الدروب الوعرة من ليبيا إلى إيطاليا.. «مقبرة الحالمين» بالهجرة لأوروبا - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:01 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدروب الوعرة من ليبيا إلى إيطاليا.. «مقبرة الحالمين» بالهجرة لأوروبا

تحقيق - مروة محمد
نشر في: الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 2:14 م | آخر تحديث: الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 2:14 م

في حلقة جديدة من مسلسل كوارث الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط، أعلنت البحرية الليبية أمس الاثنين، عن غرق 11 مهاجرا وإنقاذ 263 آخرين من جنسيات إفريقية مختلفة.

العملية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لكنها تفتح باب السؤال عن سبب تحول لبيبا لمقبرة الحالمين بالهجرة لأوروبا.

بحسب التقديرات الدولية، خلال السنوات الأربع الأخيرة عبر أكثر من 600 ألف مهاجر البحر المتوسط بواسطة قوارب من ليبيا لإيطاليا حتى صارت ليبيا نقطة الانطلاق الأكثر شيوعا للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا من إفريقيا بحرا، لكن لماذا ليبيا وهل كل ما يصل لليبيا يستطيع الوصول لأوربا؟

يجيب أمبرتو بروفاتسيو، الخبير الإيطالى المتخصص في الشأن الليبي، في تصريحات خاصة لـ"الشروق" أن: "إيطاليا تمثل لكثير من مواطني البلدان الإفريقية البوابة الرئيسية إلى أوروبا"، موضحا أنه من السهل الوصول لإيطاليا عبر ليبيا عن غيرها من الدول مثل فرنسا أو بريطانيا.

وأشار بروفاتسيو إلى أن العديد من المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا يعتزمون الانتقال إلى شمال أوروبا، للوصول إلى الأصدقاء أو العائلة، أو حتى لأسباب لغوية وثقافية (معرفة اللغة الايطالية او غيرها).

كما أوضح الخبير الإيطالي أن الأسباب التي تدفع المهاجرين لترك بلادهم، قد تكون إنسانية كالحروب والمجاعات، أو اقتصادية كنقص فرص العمل.

• رحلة المهاجرين الوعرة

تمر رحلة المهاجرين بعدة مراحل وعبر عدة شبكات تهريب متسلسلة، حيث يبدأ خط التهريب من حدود ليبيا الجنوبية المشتركة مع النيجر والتشاد، أي يتم تجميع المهاجرين على الحدود ليتم إرسالهم باتجاه مدينة سبها وضواحيها، ثم تنطلق الرحلة من سبها نحو سرت عن طريق الجفرة ومنها إلى المنطقة الغربية، وتحديدا إلى المدن الساحلية على غرار مصراتة وزوارة وطرابلس وصبراتة.

وتدير عملية الهجرة، شبكات تتكفل كل واحدة بجزء من الرحلة. وقال محمد الزوي، مسؤول من المكتب الإعلامي للجيش الليبي،
إن غالبيتها ينتمي إلى قبائل "التبو" التي يصل نفوذها إلى الدول الإفريقية المجاورة لليبيا، وهي التي تتولى هذه العملية في الجنوب، يشاركها في ذلك قبائل أولاد سليمان.

وفي المنطقة الغربية، تسيطر الميليشيات المسلحة التي تتخذ من مدن صبراتة والزاوية، وهي ميليشيات أحمد الدباشي، والحسن الدباشي، إضافة إلى ميليشيات مصعب أبو قرين، وميليشيات إبراهيم الحنيش.

ويفضل المهاجرون طريق طرابلس لأنه قريب من السواحل الإيطالية، موضحا أنه "عند كل تغيير، يتم تسليم المهاجرين تباعا إلى مجموعات أخرى مسلحة وميليشيات وتجار"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعد مصدرا للضغط بهدف الحصول على أقصى قدر من الأرباح.

• قصص من قلب الرحلة

يروي أحمد، وهو مواطن مصري من محافظة القليوبية رحلته خلال هجرته إلى إيطاليا عبر ليبيا، بعد أن نجح للوصول للحدود الليبية وبعدها لإيطاليا عبر قارب غير آمن، بعد أن عبر الصحراء سيرا على الأقدام.

وأوضح أحمد أن المخاطر التى تعرض لها لم تكمن في البحر فقط، فقد تعرض للاختطاف من قبل بعض القبائل خلال رحلته من القليوبية إلى ليبيا بهدف الحصول على فدية منه، مضيفا: "أرادوا أن يقتلوني ولكني كسرت الباب في المكان المحتجز به وهربت وظللت في الجبال"، بحسب ما نقلته صحيفة "إيل فاتو كوتديانو" الإيطالية عن مجلة سعودية.

وأضاف أحمد: "أحد الاشخاص توفي على القارب.. ظل يواصل القيء حتى وفاته المنية ثم أخذ المهربون الجثة وألقوها في البحر.. كنا جميعا غاضبين.. كان واحدا منا وعندما تذمرنا أمرونا ألا نتحدث واإا ألقونا في الماء.. هذا حرام!".

وفي النهاية، وصل أحمد لإيطاليا واكتشف أن الصعوبات لم تنته بعد، فبالنسبة لمعظم الشباب غير المصحوبين الذين اجتمعوا في مدينة تورينو الإيطالية اختفت الآمال بالنسبة لهم في مستقبل أفضل. وتابع أحمد: "إيطاليا لم تعد كما كانت عليه.. يكاد يكون من المستحيل العثور على وظيفة مستقرة حيث تربح ما يكفي من أجل البقاء.. وجود المهاجرين في وقت يشهد فيه العالم هجمات إرهابية خلق الكثير من العنصرية".

مصري آخر يدعي سالم، وصل بالقارب، لكنه أعرب عن أسفه للوصول إلى إيطاليا، قائلا "أقول لأصدقائي لا تأتوا إلى هنا.. لا يوجد عمل".

وقد نجا سالم من غرق القارب الذي كان قد سافر عبره، مضيفا: "كنا 300 شخص ولكن القارب انقلب رأسا على عقب وتوفي 100 شخص".

• بيع البشر

الرئيس الدولي لمنظمة أطباء بلا حدود جوان ليو تروي تجربتها في ليبيا، قائلة: "في ليبيا، رأيت تجسيدا للقسوة الإنسانية.. الأمر أزعجني وسأظل مستاءة"، مضيفة: "الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة الوحيدة وهي الرغبة في حياة أفضل يتم حشدهم في غرف مظلمة خالية من الهواء لديهم فيها 30 سم مربع ولا يمكن حتى أن يمددوا ساقهم.. يظلون هكذا لعدة أيام جائعون حتى المرض".

وأضافت ليو: "نظر هؤلاء الأشخاص لي وطلبوا مني أن أخرجهم من هناك"، موضحة أن قصص الأشخاص الذين قابلتهم "سوف تعذبها لسنوات".

شبكة "سي إن إن" الأمريكية، بثت مؤخرا تقرير كشف عن وجود سوق لبيع البشر في ليبيا، واستغلال المهاجرين غير الشرعيين الذين فشلوا في العبور إلى أوروبا، كعمال أو مزارعين من خلال مزاد علني.

وبث التقرير مقاطع مصورة بشكل سري، تظهر سوقا لبيع "العبيد"، من خلال عرض قوتهم في مزاد، على غرار أسواق النخاسة قديما، وهو ما سبب صدمة على الصعيد الداخلي والخارجي.

"800.. 900.. 1000.. 1100.. تم البيع بـ1200 دينار ليبي!".. هكذا أعلن مدير المزاد خلال دقائق معدودة عن بيع إثنين من المهاجرين وسط أجواء طبيعية. وسلط التحقيق الضوء على فيكتوري، وهو شاب نيجيري يبلغ من العمر 21 عاما قال إنه هرب من نيجيريا على أمل أن يحظى بحياة جديدة، حيث اقترضت أمه الأموال ليسافر إلى أوروبا ويحقق حلمه، لكن في ظل محاربة الاتحاد الأوروبي للهجرة غير الشرعية، وإعادة المهاجرين إلى ليبيا، وجد فيكتوري نفسه عالقا في أحد مراكز الاحتجاز وسط ظروف إنسانية سيئة.

ويقول فيكتوري إن أحلامه تحطمت ولا يعرف كيف سيبدأ من جديد، فصديقه الذي هاجر معه أصبح في أوروبا، بينما ظل هو يعاني حالة من الضياع، مؤكدا أن معظم المهاجرين في ليبيا يتعرضون من قبل مهربي البشر لكافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي ليبقى مصيرهم مجهولا، فإما أن "يموت المهاجر مرة في عرض البحر، أو يموت مرات على الأراضي الليبية". وفتحت السلطات الليبية تحقيقا في هذه الواقعة.

• مرحلة جديدة عند المحطة الإيطالية

عندما يصل المهاجرون للمياة الإيطالية تبدأ مرحلة جديدة من رحلتهم يكشفها بروفاتسيو لـ"الشروق" والتي تبدأ بتتحفظ السلطات عليهم بعد إجراء الإسعافات الأولية والعلاج الفوري اللازم لهم، ثم تقوم بإجراءات تحديد هوية المهاجرين مع جمع بصمات الأصابع وتسجيل البيانات ويتم إبلاغهم بإجراءات طلب اللجوء، إذا كانوا يأتون من بلدان في حالة حرب أو من خلال بلدان تعاني من أزمات إنسانية خطيرة، فيما يخطر ما يسمى بالمهاجرين "الاقتصاديين"، أي أولئك الذين يأتون من مناطق تعتبر آمنة، بإجراءات الطرد التي تحدد إعادتهم إلى الوطن الأصلي في غضون مهلة معينة.

ارتفاع عدد المهاجرين عبر المياه الايطالية دفع الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل "فرونتكس" عن إطلاق عملية جديدة في البحر الأبيض المتوسط، مؤخرا، وأطلقت عليها اسم "ثيميس"، حيث تحل عوضا عن عملية "تريتون" التي تم إطلاقها في نوفمبر من عام 2014، لمؤازرة عملية "ماري نوستروم" البحرية الإيطالية، التي كانت تواجه تدفقًا هائلاً من المهاجرين من منطقتي الساحل و شمال إفريقيا.

ووفقا لـ"فرونتكس"، تهدف عملية "ثيميس" إلى "مساعدة إيطاليا في أنشطة مراقبة الحدود"، حيث تبقى على بعثات الإنقاذ التابعة لعملية تريتون حتى الآن.

كما يقوم الاتحاد الأوروبي بعملية عسكرية أخرى إلى جانب "ثيميس"، وهي عملية "صوفيا" البحرية التي تعمل منذ عام 2015، قبالة سواحل ليبيا. وتتمثل مهمتها الرئيسية في مكافحة الإتجار بالبشر، ومنذ أكتوبر 2016، تم تمديد ولايتها لفرض احترام حظر توريد الأسلحة في ليبيا، وكلك القيام بمهام تدريب خفر السواحل الليبي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك