فى أروقة الرئيس ــ عن اعتبار رئيس المخابرات العامة أحد اسباب الأزمة السياسية المستحكمة التى يواجهها الرئيس فى الداخل مع قطاعات الشباب والمجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية على أساس أن «التهامى يمثل معسكر الصقور» الذى يرى أن التساهل فى مواجهة انفلات مجموعات الشباب والحقوقيين هو الخطأ الذى ارتكبه مبارك والذى تسبب فى ثورة يناير ــ الرجل كان يصفها صراحة أمام معاونيه بكارثة يناير.
كما أن ذهاب التهامى ليس مرتبطا بصورة مباشرة بالتقارب القادم فيما يبدو مع الولايات المتحدة التى قررت الأسبوع الماضى إيفاد سفيرها الجديد إلى القاهرة بعد أن ظل هذا المنصب شاغرا لأكثر من عام ونصف العام ليتبع ذلك تفاهمات حول تطوير الدعم العسكرى أو بالتقارب القادم كذلك مع قطر.
الكثيرون ممن يحيطون بالرئيس بل والرئيس نفسه مقتنعون بأن مصر لن تحتمل خلال العامين المقبلين على وجه التحديد المظاهرات والإضرابات من ناحيه وتهييج الرأى العام باثارة قضايا الحريات من ناحية أخرى هكذا يقول أحد العاملين فى مؤسسات الدولة الرئيسية.
وفى إطار الحديث عن مقتضيات الواقع جاء أيضا، بحسب مصادر الشروق، قبول الرئيس بتحقيق نقلة نوعية فى العلاقات بين القاهرة والدوحة كون ذلك من مقتضيات ترتيبات إقليمية أوسع ترتكز للهاجس الرئيسى للمملكة العربية السعودية المتعلق بداعش والهاجس المصرى المتعلق بالأوضاع فى ليبيا.
وتقسم المصادر التى تبدو متداخلة لعناوين أساسية: الأول هو إحاطة الرئيس بضبط أمور كبار مساعديه وهو الأمر الذى يمثل التهامى أهم خطواته، فيما يتوقع أن يكون الفصل القادم لها يرتبط بدور رجال فى مؤسسات الدولة ذهبوا أبعد مما يقبل فى التنسيق مع شخصيات تستهدف دورا سياسيا مستقبليا فى مصر رغم رفض الرئيس عودتها لمصر.
الملف الثانى هو وساطة أردنية أدت لتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة فى إطار التزام مصرى رفيع المستوى بإعادة النظر فى بعض مفردات ملف الحقوق والحريات وفى ضوء بداية تحركات سياسية مصرية للتعامل مع الشأن الفلسطينى فى سياقات منسقة إسرائيليا، والثالث إصرار فى الوساطة السعودية لتحسين العلاقات مع قطر يتلاقى مع تفهم مصرى لمستحكمات الضرورة فى توسيع سياقات التعاون الاقتصادى خاصة مع ما هو متوقع من أزمة حادة فى الطاقة فى الصيف القادم.