- عجوز مهنئا بـ«عيد الشرطة»: عمري 75 عاما.. ومعاشي 360 جنيها «لا يساوي سعر جزمة» - قوات التدخل السريع تجوب الميدان.. وعناصر الجيش يتمركزون في محيط المتحف
قبل ساعات من حلول الذكرى الخامسة لثورة الخامس والعشرين من يناير، واحتفالات الشرطة بعيدها السنوي، سادت أجواء اعتيادية على ميدان التحرير، اليوم، إذ شهدت الحركة المرورية سيولة ملحوظة، وسط انتشار مكثف لعناصر شرطية من أجهزة أمنية مختلفة، بعضهم في ثياب مدنية وآخرون في الزي الرسمي.
وجابت سيارات دفع رباعي شرطية لقوات التدخل السريع، الميدان، بشكل دوري، حاملة شعار "شرطة الشعب"، مجاورا شعار "تحيا مصر"، الذي ارتبط بالحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة عام 2014.
ومع حلول الثانية عشرة ظهرا، استقبل أفراد من القوات الخاصة، يرتدون سترات واقية من الرصاص، وأقنعة قماشية سوداء، وخوذات على الرأس، بوسط الميدان، مواطنا يدعى محمود محمد فرج ( 75 عاما ) حاملا في يده باقة ورود، مهنئا بـ"عيد الشرطة"، معلقا على سؤال لـ"الشروق" حول مناسبة الإهداء إن كانت بسبب الثورة أو عيد الشرطة، قائلا :"ثورة إيه وبتاع ايه .. بنحتفل ونهنيء بعيد الشرطة".
فرج الذي يسكن رفقة زوجته المسنة بحي إمبابة بالجيزة، أضاف بصوت خفيض :"أنا على المعاش، كنت أعمل نجار مسلح طيلة حياتي، إلا أنني توقفت عن العمل منذ عشر سنوات بعد إجراء عملية انفصال شبكي، ولايزيد معاش الضمان الاجتماعي الذي أتقاضاه شهريا عن 360 جنيها، رغم أنني مريض بالسكر والضغط وحساسية الصدر، وزوجتي مريضة أيضا، ومعاشي لا يكفي حق علاجنا". وزاد: "أعاني من ضعف في السمع وأحتاج إلى سماعة أذن".
وتابع :"لي ابن عمره 35 عاما حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، لكنه لا يجد عملا، وتحت ضغط حاجة أسرته التي تضم زوجته وأربعة أبناء، بنتان وولدان، عمل في شركة للنظافة، يجمع القمامة رغم حصوله على مؤهل عال، وكنت قد بنيت له شقة وحملت عبء مسكنه عن الدولة، وكل أملي، بعدما زوجت شقيقاته الثلاث، أن يجد وظيفة في أي مكان".
وعن مطالبه من الدولة، قال فرج: "هل سيسمع لنا أحد، معاشي الشهري لا يساوي سعر جزمة"، أنهى عبارته ثم أسند ظهره إلى سور حديدي جالسا على أحد أرصفة الميدان، فيما ظلت أصابع يده ممسكة بباقة الورود، بعدما وزع بعضها على الشرطة.
أمام الكعكة الحجرية التي تتوسط الميدان، وفي القلب منها سارية العلم، حاول مصور "الشروق"، التقاط بعض الصور، إلا أن شرطيا في ثياب مدنية رفض التصوير "دون وجود تصريح"،، وحين أبرز المصور كارنيه نقابة الصحفيين، علق الشرطي قائلا :" ملوش لازمة في التحرير لازم تصريح"، إلا أن ضابطا برتبة عميد سمح للمصور بالتقاط ما أراد من صور.
وأحضر ضباط علبة شيكولاته وزعوها على المارة وقائدي السيارات في إشارات المرور بالميدان، وردد مواطنون من نافذة أتوبيس نقل عام، مبتسمين، عبارة "كل سنة وانتوا طيبين"، وهم يصافحون الضباط.
وخلا الميدان من أية مظاهر تربطه بثورة الخامس والعشرين من يناير، فيما عدا بعض صور الجرافيتي على جدار الجامعة الأمريكية من ناحية شارع محمد محمود المقابل للميدان، وبدا لافتا بروز كلمات "عيش حرية عدالة اجتماعية" من بين صور الجرافيتي، فيما يواصل العمال القائمون على هدم الجدار عملهم.
شركات السياحة التي اضطرت لإغلاق مقارها بالميدان أثناء الفاعليات الاحتجاجية التي رافقت فاعليات الثورة على مدار الأعوام القليلة الماضية، عملت بكامل طاقتها يوم أمس، ولاحظ المارة بوضوح تراجع أسعار رحلاتها إلى المدن السياحية، حتى صار بإمكان المواطنين قضاء عدة أيام مقابل بضعة مئات قليلة من الجنيهات.
ولم يشهد الميدان أي انتشار أمس لقوات عسكرية، إذ حرصت على البقاء في أماكن انتظارها ناحية المتحف المصري، تاركة السيطرة الأمنية لقوات وعناصر الشرطة.