فقه السيرة.. معنى العبادة - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 10:46 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فقه السيرة.. معنى العبادة

أحمد عبدالحليم
نشر في: الجمعة 24 مايو 2019 - 12:12 م | آخر تحديث: الجمعة 24 مايو 2019 - 12:12 م

فى كتابه «فقه السيرة» يحاول مؤلفه الشيخ محمد الغزالى، تقديم صورة صادقة عن سيرة الرسول الكريم محمد، مجتهدا فى إبراز الحكم والتفاسير لما يقع من حوادث، مستفيدا من السير التى كتبها القدامى والمحدثون.
على وجه حسن يحاول الغزالى الاستفادة مما كتبه المحدثون والأقدمون، والمزج بين المنهجين والطريقتين على الاختلافات بينهما، فالأقدمون يعتمدون على حشو الآثار وتمحيص الأسانيد وتسجيل ما دق وجل من الوقائع والشئون، فيما يميل المحدثون إلى التعليل والموازنة وربط الحوادث فى سياق متماسك.
يستحضر الغزالى مقصده من الكاتب، بأن تكون السيرة شيئا ينمى الإيمان، ويزكى الخلق، ويهلب الكفاح ويغرى باعتناق الحق والوفاء له، كاتبا السيرة ومستعرضا المواقف والأحداث، كما يكتب جندى عن قائده، أو تابع عن سيده، أو تلميذ عن أستاذه.
الكتاب الذى صدرت طبعته التاسعة عن دار الشروق عام 2017 ويقع فى 370 صفحة تقريبا، راجع أحاديثه الشيخ محمد ناصرالدين الألبانى.

معنى العبادة:
سر الارتقاء الروحى والجماعى الذى أدركه صحابة الرسول الكريم محمد، أنهم كانوا موصولين بالله على أساس صحيح، فلم يشعروا فى الفعل له بما يشعر به الكثيرون من عنت وتكلف ولا يعانون من شرود وحيرة.
والعبادة ليست طاعة القهر والسخط ولكنها طاعة الرضا والحب، والعبادة ليست طاعة الجهل والغفلة ولكنها طاعة المعرفة والحصافة، فقد تشير إلى البهيمة العجماء فتنقاد إليك لا تدرى إلى مرتعها تسير أم إلى مصرعها، وتلك أنواع من الطاعات بعيدة عن معنى العبادة التى شرع الله للناس، فالعبادة التى أجراها الله على الألسنة فى الآية الكريمة «إياك نعبد وإياك نستعين»، والتى جعلها حكمة الوجود وغاية الأحياء فى قوله «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» تعنى الخضوع المقرون بالمعرفة والمحبة أى الناشئ عن الإعجاب بالعظمة والعرفان للجميل.
إن الرجل لا يقوم بالعمل العظيم وهو منساق إليه بالسياط الكاوية، إنما تولد الإجادة ويبلغ الشيء درجة الإحسان بما يقارنه من رغبة ورضا، فإذا أقبل المرء بفكره وقلبه على معتقد ووهب له نفسه وحسه وعاش يحلم به فى منامة وينشط له فى يقظته وذلك يرقى به صعدا فى فهم مبدئه وإجادة خدمه، ومن ثم فإن الإسلام لا يحفل بالإيمان النظرى البحت، ولا يقبله إلا ليكون سلما إلى ما بعده وهو الإيمان بالعقل والعاطفة معا.
فالمسلم كل المسلم هو الذى يعرف الله معرفة اليقين، ويضم إلى هذه المعرفة إحساسا يعترف بمجادة المجيد ونعماء المنعم، تباركت أسماؤه، والإيمان هو الإيمان المنتج، وهو صانع العجائب وبانى الدول ومقيم الحضارات السنية، وهو الذى يجعل الفرد يستحلى التكاليف المنوطة بعنقه، فيقبل على أدائها وكأنها رغبات نفس لا واجبات دين.
أتظن أن رسول الله الكريم عندما قام يصلى حتى تورمت قدماه كان يغالب الألم الناتج فى بدنه كما يغالب التلميذ المذنب عندما يوقف الساعات الطوال معذبا مهانا.. كلا كلا، إن استعذابه للمناجاة واستغراقه فى الخشوع أذهلاه عما به وغلبا على بوادر الألم الناشئ من طول الوقوف.

وربما احتاجت النفس فى ساعات غرورها إلى لون من أدب القمع والتوعد بكبح جماحها وهذا لا يتنافى البتة من الأصل فى الذى قررناه آنفا فإن قسوة الأب مع ولد حينا لا تغير من طبيعة الحنان فيه، والقرآن إذ يحرك المواهب السامية فى الإنسان بعرض آثار القدرة العليا عليه قد يردف ذلك بوخزات توقظ الإحساس المخدر ليلتفت ويعقل لا لينكمش ويجبن.
ومد الإيمان من فكرة فى الرأس إلى عاطفة فى القلب تجعل الرجل ينبض باليقين والإخلاص هو من صميم السنة وهو مهاد الخلال الفاضلة التى سادت المسلمين وأعلت شأنهم وهو معنى الحديث المشهور «ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا الله، ومن يكره أن يعود فى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النار».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك