الأرض تستغيث.. صرخات لا يسمعها أحد - بوابة الشروق
السبت 27 يوليه 2024 4:36 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأرض تستغيث.. صرخات لا يسمعها أحد

تحقيـق- دينا شعبان
نشر في: الثلاثاء 27 فبراير 2024 - 7:22 م | آخر تحديث: الخميس 29 فبراير 2024 - 5:16 م
- وائل أبوالمجد: العملية التفاوضية لم تسفر عن تحقيق المطالب المشروعة للدول النامية
- وزارة الزراعة السودانية: ارتفاع درجة حرارة الكوكب لـ5.8C في عام 2100 حال استمرار الممارسات البيئية ذاتها
- معهد الهندسة الجيوتقنية بـ«هانوفر»: 40% من أنواع الحشرات في العالم مهددة بالانقراض
- عالم نووي: كافحنا فقدان التنوع البيولوجي بدعم 200 مشروع في مجالات مختلفة
- مسئول بـ«البيئة»: الأزمات الكوكبية الثلاث تهدد الحياة على كوكب الأرض
- مدير التنوع الأحيائي بالسعودية: خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030
- باحث بيئي: استخدام النباتات في استخلاص الوقود الحيوي


منذ القرن التاسع عشر وكوكب الأرض يعانى جراء سوء استخدام الإنسان للموارد والتقنيات الحديثة، ما أدى إلى تهديد الحياة بشكل عام، ومنذ سنوات يطلق الكوكب إنذارات تنبه إلى ضرورة الاستجابة لتلك الاستغاثات التى تحذر من مخاطر تلويث البيئة.

ويعانى الكوكب بكل مكوناته بشرا كانوا أو حيوانات أو نباتات من خطر يهدد وجودهم ويغير التنوع البيولوجى، ورغم انعقاد 28 قمة عالمية للمناخ إلا أن توصياتها تظل حبيسة الأدراج دون أى ملامح لخطة زمنية لإنقاذ الأرض.

ووفقا للعلماء، فقد اجتمعت الآراء على أن درجات الحرارة سوف تستمر في الارتفاع لتصل إلى 5.8C بحلول عام 2100، وفقًا لإثباتات اللجنة البيئية الدولية (IPCC) وهي الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والعواصف الرملية، وحرائق الغابات، وأمطار طوفانية مدمّرة ومفاجئة، لاسيما زيادة فقد التنوع البيولوجي وإنتاجية النظم البيئية وتقليص التنوع الجيني.

بحسب دراسة أجرتها منصة "جلوبال سيتيزن"، المعنية بقضايا المناخ ومواجهة الفقر عام 2022، فإن ارتفاع درجات الحرارة يهدد 40% من إجمالي المحاصيل الصالحة للغذاء عالميا، وانقراض العديد من النباتات قريبا نتيجة عدم قدرتها على التكيف مع هذه التغيرات.

• تزايد درجات الحرارة

توقعت المتحدثة باسم وزارة الزراعة السودانية، دنيا حسن خلف الله، أن تصل درجة حرارة الكوكب إلى 5.8C في عام 2100، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات في أنماط الأمطار وتعرض المزيد من البشر للأمراض، لاسيما زيادة فقد التنوع البيولوجي وإنتاجية النظم البيئية وتقليص التنوع الجيني.

ونتيجة لمخاطر تلوث البيئة، قالت ممثلة الزراعة السودانية لـ«الشـروق»، إن التنمية العمرانية قد تتسبب في خسارة 1.6 - 3.3 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الرئيسية سنويًا حتى عام 2030، وهذا بالطبع سيؤثر على التنوع البيولوجي.

وأكدت أن الفقد في التنوع البيولوجي خلال الـ50 عامًا الأخيرة زاد ويعد الأسرع في تاريخ البشرية وسيستمر هذا الفقد أو يزيد في المستقبل، لاسيما زيادة معدلات تعرض الأنواع للانقراض والتي تضاعفت مئات المرات عن أي فترة تاريخية سابقة، إضافة إلى زيادة معدلات انقراض الأنواع والسلالات المحلية للنباتات والحيوانات الداجنة يوميًا، وبهذا تعرض التنوع البيولوجي لتأثير «الدومينو» أي أن فقد نوع يؤدي إلى فقد جزء كبير من السلسلة الغذائية.

وطالبت دول العالم بالتكاتف معًا خاصة الدول المتقدمة لوقف انبعاثاتها لأنها تؤثر على الحياة في الدول النامية، مؤكدة أن الزراعة يعتمد عليها 70% من السكان بالريف السوداني ولكن وضع الإنتاج الزراعي حاليًا في السودان داخل دائرة الخطر بسبب استمرار المواجهات بين قوات الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي والذي استمر إلى 10 شهور.


• مخاطر تلوث البيئة

ومن جهته، حذر خالد عبدالرحمن العالم المصرى نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر في ألمانيا، من مخاطر تلوث البيئة التي قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 4 درجات مئوية بحلول 2100، حال استمرار الممارسات البيئية ذاتها، والتي قد ينتج عنها فقدان التنوع البيولوجي والذي من الممكن أن يشمل انقراض أعداد كبيرة من الحيوانات والنباتات في المرحلة المقبلة.

وقال العالم المصري لـ«الشـروق»، إن في الوقت الحالي لا يخضع للحماية البيئية سوى أقل من 20% من الأراضي حول العالم، في ظل وجود أخطار مختلفة بسبب التغيرات المناخية كالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات على مستوى العالم.

وأضاف عبدالرحمن، أن الاتحاد الأوروبي وقع اتفاقية تاريخية لحظر استيراد أي منتجات قد تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية إزالة الغابات، حيث يعد الاتحاد الأوروبي والصين من أكثر الدول تدميرًا للغابات الاستوائية، مؤكدًا أن آخر الأبحاث بألمانيا حذرت من خسارة ونقص أعداد الحشرات والتي تشهد بالفعل انخفاضًا شديدا، وهي تعتبر مهمة جدًا للنظام البيئي لأنها تقوم بنقل حبوب اللقاح بين الأشجار، فحوالي 40% من أنواع الحشرات في العالم مهددة بالانقراض خلال العقود المقبلة.

أوضح أن حالة التنوع البيولوجي في ألمانيا تدعو للقلق؛ إذ انخفضت أعداد الطيور بمقدار الثلث تقريبًا على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية، وتندرج ضمن ذلك أيضًا "الأنواع الاعتيادية" مثل قبرة السماء أو الحجل الرمادي، ويتم ذلك بشكل بطيء وغير ملحوظ ولا يمكن استشعار الاختفاء هذا بشكل مباشر.

وأشار إلى نجاح العلماء، في تطوير وإنتاج الوقود الحيوي من الطحالب بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، فضًلا عن تدريب الذكاء الاصطناعى لتصميم بيئة مثالية للطحالب بغرض رفع كثافة ومعدل نموها من أجل الحصول على أعلى إنتاجية وبأقل تكاليف.

وأكد أنه فى ظل وجود المشاريع البحثية والأبحاث المستمرة يمكن الوصول للمزيد من الحلول من التنوع البيولوجي، مردفا: "وهو ما يدفعنا جميعًا إلى الحفاظ عليه لدوره الكبير في التوازن الطبيعي على الكوكب، لاسيما أن استخراج الوقود حيوى من الطحالب البحرية يكون بسعر مناسب وتصل حاليًا تكلفة الطن الواحد من الوقود الحيوى حوالى 250 يورو".

ووفقًا للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، فإن أكثر من 41 ألف نوع من الحيوانات مهددة بالانقراض وفق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.


• الأزمات الكوكبية الثلاث

بدوره، قال أيمن حمادة خبير التنوع البيولوجي الدولي ورئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي بوزارة البيئة المصرية سابقًا، إن الكوكب عبارة عن شبكة متصلة من الأنظمة والمناطق الإيكولوجية.

ودلل على ذلك بأن صور الأقمار الصناعية والدراسات أكدت أن الرياح المحملة بالغبار والأتربة من الصحراء الأفريقية الكبرى تحمل معها ما يقدر بحوالي 22 ألف طن من الفوسفور لتخصيب غابات الأمازون المطيرة سنويًا لتعويض نفس الكمية من الفوسفور التي يتم فقدها في تلك الغابات نتيجة للأمطار والفيضانات.

وأوضح حمادة لـ«الشـروق»، أن هناك الآلاف من الحيوانات والطيور تهاجر سنوياً بين شمال وجنوب الكرة الأرضية ولا يمكن عزل تأثيرات الممارسات البشرية السلبية التي تحدث في قارة أو في دولة ما عن حالة وصحة البيئة في باقي أنحاء الكوكب وخاصة فيما يتعلق بما يسمى بـ"الأزمات الكوكبية الثلاث" وهو المصطلح المتوافق عليه في منظمات وهيئات الأمم المتحدة لوصف الأزمات البيئية الثلاث التي تهدد الحياة على كوكب الأرض وهي تغير المناخ والفقد في التنوع البيولوجي والتلوث نظراً لكونها وصلت لمعدلات وتأثيرات غير مسبوقة في التاريخ البشري المسجل.

أوضح أن تلك الأزمات البيئية الثلاث متداخلة ومترابطة فنجد أن تغير المناخ والتلوث من أهم العوامل والمهددات المباشرة التي تتسبب في الفقد في التنوع البيولوجي وتدهور النظم الإيكولوجية وفي المقابل نجد أن الحفاظ على وصون التنوع البيولوجي واستعادة كفاءة وصحة النظم الإيكولوجية تساهم بشكل كبير في التصدي لتغير المناخ وفي دعم استراتيجيات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية.

وكشف دور النظم الإيكولوجية البحرية والأرضية الصحية بأنها قادرة على امتصاص وتخزين أكثر من 60% من انبعاثات الكربون "الناشئ عن أنشطة بشرية"، وهي تلك الانبعاثات المسئولة عن التغيرات المناخية، حيث إن استعادة وإعادة تأهيل مناطق الغابات وحدها تستطيع امتصاص وتخزين 30% من انبعاثات الكربون بشري المنشأ، وأن البحار والمحيطات قادرة على امتصاص ما يصل إلى 25% من تلك الانبعاثات، ولذلك يعد نهج "التكيف القائم على النظم الإيكولوجية" و"الحلول القائمة على الطبيعة للتصدي لتأثيرات التغيرات المناخية" من النهج الفعالة من حيث التكاليف وتساهم في تقديم خدمات ومنافع اقتصادية واجتماعية.

حذر المسئول بالبيئة، من تداعيات الأزمات البيئية والتي تتمثل في انتشار الأوبئة الناشئة من أصل حيواني وهي ما يطلق عليه "الأمراض والأوبئة المشتركة" بين الإنسان والحيوان وتنتقل للإنسان من الحيوان، فقد تزايدت تلك الأوبئة بشكل ملحوظ خلال العقود القليلة الأخيرة، محذراً من أن غالبية الأمراض الوبائية الناشئة "الجديدة بالنسبة للإنسان" مصدرها الحيوان حيث تشير تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية أن حوالي 75% من تلك الأوبئة الجديدة التي عانى منها البشر في العقود الثلاثة الأخيرة هي حيوانية المصدر وأن على الأقل 60% من الأمراض الوبائية والمعدية التي تصيب الإنسان هي أمراض مشتركة مع الحيوان.

وأكد أن أغلب تلك الأوبئة الناشئة مصدرها الحياة البرية وانتقلت للإنسان من خلال الاتصال الزائد بالحياة البرية جراء أنشطة الصيد والاستخدام المفرط غير المستدام، فضًلا عن الممارسات التي تؤدي إلى تدمير الموائل والبيئات مما قد يتسبب في انتقال بعض ناقلات أو حاملات الأمراض لبيئات ومناطق أخرى لم تكن تتواجد فيها وبالتالي تؤدي لتعرض الإنسان في تلك المناطق للأوبئة الجديدة، مبينًا أنه في دراسة تحليلية للأمراض الوبائية الناشئة التي انتشرت في الفترة من 1940 إلى 2004 تبين أن هناك حوالي 335 حالة أو حدث لانتشار تلك الأمراض الوبائية الجديدة وتبين أن حوالي 60% من تلك الأمراض كانت أمراض مشتركة مع الحيوان وأن حوالي 72% كان مصدرها الحياة البرية.

وبحسب تقرير صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة ومعهد علم الحيوان التابع لجمعية علم الحيوان في لندن، فإن أعداد الحياة البرية قد انخفضت بنسبة 69% في المتوسط ​​خلال الخمسين عامًا الماضية، ومدى الانخفاض يختلف في أجزاء مختلفة من العالم وبين الأنواع، وترجع الأسباب لعدم قدرة الكائنات الحية علي التكيف مع تغيرات المناخ بجانب التجارة غير الشرعية.

وعدم التمويل لمعالجة تداعيات المناخ سيؤدي إلى خسارة كبيرة في فقدان التنوع البيولوجي والذي يعد سمة الكوكب، وبالتالي فقدان الأنواع المحلية وزيادة الأمراض ودفع الموت الجماعي للنباتات والحيوانات.


• العملية التفاوضية للدول

وأكد السفير وائل أبو المجد مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات، أن العملية التفاوضية حتى الآن لم تسفر عن تحقيق المطالب المشروعة للدول النامية، فلا زالت المطالبات تصدر للجميع بخفض انبعاثاتها، كما أن توفير الدعم المالي ضعيف جدًا، وبلغت تكلفة الدعم المالي الرسمي من الدول المتقدمة عليها أن توفر 100 مليار دولار، ورغم ذلك لم يتحقق هذا المطلب حتى الآن، فيما أوضحت منظمة الأمن والتعاون الأوروبي (OECD)، حساب الدعم المالي بأنه اقترب من الـ100 مليار العام الماضي، لكن جهات مستقلة تقول إن الرقم لم يتم الوفاء به حتى الآن، وبفرق النظر عن سوء الاختلاف فهذا المبلغ هو زهيد جدًا ولا يقترب من الـ1% من تلبية الاحتياجات الفعلية للتعامل مع التغيرات المناخية.

قال أبو المجد لـ"الشـروق"، إن سلامة النظم البيئية وحماية التنوع البيولوجي أمر ضروري، والآن أصبح العالم لديه وعي كامل بقضية تغير المناخ، مؤكدًا ضرورة التكاتف من أجل تلك الجهود الدولية والأطراف المنعقدة لمواجهتها وعدم استغلال أي ظروف طارئة وقتية للتنصل من التعهدات لتغيير هذه الأولويات، والتراجع عن تنفيذها، فضًلا عن اعتماد مصطلح "العيش في وئام مع الطبيعة" من خلال التكيف وتطبيق أساليب التخفيف للحد من آثار المناخ.

أضاف أن مواجهة التغيرات المناخية ليس بالأمر السهل، ولكي نعيش مع وئام الطبيعة لابد من توفير شروط تمويل كبرى تقدر بتريليونات الدولارات، فيما تبلغ تكلفة خسائر وأضرار التغير المناخي عشرات المليارات سنويًا وآخذة في التزايد.

أوضح أبو المجد، أن تغير المناخ قضية وجودية تمس العالم بلا استثناء وأي تأجيل في التعامل معها سيؤدي إلى كوارث حتمية، فضًلا عن زيادة التكلفة لتعويض الخسائر والأضرار الناتجة عنها، ذاكرا أنه في كل مره تسبب تغيرات المناخ أضرارًا كان يوجد لدى الدول المتقدمة مخاوف خاصة بالدعم المالي؛ كونها ملزمة قانونا بالتعويض، وبناء على ذلك اتفقت الدول خلال مؤتمر cop27 على إنشاء آلية للتمويل ستشمل أشكالا متنوعة من الدعم المالى لتنتهى بحلول عام 2024.

وذكر أن الدول المتقدمة يقع عليها المسؤولية التامة في خفض انبعاثاتها، وأيضًا الدول النامية كذلك ولكن دون المساس بحقها في تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، ولكي تقدم الدول النامية هذه الاسهامات لابد من تكاتف الجهود الدولية لتوفير ثلاثة أشكال رئيسية يتمثل أهمها في توفير الدعم المالي والحصول علي الدعم التكنولوجي وبناء القدرات، مطالبًا بالتفرقة في المعاملة والإلتزامات بين الدول المتقدمة والنامية وفقًا لمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة.

وأوضح السفير وائل أبو المجد، أن قضية تمويل جهود مكافحة المناخ في الدول النامية تواجه العديد من الصعوبات علي راسها محدودية ما تقدمه الدول المتقدمة من ميزانيتها وعدم وفاءها بالالتزامات التي اخذتها على نفسها والتنصل منها، من خلال الترويج المستمر إلى أن حل مشكلة تمويل المناخ يكمن في جذب القطاع الخاص وهو أمر يفتقد للعدالة والمنطق.

وقال إن القطاع الخاص غير ملزم بتمويل المناخ ولكنه بطبيعته يسعى إلى ذلك؛ وبالتالي أية استثمارات في مجال المناخ ستوجه حصريًا لجهود تخفيف الانبعاثات ودون أي إنفاق على التكيف مع الآثار السلبية والتي تعد الأولوية القصوي للدول النامية.

وتابع: "ما هو متاح من تمويل يأتي أغلبه في شكل قروض تجارية، في حين أن المطلوب هي منح؛ إذ لا يعقل أن تزاداد مديونية الدول النامية لمعالجة مشكلة لم تتسبب فيها بالأساس"، واصفًا تفعيل صندوق الخسائر والأضرار بأنه خطوة إيجابية للبناء على النجاح الذي حققه مؤتمر شرم الشيخ فى هذا الملف، حيث يهدف الصندوق إلى تقديم الدعم التقني لتنفيذ مشروعات المناخ وتغيير ديناميكيات العمل المناخي على صعيد تمويل وحوكمة الصندوق من جهة، وتحفيز جهود خفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ لتقليل الخسائر البشرية والمادية من جهة أخرى.

وعن إمكانية وصول السلوك الحالى لغالبية دول العالم إلى صفر انبعاثات كربونية، أكد أبو المجد، أن صفر انبعاثات هو طموح بعيد جدا، ومعناه أن الإنسان يعيش ويعمل وينتج ويولد طاقة وكل هذا بصفر انبعاثات.

وأوضح: "سنصل لهذا عندما تكون جميع مصادرنا من الطاقة المتجددة، ولكن الخطوة الأولى لذلك تتمثل فى الوصول إلى (صافى صفر)، وعام 2024 سيوضح لنا الصورة الإجمالية، بأنه هل نحن على الطريق الصحيح بتنفيذ الالتزامات أم لا، أم أننا نحتاج إلى رفع القدرات بشكل أكبر".


• التكنولوجيا النووية في مواجهة التغيرات المناخية

كشف مصطفى أغا العالم المصري المتخصص في محطات الطاقة النووية والبلازما بروسيا، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لها مساهمات في مكافحة فقدان التنوع البيولوجي الذي ينتج من تلوث البيئة، حيث تدعم ما يزيد عن 200 مشروع في مجالات مختلفة تشمل الزراعة والبيئة والصحة، فيما بلغ عدد الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية 171 دولة كما هو موضح في البيانات لعام 2023.

وأضاف أغا لـ"الشـروق"، أن استخدام التقنيات النووية في مواجهة التغيرات المناخية لها دور مهم أيضًا، فالطاقة النووية تسهم حاليًا بنسبة تتراوح بين 10-15% من إجمالي إنتاج الكهرباء عالميًا، وتعزز انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالوقود الأحفوري، مؤكدًا أنه في عام 2020، تم توليد حوالي 2,300 تيراواط ساعة من الكهرباء عن طريق الطاقة النووية على مستوى العالم.

وعن كيفية الحفاظ على التوازن البيئي والحياة الفطرية في المحيط البحري لمحطات الطاقة النووية، أوضح أنه يُعزى تشغيل محطات الطاقة النووية إلى 12% من الإنتاج الكهربائي العالمي، لاسيما أن الإحصائيات أظهرت أن الحوادث البيئية الخطيرة لا تكون ناتجة عن محطات الطاقة النووية وتكاد تكون غير موجودة بنسبة 0.00001%.

ووصف محطات الطاقة الشمسية بأنها ذات دور كبير في الحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث تقوم بتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 25%، متوقعا ارتفاع درجات حرارة الأرض 4.5 درجة مئوية بحلول 2100.

وذكر أن أجهزة الاستشعار الشمسية لها دور في الحفاظ على التنوع البيولوجي، من خلال محطات الطاقة الشمسية التي توفر طاقة نظيفة بدون محاصيل، ولكنها في ذات الوقت تحرم التنوع البيولوجي، فالتلقيح هـو حجر الزاوية في النظم البيئية، وفي أحوال كثيرة يكون نتيجة لعلاقات متشابكة بين النبات والحيوان، وإن انخفض أحدهما أو فُقد سيؤثر على بقاء كلا الطرفين، أي مع النمو المتسارع لمحطات الطاقة الشمسية واشغالها لمساحات كبيرة من الأراضي، هو ما يؤدي إلى إبعاد الحشرات والملقحات "كالنحل والفراشات وغيرها"، ويؤثر على انتشار الغطاء الأخضر.

وصف المتخصص في محطات الطاقة النووية، دور النباتات في حماية الألواح الشمسية وتحسين كفاءة الطاقة، أن بعض الألواح الشمسية لا تكون فعالة للغاية لتوليد الكهرباء، ولكي يتم ذلك يتطلب الأمر إزالة مساحات كبيرة من الاشجار أو استبدال المزارع بمحطات الطاقة الشمسية، فبديل عن ذلك يتم الاستعانة بالنباتات لجعل الألواح الشمسية أكثر كفاءة كونها تقوم بتبريد ضوء الشمس وتحسين أدائها عن طريق خفض درجة حرارتها وبالتالي تتفوق في امتصاص أشعة الشمس لتوليد الكهرباء، ويتم ذلك من خلال استخدام الجزيئات البيولوجية من النباتات الخضراء مثل "الكلوروفيل، بيتا كاروتين، اللوتين"، فضًلا أنه يمكن تخزينها في بطاريات لاستخدامها لاحقًا.

• النباتات كنز بيئي بفوائد اقتصادية
للنباتات دور بارز في مواجهة تغيرات المناخ لاسيما أنها قاعدة اساسية للشبكة الغذائية الخاصة بالبيئة المائية، مثل «الطحالب البحرية، الشعاب المرجانية، أشجار المانجروف» جميعها لها خصائص تميزها عن غيرها ولكنها مشتركة في عامل اساسي وهو أنها تساهم في خفض الإنبعاثات وتحافظ علي التوازن البيئي، واستمرار إرتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى خلل في تركيبة هذه الكائنات الدقيقة وإنخفاض وجودها بشكل ملحوظ، وهو ما يؤدي بالتبعية لهزة عنيفة في التنوع البيولوجي للمخلوقات البحرية والمائية نظرًا لكونها أحد القواسم المشتركة لتغذيتها ومدها بالطاقة.  


أكد الباحث البيئى بمحميات جنوب سيناء ومدير محمية أبو جالوم الدكتور عماد عبدالله، أن إرتفاع درجات الحرارة يؤثر علي الطحالب البحرية والمئات من الكائنات البحرية، ورغم نشأة هذه الكائنات وتطورها عبر ملايين السنوات، إلا أنه في ظل الظروف الحالية للتغيرات المناخية أصبح لزاما عليها التكيف سريعًا للأوضاع الجديدة، متوقعًا أن يحدث تراجع تدريجي في كمية هذه النباتات في المياه الأكثر دفئا، الأمر الذي سيؤدي عمليا إلى خفض كمية المغذيات المتاحة للحيوانات على طول السلسلة الغذائية.


وأضاف عبدالله لـ«الشـروق»، أن إرتفاع درجة حرارة سطح البحر سيجعل المرجانيات داخل دائرة الخطر، من خلال تعرضها للأبيضاض وهي فقدان لونها ومن ثم تصبح ضعيفة، ولكنها تموت في كثير من الحالات، موضحًا استخدامات الطحالب البحرية بأنها تشكل مصدر هامًا للمركبات الصيدلانية النشطة وهى مكونات حاسمة فى صناعة الأدوية التى يمكن استخدامها ضد السلالات البكتيرية المقاومة للأدوية والفيروسات بما فى ذلك «الهربس البسيط، والإيدز، وأنواع من السرطان».

أكد أن عدد الطحالب علي مستوي العالم وصل 65 ألف نوع من الطحالب المعلومة ومنها 10.500 نوع من الطحالب البحرية الكبيرة تقسم إلى ثلاثة أقسام حسب الصبغة ومحتويات التخزين فى أنواعها الثلاثة «الطحالب الخضراء، والطحالب البنية، والطحالب الحمراء».



• خفض الانبعاثات وحماية التنوع البيولوجي

قال الدكتور قتيبة السعدون مدير عام التنوع الأحيائي بوكالة البيئة في وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية، إن المملكة أصبحت ترى تأثيرات تغيرات المناخ على المستوى العالمي وتمثل ذلك في الجفاف وتذبذب الأمطار بشكل أكبر من السابق.

وأكد أن المملكة تستهدف تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060، من خلال تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون وتسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، إضافة أن مبادرة السعودية الخضراء تحقق ثلاثة أهداف طموحة وهي «تقليل الانبعاثات الكربونية، التشجير البيئي والحضري في المملكة، حماية المناطق البرية والبحرية»، ونتج عنها إطلاق 77 برنامجاً مختلفاً لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال سعودي.

وأضاف السعدون لـ«الشـروق»، أن المملكة تسعى لتقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، بجانب هدف أساسي وهو زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، أي ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، وبحلول عام 2030 سيتم زراعة 600 مليون شجرة منها 100 مليون شجرة مانجروف.

وأكد زراعة عشرات الملايين من الأشجار والنباتات الرعوية في انحاء المملكة العربية السعودية، منها 100 نوع مختلف من الأشجار النادرة في 62 موقعًا في المملكة، موضحًا أنه يتم السعي للحفاظ على التنوع البيولوجي، وبحلول عام 2030 ستكون 30% من مساحة المملكة البالغة اكثر من مليونين كيلومتر مربع من المناطق البرية والبحرية محميات طبيعية.

وكشف أن منظومة المناطق المحمية الحالية تحوي مجموعة من المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية، منها محميات برية ومحيمات بحرية يديرها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، إضافة إلى سبعة محميات ملكية، ومحميات أخرى تدار من قبل جهات أخرى.

وفي السياق ذاته، قامت دولة الإمارات بحماية التنوع البيولوجي من خلال «إنشاء المحميات الطبيعية، حماية الحياة البرية والبحرية، الحد من تدهور الموائل الطبيعية، وقف فقدان التنوع البيولوجي، ترويج للسياحة البيئية».

قامت دولة الإمارات بحماية الأنواع المهددة بالانقراض، بإنشاء المحميات الطبيعية والتوسع فيها، حيث تتمتع هذه المحميات بتنوعها البيولوجي وحيواناتها ونباتاتها النادرة، إضافة إلى الشعاب المرجانية والكائنات البحرية الفريدة من نوعها، حيث يوجد في الإمارات 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة، وتنقسم هذه المحميات الطبيعية إلى 16 محمية بحرية تمثل نحو 12.01% من المناطق البحرية والساحلية، و33 محمية برية تمثل 18.4% من المناطق البرية في الدولة.

واعتمدت دولة الإمارات على أحدث التقنيات في حماية الأنواع المهددة بالانقراض، من خلال تقنيات التتبع عبر الأقمار الاصطناعية، إضافة إلى استخدام الطائرات من دون طيار لمسح مجموعات كبيرة من أنواع الطيور المتكاثرة وتعدادها، للحصول على نتائج شديدة الدقة وخلال فترات زمنية قصيرة بالمقارنة مع الطرق التقليدية، بجانب توفير مراكز الإكثار لحماية الكائنات المهددة بالانقراض.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك